السؤال الأصعب كان يتوقف على عملية بيع اللعبة و تسويقها للجمهور، يوبي سوفت كانت تتطلع بأعين مفتوحة إلى ما تقوم به الشركات اليابانية من عمل مبهر في ذلك الوقت، كابكوم، نامكو، كونامي، الألعاب التي كانت تطورها هذه الشركات كانت مذهلة، و المنافسة كانت تبدو شبه مستحيلة، يوبي سوفت قررت أن تطرح اللعبة في الأسواق مع موعد صدور البلايستيشن حتى تتجنب المنافسة المزدحمة، و عندما صدرت لعبة Rayman عام 1995، لم يكن هناك سوى 9 ألعاب فقط متوفرة على جهاز البلايستيشن، و لم يكن أمام المستهلكين الكثير من الخيارات، اللعبة حققت نجاحاً كبيراً، و المبيعات كانت جيدة في كل مدينة صدرت بها اللعبة، لكن تطويرها كان مكلفاً لأن يوبي سوفت أرادت منافسة الشركات اليابانية، و لم تتحول ريمان بطل يوبي سوفت ذي الكفين الطائرين إلى مُنتج ربحي إلا بعد مرور 18 شهراً من إصدارها، المبيعات استمرت بوتيرة عالية، و اللعبة جلبت أرباحاً هائلة لشركة يوبي سوفت مع الوقت. نعم، ريمان هي الاسم الذي صنع Ubisoft كناشر قوي في عالم الألعاب، بعد أن كانت الشركة تعتمد على توزيع ألعاب EA و سييرا في فرنسا، ريمان حصلت على جزء ثان و آخر ثالث، و تمكنت هذه الألعاب الثلاثة من بيع أكثر من 20 مليون نسخة حول العالم.
بعد النجاح الذي حققته لعبة ريمان الأولى، تحولت يوبي سوفت إلى شركة مساهمة عام 1996، يوبي سوفت أرادت لاحقاً النجاح بأي ثمن في سوق الولايات المتحدة الأمريكية، كانت معروفة في أوروبا، و لكنها لم تكن شهيرة في أمريكا، السوق الذي أصبح اليوم الأكبر و الأضخم لألعاب الفيديو. كان الحل الذي رأته يوبي سوفت بقيادة إيف جيمو هو دخول مجال ألعاب التصويب و الحركة و الألعاب الجماعية عبر الشبكة، و بذلك استثمرت يوبي سوفت مع الكاتب “توم كلانسي” لتبدأ المشوار مع سلسلتين كلاهما حقق النجاح، Ghost Recon و Rainbow Six.
يوبي سوفت راهنت أيضاً على نجاح جهاز مايكروسوفت Xbox عام 2001، و كانت من الشركات الداعمة له بصورة بارزة، و من أنجح الشركات في الألعاب الجماعية عليه بجوار سلسلة Halo الشهيرة على شبكة Xbox Live، إيف جيمو كان يرى أن التكنولوجيا تبدأ دائماً من الحاسب الشخصي ثم تصل للأجهزة المنزلية، و قد رأى فرصة حقيقية بجلب تجربة اللعب الجماعي عبر الشبكة إلى الساحة المنزلية مع قدوم الدردشة الصوتية، خاصة و أن الأجهزة المنزلية لم تكن تمتلك لوحة مفاتيح للمحادثات مثل الحواسب الشخصية.
يوبي سوفت كانت و لا زالت شركة طموحة جداً، و مديرها التنفيذي إيف جيمو لا يرضى إلا بالأفضل، إيف أمر بصناعة لعبة تسلل لتقهر سلسلة متل جير سوليد الشهيرة من كونامي، إيف أراد التفوق على أفضل الأفضل، و من أجل ذلك تقرر صنع اللعبة على جهاز Xbox حتى تحصل لعبة يوبي سوفت على أفضلية من ناحية الرسوم و التكنولوجيا، و أحد المبرمجين البارعين في الشركة اقترح استخدام نظام الإضاءة و الظلال للتخفي، و رغم أن الكثيرين عارضوه لكنه كان محقاً، تم تطبيق النظام بنجاح و كان عنصراً أساسياً في بناء اللعبة التي تم ربطها بسلسلة توم كلانسي من أجل دفعها تجارياً إلى الأمام.
نعم نحن نتحدث عن هنا لعبة Splinter Cell الشهيرة، الذهاب لمنصة الإكس بوكس لم يكن سببه فقط قوة الجهاز التقنية، و إنما اعتقد ايف أيضاً أنه سيكون قادراً على تأسيس سلسلة ألعاب جديدة على جهاز ألعاب ليس عليه الكثير من المنافسة مثل البلايستيشن، و قد كان محقاً في ذلك، يوبي سوفت تواصلت مع مايكروسوفت و حصلت على دعم كامل من أجل المشروع المميز. سلسلة سبلنتر سيل حققت نجاحاً تجارياً كبيراً توقعه ايف تماماً، و تمكنت من بيع أكثر من 20 مليون نسخة حتى اليوم بمختلف الإصدارات.
يجدر بنا أن نذكر بأن يوبي سوفت لم تكن تملك العديد من العلامات التجارية آنذاك، و كانت الشركة تشعر أن عليها أن تأتي بعلامة تجارية جديدة في كل مرة تطور فيها لعبة، و لذلك قامت الشركة ببعض عمليات الاستحواذ التي كان من ضمنها لعبة أمير بلاد فارس Prince of Persia، التي يحبها جمهور ألعاب الفيديو كثيراً. أكثر من 20 موظفاً في يوبي سوفت بدأ العمل على مشروع أمير بلاد فارس، المشروع الذي عمل عليه أشخاص عظماء في يوبي سوفت مثل Patrice Désilets المخرج الإبداعي للعبة و مبتكر السلسلة الأصلي Jordan Mechner. إن تلك اللعبة كانت و لا زالت مُنتجاً ساحراً، و هي أحد أروع الألعاب التي عملت عليها يوبي سوفت في تاريخها، مستوى اللعب، الرسومات، المنصات، التجربة الكاملة كانت من أفضل ألعاب جيلها.
