رحبوا معنا بعودة غازية القبور من جديد، لارا كروفت، الباحثة، و المقاتلة، و صاحبة القفزات البهلوانية و المهارات التي لا تنتهي. لارا كروفت تصل إلى الفصل الأخير من صراعها ضد Trinity، المنظمة السرية التي غيّرت حياتها، المغامرة بين أيدينا و ها نحن نراجعها لكم أخيراً.
قبل أن نبدأ في تفاصيل هذه المراجعة دعونا نعود إلى صفحات الماضي قليلاً، و بالتحديد إلى العام 1993 عندما بدأ تطوير هذه المغامرة ثلاثية الأبعاد، و التي كان من شأنها أن تكون لعبة ثورية و علامة فارقة في سوق الألعاب. بدأ تطوير هذه اللعبة لدى فريق التطوير Core Design في شركة Eidos، و عمل 6 مصممين على الجزء الأول من السلسلة من بينهم Toby Gard الذي قام بتصميم شخصية ذكورية، نعم صدقوا أو لا تصدقوا كان من المخطط في البداية أن تكون لعبة تومب رايدر من بطولة ذكورية، و عند التخطيط لمنح اللاعب الخيار لتبديل الشخصية قام توبي بتصميم نسخة أولية من الآنسة لارا كروفت.
فريق التطوير أدرك لاحقاً أن وجود شخصيتين سيضاعف كمية العمل و العروض السينمائية التي ينبغي عليه العمل عليها، المصمم الشاب توبي غارد نظر إلى لعبة Virtua Fighter، لعبة القتال التاريخية من شركة سيغا و المصمم يو سوزوكي و التي كانت تحتوي شخصيتين من الجنس اللطيف فحسب، إلا أنه كان يرى اللاعبين يختارون أحد الشخصيتين الأنثويتين على الدوام! و بذلك وقع اختياره على الباحثة لارا كروفت لتكون الشخصية الأساسية لهذه اللعبة.
Tomb Raider انطلقت في العام 1996 لتحقق نجاحاً نقدياً و تجارياً هائلاً، و قد تمكنت اللعبة من بيع أكثر من 7 مليون نسخة و هو رقم تاريخي مع الأخذ بعين الاعتبار حجم سوق الألعاب الناشىء في ذلك الوقت. تومب رايدر كانت من أوائل الألعاب ثلاثية الأبعاد بالكامل و قد وضعت حجر الأساس لألعاب المغامرة و الأكشن من هذا النوع، و قد استلهمت منها العديد من سلاسل الألعاب الكثير، و لعل أحدها سلسلة Uncharted فائقة الشهرة من فريق التطوير Naughty Dog بعد سنوات طويلة.
بعد ذلك كانت رغبة الشركة بإطلاق لعبة من السلسلة سنوياً من أجل المبيعات، و للأسف الشديد فإن مستوى السلسلة بدأ يتراجع بعد هذا الضغط الكبير للإصدارات السنوية التي تواصلت على البلايستيشن الأول. الضربة القاضية للسلسلة بشكلها القديم كان إصدار Angel of Darkness التي صدرت في حالة غير مكتملة على جهاز سوني المنزلي البلايستيشن الثاني حصرياً آنذاك. ملاك الظلام كانت أول عثرة حقيقية تواجهها هذه السلسلة و قوبلت اللعبة بردة فعل سلبية للغاية خاصة مع وجود الكثير من الأخطاء التقنية فيها، و بذلك قامت Eidos بإلغاء الخطة الأولية لتطوير ثلاثية مبنية على هذه القصة و قامت بتسليم مهام التطوير إلى Crystal Dynamics لتبدأ السلسلة عهداً جديداً.
الجزء الأول الذي قام بتطويره Crystal Dynamics، الاستوديو الذي عرفته الجماهير من خلال Legacy of Kain، هو Tomb Raider Legend و الذي قام بتحديث خلطة السلسلة لتصبح عصرية أكثر من السابق و لتزداد عناصر الحركة و الإثارة فيها، فريق التطوير أعاد تحريك شخصية لارا و استعان من جديد بخدمات توبي غارد للإشراف على شخصية لارا و الحفاظ على النكهة الأصلية للسلسلة و طريقة تصميمها، و للحق فإن جانب الأكشن في اللعبة بقي متوسطاً أو حتى ضعيفاً مقارنة بما وصلت إليه الألعاب الأخرى في السوق آنذاك مثل ريزدنت ايفل و متل جير سوليد.
