ريد ديد ردمبشن المشروع الذي بدأ التخطيط له و تطويره منذ 5 سنوات من قِبل مبدعي روكستار سان دييجو كجزء ثاني للعبة Red Dead Revovler التي صدرت في 2004 بعد عدة تخبطات و تأجيلات و إلغاء كامل للمشروع من كابكوم المطور الرئيسي لها في 2002 و اشترت حقوقها روكستار لاحقاً و اصدرتها بمستوى جيد جداً ، حديثنا اليوم عن مشروع بضخامة إحدى اقوى العاب الجيل GTA IV إن لم تكن أقوى .
ما أكثر العاب الاكشن و التصويب المبنية على فترة معاصرة أو مستقبلية بجنود و أسلحة متطورة و حديثة و مركبات و مدفعيات و هليكوبترات بشكل يفقدها اي تميز بينها في الشكل العام ، في المقابل حقبة الغرب الامريكي أخذت حقها في معظم مجالات الترفيه خصوصاً الأفلام و شاهدنا محاولات كثيرة لتبني و محاكاة هذه الحقبة في الألعاب بنتائج معظمها مخيبة, إلى ان تدخلت روكستار و أنتجت لنا ريد ديد ردمبشن ، واحدة من أروع العابها (و العابها ليست أي العاب) بل واحدة من اقوى العاب الجيل .
رغم اسم اللعبة إلا ان Red بطل الجزء الماضي ليس له وجود فيها و يقودها هذه المرة الهارب من العدالة John Marston و ياله من بديل رائع.
تدور أحداث اللعبة حول جون مارستن عضو إحدى العصابات الذين تمرسوا في قطع الطرق و سرقة المسافرين و البنوك حيث خانه أفراد عصابته في إحدى المواقف و تركوه مصاباً في إحدى تحركاتهم ، بعد ان تلقى المساعدة من احد المارة قطع على نفسه عهداً ان يلتقي بهم مجدداً و ينتقم من خيانتهم له و تحديداً قائدهم بيل ويليامسون صديق عمره، رغم ان القصة من مجرد السرد تبدو بسيطة للغاية و متوقعة و لكن إنتبه عزيزي القارئ فهذا ليس كل شئ و سيتغير مسار الأحداث كثيراً و سيصل إلى مواصيل لست في صدد ذكرها لكي تعيش التجربة بنفسك و تكتشف سر عودته.
GTA IV اذهلت الجميع بعالمها المفتوح المرسوم بأدق تفاصيله و المؤثرات و المدن التي تنبض بالحياة و كل ذلك بإستخدام محرك روكستار الداخلي RAGE و المحرك الفيزيائي الذي اذهل الجميع Euphoria و ريد ديد ردمبشن لم توفر أي منهم و استخدمتهم بشكل يفوق GTA أيضاً ، لنختصر الكلام بجملة “ريد ديد ردمبشن تمتلك أفضل عالم مفتوح ستراه في اي لعبة فيديو” و هذا ليس على الصعيد التقني فقط بل هندسة العالم نفسه و تصميمه و مرتفعاته و هضابه و شلالاته و حدائقه و مقابره و بالطبع مدنه و قراه و كل شئ مصمم بشكل واقعي يجعلك تهيم في هذا العالم بدون هدف فقط لإستكشاف الأماكن الجديدة ، قد يرى البعض ان مهمة تصميم صحراء الغرب الامريكي سهلة بمقارنتها مع مدن GTA الحديثة بتفاصيلها و شوارعها و لكني ادركت العكس تماماً هنا فالمهمة اصعب بكثير فنياً و تقنياً فليس هناك مباني تحيط بك و بالتالي تخفي ما وراءها من تفاصيل العالم مفتوح و الـDraw Distince مذهل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، و كأن هذا ليس كافياً فلم تكتفي روكستار بالعالم الأصم بل جعلته حياً ينبض بالحياة بمعنى الحياة البرية حيث الخيول البرية و الحيوانات بأنواعها و الطيور و الرياح و الأمطار و الثلوج و الناس بالطبع بشكل ينسيك بٌعد المسافات التي تقطعها سفراً بين البلدان و القرى و المدن .
بالنسبة لموديل او تصميم الشخصيات فهي تتراوح بين الشخصيات الرئيسية في القصة و غيرها بشكل متوقع، الشخصيات الرئيسية ممتازة جداً في تحركاتها و التصوير الحركي لها أو كما يعرف بإسم “Motion Capture” تعابير الوجوه و يظهر ذلك جليا في المقاطع السينمائية باللعبة، الشئ المذهل هو تصميم الخيول التي استطيع بوصفها بـPhoto Realistic أو الصورة الواقعية إلى حد كبير !! عضلات الخيول في كل وضعياتها تختلف و تتحرك بواقعية فائقة و تختلف من خيل لآخر !! خيول روكستار اثبتت اننا كنا نلعب بـمجسمات صلبة في الالعاب الأخرى!
