ديفيد توجه للناشرين البريطانيين، مع حاسوبه المكتبي، كان يتنقل من ناشر لآخر في لندن، محاولا أن يجد الناشر الذي سيكون مستعدا لتبني مشروع رجل فرنسي باسم يصعب نطقه، لحسن الحظ الساعات التي قضاها بحاسوبه المكتبي الثقيل أعطت نتيجة، أفضل ممَا كان متوقعا إذ أن الناشر الذي وافق على تمويل المشروع لم يكن سوى Eidos Interactive، ديفيد حصل على ليلة في فندق 5 نجوم، على دعوة لحضور مبارات آرسنال، وعقد عمل باللغة الفرنسية، معاملة خاصة وضعت يدها على كتفه ودفعت به نحو مسرح تطوير الألعاب مع من سبقوه.
ستبدأ بعد شهر
حصل على ما يتمناه من واحدٍ من أكبر الناشرين، والعملاق الذي كانت ألعاب الحسناء Lara Croft تُطور تحت سقفه، لكن خلف الفرحة كانت هنالك مخاوف كبيرة، الفريق صغير والمعدات متواضعة، لحظة يتذكرها مبتسما، معانقة فريقه الصغير في المطار بعد العودة، قائلين أنهم في الوحل الآن، لحظة جمعت بين الفرح والتخوف.
شهر واحد، العقد قد وقِّع، وعملية بناء أستوديو Quantic Dream قد بدأت قبل العام 1999. مكان عمل جديد، مكاتب وحواسيب وبرامج، حملة توظيف وغيرها، كلها بقيادة ملحن، مسيرة التلحين انتهت، وبدأت معها أتعاب اخراج الألعاب مع فريق من 45 فردا، أصوات مفاتيح البيانو تغيرت وحلت مكانها أصوات مفاتيح الحاسوب، وساعات من العمل على أول مشاريع الفريق The Nomad Soul، العمل لم يكن متعبا، وإنما مدميا وصعبا، ولم يكن للفريق علم أن بعض الأفكار التي أضاف لم تكن صعبة لأنهم لا يملكون الخبرة وإنما لأن ما يريدون القيام به هو أساسا صعب حتى على الكبار، لننتهي بلعبة تحمل شيئا من كل شيء.
- تعاون من الحجم الكبير ودرس في الفن
طموح اللعبة لم ينتهي عند هذه الحدود، الملحن الذي صار مخرج ألعاب لم يتخلى عن حبه للموسيقى، وكانت له فكرة أن تحمل اللعبة أغانٍ من قائمة النجم الشهير David Bowie، هذا الأخير رحب بالفكرة، رفض أن تُستخدم أغانيه في المشروع، إلا أنه وافق في نفس الوقت على أن يخصص ألبوما كاملا للعبة وبشكل حصري، أو بالاحرى اقترح ذلك، ولم يكن لـQD أو Eidos أن يرفضا.
البعض يعتقد أن حبه لإضافة وجوه حقيقية في اللعبة أمر حديث، إلا أنه كان من البداية، Bowie وزوجته إيمان كانا من شخصيات اللعبة، وديفيد يقول أنه حصل على درسٍ رائع، فما كان يطلبه هو ألحان توازي المشاهد، لكن Bowie أخبره أن المشاهد تحكي صورة معينة وحدها، فلما الحاجة للموسيقى للقيام مجددا بنفس الشيء؟ والنتيجة كانت أن تُحاول الموسيقى أن تنقل الأحاسيس في حين تنقل المشاهد الفكرة.
مشروع أول، تطوير مرهق، كارثي، متعب، خبرة ناقصة وفريق يحتاج للتوجيه، مجال عمل جديد، ساعات قليلة من النوم، لا تكفيه الكلمات للتعبير عن المجهود الذي استثمر في أول لعبة له، تطوير الألعاب الآن صعب، لكنه لم يكن أبدا سهلا، علاقة الاستوديو مع Eidos لا يمكن أن نقول أنها أفضل علاقة، صحيح أنها كانت الرحم الذي أخرج مشروع الاستوديو للحياة، لكن ضغط ناشرٍ كبير لا يمكن سوى أن يدفع الفريق لقضاء ليالٍ بيضاء داخل المكاتب، والابتعاد لأسابيع عن آهاليهم ومتع الحياة.
قفزة جديدة، الاستوديو لديه اسم، قد لا يكون الأشهر، لكنه كافٍ للاستمرار مع مشروع ثانٍ، مشروعهم الأول لم يكن ناجحا تجاريا بالشكل الكافي، وبعيدا عن تحقيق الأرقام المأمولة، وهنا نقطة التحول التي ربما يريد الكثيرون أن يحصلوا على نظرة أقرب عليها، كيف خرج أسلوب ديفيد كيج “اضغط الزر X لتفعيل الحدث Y ” للوجود؟
³أن يكون لك مشروع […] الأمر مشابه تماما للحصول على ابن، بكل صدق ذلك يمتلك الكثير من النقاط المشتركة، هنالك فترة حمل، فترة تكون لدينا فيها الكثير من الآمال، ونقول لأنفسنا آمل أن يكون جميلا، أن يكون ذكيا، أن يحبني، ومن تم أن يكون سعيدا […] وعندما يولد، نكون قد مضينا الكثير من الوقت في الانتظار، نكون قادرين أخيرا على رؤيته، نتعرف طبعا على أنفسنا فيه، لأنه يملك جزءا منا في النهاية، وفي نفس الوقت هو شخص آخر.
هو شخص آخر يملك شخصيته الخاصة، هويته الخاصة، يشبهنا لكنه مختلف، والذي “سيبني” حياته الخاصة بريط علاقة مع الآخرين […] سيتحول ويتغير، وهذا تماما نفس الشيء مع مشروع ما، حيث يأخذ هويته الخاصة عندما يحصل عليه اللاعبون.