سنوات و سنوات قد انقضت و قنفذ سونيك الأزرق يتخبط في عالم الألعاب، كل لعبة رائعة تحصل عليها السلسلة يقابلها ألعاب سيئة وجميع هذه الألعاب حتى الجيد منها لم ينجح أبداً في محاكاة ذلك الشعور السحري الذي تواجد في ألعاب سونيك في التسعينات. بعد كل هذه السنوات تعمل شركة سيجا مع المعجبين في خطوة فريدة من نوعها، Sonic Mania اللعبة الحلم لعشاق سيجا الأوفياء و التي وعدت بالعودة إلى الجذور، اللعبة باتت متوفرة فكيف كانت النتيجة؟

سونيك، لهذا الاسم وقعٌ خاص على قلوب قدامى اللاعبين فهو مرتبط بالكثير من الذكريات الرائعة مع بزوغ و صعود شركة سيجا في بداية التسعينات كمنافس رئيس لشركة ننتندو آنذاك، و سونيك كان النجم الأول و المتسبب الأكبر بهذا الصعود، الجدال كان لا نهائياً بين عشاق سوبر ماريو و بين مُحبي سونيك الذين جذبتهم سرعته و مدى الابتكارية و التخيل في المراحل، و كان التنافس الشديد بين الطرفين مشابه كثيراً للتنافس بين سوني و مايكروسوفت في سوق الألعاب الحالي.

شخصياً كنت من اللاعبين الذين عاصروا تلك الحقبة الذهبية بل و أستطيع القول أن لعبة سونيك كانت أحد الأسباب الأساسية التي جعلتني أتعلق بهذه الصناعة و أقدر الفن الكبير في تصميم الألعاب رسوماً، و موسيقى، و براعة في التصميم، و لسوء الحظ فإن الانحدار و التدهور بدأ يُصيب سلسلة سونيك بعد ألعاب الجنسس. الجهاز تعيس الحظ ساتورن لم يحصل على لعبة سونيك رئيسة أبداً، والدريمكاست حصل على لعبة Sonic Adventure و لكن السلسلة لم تعد أبداً لأوج نجاحاتها لتنتهي مغامرة سيجا بشكل مرير في سوق أجهزة الألعاب مع هذا الجهاز.

طوال هذه هذه السنوات لم أكن راضياً أبداً عن الألعاب ثنائية الأبعاد التي حصلت عليها سلسلة سونيك من شركة Dimps، ألعاب Sonic Advance و Sonic Rush كانت جيدة نسبياً لكنها لم تنجح في اقتباس جوهر و سحر ألعاب الجنسس و تحولت السلسلة إلى لعبة ركض و تحطيم للأرقام القياسية و بدأت تُكرر خلطتها باستمرار. حسناً، بعد ساعات طويلة مع Sonic Mania أستطيع أن أقول بثقة أن هذه اللعبة تُعيد ما كان مفقوداً، و روح ألعاب الجنسس تُبعث من جديد من خلال هذه اللعبة، الحقيقة لولا بعض المنغصات التي لم نتوقعها لكانت سونيك مينيا لعبة منصات مثالية بالنسبة لنا.

Sonic Mania شهدت حالة تعاون نادرة سمحت فيها سيجا بالتعاون مع المعجبين و فريق التطوير Sonic Team لصنع هذه اللعبة الموجهة خصيصاً إلى عشاق سلسلة سونيك القدامى مثلنا. المبرمج الموهوب Christian Whitehead هو بطل هذه الحكاية و العقل المدبر وراء هذه اللعبة. كريستيان وضع كل شغفه و عشقه و سنوات الإدمان الطويلة على ألعاب سونيك ليُثبت أنه على دراية تامة بنقاط قوة السلسلة و صنع ما عجزت عنه فرق التطوير الخبيرة و النتيجة هي لعبة الأحلام لعشاق سونيك الأوفياء.

نعم سونيك مينيا هي لعبة سونيك كما يجب أن تكون و هي اللعبة التي تحافظ على الإرث العريق و التاريخي لهذه الشخصية، سونيك مينيا هي لعبة منصات في جوهرها و لست مضطراً إلى لعبها كسباق سرعة، هناك الكثير من العوائق الذكية في طريقك و الكثير من الأعداء المتنوعين الذين سيقومون بكل شيء لعرقلة طريقك و عندما تلعب جيداً فإن السرعة ستكون مكافأة لك، نعم هكذا تعمل لعبة سونيك عندما تكون ممتازة.

تصميم المراحل في هذه اللعبة متشابك و معقد و مليء بالطرقات التي ستجعلك تعود كثيراً لهذه المراحل لتستكشفها مراراً و تكراراً، و هي تُضاهي أفضل ألعاب حملت اسم سونيك من هذه الناحية. كم ضخم من العوالم (Zones) تحتويه هذه اللعبة يصل إلى 12 عالماً و كل منها يحتوي مرحلتين و هي عادة بدأت في السلسلة منذ جزئها الثاني. في هذه المراحل ستقوم بجمع الخواتم التي تُشكل شريان الحياة الرئيس لبطلنا الأزرق فعند التعرض لضربات الأعداء ستفقد هذه الخواتم و عند جمع مئة منها ستكسب دور لعب إضافي. المراحل مصممة لتعتمد كثيراً على القفز و على التوقيت الناجح في اللعب و ليس فقط حفظ المراحل و الركض فيها بأسرع ما يمكن كما فعلت ألعاب Dimps و حتى ألعاب Sonic Team الأخيرة، هذه لعبة منصات حقيقية تُكافىء اللعب بتروي و تتحلى بالسرعة الكبيرة كميزة لها.

