يعود المطوّر المستقل لينثر إبداعاته من جديد في فضاء الألعاب ثنائية الأبعاد، هذه المرة مع لعبة المغامرات الساحرة Owlboy، هذه اللعبة التي تُحقق أحلام بني الإنسان بالطيران و التحليق في غياهب السماء. اللعبة صدرت قبل عامٍ و نيف على أجهزة الحاسب الشخصي بعد صراع طويل و مشاقٍ عديدة و ها هي تصل أخيراً إلى الأجهزة المنزلية و ها نحنُ نُراجعُها لكم.
هذه اللعبة من إخراج Simon Stafsnes Andersen الذي عمل كمخرج و رسام و مصمم مراحل لهذه اللعبة، و في الحقيقة فقد تم العمل على هذه اللعبة لسنوات طويلة جداً، حيث بدأ تطويرها في العام 2007 وتوقف مراتٍ عديدة قبل أن تصدر أخيراً في نوفمبر 2016 على الحاسب الشخصي للمرة الأولى، مطور اللعبة سيمون عانى كثيراً من الاكتئاب أثناء تطوير اللعبة و لا شك أن هذا انعكس جلياً على قصة اللعبة و شخصية Otus.
قبل كل شيء دعونا نُعرفكم بهذه اللعبة، هذه اللعبة تنتمي إلى صنف المغامرات و هي ليست لعبة منصات كما قد يظن البعض و لا لعبة حركية رغم احتوائها على عناصر من الاثنين، اللعبة تستلهم عناصر عديدة من ألعاب مثل The Legend of Zelda التي يبدو جلياً التأثر الكبير لمصمم اللعبة بها من خلال المعابد و القطع الأثرية و الألغاز، بالإضافة إلى لعبة سوبر ماريو بروس الثالثة اللعبة التي تمتلك شعبية كبيرة بين عشاق ألعاب المنصات حتى اليوم، و كذلك لعبة كيد إيكاروس و الطيران في عالم اللعبة ثنائي الأبعاد.
تتكون هذه اللعبة من عالم مُتشابك أو متصل على غرار ألعاب المترويدفينيا، لكن استكشاف هذا العالم ليس عنصراً أساسياً في اللعبة و لا وجود لخريطة فيها. عالم اللعبة مصمم بصورة عامودية مع مناطق أفقية تمثل المعابد التي هي بدورها عامودية و أفقية و متشابكة التصميم.
على صعيد ميكانيكيات اللعب، تعتمد هذه اللعبة على الطيران بشخصية Otus، و استكشاف المناطق، في الجزر العادية ليس بمقدوركم فعل الكثير و ليس هناك إلا متجر واحد في اللعبة يملك بعض الأدوات التي ستحصلون عليها عند جمعكم للعملات النقدية خلال التقدم في اللعبة، لبّ اللعبة بأكملها يتجسد في الكهوف و المعابد التي تعتمد على الاستكشاف و حل الألغاز بالإضافة إلى القتال و إطلاق النار، حيث يقوم بطلنا Otus بحمل شخصية مساعِدة و الطيران بها، و هناك 3 شخصيات مُساعدة رئيسة في اللعبة بقدرات مختلفة. للأسف فإن الشخصية الثالثة و الأفضل بين هذه الشخصيات لا تنضم إلا في مرحلة متأخرة من اللعبة و لا تحصل على الوقت الكافي للاستعمال، و في العادة ينتهي استكشاف المعبد أو الكهف بقتال لأحد الزعماء، و مع التقدم في اللعبة ستكون بحاجة إلى الاعتماد على أكثر من شخصية مُساعِدة لمواجهة الزعماء.