الجزء الجديد الذي تم تطويره بعد ذلك كان إصدار Underworld من كريستال دينامكس، و هذا الإصدار و على الرغم من إتقانه لتصميم الألغاز و المراحل كما اعتدنا في سلسلة تومب رايدر إلا أنه فشل في تحقيق النقلة المطلوبة للسلسلة، و مع الضغوطات المالية التي كانت تعاني منها آيدوس، فإن اللعبة صدرت في صورة يُرثى لها على الأجهزة القديمة، و حتى الإصدار الأساسي على أجهزة الجيل الماضي لم يكن مثالياً.
الأمر الذي سمح لسلسلة تومب رايدر بالاستمرار طوال هذه السنوات كان المبيعات الجيدة التي تمتعت بها، هذه السلسلة حافظت دائماً على قاعدة مخلصة من المحبين الأوفياء، و حتى إصدار Underworld تمكن من بيع أكثر من 2.6 مليون نسخة، و بذلك فإن السلسلة حافظت على قيمة تجارية و تمكنت من تبرير استمراريتها للناشرين. بعد أن قامت سكوير إينكس بالاستحواذ على آيدوس، بدأت هذه السلسلة عهداً جديداً تماماً مع الإصدار الذي نقلها إلى أكبر النجاحات في تاريخها: Tomb Raider.
فريق التطوير كريستال دينامكس قرر إعادة تخيل السلسلة بالكامل هذه المرة، و لتبدأ أكبر عملية تغيير و تطوير لسلسلة تومب رايدر في تاريخها، تم تغيير تصميم شخصية لارا كروفت لتصبح أكثر واقعية من السابق و تمت الاستعانة بالممثلة كاميلا لادينغتون لتلعب دور لارا كروفت الشابة في طريقها لرحلتها التي ستجعل منها البطلة التي نعرفها و نحبها جميعاً، و للحق فإن كاميلا قامت بتقمص شخصية لارا تماماً و أبدعت كثيراً في أداء الشخصية و تجسيدها. اللعبة أصبحت مشابهة أكثر للعبة أنشارتد من نوتي دوغ و لتنعكس الأدوار، أنشارتد التي استلهمت من تومب رايدر أصبحت اللعبة المُلهمة لها. الألغاز أصبحت جانبية لتصبح المقابر الموجودة في اللعبة هي بمثابة أنشطة الفرعية لمن يرغب بها من المُعجبين القدامى، أما اللعبة الأساسية فقد ارتكزت على الأكشن أولاً مع إضافة عناصر التسلل و البقاء، بالإضافة إلى عناصر من ألعاب الآربيجي مثل نقاط الخبرة.
في 2013 صدرت هذه اللعبة لتحقق نجاحاً كاسحاً، لقد تمكنت هذه اللعبة من بيع أكثر من 11 مليون نسخة حتى يومنا هذا و هي واحدة من أكثر الألعاب الحركية مبيعاً في التاريخ، و قد أثبتت أن فريق التطوير اتخذ القرارات الصحيحة بتقليل الألغاز و زيادة العناصر الحركية لتصل إلى قاعدة أوسع من اللاعبين، رغم أن جمهور السلسلة القديم غضب من هذا، و في الحقيقة و على الرغم من أننا من قدامى لاعبي سلسلة تومب رايدر و منذ البداية، إلا أننا أُعجبنا كثيراً بالتوجه الجديد الذي سلكته السلسلة. شخصية لارا أصبحت بشرية أكثر من السابق كما أن القوس أصبح سلاحاً أيقونياً لها و مُميزاً مقارنة بأبطال الحركة الآخرين، نعم أصبحت لارا كروفت صيادة بارعة في الأدغال و كأنها روبين هوود.
