بين المهرة، ليس غريبا أن تسمع باستوديو BioWare كواحدٍ من الاستوديوهات التي اتخذت من تطوير ألعاب الأدوار الغريبة حرفتها، بعوالم كبيرة تضع اللاعب وحيدًا في مواجه ما تحتويه من أخطار، وفي الغالب رفقاؤه الوحيدون هم مجموعة من الشخصيات الثانوية، لكن ذلك سيتغير، الاستوديو مستعد لإنشاد ترنيمة جديدة بأسس مختلفة.
اسمها Anthem، لعبة بعنوانٍ من كلمة واحدة، وبفكرة واضحة، صناعة تجربة تشاركية تعاونية، لعبة أكشنٍ وأدوار غربية من منظور الشخص الثالث، سيكون اللاعب فيها هذه المرة مُحاطًا بثلاثة لاعبين آخرين، إن هو شاء ذلك طبعًا.
في مكان ما بعيدًا عن كوكب الأرض، أوجد المُشكّلون (أو الصَاغة [إشارة لآلهة العالم]) عالمًا باستخدام ألآت متطورة تُدعى ترنيمة الخلق، لكن لسببٍ ما لم يتم إكمال الأمر، والعالم الذي سيتواجد فيه اللاعب سيعيش على عواقب ذلك، هذه الآلات تُفعِّل نفسها بشكلٍ عشوائي مسببة خللا في العالم، لما ذلك وكيف يُمكن إيقافها؟ ليس لنا علم بهذا الأمر حتى الآن، لكن اللاعب قادر على التفاعل معها ووقف تأثيرها وإعادة التوازن للعالم، لكن حتى بذلك سيبقى عالمًا متوحشًا مليئا بالوحوش والكائنات الشرسة، وبأعداء يبحثون عن اكتشاف واستخدام أدوات المُشَكِّلين.
تضع اللعبة اللاعب في شخصية واحدٍ من المستقلين (Freelancers) أبطالٍ شجعان لهم إمكانية التجوال في العالم باستخدام آلاتهم المعدنية (بذل معدنية معززة) تدعى الرماح (Javelins) هذه البذ ليست أسلحة حرب، هي بلا شك أدوات قتال، لكنها مُصممة ومصنوعة يدويا، لذا قلائل فقط لهم فرصة الحصول على واحدة، المستقلون ليسوا مرتزقة أو صائدي جوائز، ولهم تاريخ طويل، البشر على الكوكب ولدوا فيه، ولا يُمكن الإشارة لهم بأبناء الأرض، كما أن العالم قديم بما فيه الكفاية ليكون مليئا بما خلّفه السابقون منهم.
عند تشغيل اللعبة أول مرة، ستكون مُطالبا بتصميم شخصية اللعب، يحق لك تشخصيها مرة واحدة عند البداية فقط، على الأقل هذا ما هو مقرر حتى الآن، بعدها ستختار واحدة من البذلات المُعززة، هنالك 4 أنواع، خفيفة وثقيلة، كل واحدة تملك خصائص مختلفة، لذا هي تلعب دور التصنيفات هنا (كلاسات اللعب) عند الاختيار، ستتوفر لك مجموعة من التعديلات، أكثرها تعديلات على المظهر وحسب ولا تؤثر على اللعب، شيء لتجعل نفسك مميزا عن بقية اللاعبين لا أكثر، اللعبة تحتوي نظام شراء داخلي (Microtransactions) يسمح باختصار الوقت وشراء هذه التعديلات، أمَا بقية الأشياء فمتاحة للكل عبر العالم، دون تواجدٍ لصناديق الغنيمة (loot boxes).
بعد الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على آلتكم، عليكم اختيار سلاحين، رشاش وقاذف لهبٍ مثلا، تم تعزيز قدرات الهجوم بعُدّة حربية تجعل القتالات أكثر استعراضية، صواريخ وضربات ثلجية وغيرها، تبَقّى لكم أن تُلقوا بأنفسكم وسط العالم، سواء وحدكم، أمر لا يُنصح به بما أن اللعبة مصممة كلعبة تعاونية، أو مع لاعب واحد، أو استكمال فريقٍ من أربعة، لا يهم في أي مستوى أنتم، من الجيد دائما التعاون، خاصة أن بعض الأعداء في الكثير من الأماكن موزعون بشكل يحتاجون لتدخل أربعة لاعبين دفعة واحدة.
كيف تسير الأمور في اللعبة؟ كل لاعب سيرى العالم نفسه، إلا أنه سيكون له تأثير مباشر على القصة، للحصول على المهام وتطوير الأسلحة والحديث للشخصيات الثانوية، سينطلق اللاعب من حصنه الآمن، حصن Tarasis، لا وجود للاعبين آخرين داخله كما في ألعابٍ آخرى، لا يُمكن تبادل الأسلحة والموارد مثلا، كل شيء يقع داخل الحصن متعلق بك كلاعب، الحوارات التي تُجريها داخله خاصة بك، وحتى وإن كنت تتحدث للاعب آخر بمقدورك العودة للحصن وترك اللاعب الآخر يتجول في العالم خارجًا. بما أننا تحدثنا عن القصة والحوارات، فمقارنة بألعاب الأستوديو السابقة فإن القصة أقل عمقا وتفرعا، وذلك لطبيعتها التي تفرض على الكل عيش تجربة شبيهة، أو متقاربة على الأقل.