Sonic Mania تحتوي على مجموعة مراحل كلاسيكية من أشهر أجزاء السلسلة و أكثرها شعبية بين المعجبين، و تُقدم مراحل جديدة كلياً تبدو و كأنها قادمة مباشرة من جهاز السيجا جنسس، و هو أمر لم نتخيل إطلاقاً حدوثه من جديد بعد أكثر من عشرين عاماً، اللعبة تجمع أيضاً بين أفضل مزايا أجزاء الجنسس، ففقاعات الحماية المتنوعة تعود من الجزء الثالث، مثل الحماية النارية التي تمنحك مقاومة اللهب و القدرة على الهجوم الجانبي السريع، و الحماية المائية التي تُمكنك من الهبوط لأسفل بسرعة كبيرة مثل كرة المطاط، و هناك الحماية الرعدية التي تحميك من الصواعق و الكهرباء و تسمح لك بالوصول إلى مسافة أعلى.

التحديات الجانبية و الخاصة تعود أيضاً، أروعها هو تحدي جمع الكرات الزرقاء الذي أدمناه كثيراً على الجنسس، أما التحدي الخاص بمطاردة الصح الطائر فلم يعجبنا كثيراً. فيزيائية سونيك تبدو متقنة أيضاً و هي فيزيائية شبيهة بألعاب الPinball و التسارع مع زيادة سرعة الحركة و هي مشابهة كثيراً لفيزيائية ألعاب الجنسس، الفيزيائية التي لم تنجح ألعاب سونيك الماضية في محاكاتها على الإطلاق. بالإضافة إلى ذلك، يُمكنكم اللعب بشخصية تيلز أو شخصية نكلز مع خواص مميزة لهما مقارنة بسونيك مثل قدرة الطيران لدى تيلز أو تسلق الجدران لنكلز.

حسناً، رغم كل الجودة و الإتقان في تصميم هذه اللعبة فإن هناك الكثير من المنغصات و التي أصابتنا بالحرقة الشديدة و منعت هذه التجربة من أن تكون لعبة منصات مثالية و متكاملة، في البداية فإن كل مرحلة في اللعبة بلا استثناء تحتوي على قتال زعيم و هو أمر لم نتوقعه إطلاقاً، فإن فيزيائية سونيك و ألعابه ليست مثالية لقتال الزعماء و هي ليست ميجامان لتحتوي كل هذا الكم من معارك الزعماء، خاصة و أن بعضها طويل جداً و هناك عدة تحولات للزعماء و الحقيقة فإن هذه المعارك تُفسد بعض الشيء رتم اللعبة. كان حرياً بكريستيان أن لا يضع كل الأفكار التي تدور في خلايا عقله الرمادية في لعبة واحدة فستتاح له الفرصة ليعمل على سونيك من جديد حتماً.

هذا لم يكن العيب الوحيد الذي واجهناه مع سونيك مينيا، كثرة المراحل القديمة و عودة الألحان القديمة رغم أنها أثارت الكثير من الحنين و الأشواق في بادىء الأمر، إلا أنها جعلت اللعبة الكاملة مع مرور الوقت تبدو أشبه بإعادة إصدار من كونها لعبة جديدة، هؤلاء المطورون يستحقون الفرصة في المستقبل ليعملوا على لعبة جديدة كلياً، أو على الأقل أن يكون عدد المراحل الجديدة أكبر من القديمة و ليس العكس، و نحن دائماً من عشاق التجديد في عالم الألعاب. لا يُمكن أن تكون نقطة القوة البارزة للعبة هي العودة من جديد إلى مرحلة Chemical Planet أو غيرها من المراحل التي ألهبت خيالنا كثيراً في التسعينات. على أية حال، هناك مفاجآت جميلة تنتظركم بخصوص المراحل العائدة.

آخر ما أثار الاستياء لدينا في اللعبة كان نظام التخزين، فالتخزين لا يتواجد سوى بين كل عالم و عالم، و هذا يعني أنك إذا خسرت كل الأدوار في المرحلة الثانية فسيكون عليك إعادة اللعب من المرحلة الأولى، ربما كانت هذه فكرة لزيادة التحدي أو حتى لإطالة عمر اللعبة لكنها أزعجتنا كثيراً في بعض المراحل.

سونيك مينيا تنجح في محاكاة مظهر ألعاب الجنسس بصورة تامة خاصة مع استعمال Filter يُضيف خطوط على الشاشة شبيهة بالخطوط التي تظهر على أجهزة التلفاز المكعبة القديمة CRT، و لن تصدق أن هذه اللعبة تصدر في عام 2017 و ليس في التسعينات على جهاز سيجا الرائع، كل بيكسل في هذه اللعبة تم رسمه بحب و إتقان و المُلحن Tee Lopes وضع بصمته الخاصة ليُثبت أنه قادر على تقديم تلك النغمات المحمومة التي اشتهرت بها ألعاب سونيك كثيراً، يا لها من لحظات رائعة لمحبي ألعاب سونيك الأوفياء.

سونيك مينيا ليست أفضل لعبة حملت اسم سونيك لكنها تقترب كثيراً من عبقرية ألعاب الجنسس بل و ربما تتفوق عليها في بعض النقاط، و إن كنت من عشاق التحديات فبإمكانك اللعب في طور تكسير الأرقام القياسية و إعادة اللعب مراراً و تكراراً، كان من المؤسف أن نقابل بعض السلبيات التي منعت هذه اللعبة من الوصول إلى مستوى في القمة. سونيك مينيا هي لحظة مليئة بالعاطفة الجيّاشة لجمهور سونيك المخلص و لعبة جيدة تستحق التجربة لكل محبي ألعاب المنصات.

المراجعة لنسخة Nintendo Switch حصلنا عليها بأنفسنا.