ألعاب الرعب أخذت طريقا مختلفا لما كانت عليه، والعناوين المشهورة إنجرفت نحو تيار ألعاب الأكشن التي يفرضها توجه السوق منذ مدة، لكن هنالك بعض المطورين الذين يعلمون أن هنالك جمهورا ينتظر أن يحصل على اللعبة التي تناسبه، أستوديو OSome واحد من هاؤلاء والذي بدل أن يتقدم يتراجع للخلف لإعادة الشكل الكلاسيكي لألعاب الرعب كما كانت عليه ألعاب Resident Evil الأولى و Alone in the dark مع لعبة White Night.
في العادة المشاريع الصغيرة تستغل أسلوب اللعب أكثر من استخدامها لأي شيء آخر، الأمر مختلف هنا مع لعبة White Night، القصة مثيرة للإهتمام وتحتفظ بغموضها من أول حدث مؤثر حتى النهاية، شخصيتكم تتعرض لحادثة سيارة على الطريق بمقربة من بناية كبيرة تشبه القصر، وعليكم دخولها لطلب المساعدة، البطل يتفاجأ بوجود ما يشبه الأشباح أو الأرواح الشريرة التي ستنهي حياتكم بمجرد لمسكم، هنالك استثناء وحيد لكن عليكم اكتشاف ذلك بأنفسكم مخافة أن أحرق عليكم شيئا، الأحداث بطيئة جدا واللعبة تقتبس الكثير من كلاسيكيات السينما، لكن الأكيد أنكم سترغبون بمعرفة المزيد، سرد القصة يتم عبر البطل الذي يلعب دور الرواي وهنالك مجموعة كبيرة جدا من الرسائل والمذكرات الشخصية التي يمكنكم قراءتها لمعرفة المزيد عن عالم اللعبة وما يحصل داخل هذا البيت الكبير ومن تواجد به.
White Night لعبة رعب نعم، لكنها ليست مخيفة، وفي الحقيقة لا يوجد شيء يخيف لولا أن كل شيء من حولكم مظلم وأسوء ما يمكن أن يحصل هو الوقوع على شبح في الممر إن لم تنتبهوا، واطمئنوا، اللعبة ليست لعبة أكشن أيضا، فلا وجود للأسلحة هنا والشيء الوحيد الذي سيكون بحوزتكم هي أعواد الثقاب، تتنقلون من غرفة لغرفة وتحاولون اكتشاف الأشياء التي بها، اللعبة تعتمد على ذلك بشكل كبير ويمكن للبطل التعليق على كل شيء تقريبا يثير اهتمامكم، من الصور واللوحات الكبيرة، إلى الأثاث والأشياء في بيئة اللعبة، وبعدم وجود قتال في اللعبة فإنها تدعوكم لحل الألغاز والبحث عن الأشياء كالمفاتيح، الألغاز يمكن تصنيفها بين ألغاز تتطلب ملاحظة اللاعب (توجيه الإضاءة بالشكل الصحيح…)، البعض الآخر يتطلب تركيزه (وضع الأشياء في مكانها الصحيح بترتيب معين…)، في حين أن البعض الآخر يتطلب بعض التفكير (تغيير مكان الضوء لفك أحجية…)، اللعبة ستساعدكم بشكل ذكي من خلال حديث الشخصية الرئيسية لكن لايوجد دليل واضح لطريقة حل اللغز أو مساعدات يمكنكم الحصول عليها، في نفس الوقت اللعبة لا تجعلكم تتوهون فهي تغلق الطرق القديمة لكي لا تعودوا بشكل كبير للخلف، وتترك لكم تلميحات هنا وهناك لتحلوا اللغز دون مساعدة.
أعواد الثقاب كما ذكرت ستكون الشيء الوحيد في حوزة اللاعب، من خلالها ستضيئون المكان من حولكم، لديكم 12 واحدة وعليكم استخدامها بذكاء لأن فقدانها كاملة تعني موتكم، الضوء رفيق مهم وحياتكم تعتمد عليه وسيكون اللاعب كثيرا مطالبا بإيجاد حل لإيصال الإضاءة لغرفة معينة لاستخدام كلتا يديه أو لغرض آخر بما في ذلك تخزين المرحلة كون ذلك مستحيلا دون تواجد مصدر إضاءة قربكم أكان مصباحا أو شمعة. التحكم بسيط ولا يتجدد عن طريق إضافات بتقدم اللعبة، ستقومون بفعل الشيء ذاته من البداية وذلك لا يشكل مشكلة أبدا، الملاحظ فقط أن حركة الشخصية بطيئة جدا وقد تسبب لكم بعض المتاعب، يمكنكم الجري لكن أعواد الثقاب ستنطفئ سريعا بهذا الشكل، الكاميرا لا تساعد كثيرا بكونها ثابتة وزواياها أحيانا سيئة جدا وتجعلكم تعودون لغرفة عن طريق الخطأ، أو تلتصقون بشبح بدل الهروب منه، من حسن الحظ أن ذلك لا يحصل إلا أحيانا قليلة ولا توجد مشاكل حقيقية بخصوص اللعب والتفاعل مع الأشياء.
التوجه الفني المختار يجعل اللعبة بعيدة جدا عن ألعاب النوع وأقرب للأفلام التي عرضت في زمنها بالأبيض والأسود، لعل رسومات اللعبة بهذا الشكل تخفي الكثير من عيوب هذا العنوان الذي يعتمد وصفة تقليدية، التحدي الكبير للمطور هنا هو باختيار اللون الأبيض والأسود على هذا الشيء أو ذلك، يمكن أن أقول أن المطور قد وفق في ذلك رغم بعض المشاكل أحيانا التي تجعل الأشياء تبدو متداخلة بينها خاصة حينما تهربون من شبح، لكن ستعتادون على الأمر وسترون أن المطور قد نجح في تقديم تجربة جيدة بالإعتماد على لونين فقط.
أجواء اللعبة هادئة، لكن العناية بالمؤثرات الصوتية واضحة، فتح الأبواب، صوت الرياح في الخارج ووقع الأقدام، قد يكون عددها قليلا لكنه يساعد على جعل التجربة أفضل وقد تربك اللاعب قليلا بما أن الرعب لا يأخذ سوى حيز صغير من التجربة، الأداء الصوتي من جهته جيد هو الآخر وذلك مقتصر على الراوي الذي كما ذكرت في فقرة سابقة هو الشخصية الرئيسية بعدم تواجد شخصيات آخرى.
White Night تجربة خفيفة وستشغلكم لأربع ساعات وأكثر وهو عمر لا بأس به، أشير هنا لكون الألغاز ستأخذ من كل واحد منكم مدة مختلفة لكي تحل ولا يمكن تحديد عمر حقيقي للعبة، أربع ساعات تبدو لي وقتا كافيا للوصول للنهاية بشرط قضاء وقت صغير جدا لحل الألغاز، شخصيا أخذت أكثر من 5 ساعات لقضائي وقتا إضافيا في قراءة كل شيء تقريبا أجده في طريقي.
اللعبة تقدم تجربة جيدة لمحبي ألعاب الرعب بالشكل الذي كانت عليه منذ مدة، لا وجود لقتالات هنا ولا لمفاجآت مخيفة، كل شيء يتبع إيقاعا بطيئا من أسلوب اللعب للأحداث وغيرها، بعض الأخطاء هنا وهناك لا تفسد التجربة كثيرا لكنها تؤثر عليها قليلا ولن تمنعكم من الاستمتاع باللعبة إن كنتم تعلمون كيف تتأقلمون مع أسلوب اللعب ورثم اللعبة البطيء.