يجدر ذكر ان نسخة الـX360 تفوق نظيرتها على الـPS3 في المظهر و الريزولوشن و الفريم ريت حسب المقارنات .
اما الناحية التي تفوق المظهر في الواقعية و السينمائية في لعبتنا؟ نعم إنه التمثيل الصوتي لكل من يتكلم في اللعبة بلهجاتهم و شخصياتهم و ردات فعلهم المختلفة، ألم يحصل معك ايها القارئ أن تحدثت مع احد ما و راودتك فكرة عابرة و سرح بالك معها و توقفت عن الحديث لحظات ثم كملت حديثك؟ هل رأيت موقفاً مثل هذا في اي لعبة فيديو من قبل؟ ستراه هنا !! و ضع في عين الإعتبار مقدار الحوارات الكثيرة التي ستخوضها الشخصيات الكثيرة بهذا المستوى.
ما فائدة مهارات التمثيل الصوتي في وجود نصوص ضعيفة و مكسورة و متوقعة؟ هذا الخطأ الذي ارتكبه كثير من مطوري الغرب و خصوصاً الشرق المتأمركون إعتقاداً منهم انه ممثل الصوت الفلاني سينقذ الموقف بنتيجة ممتازة و النتائج دائماً تكون كارثية و بعيداً عن الواقع، روكستار لها باع طويل في إتقان الخلطة السينيمائية فكل حزء مكمل للآخر، جون مارستن تحدثنا عن تصميمه وممثل صوته البعيد عن المتوقع من لعبة “رعاة بقر” فهو ليس بالخشن المتوحش ولا بالناعم الخارج عن إطار الاحداث, ماذا عن ما يقوله جون؟ لا تتوقع حكم العباقرة التي نسمعها من أفواه الأطفال! ولا الجمل الفكاهية في غير محلها التي تركلك خارج التجربة او كلمات الثقة العمياء التي لا تليق بدمار العالم (القصة التي سئمنا من سماعها)
إنه اللص السابق بتفكير اللصوص و جرح عميق سببه أحد أقرب الناس إليه بثقافة متواضعة و نظرة بسيطة عن ما يدور حوله و تطور الإنسان و إختراع السيارات و الحضارة، كلمات و حوارات “واقعية” لدرجة انك لا تستبعد ان تقابل شخصية مطابقة له في الطباع بالصدفة في احدى الممرات او الأسواق قريباً منك! فعلتها روكستار سابقاً و تفعلها مجدداً .
من ناحية أخرى لا يكتمل الغرب الامريكي إلا بالألحان الكلاسيكية ، ربما لا تتوقع الكثير من روكستار التي إعتادت ترخيص الأغاني الرسمية في العابها السابقة و لكنك ستٌذهل بما ستسمعه! ليست كل الأجواء تناسبها الألحان اللافتة للإنتباه بل بعض الاحيان الالحان تعيشك الجو العام بدون إدرك لوجودها، و يعتبر إنجاز كبير ايضاً و هذا ما انجزه ملحنوا ريد ديد ردمبشن ، شخصياً استمعت لعدة ألحان مميزة و لكن البقية يمكن وصفها بالموسيقى القوية حيث انها إندمجت مع مظهر و مواقف اللعبة بشكل سلس جداً يخدم الموقف، هذا النوع من الالحان يتطلب جهداً اكبر في إتقانه من الحان مميزة قد لا تناسب الموقف. و بالتأكيد يستحق التحية.
و لا تكتمل العاب روكستار المفتوحة (SandBox) إلا بشخصياتها الكثيرة التي سيواجهها جون مارستن في مغامرته الدموية، إبتداءاً بالمارشل لي جونسون و الآنسة بوني ماكفارلين في مزرعتها و البائع الرحّال المخادع المُسن ويست ديكنز و غيرهم من الشخصيات التي تساعد على تكوين عالم اللعبة و يعتبروا جزءاً منه.
مارشال لي جونسون و رفاقه
أمر واحد لا إختلاف عليه. مطوري روكستار مبدعين حرفياً في تقديم الشخصيات و تصميمها بالطبع فشخصياتها اقرب للواقع و نظرة على جون مارستن و الجروح التي تغطي وجهه الكئيب تثبت لك انك فعلاً تتحكم بلص سابق يسعى لتغيير حياته و تضطره الضروف لإرتكاب أسوء الافعال.