هذا لا يعني أن جميع تجارب يوبي سوفت كانت ناجحة، كان هناك لعبة Beyond Good & Evil التي عمل عليها آنسل بعد ثلاثية ريمان، و كان من الواضح أنها لن تحقق النجاح التجاري المطلوب مع قلة الاهتمام بها لدى عرضها في E3، و بالفعل لم تنجح اللعبة في البيع بقوة مع أنها كانت و لا زالت واحدة من الألعاب الرائعة لدى يوبي سوفت.
اللعبة التالية التي أشعلت يوبي سوفت كانت Assassin’s Creed، في البداية كانت يوبي سوفت تُجهز محركاً جديداً لأجهزة الجيل الجديد آنذاك للعمل على لعبة أمير بلاد فارس، و من ثم تقرر العمل على عنوان جديد كليا بقيادة Patrice Désilets و ذات الفريق الأساسي الذي عمل على لعبة Prince of Persia. تطوير اللعبة لم يكن سهلاً و استغرق 4 سنوات كاملة، كان هناك الكثير من الثقة و الروح الجماعية بين أفراد الفريق، و هذا ما سمح لهذا المشروع المبتكر بالاكتمال تحت النهاية بدعم كامل من إيف جيمو رئيس الشركة. اللعبة أشعلت يوبي سوفت داخلياً بنفس الطريقة التي حصلت مع تطوير سبلنتر سيل و أمير بلاد فارس، و السلسلة الآن هي العنوان الأنجح و الأكثر مبيعاً في تاريخ الشركة.
دائماً ما واجهت يوبي سوفت أياماً صعبة، و كثيراً ما حاربت من أجل الحفاظ على استقلاليتها، يوبي سوفت و منذ البداية كانت تفخر بابتكاريتها و تركيزها على جودة الألعاب، و هي ترى أنها “مختلفة” عن النموذج التجاري البحت الذي قامت عليه شركة مثل Electronic Arts مثلاً، يوبي سوفت تمنح مطوريها حرية أكبر، إيف جيمو كان دائماً شخصاً يُعطي الكثير من الثقة للمطورين، في وقت من الأوقات، و بصورة مُفاجِئَة، كانت EA قد استحوذت على 20% من أسهم يوبي سوفت، و كان الأمر يبدو أشبه بخطوة من أجل الاستحواذ على الشركة، يوبي سوفت وقتها قررت التركيز أكثر على الربحية، على إرضاء المستثمرين، و ربما انخفض المنتوج الإبداعي للشركة بسبب ذلك، لكن الشركة أرادت أن تجعل مستثمريها سعداء، و أرادت أن تحارب الاستحواذ بشتى الطرق.
EA لم تواصل سعيها من أجل تملك يوبي سوفت، و قامت ببيع حصتها في أسهم الشركة عام 2010، و بينما تنفست يوبي سوفت الصعداء قليلاً، عادت مخاوف الاستحواذ من جديد مع محاولات شركة فيفندي العملاقة للاستحواذ على يوبي سوفت. فيفندي تمتلك اليوم 27% من أسهم يوبي سوفت، فيما يمتلك الإخوة جيمو 13.6% من أسهمها. ينص القانون الفرنسي على أن 30% هي أعلى نسبة أسهم يحق لشخص أو مؤسسة تملكها، و بعد ذلك سيكون عليهم تقديم عرض للاستحواذ، مما يعني أن فيفندي باتت قريبة جداً من الاستحواذ على يوبي سوفت.
يوبي سوفت شركة تتحلى بمرونة كبيرة، و هي تعتبر أن هذا أحد نقاط قوتها البارزة، يوبي سوفت تواجدت دائماً خلف أجهزة الألعاب الجديدة، الناجح منها و غير الناجح، الفيتا، ال3DS، الموبايل، الوي، الوي يو، أجهزة سوني و مايكروسوفت، دائماً ما كانت يوبي سوفت حاضرة لاغتنام الفرص، و هي أسرع تجاوباً من بقية الشركات مع متغيرات السوق.
من قصر في بريتاني و مقر في باريس، إلى 26 فرعاً في أكثر من 18 دولة من مختلف أنحاء العالم و في مختلف القارات. مونتريل، بوخارست، برشلونة، ميلان، صوفيا، سنغافورة، أبو ظبي، مالمو، أذرع الأخطبوط وصلت إلى كل مكان، بل إن يوبي سوفت اليوم هي أضخم شركة طرف ثالث في العالم، و هي تضم أكثر من 10 آلاف موظف تحت سقفها. يوبي سوفت بدأت بعناء كبير كونها تأخرت عن شركات أقدم منها مثل آكتفيجن، و من موزع للألعاب في فرنسا إلى مطور عالمي يقود صناعة ألعاب الفيديو و يدفعها إلى الأمام، يوبي سوفت اجتهدت كثيراً بعد Rayman، و اليوم أصبحت تمتلك مكتبة كبيرة من أقوى الأسماء في عالم الألعاب. Far Cry التي حصلت عليها من Crytek، و Prince of Persia، و Rayman، و ألعاب Tom Clancy، و Assassin’s Creed، و الكثير من العناوين الأخرى.
يوبي سوفت هي فخر الفرنسيين، و ديك Ubisoft الفرنسي لا زال مستمراً بالصياح بكل فخر و كبرياء.