لعبة Nier الأصلية عندما صدرت على PS3 كانت لعبة متوسطة على مستوى أغلب النقاد، و لكنها حصلت على مجموعة محدودة و صغيرة من المعجبين الشديدي الولاء. السبب الرئيسي خلف ذلك كانت الطريقة المميزة التي يقوم فيها المخرج Taro Yoko بطرح القصة، و ذلك عبر تعدد النهايات و رؤية القصة من منظور شخصيات متعددة. لكن لا مجال للشك أن اللعبة الأصلية كانت متواضعة جدا تقنيا و من ناحية نظام اللعب، و هذا الشيء المبشر في الجزء الجديد الذي تم تطويره في أستوديو بلاتنيوم الشهير، و اللذي عرف بتصميم أنظمة لعبة بأعلى المستويات مع ألعاب مثل بايونيتا. فهل ستندمج فعلا أفكار المخرج تارو و إبداعات أستوديو بلاتنيوم لتقديم لعبة مميزة هذه المرة؟

قصة عبر الأجيال
إن كنت تلعب هذه السلسلة لأول مرة، فيمكنك الإكتفاء بالقصة الرئيسية، و هي عن الفتاة الآلية 2B، و مهمتها لحماية البشرية من جيش الآليين الشرير، و القصة من هذه الناحية ليس بها الكثير من العمق و لن تجدها عامل جذب رئيسي أثناء اللعب. لكن إن تعمقت في خلفية القصة حتى بملخصات قصيرة من الجزء الماضي، و بدأت البحث في المستندات و الشخصيات ستبدأ بفهم بعض التفاصيل العميقة عن ما يجري حولك، و هنا تبدأ القصة بالتحول لشيء مثير للإهتمام.

الشخصية الرئيسية في اللعبة و هي 2B تظهر بشكل مميز جدا، و قد أبدع فريق التطوير في تصميمها، عكس 9S الفتى و اللذي يبدو كشخصيات الأنمي المعتادة اللتي يمكن أن نراها في أي عمل. شخصيات الكمبيوتر أغلبها مملة و غير مميزة، بإستثناء بعض الشخصيات الرئيسية التي ستتعرفون عليها لاحقا. لكن ربما الجانب الأكثر جمالا في المسيرة كلها هو العلاقة بين 2B و 9S و تطور شخصياتهم مع الأحداث اللتي تحصل من حولهم.

بصمة بلاتنيوم
عندما يتسلم المطور خلف لعبة مثل بايونيتا عملية تطوير نظام القتال فهنا يمكن أن تطمئن بشكل كبير. فريق بلاتنيوم لا يخيب فعلا، فقد صنع نظام لعب متقن جدا و مميز كلعبة أكشن RPG. دعونا نقول أنها لعبة أكشن من ناحية نظام اللعب بشكل كبير، و الأسلوب لا يختلف كثيرا عن ألعاب رأيناها سابقا خصوصا من بلاتنيوم. ما عليك فعله هو تلافي الضربات، ثم استغلال اللحظة المناسبة لتوجيه أكبر عدد من الضربات لعدوك. تصميم نظام القتال له جوانب مشرقة و أخرى مظلمة سأتحدث عنها الآن.

كبداية هناك عدة أسلحة رئيسية و فرعية للإختيار منها، تتضمن الأسلحة الثقيلة مثل السيوف و الرماح، و أيضا سلاح فرعي و هو آلة صغيرة تستطيع إطلاق النيران على أعدائك من على بعد. السلاح الفرعي و هو الآلة يستطيع أيضا استخدام عدة قدرات خاصة لفترة وجيزة، منها درع ضد الطلقات أو سيف يدور حولك و يضرب كل من في محيطك. إمكانية التخصيص رائعة عبر بعض قطع الكمبيوتر التي يمكن تركيبها، مثل إضافة تعطيك قوة ضرب إضافية 15% أو أخرى تجعلك أسرع في الحركة أو تقوم بعمل كاونتر ضد ضربات العدو. يمكنك إعطاء الأولوية للتعديلات الهجومية أو ربما الدفاعية، أو تستطيع اتخاذ توجه أكثر توزانا، الأمر يعود لك.

