السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. فقرة ” نظرة أعمق ” هي فقرة مستحدثة تهدف إلى إستكمال ما يحاول فريق الأنمي و المانجا تقديمه من خلال التقارير الموسمية. إن صح التعبير ففكرة الاستعراض ما قبل العرض تهدف إلى أخذ فكرة عامة عن المسلسل قبل عرضه، أمر قد يكون سطحيا حتى و إن أعتمد على معلومات و أدلة فالكلام فيها يبقى مجرد توقعات. من هنا عزيزي القارئ نحاول استكمال تلك الفكرة من خلال طرحها بشكل أعمق يتناسب مع المستوى الفعلي التي أظهرته هذي المسلسلات خلال عرضها.
كنز نانانا المدفون هو عمل حياة يومية بصيغة أكثر حيوية فبدلا من الاعتماد على الجو المدرسي المعتاد، يحاول العمل الخروج منه بشكل لا يقتل الحس المدرسي، و لا يربط أحداث العمل بالمدرسة فقط. تتحدث قصة العمل عن ياما جوغو الذي ينتقل للعيش على جزيرة مدرسية، و هناك يلتحق بنادي للبحث عن كنوز مدفونة في الجزيرة بعد لقاءه بشبح فتاة تدعى نانانا تقطن غرفته التي تملكها حديثا.
قصصيا، قد لا يكون عمل الكنوز هذا أكبر مجدد و لكن هذا قد لا يمنع أن نذكر محاولته للخروج عن النمط المعتاد التي تبدو واضحتا مع التقدم في حلقات هذا المسلسل. قد لا يخرج الانضمام للنادي و الطالب الجديد عن النمطية الموجودة في كثير من أعمال الحياة اليومية لكن هذا نفسه قد لا يكون عيبا بشكل كبير فهو يساهم و بشكل كبير في مساعدة المشاهد على التأقلم مع عالم المسلسل و شخصياته، كما أنه يساهم في عدم فرض أي علاقات على المشاهد. إحقاقا للحق فـ Ootorino Kazuma وفق في عدد كبير من خياراته القصصية، التي تمكن من خلالها من التعريف و تمكين المشاهد و القارئ على حد سواء من التعلق في إحدى أهم نقاط قوة العمل الكتابية التي لن تخرج عن تفرد الشخصيات و تميزها، قد لايكون البعض منها ممتازًا بينما لم يحصل البعض الآخر على قدر كافي من الاهتمام. حتى و إن أغضضنا النظر عن الشرير” ﻷنه “شرير ونحيس و ما يحب أحد غير نفسه”، تعاني إحدى الشخصيات من الوجود بلا هدف سوى خدمة تينسي -حتى و إن كان صديقها المقرب فهو لا يعرف عمله أبدا-، بينما يعاني البعض الآخر من بعض المشاكل في عدم تطابق التصرفات مع الأهداف و تتواجد بعض المشاكل في العلاقات بعد أحداث معينة.
ضعف بعض الأمور المتعلقة بالشخصيات لن يؤثر بتعلقك فيها، فالغالب على ضعف الشخصية جاء من قلة المحتوى المقدم خلال حلقات المسلسل، لكن جوانب أخرى ستساعد في التعلق بهذه الشخصيات خصوصا التصاميم الجميلة التي ظهرت بها. بعيدا عن هذا تقدم القصة بشكل جيد نتج عن التنويع المتقن في الأحداث و الذي تأخذ فيه كل شخصية من الشخصيات الأساسية دورا قد يكون مهما أو قد لا يكون كذلك بناء على ما يجري حول هذا اللغز. فقدرات الشخصيات أتت بتبريرات منطقية و جميلة، و هي لم تكن الشيء الوحيد الذي برر بشكل جيد فجميع التقلبات القصصية أتت بكم كافي من التلميحات يسمح للمشاهد بقراءة الأحداث بشكل مناسب، بينما ساهم الطرح الكوميدي في التغلب على الكثير من المشاكل.
أما جانب المغامرات فكان ممتازا و يستحق الثناء بشكل كبير، فاختلاف الألغاز شكلا و موضوعا لعب دورا مهما في كيفية ظهور الشخصيات و تكون علاقاتها مع بعضها البعض، إلا أن الجانب الكوميدي ألقى بظله سلبا على بعض منها. و لعل التخلص من الكوميديا و الا جدية في كثير من المواقف كان ليفيد المسلسل بشكل كبير.
ختاما لنقطة القصة، كنز نانانا المدفون عمل ممتاز على الورق، لكنه لم يظهر بشكل يناسب التوقعات القصصية أبدا فقد ظهر بشكل هزيل في كثير من الأوقات لضعف المحتوى، أو لسوء الاقتباس فكثير من مشاكل الشخصيات أتت من ضعف الاقتباس لقضايا هذه الشخصيات.