اللعبة ستُغيّر بين منظورين، الأول داخل الحصن، والثالث طبعًا خارجه، وللمشاركة في المهام لدى اللاعب خريطة، الخصائص الاجتماعية مدمجة فيها، ستتمكن من رؤية الأماكن الشاغرة إن رغبت في الانطلاق ومشاركة لاعبين آخرين مهمة ما، أو العكس، تستطيع أن تدعو أشخاصا معينين لمُشاركتك المهام، أو ترك الأمور مفتوحة لأي لاعب متصل للوقوف إلى جانبك، ونعم، اللعبة تحتوي مهامًا رئيسية وثانوية، وتحديثات أسبوعية وشهرية، وبما أنك متصل بالشبكة، فستكون داخل عالمٍ يتحكم فيه المطورون لخلق تجربة متغيرة على الدوام.
لنقل أنك اخترت بذلتك المعززة وأنهيت أكثر من مهمة لكن وجدت صعوبة في التأقلم أو استخدام الأسلحة التي لديك، لا مشكلة، بالعودة للحصن أنت قادر على اختيار بذلة مختلفة، وتشخصيها بالشكل الذي تحب، لا حاجة لإعادة اللعبة من الأول، البذلة ليست الشيء الوحيد الذي سيتطور، وإنما طيارك أيضا، وبجمع الأسلحة في العالم، ستحتاج لأن تبحث عمَا يناسبك، بعضها موجود بكثرة وبعضها نادر، وكلما صرت أقوى، أصبح لزامًا عليك أن تحمل سلاحًا يظهر قوتك ويخدمك وأنت تُقاتل.
إن كان السبب الرئيسي للاعب للتجوال في العالم هو إنهاء المهام، فإن العالم واسع بشكلٍ كافٍ ليمضي لاستكشافه فقط، اللعبة مصممة بنموذج الألعاب كخدمة، والكثير من التعديلات والتحديثات والإضافات ستجد طريقها لها مباشرة بعد الإطلاق، تصميم العالم ليس مسطحًا، الغوص تحت الماء أو الطيران تجعل تصميم البيئات عموديا أيضًا، والكثير من الأماكن المخبأة تحتوي كائنات ستختبر قوتكم وحسن تعاملكم مع أفراد الفريق.
القتالات مزيج بين هذا وذلك، ضربات مباشرة عن قرب، أو استخدام للأسلحة النارية والخاصة كالرشاشات عن بعد، بعض الدروع ستكون مزودة باختيار اللاعب بهجمات ثلجية أو بقاذف لهب أو حتى بضربات كهربائية، لذا التعاون مهم جدًا في اللعبة، ولمضاعفة الإحساس باللعب ضمن فريق، الهجمات المشتركة يُمكن أن تسبب ضررا مضاعفًا، يمكن للاعب مثلا أن يجمد الأعداء والآخر يرسل صواريخه الموجّهَة، ناهيك عن إمكانية استخدام العالم في صالحك، ضربة كهربائية ستسبب ضررا أكبر إن تواجد الأعداء وسط بركة.
اللعبة تعاونية، أي أنه لا وجود لمواجهات بين اللاعبين، يكفيهم العدد الكبير من الكائنات والأعداء، منهم جماعات من البشر يبحثون هم الآخرون عن اكتشاف سر أدوات المشكلين واستخدامها، العالم لا يحتوي بيئات مختلفة بالشكل الذي يُمكن أن نراه في ألعابٍ آخرى، لا وجود للأماكن الثلجية والصحاري مثلا، لذا سيعمل الأعداء وتنوعهم على إضافة تنوعٍ للعالم، وقد يتم لاحقًا فتح أماكن إضافية من خلال محتويات إضافية أو توسعات، فاللعبة مصممة لئلا تنتهي بالوصول للنهاية رغم أنها تحتوي قصة ببداية ونهاية، وبأشرار وزعيم، ومهامٍ واضحة وحتى عروضٍ سنيمائية وأداء صوتي للشخصية الرئيسية، لكنها مغامرة مفتوحة، يُمكنك التركيز بشكلٍ كامل عليها واللعب فيها بالقدر الذي تُحب مع تواجد مهامٍ وتحديات جديدة في كل مرة تنطلق من حصنك في اتجاه العالم.
عند إطلاق اللعبة، قد لا تحتوي كل شيء سنراه في سنتها الأولى، لكنها مبنية من البداية كلعبة تعاونية، مع عالم تشاركي، لكن بقصة مثيرة للاهتمام، لذا من غير الممكن أن تلعبها إلا إن كنت متصلا بالشبكة، وحتى مع تواجد تاريخ إصدار، لا يُمكن الحكم على اللعبة كتجربة كاملة إلا بعد التأكد من أن كل الأساسيات المُخطط لها موجودة، أما ما سيأتي لاحقا فسيكون بلا شك لإبقاء اللاعبين داخل بذلهم لوقت أطول.