انتظر لحظة فأنا أعرف ما الذي يدور في بالك الآن ، و ماذا بعد ؟ لا شيء عزيزي لا شيء ..نعم القصة أبسط كثيرا مما تتصور كنا ننتظر لعبة تقدم ملحمة جديدة من بيووير و في النهاية أستطيع أن أقول بأننا حصلنا على قصة تعتبر أشبه بالـFiller أو الحشو كما يعرف بين عشاق الأنمي و المانجا الياباني ، إذ كان بالإمكان اختصار هذه القصة بالكامل في أحد الإصدارات الفرعية و هي ببساطة لا تلقي الضوء كثيرا على الدول المتعددة لعالم Thedas و لا تكشف الكثير ، لا يمكن لهذه القصة أن تضاهي العبقرية و الكم الهائل من النصوص المكتوبة بأعلى مستوى احترافي في الجزء الأول و لوهلة ستظن بأن هذه اللعبة تمت كتابتها خارج ستوديوهات بيووير نظرا للهبوط الكبير كما و كيفا في مستوى الحوارات والنصوص التي تم تقديمها في اللعبة ، حتى الشخصيات تمثل خطوة إلى الوراء حيث أن الطاقم الذي تم تقديمه هنا لا يضاهي أبدا الطاقم المتواجد في أوريجنز ، لا يوجد أي شخصية في الجزء الثاني أستطيع أن اقول بأنني تعلقت بها من كل قلبي و هذا أمر لست معتادا عليه من بيووير ، من المفترض بنظري الشخصي أن لا تقدم دراجون ايج كقصة شخصية واحدة فقط فهي أكبر من ذلك بكثير .. دراجون ايج ليست أحداث ووقائع تحصل مع شخصية معينة بل هي عالم كامل بجنونه و مغامراته العجائبية و خياله المغرق في الظلام ، لا أتصور إلى الان كيف انتهى بنا المطاف بالحصول على هذه القصة التي تبدو سطحية إلى حد ما و بالتأكيد لا يخلو الأمر من بعض اللحظات الجيدة هنا و هناك لكنه ليس كما كنا ننتظر إطلاقا .
بالأعلى بدأت الحديث عن كيفية جعل دراجون ايج وريثة ألعاب بيووير القديمة شرعيا على أجهزة الكمبيوتر .. يمكنك أن تنسى هذا الأمر تماما مع دراجون ايج2 التي اختلفت عن الجزء الأول إلى حد بعيد فهي الان لعبة تم صنعها مع أخذ أجهزة اللعب المنزلية بالحسبان بالدرجة الأولى ، اذا كنت تلعب على الكمبيوتر ستشعر بأن اللعبة أصبحت منقوصة كثيرا مقارنة بالسابق و قد فقدت العديد من المزايا الرائعة في طريقة اللعب ! أولا اختفت الكاميرا العلوية أو الآيزومترية الشهيرة .. التي وضعت أساسا لتتمكن من مراقبة ساحة المعركة و توزيع قواتك بأفضل شكل ممكن ، أما الان عليك أن تجهز الأوامر الخاصة بفريقك و تهاجم بشخصيتك الرئيسية و ستحصل على النصر سريعا .. حسنا بالتأكيد لا أصنع هذه الضجة هنا لمجرد فقدان زواية رؤية فالأمر أكبر من ذلك بكثير .. الان لا يمكنك أن تحصل على تحكم كامل بأفراد فريقك و تخصيص الدروع المختلفة لهم كما في السابق حيث أن هذا الأمر أصبح حكرا على شخصية هوك فقط ، كما أن الدروع و الأسلحة أصبحت أقل من السابق بكثير ، ليس كذلك فقط بل اختفت شجرة المواهب أو Talents بالكامل ، و خواصها إما تم إلغاؤها بشكل كلي ( كخاصية النجاة و خاصية المحادثات ) أو تم تبسيطها كليا حيث أصبحت تصنع الأدوات العلاجية و السامة بنظام يشابه دراجون كويست الثامنة أو التاسعة كثيرا ..
حسنا دعك من كل ذلك فلا زالت دراجون ايج لعبة تمثيل الأدوار الاستراتيجية التي تحبها ، لا زال بإمكانك أن تختار واحدا من 2 وظائف خاصة بشخصية هوك منذ البداية ( warrior – mage – rogue ) و لا زلت تتحكم بفريق من 4 أفراد بوظائف مختلفة ، الأعداء أغلبهم تم جلبهم من الجزء الأول مباشرة من البشر الخارجين عن القانون إلى الداركسبون و العناكب العملاقة و كل ما يخطر ببالك ، المعارك أصبحت أسرع و أكثر متعة ودموية من السابق ، خاصة على أجهزة الكونسولز التي ستحتاج منك لضغط الأزرار لتنفيذ أوامر الهجوم ، و في نسخة الحاسب الشخصي لا زلت تستطيع استخدام الاختصارات الرقمية من 1 إلى 0 لتنفيذ الضربات الخاصة المختلفة ، كما أنك لا تزال تستطيع أن تستخدم زر الإيقاف في نسخة الكمبيوتر لتوزيع المهام الاستراتيجية قبل المعارك ، على أية حال طريقة اللعب لا تأتي بجديد على الإطلاق ، بل انها تتخلى عن الكثير و الكثير من مزايا دراجون ايج الأصلية .
