“مدى تعلقك بهذه اللعبة يتوقف كليا على درجة تقبلك للأحداث الأخيرة”
بهذه العبارة سأبدأ المراجعة لهذه اللعبة الغريبة التي أثق تماما بأنك لم تلعب شيئا مشابها لها من قبل ، هلموا أعزائي القراء اجتمعوا حول شاشتي الـDS الصغيرتين و تجهزوا لتنغمسوا في رحلة المصمم العبقري شو تاكومي الجديدة ، انه ذات الرجل الذي ابتكر لنا سلسلة Ace Attorney الشهيرة وهو الان يقدم لنا إنتاجا متجددا بشكل كلي ، دعونا نرافق البطل الجديد Sissel بهيئته الشبحية وهو يطارد الحقائق و يحاول أن يعرف حقا من يكون في مغامرة مليئة بخدع الأشباح .
حسنا في البداية أريد أن أوضح نوعية اللعبة إذ أنها تبدو غامضة بالنسبة للكثيرين ، يمكن اعتبار جوست تريك على أنها لعبة روائية إذ أنها تعتمد على القصة و الشخصيات بشكل كبير و ستقضي وقتا كبيرا للغاية و أنت تقرأ الحوارات الدائرة بين شخصيات اللعبة أو تشاهد الأحداث الحاصلة ، و يمكن أيضا تصنيفها كلعبة ألغاز إذ أن طريقة اللعب الأساسية تعتمد على قدرات البطل الشبحية لحل الألغاز و تغيير مجرة الأحداث ، لكنني أرى بأن التصنيف الأفضل للعبة جوست تريك هو Point & Click Adventure أي لعبة مغامرات من نوع “أشر و اضغط” ، وهو نوع من الألعاب انتشر كثيرا على جهاز ننتندو المحمول بفضل تواجد شاشة اللمس وهو الطريق الذي سلكه المصمم شو تاكومي مع هذه اللعبة .
و كما يقوم السيد هيدو كوجيما بتصميم كل صغيرة و كبيرة في ألعابه ، حيث أنه المصمم و المخرج و كاتب السيناريو ، فالسيد شو تاكومي من كابكوم أيضا يقوم بذات الدور مع لعبة جوست تريك و لذلك يمكننا أن نعتبر جوست تريك “لعبة لشو تاكومي” بشكل خالص ، و إذا عدنا بالذاكرة للعبته السابقة “ايس اتورني” فسنجد بأنها كانت ترتكز بشكل كبير للغاية على القصة و الشخصيات حيث تم تقديمها كلعبة روائية من الطراز الأول ، و لكن كابكوم قررت المحاولة مع منتج مختلف تماما هذه المرة ، حيث أن كابكوم طمحت للعبة اليوم أن تجذب جمهورا جديدا للسلسلة بمنح طريقة اللعب حقها الكامل هذه المرة ، مما أنتج لنا لعبة فريدة من نوعها .
تبدأ أحداث جوست تريك مباشرة بعد وفاة البطل في جريمة قتل ، لتتحكم بعد لك بشبح البطل و تبدأ المغامرة محاولا الإجابة عن أسئلة عديدة : ما أنت ؟ و لماذا تم قتلك و كيف ؟ و من المسؤول عن الجريمة ؟ لتبدأ هذه المغامرة المشوقة بعد ذلك ( 6 – 8 ساعات ) ، حيث يكتشف الشبح في بداية اللعب أنه يمتلك قدرات خاصة بالموتى ( حسنا ، نحن نعلم بأن هذا مجرد خيال جامح ، لكن اللعبة مغرقة في الخيال ) ، حيث أنه يستطيع احتلال الأجسام الجامدة والتلاعب بها ! ليس ذلك فحسب بل إنه أيضا يستطيع العودة في الزمن إلى الوراء إلى 4 دقائق تحديدا قبل وفاة أي شخصية أخرى ، و ستستخدم هذه القدرات كثيرا طوال اللعبة تقريبا ، عندما تشاهد جريمة قتل تحصل في اللعبة فستتمكن من العودة بالزمن 4 دقائق إلى ما قبل الجريمة ، و عن طريق قوى سيسل ( بطل اللعبة ) الخاصة يجب عليك أن تحاول الانتقال بين الأجسام الجامدة الموجودة في مسرح الجريمة ( كتاب – دلو الخ ) محاولا التلاعب بها وتحريكها لتغيير مصير الشخصية و منعها من الموت ، مما سينتج لك مستقبلا جديدا وواقعا مغايرا لتتعايش معه و تكمل الأحداث !
