بيرسونا هي لعبة لا يراها اللاعبون الا مرة كل عدة سنوات، نتحدث عن آخر جزء رئيسي و هو الرابع و قد صدر في العام 2008، أي قبل 9 سنوات من الآن على جهاز PS2. و قد يستغرب اللاعبون لماذا يحتاج فريق التطوير كل هذه المدة لتطوير اللعبة، رغم أنها رسوميا تبدو و كأنها لعبة قد تعمل على أي جهاز ألعاب متوفر حاليا أو حتى من الجيل الماضي. السر في سلسلة بيرسونا هو أن هناك جهد كبير يوضع في اللعبة في جوانب عديدة جدا، فهي لعبة لا تشبهها أي لعبة أخرى في أي مكان. لقد طال إنتظار الجزء الخامس و التشويق كان كبيرا للعبة، بالنسبة لنا لم نحصل عليها الا في يوم الإصدار، و الآن و بعد قضاء 100 ساعة من اللعب، تمكننا من الوصول لنقطة النهائية لكتابة مراجعتنا.

سيدة التقديم
هناك سحر ما في الطريقة التي يتم فيها تصميم هوية هذه اللعبة، حتى من لا يعد لاعب فيديو محترف يستطيع أن يلاحظ ذلك، فأخي الأصغر الذي يلعب ناردا، مر مني أكثر من مرة و أنا ألعب بيرسونا و سألني لماذا هذه اللعبة تبدو مختلفة؟ بيرسونا 4 كانت رائعة في أسلوب التقديم و القوائم و الرسوم، لكن الجزء الخامس أخذ كل شيء الى آفاق جديدة. الألوان الحمراء و السوداء، القوائم المتفاعلة، الأصوات و النغمات و كيف يرتبط كل شيء ببعضه في أسلوب قصص مصورة مدموج بالمانجا اليابانية، إنها حقا ليست كأي لعبة أخرى.

إنها حياة تعيشها
بيرسونا بشكل عام لعبة نستطيع أن نقسمها الى قسمين واضحين جدا، هناك القتال و الدنجن، و هناك الحياة الإجتماعية و الرواية الرقمية. خارج مراحل القتال أنت تعيش حياة بطل اللعبة الذي تستطيع تسميته بنفسك، و عندما أقول تعيش فأنا أعني كل ما يأتي مع الكلمة. ستشاهده و هو يأكل و ينام، و هو يتشاجر مع الآخرين، و هو يبني علاقاته، و هو يذهب الى المدرسة يوميا و يدرس و يقضي وقته بمختلف الطرق. و في هذا لك الخيار كالعادة فيما تفعل. الجزئية الإجتماعية ستنقسم الى مهاراتك الخاصة التي تستطيع تطويرها، ثم علاقاتك مع أفراد المجتمع من حولك، و اللتي قد يتحول بعضها الى علاقات رومانسية كما جرت العادة.

اذا ما الجديد؟ حقا من ناحية العلاقات الإجتماعية و تطوير مهاراتك الشخصية فلا جديد يذكر. تستطيع الذهاب مثلا للمشاركة في تحدي البرجر كي تتمكن من رفع معدل “الجرأة” في شخصيتك، أو العمل الجزئي في محل بيع الورد لرفع معدل “الطيبة” في شخصيتك. من ناحية العلاقات مع الشخصيات، فقضاء الوقت معهم سيرفع منها، و أيضا إجابة الأسئلة بشكل مناسب سيسرع من بناء العلاقة. لكن ربما الجانب الإيجابي الأقوى اللذي رأيته في هذه النسخة، هو كيف أن الشخصيات الثانوية فعلا تعطيك بعض الخصائص المفيدة جدا في حال عملت على تقوية علاقتك بهم. فمثلا أحد الشخصيات يعطيك القدرة على تبديل أعضاء الفريق وسط القتال، و آخر يعطيك القدرة على الحصول على EXP إضافي من القتال.