عندما نتحدث عن لعبة تمثيل أدوار غربية فلا بد لنا من الحديث عن مستوى المهمات في اللعبة أو الـQuests ، المهمات هي الأخرى نالها نصيب من التراجع و لا تملك نفس السحر أو الجاذبية السابقة ، لا يمكنني أن أنسى مهمة “رماد أندراستي” أو مهمة المذؤوبين على سبيل المثال ، لكنني لم أجد سوى مهمة واحدة لا تنسى خلال لعبي للجزء الثاني ، عنصر الخيال و الإبداع تراجع بشكل واضح المهمات الان تبدو مملة مكررة و رتيبة .
ربما قد حان الوقت أخيرا لنتحدث عن عامل إيجابي شهد تقدما في المستوى .. نعم إنها الرسوميات إذ شهدت تحسنا واضحا و كبيرا عن المجسمات الورقية في الجزء الأول ، هنا أصبح المظهر العام أكثر نضجا وجمالا أنسجة المضلعات في اللعبة تبدو جميلة و العمل الفني أصبح أفضل من السابق بمراحل ، من المعيب حقا أن هذا لم يحصل سوى في مدينة واحدة فقط حيث أن جميع المناطق ستبدو مكررة و متشابهة لهذا السبب مع الأسف الشديد ، و ستمل من رؤية نفس المناطق مرارا و تكرارا بالرغم من اجتهاد المطورين في تقديم عمل أفضل من السابق على الصعيد البصري ، إلا أن دراجون ايج2 على كل حال لا تبدو بمستوى القمة و ستسقط سريعا بلا شك أمام الضربات القاضية المتوقعة من ويتشر2 و سكايرم .. و لكن يجب التنويه بأن بيووير أطلقت عبر موقعها الشخصي ملف بحجم 1 جيجابايت لتحسين مستوى الأنسجة التضليعية و استغلال القدرات المتفجرة للدايركت إكس11 المرفق مع نظام ويندوز7 ، مما يمنح نسخة الكمبيوتر أفضلية كبيرة عن أجهزة الكونسولز من ناحية الرسوميات ، و ان كان الأداء في اللعبة لا يبدو بأفضل ما يكون .
واذا كانت بيووير معروفة بجودة القصص و الشخصيات في ألعابها فهي معروفة أيضا بجودة التمثيل الصوتي ، وهو يبدو جيدا للغاية في دراجون ايج2 و تحتل شخصية فاريك المقدمة ها هنا و تسرق النجومية و الأضواء من البقية ( كما أن أداء هوك كان جيدا أيضا ) ، لكن لا تتوقع عملا ضخما مفككا للعقول كما كانت ماس ايفكت2 أو حتى دراجون ايج الأولى ، فيما يستمر الملحن المبدع Inon Zur في تقديم الموسيقى التصويرية الخاصة باللعبة. بينما تبدو المقطوعة الرئيسية رائعة للغاية و عالقة بالأذهان ، لا يبدو العمل بأكمله بنفس المستوى المتوقع أيضا أما الأصوات ربما لن تنتبه إليها مطلقا طوال اللعبة فليس بها أي شيء مميز .. ليس هناك أصوات لزقزقة العصافير و لا خرير المياه و لن تستمتع إلى أي شيء مميز ..
دراجون ايج2 لعبة تمثيل أدوار جيدة للغاية و ربما تكون من أفضل الخيارات المتواجدة في الأسواق ، لكنها لا ترتقي إلى مستوى التطلعات و الطموحات العالية ، هي لا تملك ذات العبقرية و الأجواء الساحرة اتي جعلت من دراجون ايج ملحمة لا تنسى ، كل عامل رئيسي أخذ خطوة إلى الوراء من أجل تقديم لعبة أبسط تستطيع أن تصل إلى شريحة أكبر من المستهلكين و لكن هل كان هذا في صالح اللعبة ؟ كلا بالتأكيد .. من لعبة ننتظرها كمرشح قوي لجوائز لعبة العام إلى منتج نهائي مخيب للآمال إلى حد بعيد ، دراجون ايج2 ليست الفانتازيا المظلمة التي تنتظرها و تتوقعها من بيووير و هي أضعف أعمال الفريق منذ سنوات طويلة ، لكنها لعبة تمثيل أدوار جيدة للغاية تستحق أن تكرس لها بعض ساعات الفراغ .