الجانب المظلم الآن، و هو أن نظام القتال محدود حقا أثناء القتال، فلا يوجد خيارات للكومبو أو لتوجيه ضربات منوعة ضد الأعداء. قد يكون هذا الأمر ليس مهما في بعض الألعاب اللتي تصنف تحت الـRPG، لكن حتى الأعداء لم يستطيعوا سد هذا الفراغ. في غالب اللعبة وجدة نفسي أقاتل أغلب الأعداء بالطريقة ذاتها، و لو أواجه عدوا صعبا أو يقاتل بأسلوب مختلف جدا حتى أشعر إني أحتاج لتطوير استراتيجية معينة للقضاء عليه. و ما يجعل الأمر مزعجا بعض الشيء هو أن الكثير من الأعداء سيتكررون كثيرا و ستقاتلهم لوقت طويل حتى تشعر أن الأمر أصبح وظيفة أكثر من كونه لعبة مسلية.

لعبة تصويب؟
ما يخفف بعض الملل من مقاتلة الأعداء المعتادين من الرجال الآليين هو أن اللعبة تقدم مقتطفات متعددة من أساليب اللعب المختلفة. جزء من هذه هي مقاطع تقوم فيها بالتحكم بالطائرة بأسلوب ألعاب تصويب الطائرات الكلاسيكي. هذه المقاطع تقدم أسلوب لعب بديل ممتع، لكنه يفقد بريقه سريعا بسبب تكرار نفس الأعداء و أيضا بسبب سهولة القضاء عليهم. أيضا هناك مثل لعبة التصويب المصغرة التي تظهر أثناء محاولات التهكير، و في الواقع لا أستطيع أن أقول عنها شيء سوا ما قلته في الماضي، فهي ممتعة في البداية قبل أن تبدأ أن تمل من كثرة تكرارها.

نهايات متعددة
فور إنهائك اللعبة لاول مرة (ما يقارب 12 ساعة) سيتم توجيه رسالة لك حتى تقوم بإعادة اللعب، و أنك سترى أشياء جديدة. الحقيقة هي هذه ليست نهايات متعددة بقدر أنها تكملة للعبة، حيث بعد إعادة اللعبة للمرة الثانية و الثالثة ستبدأ في تكملة الأحداث و معرفة تفاصيل القصة الكاملة. هناك أيضا عدد كبير من النهايات الإضافية الغير رئيسية، و تقريبا جميعها نهايات كوميدية تم وضعها من قبل مخرج اللعبة.

لكن هذا حقا ما يجعل تارو مميزا كمخرج، فليس فقط النهايات المتعددة، لكن هناك إهتمام كبير في التفاصيل في اللعبة و العديد من الأشياء لإكتشافها. حاول أن تقرأ كل شي، و أيضا حاول أن تذهب لكل مكان، و أهم من ذلك كله حاول أن لا تفكر بالطريقة المعتادة. يعني هناك شخصية ساقطة على الأرض و المنطق لك كلاعب أن تذهب و تتأكد من صحتها، حاول أن تفعل العكس، و اركض بعيدا عن الشخصية و انظر ماذا يحدث، قد تكون هناك مفاجأة غريبة في إنتظارك.

عالم صغير لكن كبير
عالم أوتوماتا صغير حقا عندما نفكر بألعاب الـRPG هذه الأيام، لكنه مليئ بالأمور اللتي يمكن فعلها و اكتشافها، و قد تم تصميم اللعبة بحيث لا يجب عليك الخوف من ضياع أي مهمة جانبية حيث تستطيع العودة لها لاحقا. لكن عالم اللعبة تصميمه و كأنه لعبة في مرحلة الألفا، تفاصيل ضعيفة و تصميم ممل جدا. و المؤسف هو أن اللعبة في أحيان عدة تفرض عليك قطع مسافات كبيرة للوصول لمناطق مهامك، و مرة أخرى العودة منها، و خصوصا إن أردت تنفيذ العديد من المهمات الجانبية قبل فتح مجال التنقل السريع. ربما ما يجبر الخاطر هنا أن اللعبة تأتي مع مقطوعات موسيقية جميلة جدا ستسليك كثيرا أثناء اللعب.

نير أوتوماتا لعبة ستكافيء اللاعبين على فضولهم و حبهم للمغامرة و الإستكشاف، هناك عشرات الساعات من اللعب خصوصا إن أردت أن تحصل على كل الأسلحة و تطورها و تنفذ المهام الجانبية و تكشف أسرار اللعبة كاملة. اللعبة تعاني حقيقة من التكرار و المماطلة، حيث أن بعض الأمور كان يمكن إختصارها بشكل أكبر، و ربما هذا الجانب المخيب الأكبر من ناحية اللعبة ككل. ربما أوتوماتا لعبة ليست للكل، لكن إن كنت مهتما و تريد التعمق فيها، فقد تجد ما يستحق العناء بعد كل شيء.