الاقتباس القصصي، تولى تنسيق النص Kurata Hideyuki المشهور بالتعديلات القصصية التي قام بها في اقتباس The world god only knows. ظهر الاقتباس القصصي للعمل بشكل مشين وغير لائق. كثير من حلقات المسلسل عانت من مشاكل رتم كثيرة بدت واضحتا بشدة في الحلقة الأخيرة و الثانية و الخامسة. ما زاد الطين بلة هو افتقار نهاية العمل لشعور النهاية التي كان من المطلوب أن تتواجد في المسلسل. من الواضح عدم مناسبة عدد حلقات العمل للمحتوى المطلوب فإحدى عشرة حلقة لم تكن كافيتًا لحمل محتوى العمل، كما فريق العمل لم يتمكن من التغلب على مشكلة القصر ما أدى لظهور بعض الحلقات بشكل فضيع و مضحك في كثير من الأوقات، و أحيانا قد توقف الحلقة في منتصفها لتقوم بعمل آخر ثم تكملها لتشعر بأن محتوى الحلقة كان مناسبا إذ أن كثيرا من الحلقات كان يجب أن تقسم على حلقتين على أقل تقدير.
من الممكن أن أتعذر للطاقم هنا فكون البداية تعريفيتا بشكل كبير لطاقم الشخصيات الكبير جدا يجعل الحذف أو الاختصار مهمة صعبة تحتاج إلى مجهود كبير جدا، لم يتمكن الطاقم من إيجاده.
لم يوفق منسق النص في إصلاح ما لم يكن ممتازًا لدى كاتب المسلسل. لكن العمل تمكن من الظهور بشكل لائق في كل شيء آخر فعمل ممول من إحدى أضخم فقرات العرض على التلفاز لن يحصل على ميزانية ضعيفة أو متوسطة Fuji TV تحاول تمويل فقرتها Noitamina بأفضل شكل ممكن. ألقى هذا الشيء بظله على الجودة البصرية المقدمة في المسلسل، ما سمح للمخرج Kamei Kanta من تقديم مشاهد ممتازة جدا، و من الدمج بين المشاهد المرسومة و المشاهدة المعالجة مسبقا بشكل جميل لا يضر العين بأي شكل من الأشكال، و مشاهدة أي من عروض الأنمي ستساعدك في بناء نظرة كافية عن هذه النقطة.
الإخراج في المسلسل ظهر بشكل رائع، إلا أني حتى الآن لازلت لا أعرف إن كانت بعض المشاهد كوميدية أو درامية و لا أعرف أألقي باللوم في هذه المشاهد على الإخراج أم تنسيق النص، و كشخص غير مطلع على النص الأصل لا أستطيع إطلاق حكم فعلي حول هوية المذنب لكن أيا من كان فهو يستحق الثناء على قدرة التمويه الممتازة هذه. لم تعاني غالب المشاهد من تلك المشكلة لكن تلك المشكلة بدت واضحتا في البعض الآخر بشكل مزعج جدا. أتمنى لو كان هناك شخص قام بمتابعة العمل معي لكي يخبرني عن مهاية تلك المشاهد لأنها لازالت تحيرني حتى اليوم.
تصميم الشخصيات ساعد في التعلق بها كما ساعد الإخراج كثيرا فتصاميم التفاحة الحمراء( اسم المصمم) ساهمت في مساعدة المشاهد على تقبل الشخصيات بشكل أكبر. و إعادة تصميم الشخصيات في المسلسل من قبل Kawakami, Tetsuya ساهمت في إضفاء الحياة على تصاميم الرواية و حولتها إلى ما ظهر في المسلسل بشكل مناسب للتحريك بشكل أكبر.
أما التلحين فظهر بشكل ممتاز أغلب الوقت، و يحسب هذا لتوزيع الألحان. ألحان Hoashi, Keigo كانت عادية أغلب الوقت بالرغم من مشاركته في أعمال كفلم اختفاء هاروهي، لكن توزيع هذه الألحان ساهم في إظهارها بشكل أفضل كثيرا. لا أملك الكثير للحديث عنه هنا فالتجربة حكم كبير على الموسيقى إلا أن الموسيقى هنا ظهرت بشكل رائع ساهم على المحافظة على الاستمتاع بمشاهد العمل.
بشكل عام، تكمن قيمة كنز نانانا المدفون في متعته، فإن تمكنت من غض النظر على بعض العيوب القصصية (المذكورة مسبقا)، فإن نانانا عمل ممتع بشكل كبير بشخصيات يسهل التعلق فيها حتى و إن صعب فهمها. التلحين و الإخراج و تصميم الشخصيات الذين حصلوا على كم كبير من الإهتمام قد يكونون أسباب كافيتًا لمتابعة العمل.
أتمنى من كل قلبي أن يحصل المسلسل على موسم مكمل فكم الشخصيات الكبير و المتقن المتواجد في العمل من الصعب أن تكفيه إحدى عشرة حلقة.