المطور وقائد فريق التطوير داخل أستوديو Quantic Dream كان سعيدا بما يقوم به، بالعمل على الألعاب والإعلانات والمسلسلات ومع المغنيين المستقلين وغيرذلك ممَا يحتاج أستوديو تسجيل صوتي بجدران عازلة، الأمور كانت هادئة ومستقرة، جرة الخبرة مُلئت بشكل كافٍ للحصول على المزيد من عروض العمل، والكثير من بطاقات العمل لأناس من مجالات مختلفة وجدت طريقها لمكتبه، مُخرج الألعاب هذا كان قادرا على أن يأخذ حياته حيث يريد، والألعاب التي كان يُحب كما هم أبناء جيله تحولت بفكرة واحدة، غبية ربما، لعمله الجديد.
وهو منشغل بين أسطوانات الموسيقى الكبيرة، والآلات البدائية المستخدمة على وقتها للتسجيل وصناعة الأصوات، إضافة للآلات الموسيقية وغيرها، أخذ الملحن الشاب الوقت ليجلس ويكتب نصا للعبة أخفت عدم دراية بتطوير الألعاب.
ما عليهم إلا صناعة مدينة، إنهم أغبياء، ما لهم لا يفعلون ذلك؟
فكرة مجنونة بمعايير اليوم، لكن بمعايير تلك الفترة هي أكثر جنونا، Cage كان يأمل في تطوير لعبة بمدينة وعالم مفتوح، مع إمكانية الوصول لأي مكان فيها، والدخول إلى أي بناية واستخدام السيارات، إضافة لإضافة الناس فيها وغير ذلك، ديفيد كان سعيدا بفكرته، فتقدم بها لبعض الأصدقاء من مبرمجي Cryo، والإجابة لم تكن كما توقع:
أنت حقا مجنون، أنت لا تدرك ذلك، من المستحيل القيام بهذا الشيء.
- بداية العناد
ذلك لم يُلقي في نفسه إلا المزيد من الرغبة والتحدي لجعل فكرته حية، وبدأ يحاول نقل فكرته من الأوراق للواقع بمساعدة أصدقائه من موظفي Cryo وبما أن لكل واحدٍ منهم عمل، فقد كانو يعملون على فكرته بعد انقضاء ساعات العمل نهارا، والنتيجة كانت نسخة اختبارية من لعبته تعمل على جهاز الـPlaystation الأول، بعدها بدأت رحلة أولى للبحث عن ناشر، والردود كانت بأن الفكرة ليست سيئة، لكن الـPlaystation مجرد موضة كان الناشرون خائفين من زوالها، وإلقاء المال في الشارع كانت فكرة أفضل من المخاطرة وتمويل مشروع قد لا يكون سوى فرن حرق للموارد.
ديفيد غادر للولايات المتحدة الأمريكية بحثا هناك عن ناشر، لكن الرد ذاته: “اتركوا عنكم الـPlaystation وطوروا على الـPC” جهد أشهر قد ضاع، والليالي التي افتقد فيها ديفيد النوم لم تثمر، العودة لنقطة الصفر والعمل على الـPC لم تكن بالفكرة التي سيسعد بها أحد، لذا جمع فريقه الصغير من أصدقائه ليضع خطة عمل أخيرة، 6 أشهر لتحديد المصير، حواسيب جديدة، مكتب جديد، وهذه المرة كل واحد من الفريق سيحصل على راتب، ثلاثة أشهر ضرب اثنين، إمّا أن يخترق مزلاجهم كومة الثلج التي تسد الطريق، أو يعود كل واحدٍ لما كان يقوم به وينسوا الأمر إطلاقا.
الحماس ليس ما كان يدفع أحدا لتطوير الألعاب حينها، بعض المبرمجين وافق على أن يأخذ المغامرة، وآخرون رأوا في ما يقومون به فكرة مجنونة، Cryo أفضل وأكثر أمانا، لتنقلب المواقف الآن، وتكون الأقفال على أبوابه في حين يتحول Quantic Dream لأكبر مطور ألعاب فرنسي، 12 ساعة إلى 15 ساعة عمل بدون أيام عطلة، لم تكن تلك ولا هي الآن وظيفة الحلم، لكن طموح الفريق والستة أشهر المحددة أنتجت محرك ألعاب ثلاثي الأبعاد، مع شراكة مع شركة لانتاج الحركة (Motion capture) مع أول لعبة تستخدم التقاط الحركة للوجه في تاريخ الألعاب، تركيز كبير على الجانب التقني مازال مستمرا حتى هذا اليوم.
ما بعد 6 أشهر، الفريق يملك نسخة تجريبية مع مدينة وشخص يجري داخلها، وبعض المارة، لكن يبقى ذلك بعيدا عن كونه مشروعا كاملا، الفريق الصغير بحاجة لناشر، وفي حين أن محرك البحث يمكن أن يعطيك قائمة طويلة عريضة بكلمات بحث قليلة، على وقتها كان على ديفيد أن يطلب خدمة الارشادات عبر الهاتف، كان يكفي أن تمتلك لعبة تعمل بفكرة مقبولة لتحصل على موعدٍ مع ناشر عبر الهاتف.