Shadow of the Tomb Raider هو ثالث الأجزاء الحديثة و الثاني على الأجهزة المنزلية الحالية، و في الحقيقة نحن لم نكن راضين تماماً عن إصدار Rise of the Tomb Raider الذي أصابنا بالكثير من الملل و لكن Shadow of the Tomb Raider هي لعبة تتفوق على سابقتها من جميع النواحي، نعم عليكم أن تصدقوا ذلك، إن هذه اللعبة في منتهى الجمال. جميع المخاوف من تسليم اللعبة لفريق التطوير Eidos Montréal ذهبت هباءً منثوراً، لأن هذا الاستوديو نجح في صناعة أفضل ألعاب هذه الثلاثية على الإطلاق.
لنبدأ بالحديث عن القصة، تواصل اللعبة قصة لارا كروفت في صراعها ضد منظمة Trinity، المنظمة التي كان لها دور كبير في تغيير حياة لارا كروفت بالكامل. تواصل لارا مع صديقها جونا اقتفاء أثر Trinity لتصل إلى Cozumel في المكسيك، و في المكسيك تكتشف لارا آثاراً تُشير إلى مدينة مفقودة، و تكتشف خنجراً يؤدي انتزاعه إلى بداية مجموعة من الكوارث الطبيعية الهائلة، و تنطلق لارا في رحلتها مع جونا لإيقاف Trinity و إيقاف هذه الكوارث الطبيعية قبل أن تُزهق أرواح المزيد من الأبرياء.
في الحقيقة كانت توقعاتي للقصة منخفضة للغاية عندما بدأتُ هذه اللعبة، فهي لم تكن أبداً من نقاط القوة في الجزئين السابقين، و رغم أن الأساس القصصي لهذه الثلاثية لم يكن قوياً، إلا أن فريق التطوير آيدوس مونتريال فاجأني بحق بما قام به في هذه اللعبة، المطورون حرصوا على جعل الشخصيات أكثر بشرية و واقعية من كافة ألعاب تومب رايدر الماضية، هناك العديد من العلاقات الإنسانية في هذه اللعبة، هناك عناية هائلة بشخصية لارا كروفت و الكثير من الحب و الاهتمام الذي حظيت به لتظهر بصورة قابلة للتصديق أكثر من أي وقت مضى، و كمثال فقد قمنا بإنقاذ أحد الأطفال في واحدة من مهام اللعبة ليقوم هذا الطفل باحتضان لارا و شكرها.
نعم هناك الكثير من التفاعل بين لارا و بين الشخصيات التي قابلناها في رحلتنا، حوارات لارا مع سكان القرى و مناطق اللعبة كانت عفوية للغاية، و ظهرت من خلالها سمات الشخصية المتواضعة المحبة للخير و معاونة الآخرين، كما أنها كانت بالغة الاهتمام بصديقها جونا. حتى العدو الأساسي في اللعبة بيدرو دومينغز قد حظي بعناية جيدة و لتتأرجح شخصيته في منطقة رمادية لم نتوقع وجودها في لعبة تحمل اسم تومب رايدر، فحتى دومينغز كان يمتلك دوافعاً بشرية و لم يكن ذلك الشرير المعتوه. نعم السرد القصصي في Shadow of the Tomb Raider جيد و هو حتماً أفضل من الجزئين السابقين، و في ذات الوقت فإنه لا يستطيع الوصول إلى ذكاء الحوار و التمثيل المتواجد في ألعاب Naughty Dog الذي بات علامة الجودة لسرد القصص الحركية في ألعاب المنظور الثالث. لا يمكن تصديق التطور الذي طرأ على جودة القصص و الحوارات في عالم الألعاب، حتى أن قصة جيدة مثل Shadow of the Tomb Raider لن تتمكن من البروز مقارنة بالمجهودات الهائلة الموجودة في السوق. على أية حال، إن السرد القصصي لا يتمحور فقط حول القصة الأساسية، و إنما يمتد لعشرات التماثيل و المخطوطات و القطع الأثرية التي تعثر عليها لارا في رحلتها، لقد قام فريق التطوير بعملية بحثٍ مضنية و برع كثيراً في تجسيد الحضارات الزائلة بثقافتها و أفكارها و تقاليدها و معتقداتها الدينية أيضاً.
