اذا كنت من محبي ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول و من متابيعها القدامى، فيجب أن تعرف لعبة جولدن آي على جهاز ننتيندو 64. هذه اللعبة تعتبر لدى الكثير من المتابعين و النقاد ثورة في هذا النوع من الألعاب، و قد حققت اللعبة نجاحا غير مسبوق لألعاب التصويب من منظور الشخص الأول على الأجهزة المنزلية بمبيعات قاربت 5 مليون نسخة حينها. هذه اللعبة ليست فقط نجاحا لألعاب منظور الشخص الاول، بل تعتبر أيضا أفضل لعبة بوند على الإطلاق، و منذ صدورها في أواخر التسعينات لم يستطع أي مطور أن يحقق للعميل بوند أي نجاح يوازي ما وصلت له جولدن أي فنيا أو تجاريا. هذه السنة تأتي أكتفجن التي تملك حاليا حقوق بوند بإصدار لعبة تحت مسمى Golden Eye مرة أخرى، و هذه المرة تحن أكتفجن للماضي و تريد استعادة بعض أجواء الأيام السعيدة. هذه اللعبة الجديدة في إعادة إنتاج للعبة الأصلية و لكن بمنظور حديث يعكس ما وصلت اليه ألعاب الـFPS هذه الأيام. النتيجة النهائية بكل صراحة لم تكن متوقعة، رغم أني كنت من أول من ألقى نظرة على اللعبة حين إعلانها.
منظور جديد للقصة و الأحداث
المثير في الأمر أن اللعبة لا تشبه بشكل تام اللعبة الأصلية، بل قام فريق العمل بتحديث القصة بالتعاون مع كتاب فلم جولدن آي الأصلي و موافقتهم. القصة ليست سيئة إطلاقا لكنها تعاني من طريقة طرحها، فستجد أنك فقط تشاهد مقاطع مأخوذة من قصة كاملة، فأنت لا تشاهد الا جزئيات و فجأة تنقطع لتذهب الى مكان آخر. التغيير لم يكن في القصة فقط، بل في مناطق اللعبة و طريقة تصميمها، لكن هنا يأتي إبداع المطورين، فقد صمموا المراحل بطريقة ذكية جدا و مجددة، حتى إن لعبت جولدن آي الأصلية فلن تشعر بالملل هنا إطلاقا، بل سينتابك شعور أنك تزور مناطق جديدة، و في نفس الوقت ستتمكن من تمييز هذه المناطق من اللعبة الأصلية. أنا اشبه التغيير الذي حصل هنا بإعادة إنتاج لعبة ريزدنت ايفل الأولى. ربما في جانب الجرافيكس لن ينبهر اللاعبون كثيرا، و السبب بشكل رئيسي هو التعود على ألعاب مشابهة في أجهزة متقدمة تقنيا أكثر من الوي. لكن إن تحدثنا عن الوي تحديدا فمنظر اللعبة يبدو ممتازا، و ليكتمل نصاب التقديم و روعته فإن اللعبة حصلت على موسيقى بوند الكلاسيكية و أيضا مؤثرات صوتية جيدة و تمثيل صوتي من الطراز الرفيع.
طور فردي متألق
بعد كل هذه السنين الطويلة منذ إصدار جولدن آي الأصلية، رأينا الكثير من ألعاب FPS التي تقدم طور فردي معروف الهدف، قم بالوصول الى نقطة النهاية و اقتل كل من في طريقك. أكتفجن استطاعت أن تقدم جولدن آي مرة أخرى بطريقتها المتميزة التي تجعلها مختلفة عن أغلب ألعاب منظور الشخص الأول الأخرى. الطور الفردي في جولدن آي عبارة عن مهمات، تقوم بإنجاز واحدة لتتجه للأخرى. أحيانا المهمات تتضمن استخدام الهاتف المتنقل الخاص بك، حيث تقوم بتهكير أجهزة كمبيوتر أو تصوير معدات معينة. لا يوجد أي شيء مميز في استخدام الهاتف الجوال، لكن في الحقيقة يضفي تنويعا للمهمة و يعزز شعور أنك عميل سري. لكن المتعة الحقيقية في المهمات هي الطابع التجسسي الخاص بها. فبدلا من المواجهات المباشرة و القتل الكثير، في جولدن آي يجب أن تستخدم المسدس الصامت للتسلسل من خلف أعدائك و قتلهم. يمكنك أن تقتطع أشواطا كبيرة من مهماتك و انت متجسس و أعدائك لا يعلمون عنك. لكن عند اكتشافك فستضطر للمواجهة المباشرة، و هنا جولدن آي أيضا لا تخيب الضن أبدا. في بعض المهمات ستجد أن المواجهة المباشرة أمر لا مفر منه، فستستخدم العديد من الأسلحة لفتح طريقك و التخلص من أعدائك. أحد الأمور التي أزعجتني أثناء اللعب هو كيفية تغير الـfocus للكاميرا أثناء تعبئة أسلحتك بالذخيرة، هذا الشيء سبب لي الصداع و أحيانا فقدان التركيز. بشكل شامل يعتبر الطور الفردي في جولدن آي رائع بتنوعه، فستقوم أحيانا بقيادة سيارة أو دبابة أو حتى خوض بعض مقاطع الأكشن المبنية على ضغط أزرار في توقيت مناسب.