لكن هنا ياتي جانب سلبي آخر في اللعبة، فبعض هذه القدرات مهمة جدا، و قد ترغب في الحصول عليها في وقت مبكر في اللعبة، لكن لا يوجد طريقة لك لكي تعرف ما الذي يمكن أن تحصل عليه من كل علاقة. لهذا السبب ستجد في النصف الأول من اللعبة أن علاقاتك ستدر عليك فوائد عشوائية، و لن تتمكن من معرفة أي علاقة تستحق استثمار وقت أكبر. ما ستكتشفه لاحقا أن هناك علاقة تأتي في النصف الثاني من اللعبة و تسمح لك بمعرفة الفوائد و القدرات التي يمكن أن تقدمها كل علاقة، لكن و بصراحة من المفترض أن تكون هذه الميزة متاحة من بداية اللعبة. من أهم العناصر في ألعاب الـRPG هو أن تعطي اللعبة القدرة على اختيار مسار تطوير شخصيته بشكل واضح و ليس بشكل عشوائي. ربما هذه أحد اللمسات التي يمكن أن تضاف للنسخة المطورة من الجزء الخامس اذا استمرت أطلس على عادتها.

الإضافات الذكية
من روائع بيرسونا 5 هو تطوير اللعبة بطريقة فعلا تخدم اللاعب، و تسهل عليه القيام بكل شيء بشكل مستمر في اللعبة. الآن خريطة اللعبة أصبحت أكبر من أي وقت مضى مع مناطق عديدة للتجول فيها. في بداية كل يوم و ليلة، قد يأتيك رسالة جوال تذكرك بالشخصيات اللتي يمكن أن تطور علاقتك بها. أيضا يمكن رؤية تنبيهات على الخريطة نفسها توضح لك أي الشخصيات يتوفر لك في وقت معين، و من منهم تستطيع تطوير علاقتك معه الى المستوى التالي فورا. نظام التنقل بين المناطق و القوائم و المهام كل شيء تم ترتيبه بإتقان كبير.

حان وقت القتال
لن تكون هذه اللعبة بيرسونا بدون مراحل الدنجن المتعددة، و هناك الكثير منها في اللعبة بالإضافة لدنجن دائم جديد. مثل الأجزاء الماضية سيتم إعطائك وحد محدد للقضاء على دنجن محدد، و عليك الوصول لنقطة النهاية عن طريق اللعب يوميا، ثم أخذ راحة و العودة للعالم الحقيقي و النوم كي تستعيد عداد SP الخاص بك. الدنجن في الجزء الخامس بشكل عام لا يعدو كونه عبارة عن مجموعة كبيرة من المعارك تنتهي بقتال زعيم، رغم محاولة وضع لغز أو آخر هنا و هناك لكن بشكل محدود، و أحيانا تكون بسيطة مثل عملية ضغط زر في مكان آخر لفتح الباب و الطريق التالي.

لكن ما يجعل بيرسونا ممتعة حقا هو القتال، فنظام اللعبة الممتع يعود من جديد، و تم تطويره لجعله أفضل من أي وقت مضى. القتال يعتمد على مبدأ بسيط، و هو اكتشاف نقاط ضعف العدو ثم ضربه بها حتى يسقط و تحصل على دور إضافي. و هنا نجد بعض الخيارات الذكية الجديدة و المؤثرة في نظام القتال. الأول هو Baton Pass، حيث إن استطعت ضرب نقطة ضعف عدو، ثم لم تملك الضربة المناسبة للعدو التالي، تستطيع نقل اللعب الى شخصية أخرى و جعلها تتولى المهمة من هناك. خاصية أخرى مهمة هي إمكانية ضغط زر R1 و سيتم بشكل تلقائي تحويلك للبيرسونا المناسبة و اختيار ضربة نقطة الضعف، بشرط أن تكون اكتشفتها سابقا.

مرحبا الى غرفة المخمل
قد يبدو الإسم مضحكا، لكن هذه هي الغرفة التي يعيش فيها Igor، و هو من يسمح لك بإدارة شخصيات البيرسونا الخاصة بك و تطويرهم و دمجهم لصنع بيرسونا جديدة. حسنا هذه الغرفة أيضا حصلت على نصيبها من التطويرات الذكية جدا. فمثلا تستطيع الآن التضحية بأحد البيرسونا لزيادة مستوى بيرسونا آخر. أو مثلا أن تقوم بتحويل بعض البيرسونا الى سلاح أو درع أو Item جديد عبر الحصول على أدوات مساعدة من عالم الدنجن.