حسناً، حل الألغاز في اللعبة كان ممتعاً، و هناك جزئيات تسللية متقنة و مُسلية كذلك، لكن اللعبة و للأسف الشديد تُعاني من القصر الكبير و ستتمكن من إنهائها ربما في خمس أو ست ساعات، مما يجعل سعرها (25$) مُرتفعاً بعض الشيء خاصة بالمقارنة مع الكثير من الألعاب المُستقلة المنافسة، لكن اللعبة و في ذات الوقت تحتفظ بمستوى إخراجي مرتفع و قوي بالنسبة للعبة مستقلة، هناك ذكاء كبير في استعمال الموسيقى، أو الاكتفاء بمؤثرات الطقس مثل أزير الرياح و صوت حفيف الأشجار، هناك براعة و إلمام من مُخرج اللعبة في كيفية تصوير الأجواء التي يرغب بخلقها أثناء اللعب، و رتم اللعبة يبقى صلباً حتى النهاية. مع ذلك فإن اللعب لم يكن مثالياً تماماً و لعل ما عكّر صفو التجربة بالنسبة لنا بعض الشيء هي منظومة التحكم و طريقة توزيع الأزرار، و التي جعلتنا نقوم بأخطاء حتى بعد ساعات و ساعات من اللعب.
هذه اللعبة تمتلك الكثير من الاهتمام بالقصة و سردها و ستُدرك ذلك منذ اللحظة الأولى، اللعبة حاولت بناء عالم و تاريخ خاص بها يتعلق بالبوم و تاريخ عالم اللعبة و جزره الطافية في السماء، المجهود المبذول جيد نسبياً للعبة مستقلة و بينما لا تمتاز حوارات اللعبة بالذكاء إلا أنها تُمثل محاولة واعدة على صعيد هذه الألعاب، و على أية حال إن كنتم لا تحبذون قراءة الكثير من النصوص فربما لا يعجبكم ذلك في اللعبة لأن هناك الكثير من الحوارات و المقاطع القصصية في اللعبة. قصة اللعبة ليست بجديدة على الإطلاق و هي مستهلكة كثيراً مثل العديد من قصص الفانتازيا لكنها ستكون مشبعة لمن يُحبذ تواجد العنصر القصصي في الألعاب.
هذه اللعبة هي لوحة فنية بحق و هي واحدة من أجمل الألعاب المستقلة التي رأيناها على الإطلاق، الخلفيات مرسومة بأسلوب البيكسلات، و قد تم بذل الكثير من الجهود في رسم السماء و الغيوم و الجزر و الكهوف و شلالات المياه و النباتات العملاقة، براعة كبيرة و غير اعتيادية يُظهرها رسام اللعبة و حتى أن كل ما ترونه على شاشة اللعبة تم تحريكه بعناية مع وجود العديد من التفاصيل الدقيقة مثل التأثير على المياه عند مُلامستها، أو كيف يطير Otus عند تلقيه للضربات ليصطدم بأقرب جدار عليه و يسقط أرضاً و كل ذلك يتم بتحريك يدوي بالكامل، هذه واحدة من أجمل الألعاب المستقلة مظهراً و من أجمل الألعاب ثنائية الأبعاد بصورة عامة و بالذات لمن يعشق أسلوب رسوم 16-بت و الألعاب الكلاسيكية بصورة عامة.
حتى على صعيد الموسيقى فهذه اللعبة تقدم العديد من الألحان الجميلة و التي تتراوح بين ألحان البيانو العذبة التي تخلق الانتعاش و الارتياح و تدغدغ الأحاسيس المحبة للفانتازيا و الخيال، و الألحان التي تبعث على الشعور بالخطر في مناطق أخرى من اللعبة.
Owlboy هي لعبة مغامرة ساحرة و مليئة باللمسات الخلابة و الخلفيات الرائعة إلا أنها تنتهي بأسرع مما كنا نرغب، كما أننا واجهنا بعض الأخطاء التقنية التي أدت إلى توقف اللعبة عن العمل بالكامل. إذا كنت تريد التحليق في رحلة فانتازية مع الاستمتاع بالسرد القصصي فإن هذه اللعبة الجميلة قد تكون مناسبة لك، و إن كُنت من محبي الألعاب التي ترتكز بالكامل على الميكانيكيات و الإبداع في التصميم و المحتوى الكبير في اللعب فإن Owlboy ليست اللعبة التي ستحقق هذه المطالب، و على أية حال فإن هذه اللعبة مثال حيّ على مدى التقدم الذي وصل إليه المطور المستقل و قدرته الكبيرة على تصميم الألعاب.