ما يجعل الطور الفردي رائعا أكثر هو أنواع التحكم الكثيرة و المتقنة التي وضعها فريق التطوير. يمكن التحكم بالويموت و الإستفادة من تصويبه الدقيق جدا، أو يمكنك التحكم بالكونترولر الكلاسيكي أو يد الجيم كيوب اذا كنت معتادا على الطريقة الكلاسيكية على الكونسل باستخدام عصاتي التحكم. بكل الأحوال ستجد نفسك دائما في سيطرة على الأحداث و نظام التحكم السلسل و المتقن يجعل التجربة أكثر من رائعة. اذا ماذا بعد الإنتهاء من الطور الفردي الرئيسي؟ بالتأكيد هناك المزيد فلا يمكنك أن نتهي من المغامرة هنا. مما يميز لعبة جولدن آي هو مستويات الصعوبة المختلفة، و هنا لا تعني بالضرورة أعداء أكثر أو أقوى فقط. في جولدن آي المستويات الأعلى للصعوبة تتطلب تنفيذ مهمات أكثر، و الرائع في الأمر هو كيف تم تصميم مراحل اللعبة بشكل ذكي. كل مرحلة تحتوي على طرق مترفعة و ليس طريقا مستقيما فقط. عند إعادتك للمهمات في مستوى صعوبة أعلى ستكتشف أنك تعيش تجربة متجددة و تواجه تحديا سترغب في إكماله بكل تأكيد. أيضا في أعلى مستوى صعوبة لن تقوم فقط بمواجهة أعداء أقوى و مهمات أكثر، بل لن يكون بإمكانك التعافي التلقائي، بل يجب عليك الحفاظ على صحتك باستخدام الدروع، إنه تحدي رائع و مختلف حقا. ربما أحد المشاكل المزعجة أثناء إعادة الطور الفردي في مستويات صعوبة مختلفة هو المقاطع السينمائية الخاصة بالقصة. في جولدن آي لن تتمكن من تقديم هذه المقاطع أو الغائها كما هو الحال في ألعاب أخرى، و هذا الشيء سيكون مزعجا خصوصا أن بعض المراحل ستضطر لإعادتها مرارا اذا خسرت كمثال. في النهاية تعتبر جولدن آي قدمت طورا فرديا من الطراز العالي، و ذلك بالحفاظ على منهجية جولدن آي الأصلية بخليط أكشن مما نراه في ألعاب هذه الأيام مثل كول أوف ودتي.
كيف تكون جولدن آي بدون لعب جماعي؟
بالتأكيد هذا غير ممكن، فلعبة جولدن آي تدين بجزء كبير من شهرتها لطور اللعب الجماعي. هذه المرة اللعبة تقدم الطريقة الكلاسيكية بأربع لاعبين و شاشة مقسومة محليا، أو 8 لاعبين على الشبكة كإضافة جديدة. اللعبة تقدم مراحل لعب جماعي رائعة لا تقل ذكائا عن تلك في الطور الفردي. ستجد الكثير لتستمتع فيه هنا سواء محليا أو على الشبكة. عشاق جولدن آي الأصلية سيجدون ما يسرهم أيضا بعودة أسلحة و أطوار لعبة قديمة. قد تكون مشكلة الأون لاين الوحيدة هو عدم دعم Wii Speak أو حتى السماعة الجديدة التي ستصدر مع بلاك أوبس للوي. أن تلعب على الشبكة دون التمكن من التحدث مع أصدقائك أمر سيء، سواء كان ذلك للمتعة أو حتى لأسباب استراتيجية.
جولدن آي الجديدة تقدم الكثير من الأوقات الرائعة بساعات طويلة بالطور الفردي و صعوباته المختلفة و المميزة و بالطور الجماعي الممتع كالعادة. فريق التطوير في Eurocom وفق كثيرا في إيجاد التوليفة المناسبة بين الحنين للماضي و لمسة المستقبل ليظهر بواحدة من أفضل ألعاب منظور الشخص الأول على الوي و أيضا أفضل لعبة بوند منذ جولدن آي الأصلية بدون أدنى شك.