الحصول على البيرسونا هناك سيأخذ من كتاب سلسلة شين ميجامي الأساسية، حيث في حال سقوط العدو تستطيع التحاور معه للحصول عليه، أو أخذ المال أو الـItems منه. و أيضا في خارج أوقات الدنجن الرئيسية تستطيع زيارة دنجن متوفر بشكل دائم و يدعى “مومنتس”، و فيه تستطيع قتال الكثير من البيرسونا و تطوير قدراتك و تنفيذ مهام جانبية، و ربما عيبه الوحيد أنه دنجن عشوائي ممل جدا و تود الخروج منه في أسرع وقت ممكن.

رحلة عاطفية
ستحب الشخصيات الرئيسية في لعبة بيرسونا، و أيضا الشخصيات الفرعية، و قد ندخل في نقاش طويل إن أردنا مفاضلتهم مع الأجزاء الماضية. ليس كل الشخصيات متقن جدا، و كذلك خلفيتهم و القصة التي ستعيشها معهم، حتى أن البعض قد تكون أفكارهم متشابهة جدا و لو تم تقديمها في بيئة مختلفة بعض الشيء. هذا الشيء ينطبق حتى على الأعداء الرئيسين و قصة الشر خلفهم، و كيف وصلوا لما هم عليه، شعرت كثيرا بتشابه كثير بينهم و البعض منهم لم أتفاعل معه عاطفيا أبدا.

هذا لم يمنعني من التفاعل بشكل كبير مع كثير من الشخصيات، و هذا جزء كبير من سحر بيرسونا. فعندما تصل الى المستوى العاشر مع بعض الشخصيات، ستشعر و كأنك تعرفهم حقا، و كأنك بنيت وصلة لا يمكن قطعها فعلا. و هذه الرحلة العاطفية فعلا لا يمكن أن تراها في لعبة غير بيرسونا. و جزء كبير من هذا الإنجاز يقع على طريقة التقديم، و اللتي تلعب الموسيقى فيه دورا كبيرا جدا. الموسيقى في اللعبة رائعة و تعلق في الذاكرة، حتى إن كنت فقد تشاهد اللعبة و لا تلعبها.

استثمار الوقت
عليك أن تضع في بيرسونا ما لا يقل عن 100 ساعة، و هذا استثمار كبير على أي لاعب مهما كان. السؤال الحقيقي هنا هل هذه الـ100 ساعة كانت ضرورية في اللعبة؟ ربما لا، و ربما هذا الجانب الوحيد الذي مر على فريق التطوير خلال الـ9 سنوات الماضية و لم يقوموا بالنظر اليه لتطويره. في اللعبة هناك الكثير من المحادثات الغير ضرورية و اللي لاتضيف أي شيء للقصة و التجربة، و بعض الأسئلة التي يعطى لك خيارات في إجاباتها، كلهم يؤدون نفس المعنى. أيضا لا أنسى شاشات التحميل العديدة، و الأهم من ذلك الحاجة لتطوير مهاراتك و الذي يتحول لعمل متعب في أوقات كثيرة. فمثلا قد تحتاج لمستوى 3 من “الطيبة” كي تمضي في علاقتك مع أحد الشخصيات، و لكي تحقق ذلك عليك العمل في محل الورود 7 مرات متتالية ربما كي تصل لما تريد.

بالتأكيد ذلك أمر مزعج بعض الشيء، لكن إن تمكنت من تجاوزه فستجد في بيرسونها 5 لعبة RPG رائعة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. نظام قتال ممتع و يحتوي العديد من العناصر التي تجعل منه عاملا مسليا طوال مسيرة الرحلة حتى و في أجزاء الدنجن الممتعة. و هناك قصة اللعبة الرئيسية المشوقة بتقلباتها و شخصياتها و منعطفاتها الكثيرة. و مع الوصلات الإجتماعية و الموسيقى التفاعلية و الكوميديا الخفيفة فإنك على أعتاب رحلة مثيرة و استثنائية لن ترى مثلها في أي مكان آخر بعيدا عن سلسلة بيرسونا.