لي إيفرت يصل إلى المحطة الأخيرة في رحلته اليائسة أمام الموتى الأحياء في الحلقة الخامسة و الأخيرة للموسم الأول من سلسلة ألعاب “الموتى المُشاة”، المستوحاة من سلسلة الروايات المصورة لمؤلفها “روبرت كيركمان”، فكيف كانت النتيجة ؟
كثيرا ما تحظى أعمال الموتى الأحياء ( أو الزومبي ) بشعبية كبيرة، و رغم أن المفهوم بحد ذاته ليس بجديد، إلا أن أفلام الزومبي تألقت وأصبحت ظاهرة شعبية مع فيلم “جورج روميرو” الشهير “ليلة الموتى الأحياء” الذي صدر في نهاية الستينات من القرن الماضي، و بعد ذلك قدمت السينما عشرات إن لم يكن مئات الأفلام المبنية على هذه المخلوقات العائدة من الموت حتى أصبحت الفكرة مكررة و مستهلكة للغاية و لم تعد مخيفة أو مرعبة على الإطلاق، لدرجة أن معظم أعمال الزومبي الحالية مثل فيلم Shawn of the Dead هي أعمال كوميدية بالدرجة الأولى، حتى في ألعاب الفيديو حصلنا على الكثير من الألعاب التي عالجت موضوع الزومبي منها سلسلة شينجي ميكامي الخالدة “ريزدنت ايفل” والتي نعشقها جميعا، ولدينا هذا الجيل لعبة فالف الحركية “ليفت 4 ديد”، هل نحتاج حقا إلى قصة زومبي أخرى ؟ يمكنني أن أقول بأن لعبة Telltale التي تواصلت على خمس حلقات في الموسم الأول لديها ما تضيفه إلى هذا النوع من القصص أيضا، و أن جعبة أعمال الزومبي لم تنضب قصصيا بعد.
إذ أن وجود مخلوقات الزومبي ( أو المشاة كما تتم تسميتهم في العمل ) لا يغدو كونه أداة بيد الكاتب لتحريك القصة ( أو Plot Tool ) المستندة بدرجة رئيسية على صراع الشخصيات ومعاناتها و مواجهتها لخطر الكارثة، حيث تركز أعمال “الموتى المشاة” على إظهار العلاقة بين البشر عند مواجهة الخطر، و تعالج نفسية الشخصيات في مواجهة تهديد الموت و السكن و الغذاء و هي أمور لم يتم التطرق إليها من قبل بهذه الصورة في أعمال الزومبي، لا تنتظر هنا الكثير من الحركة المتواصلة لكنك تستطيع أن تتوقع قصة إنسانية جميلة.
شعرت بالحماس لتجربة السلسلة قبل فترة مع حقيقة كونها تنتمي إلى صنف ألعاب “أشر و اضغط” ( أو Point & Click ) الذي ذاع صيته كثيرا على الحاسب الشخصي في نهاية التسعينات و بداية الألفية، بالإضافة إلى كونها لعبة رعب مستوحاة من عمل طيب السمعة، و لم يخيب استوديو Telltale ظني من ناحية السرد القصصي الذي بدأ متوسطا في الحلقة الأولى، ثم ارتفع بشكل ملحوظ مع الحلقات الثانية و الثالثة و الرابعة، إلا أن مستوى اللعب كان مخيبا للآمال في هذه الحلقة حيث كانت الألغاز قليلة جدا وشبه معدومة، بالإضافة إلى تكرار مقاطع الـ QTE ( التي تتطلب ضغط زر معين في وقت محدد ) بشكل سطحي، مما جعل “الموتى المشاة” تبدو أشبه بتجربة تفاعلية أكثر من كونها لعبة أشر و اضغط، وإذا لم تمانع ذلك ستحصل على متعة طيبة من هذه اللعبة.
العنصر الثاني في اللعب هو “الاختيارات” يخطو أيضا خطوة للوراء و في الواقع أرى بأن تأثير قراراتك معدوم على مسار القصة الأساسي فلا يمكنك في النهاية أن تغير من مصير و قدر شخصية من موت أو حياة عن طريق قراراتك مهما كانت، و لن تختلف النهاية كثيرا في جميع الأحوال، و أستطيع أن أقول أن الميزة الكبرى لهذه الحلقة هي العاطفة التي تنتزعها من قلبك مع التقديم المؤثر للأحداث وصولا إلى النهاية التي ستمنحك الشعور بالرضا عن الحلقة و عن مستوى الموسم ككل بالرغم من العيوب الواضحة و القصر الشديد لهذه الحلقة مقارنة بسابقاتها.
اللعبة تبدو جيدة رسوميا و يتم تقديمها بأسلوب القصص المصورة و الـComics مع طريقة تظليل ضوئية وضربات حادة بالحبر الأسود، لا أعرف هل هي تصوّراتي أم ماذا لكنني شعرت بأن هذه الحلقة أكثر “كرتونية” من سابقاتها و هذا حتما أمر جيد، ما يميز هذه اللعبة عن غيرها من نفس الصنف رسوميا هو التقديم الجيد لتعابير الوجوه في محاولة لتجسيد مشاعر و أحاسيس الشخصيات على الشاشة، العيب الوحيد الملحوظ هنا هو غياب تقنية التقاط الحركة أو الـMotion Capture و تحريك الشخصيات عوضا عن ذلك عن طريق الكمبيوتر مما يجعل حركة الشخصيات غالباً غير واقعية بما فيه الكفاية، إلا أننا نستطيع أن نعذر فريق العمل حيث أن إنتاج الألعاب المرخصة أمر مكلف و فريق Teltale حديث العهد إلى حد ما، على أية حال اللعبة تفي بالغرض رسوميا و تقدم تمثيل صوتي جيد أيضا و هذا هو المهم، أما الموسيقى فهي شبه غائبة بشكل عام باستثناء أغنية النهاية الجيدة.
في النهاية أجد بأن الحلقة الأخيرة كانت مخيبة للآمال من ناحية القصر الشديد و قلة المحتوى حيث أن اللاعب يستطيع إنهائها بما يقارب الساعة و نصف فقط إن لم يكن أقل، بالإضافة إلى تراجع مستوى اللعب و تبسيطه أكثر فأكثر، و في المقابل فإن النهاية مرضية حتماً و تجعل اللعبة ككل مادة تستحق الاستثمار لمحبي أعمال الرعب عن طريق شراء كافة حلقات الموسم الأول و الاستمتاع بواحدة من أفضل التجارب القصصية في ألعاب الفيديو لهذا العام.
