تحدثنا بالحلقة الأولى من مقال “أين كنا وأين أصبحنا” عن تاريخ العاب السباقات منذ البداية وحتى العهد الجديد مع التطور التقني المذهل لهذا النوع من الألعاب عبر السنوات، اليوم وبالحلقة الثانية من المقال نأخذكم برحلة لعالم أكثر دموية، لنتعرف من خلاله على تاريخ العاب التصويب بالمنظور الأول أو الـFPS للإختصار وهذا النوع من الألعاب بات الأن صاحب الشعبية الأكبر بسوق العاب الفيديو الحديث، أين كانت البداية وإلى أين نتجه؟ اليوم نروي لكم القصة الكاملة.
– بداية العاب التصويب بالمنظور الأول (الثمانينات الميلادية)
مع تطور التقنية منذ نهاية السبيعينات الميلادية بات واضحا أن التوجه للبعد الثالث هو “حلم” المطورين بصناعة عوالم ثلاثية الأبعاد بالكامل وباتت الكثير من الشركات تحاول مواكبة ذلك عبر العاب قدمت المنظور الأول للعب بعناوين مثل Maze War و Battlezone وغيرها من الألعاب منذ منتصف السبيعينات الميلادية وحتى منتصف الثمانينات الميلادية ويمكن وصف هذه الألعاب بكونها “جذور” العاب التصويب بالمنظور الأول ولكنها ليست الأساس الذي بدأ عليه هذا النوع من الألعاب فرغم المحاولاتا المتعدده من عدد من الشركات ولكن القدرات التقنية للأجهزة حينها لم تكن قادرة على إستيعاب الطموح:
تواصل محاولات الشركات بصناعة العاب تعمل بالمنظور الأول ولكن غالبيتها كانت برسوم الخطوط العمودية فقط “vector” أو بتفاصيل محدودة جدا وكان علينا إنتظار تطور التقنية وظهور فريق طموح جدا من ولاية تكساس الامريكية بإسم id Software ليتغير كل شيئ بعد ذلك، عهد الثمانينات الميلادية كان لغرس الجذور فقط و الجيل القادم هو الجيل الحقيقي لبداية العاب التصويب بالمنظور الأول
– اللعبة التي غيرت كل شيئ بعدها Wolfenstein 3D (البداية الحقيقية لألعاب التصويب وبداية الثورة)
بالعام 1991 ميلاديه أعلن فريق التطوير id Software عن تطوير لتقنيات الـRay casting التي ستحل الكثير من مشاكل العمل على العاب البعد الثالث لأجهزة الحاسب الشخصي والتي تقدم معها مجموعة من العمليات الحسابية التي تجعل التفاعل مابين الأجسام أكثر واقعية بالبعد الثالث وكانت البداية بتجربة هذه التقنية مع لعبة Hovertank 3D بالعام 1991 وكانت أقرب ماتكون لتجربة لقدرات الفريق قبل العمل فعليا على أول لعبة تصويب بالمنظور الأول والعنوان الذي غير كل شيئ بعد ذلك والحديث بلا شك عن لعبة Wolfenstein 3D.
هذه اللعبة والتي تقاتل فيها الجيوش النازية هي والدة العاب التصويب بالمنظور الأول الحديثة والعام 1992 كان موعد صدورها على أجهزة الحاسب الشخصي ولاقت نجاحا كبيرا حينها ورغم منعها ببعض الدول بسبب العنف الذي تقدمه ولكنها حققت شعبية كبيرة حينها بكونها ثورة بعالم العاب الفيديو ومن وضعت كافة الأساسيات لألعاب التصويب بالمنظور الأول حتى وقتنا الحاضر.
فريق التطوير id Software لم يكتفي بهذا النجاح بل قدم لنا بالعام الذي يليه 1993 العنوان الأقوى بتاريخ هذه الصناعة بمجال العاب التصويب والحديث هنا بلاشك عن لعبة Doom فرغم كونها ليست اللعبة الأولى من هذا النوع ولكن للكثيرين هي كذلك للشعبية الجارفة التي حققتها وبكونها كانت مدخلا للكثيرين لتجربة هذا النوع من الألعاب حتى أن اللاعبين نسوا تمام إصدار لعبة Wolfenstein 3D وبات التاريخ يذكر لعبة Doom كأساس الصناعة لهذا النوع من الألعاب.
Doom قدمت معها تقنيات أكثر قوة بتصاميم مرعبة للوحوش حينها وبتأثيرات للضربات على بطل اللعبة، أيضا بدأت معها تجربة التحديات الجماعية مابين اللاعبين وهذا الامر زاد من شعبية اللعبة وجعلها “الأيقونة” بصناعة العاب التصويب بالمنظور الأول وحصلت على العديد من الأجزاء والعام القادم سيكون موعدنا مع الجزء الرابع منها بعد سنوات طويلة منذ بداية السلسلة.
بعد نجاحات Doom الكبيرة دخلت العديد من الشركات لسوق العاب التصويب بالمنظور الأول ومنها شركة Raven Software بلعبة Heretic التي إستخدمت نسخة مطورة من محرك لعبة Doom وأيضا حصلنا على عدد من الألعاب المقتبسة من سلسلة Star Wars ومنها لعبة Star Wars: Dark Forces وظهور لعبة Duke Nukem 3D التي يصمها الكثيرون كآخر الألعاب التي إستخدمت التقنيات القديمة بهذا النوع من الألعاب فرغم كونها العاب ثلاثية الأبعاد ولكن ذلك ليس صحيح بشكل كامل حيث لم تكن تصاميم الأعداء أو الأسلحة والآدوات ثلاثية الأبعاد وانما ثنائية الأبعاد بتصوير من جانب واحد كخدعة تقنية حينها.
إجمالا كانت فترة الثمانينات ومنتصف التسعينيات الميلادية هي فترة “ولادة” العاب التصويب بالمنظور الاول وتحديد الأساسيات لها، تطور سريع جدا على المستوى التقني شهده هذا النوع من الألعاب ونلاحظ أن التركيز حينها كان فقط على أجهزة الحاسب الشخصي لفرق القدرات الشاسع بينها وبين الأجهزة المنزلية المخصصة للألعاب ولذلك ظلت شعبية هذا النوع من الألعاب حصرا على الحاسب الشخصي لسنوات طويلة وبات الشكل العام بكون العاب التصويب هي بسوق الحاسب الشخصي فقط ولكن كل ذلك سيتغير لاحقا.
* بإمكانكم الضغط على إسم أي لعبة بالمقال لمشاهدة فيديو يستعرض لنا نظام اللعب الخاص بها بنسختها الأصلية لمعرفة مستوى الرسوم والتطور خلال السنوات.