كل جريمة أو حدث يحصل في اللعبة تم التخطيط له ببراعة متناهية من قبل شو تاكومي و فريق عمل اللعبة ، في كل مرة ستحاول أن تنقذ شخصية ما ستمر بالكثير من الأحداث المتقنة وستتمكن من محاورة تلك الشخصيات لإلقاء المزيد من الضوء على حقيقة الأحداث ، النصوص في اللعبة تمت كتابتها بإتقان بالغ الدقة و حوارات اللعبة كالعادة محببة إلى النفس كثيرا و ستجعلك تتعلق بشخصيات اللعبة إجمالا ، من المتحري “الراقص” كابانيلا إلى المحققة الهاوية لين ذات الشعر الأحمر ، و كالعادة جميع شخصيات اللعبة تم تصميمها بعناية شديدة لتمتلك أسلوبا رسوميا مميزا بل إنه يبدو مختلفا تماما عن ألعاب ايس اتورني السابقة ، و هنا نحب ان نشيد بفريق العمل لبذلهم الجهد الجهيد في ابتكار عالم جديد و خاص تماما بكل جرأة بدلا من تكرار أنفسهم مع ألعابهم السابقة ، محافظين بنفس الوقت على عوامل الإثارة و التشويق و غرابة الأحداث و جنون الشخصيات ! هناك أيضا بعض التلميحات لسلسلة فينكس رايت في اللعبة .
و ربما يقودنا ما تم سرده في المراجعة حتى الآن إلى السؤال التالي : هل نجحت جوست تريك حقا في الوصول إلى الخلطة المثالية بين طريقة اللعب و السرد القصصي ؟ حسنا جوابي سيكون و بكل بساطة .. نعم و لا ، ربما نجحت جوست تريك في تقديم طريقة لعب مميزة ستجعلك تفكر مرارا و تكرارا في كيفية حل بعض الألغاز و بعضها يعتمد كثيرا على التوقيت المناسب ، كما أن طريقة اللعب ستمر بعدة مراحل متنوعة خلال النصف الثاني من اللعبة لتصبح أكثر إثارة ، لكن اللعبة لا تقدم نفس العمق و الخيارات الذي تقدمه لعبة كـ بروفيسور لايتون مثلا ، و لا تقدم أي جديد يمكن الحصول عليه فور وصولك إلى شاشة العرض النهائية ، فلا إضافات تمتلكها اللعبة من أي نوع و لا وجود لأطوار لعب مختلفة أو مستويات تحدي متعددة بأي شكل ، ربما كان من الأنسب – على سبيل المثال – لو قام فريق العمل بإضافة طور خاص يمكنك من إعادة اللعب في الأحداث – بدون قصة أو حوارات – مع مستوى تحدي أعلى ، حسنا ماذا عن بعض الألعاب المصغرة ؟ أو طور مبتكر تقوم من خلاله بالتسابق مستخدما قدراتك الشبحية مع لاعبين آخرين للوصول إلى مكان ما في الوقت المحدد ! كم كنت أتمنى شيئا كذلك في هذه اللعبة بالرغم من أنها إجمالا خطوة كبيرة عن سلسلة ايس أتورني التي تكتفي فيها بالاختيارات و تقديم الأدلة فقط ، حسنا يبدو أنني سأقدم طلب عمل للالتحاق بشركة كابكوم ..
و اذا فعلت ذلك سأقترح عليهم مستقبلا إضافة طور خاص بالاستماع إلى الموسيقى في لعبة كهذه في اي وقت تشاء ، فألحان المبدع مساكازو سوجيموري وجدت طريقها إلى اللعبة أيضا وهو ذات الملحن الذي عمل على الجزء الأول من سلسلة ألعاب فينكس رايت ، يمكنك أن تتوقع عملا موسيقيا رائعا حقا من هذه اللعبة و ان لم يكن بنفس القدر من الروعة الذي كانت عليه فينكس رايت ، و في الواقع فإن فينكس رايت تقدم قصة و شخصيات أفضل و ستتذكرها لوقت أطول من لعبة جوست تريك ، لكن هذا لا يمنع من أن العمل الذي تم تقديمه هنا يمتلك الكثير و الكثير من اللحظات الخاصة ، حيث أن فريق العمل أبدع و بشكل كبير في الأسلوب الحركي للشخصيات ، ستتمتع كثيرا و انت تنظر إلى أسلوب التحريك الرائع في هذه اللعبة ! حيث أن كل شخصية تختلف عن الأخرى و البعض يبدو مثيرا للضحك فيما يبدو البعض الآخر مثيرا للدهشة و التعجب .
في النهاية و إلى جميع عشاق ألعاب المصمم الرائع شو تاكومي ها هي جوست تريك أخيرا بين يديك متاحة للعب بكامل روعتها ، لا تنظر أو تهتم كثيرا لتقييم اللعبة فهذا الرجل يقدم لحظات رائعة للغاية بألعابه كما أنها دائما معادلة صعبة للتقييم لتركيزها الأكبر على الجانب القصصي ، لكن هذه اللعبة ستنال إعجابك لا محالة فقط يمكنني أن أتخيل ردة فعلك عزيزي اللاعب و أنت تستمتع إلى موسيقى Trauma المذهلة و تبدأ واحدة من الشخصيات بالكشف عن دوافعها و أسبابها الحقيقية .. تبا ، هذا مستحيل ! هكذا ستكون.