لطالما اعتبرت سلسلة The Legend of Zelda من ركائز ألعاب الفيديو، فقد كان لها تأثير كبير على طريقة تقديم العالم المفتوح، التحكم في الكاميرا في بيئة ثلاثية الأبعاد، و تقديم ألغاز و أفكار ثورية. لكن هل سلسلة Zelda فعلا تلك السلسلة المؤثرة التي يقول الكثيرون أنها أفضل ما تم تقديمه في عالم الألعاب؟ فالعالم المفتوح قدمته Hydlide قبل Zelda الأصلية، أول كاميرا في عالم ثلاثي الأبعاد كانت من نصيب Mario، و غيرها من الأمور التي ربما سبقتها إليها عناوين أخرى؟
ملحوظة: هناك حرق متوسط لأحداث بعض الأجزاء
“قيمة فنية ضعيفة، أريد الرسوم الواقعية”
كلما صدر جزء جديد من سلسلة Zelda إلا و سارع الكثيرون لمقارنته بأقرب الألعاب الكبيرة التي صدرت في نفس الفترة، فبالرجوع إلى عام 2006 كانت هناك مقارنة بين Oblivion و Twilight Princess، عام 2011 شهد صدور Skyrim و Skyward Sword و مقارنات واسعة بينهما، و مع صدور Breath of the Wild في 2017، كان هناك الكثيرون ممن قابلوها مع Horizon: Zero Dawn. حسنا، رغم أن الكثير من هذه المقارنات كانت بين ألعاب مختلفة كاختلاف التفاح و البرتقال، إلا أنها اتسمت بشيء واحد مشترك، انتقاد القيمة الإنتاجية لسلسلة Zelda (غالبا بشكل غير مباشر). فمثلا Oblivion كانت ذات عالم أكثر حياة و تنوعا و فيه الكثير لفعله بينما Twilight Princess لم تكن أكثر من “أنقذ الأميرة و أنه اللعبة ثم ارمها بعيدا”، Skyward Sword قدمت لعبة برسومات “كرتونية طفولية” و بدون تمثيل صوتي في وقت باتت كل الألعاب تحاكي الواقع و تقدم تجارب سينيمائية بما يوحي أن شركة Nintendo “تريد تخفيض تكاليف التطوير لأدنى حد”. ثم إلى آخر أجزاء السلسلة التي قدمت “عالما فارغا” مع موسيقى سطحية لا تستعمل أكثر من البيانو و رسوم “تسليكية” على عكس ألعاب أخرى صدرت مؤخرا بأوركسترات حقيقية، و رسوم واقعية. و الأسوأ من كل هذا، أن البطل لا يزال أبكما في 2017!!
حسنا سأعود لما سبق نقطة بنقطة. بالحديث عن الرسومات في السلسلة، فلطالما سلك المطورون توجهات فنية مختلفة، فمثلا Wind Waker قدمت رسومات كرتونية عبارة عن Cel-shading، ـTwilight Princess كان من نصيبها رسومات واقعية، بينما Skyward Sword و Breath of the Wild أتتا ببصريات مستوحاة من اللوحات الفنية و أفلام استديو Ghibli على التوالي. و بالحديث عن الفن، فهناك حركات (توجهات) كثيرة فيه. فمثلا هناك الحركة الواقعية التي حاولت تصوير الواقع كما هو بدون أي مبالغات أو إضافات، الأمر يبدو مألوفا هنا مع ألعاب حاولت (على الأقل من الناحية البصرية) محاكاة الواقع، فتجد من ركائز تسويقها كون الدخان مثلا يتأثر مع تحرك البطل من خلاله، أو أن المياه تبدو حقيقية أو غيره (في مقارنة مقاربة نوعا لتوجه الحركة المذكورة). أيضا نجد مثلا المدرسة أو الحركة التعبيرية و التي تجعل الواقع بتغير حسب مشاعر الرسام، فتجده يغير الأحجام و يشوه الأشكال ليصير العالم تحت تصرف عواطفه و حالته الذهنية. و هناك المدرسة السريالية أو الفوق-واقعية التي تعبر بالأساس عن العقل الباطن عن طريق أشياء تفوق العالم المادي و تتعداه باستعمال عناصر من الواقع الذي نحن فيه.
لكن المدرسة التي أريد التطرق إليها هي المدرسة الانطباعية، هذه الحركة تنبني أساسا على نقل الواقع مباشرة، فتجد الفنان يخرج بلوحته الفارغة إلى المكان الذي يريد تصويره. هذه التقنية تجعله مجبرا على الرسم بسرعة كون الشمس تتحرك و بالتالي الظلال تتغير و الألوان تتبدل ما يجعله يغض النظر عن التفاصيل و يصور فقط ما يراه عموما بدل أن يغوص في المشهد و يحاول نقله “حرفيا”. حسنا، بالعودة إلى سلسلة Zelda فكما قلنا جزء Wind Waker يقدم رسوما بتقنية Cel-Shading ما يمكن أن نصفه بأنه يتبع التوجه الفني الكرتوني، Twilight Princess يمكن أن نعتبرها ذات توجه واقعي لكن ليس بشكل كامل، بينما كل من Skyward Sword و Breath of the Wild تدخلان في المدرسة الانطباعية. فيمكن بكل سهولة و يسر أن نلاحظ أن جزء الـWii من اللعبة مبني على لوحات الفنان الفرنسي الانطباعي Paul Cézanne، هذا التوجه كان غالبا من أجل التغطية على ضعف الجهاز حيث أن الأماكن البعيدة تبدو كلطخات من ألوان مائية. لكنها تغطية تمت بشكل راق لا أظن أن هناك أفضل منه. بينما التحفة Breath of the Wild تبعت التوجه بشكل أعم رغم أنني أراها تميل للوحات Claude Monet مؤسس الحركة و الذي غالبا ما يجعل الخلفية البعيدة تبدو و كأنها مجرد Silhouette موحدة اللون لجبال أو أشجار أو غيرها (الأمر شائع في اللعبة ما ساهم في جعل الـDraw Distance شاسعا جدا).