هذا يقودنا إلى الحديث عن عالم اللعبة، تدور أحداث هذه اللعبة في البيرو أغلب الوقت، و هي تتمتع بعالمٍ طبيعي بالكامل و هذا مخالفٌ لما قامت به Rise of the Tomb Raider ذات الأجواء الثلجية. يُمكننا أن نؤكد لكم و بكل ثقة أن Shadow of the Tomb Raider تمتلك العالم الأجمل على الإطلاق في تاريخ السلسلة و هي تقف وجهاً لوجه أمام انشارتد 4 في جمال المناطق إن لم تكن تتفوق عليها! نعم هذه لعبة في غاية الجمال، فقط توقف و حدق معي في تلك المناظر الطبيعية الخلابة: كهوف صخرية، بحيرات، شلالات، أدغال، مرتفعات جبلية، نعم هذه اللعبة لا تبدو مظلمة على الإطلاق بالقدر الذي كانت تظهر عليه في عروضها الترويجية بادىء الأمر.
في الحقيقة، كنا قد شعرنا بالكثير من الملل في Rise of the Tomb Raider بسبب العالم الممل الذي كانت تحتويه و الذي كان يفتقر إلى التفاصيل، و هذا أمر يتعملق فيه هذا الإصدار الذي تمكن من خلق عالمٍ ينبض بالحياة، كمية التفاصيل الموجودة كبيرة جداً، التماثيل و الآثار القديمة، الكهوف و الآثار الغارقة، و هذا بالإضافة إلى التوجه الموسيقي الرائع الذي احتوته اللعبة مع قرع الطبول و الألحان المتعارف عليها لدى القبائل، و العودة إلى أجواء العزلة و الوحشة التي أحبنناها كثيراً في الماضي في العديد من أماكن اللعبة.
الحديث عن طريقة اللعب في Shadow of the Tomb Raider هو أمرٌ شائكٌ حقاً. من جهة، هذه اللعبة هي أفضل الألعاب الثلاثة في طريقة اللعب، و من جهة أخرى، هي لعبة تلعب على المضمون بصورة كبيرة، و هو أمر لا نحبذه كثيراً، فنحن نؤيد الابتكار و التجديد دائماً في الألعاب. على أية حال، جانب الأكشن في اللعبة حظي بتحسينات كثيرة، لارا كروفت لديها المزيد من المهارات التسللية الفائقة و هي تبدو لنا مثل الثعبان الصلب Solid Snake، فهي قادرة على التخفي وسط النباتات و الإطاحة بالأعداء مباشرة و بضغطة زر واحدة، كما أنها تستطيع أن تُكسي نفسها بالطين لتتخفى جيداً وسط البيئة مما يُذكرنا بالأزياء المختلفة في Metal Gear Solid 3 Snake Eater، و في الحقيقة فإن هناك العديد من العناصر التي ذكرتنا بها في شادو اوف ذي تومب رايدر، مثل تسلق الأشجار و الهجوم على الأعداء من الأعلى، أو حتى المؤثرات الصوتية في الغابة، و التي تحمل معها أصوات الحيوانات و الطيور و تبدو في غاية الواقعية. و على ذكر الحيوانات و الطيور، فإن هذه لن تكون لعبة Tomb Raider إذا لم تتمكن بطلتنا الجميلة لارا كروفت من قتال المخلوقات المفترسة، و تتعرض لارا للهجوم في البر و تحت الماء أيضاً، و بالذات من أسماك البيرانا المتوحشة، و على ذكر ذلك، فإن هناك الكثير من الاستكشاف تحت الماء في هذه اللعبة.
استجابت Shadow of the Tomb Raider لمطالب اللاعبين بالتركيز على الاستكشاف، فهي لعبة بطيئة الرتم، و المواجهات مع الأعداء تبدو مشابهة كثيراً لتلك في أنشارتد الرابعة، فهي لا تحصل سوى في أماكن محددة و ليس هناك أعداء يهاجمونك طوال الوقت، الذكاء الاصطناعي للأعداء أصبح أفضل من السابق و إن كان بعيداً كل البعد عن العبقرية التي رأيناها في لعبة مثل The Phantom Pain، و أصبحت أصوات الطلقات النارية رائعة للغاية.
تبني هذه اللعبة نفسها بطريقة مشابهة للإصدار السابق Rise of the Tomb Raider، فهي ليست لعبة خطية مثل إصدار 2013، و إنما لعبة قائمة على استكشاف أماكن كبيرة في المقام الأول يتم الانتقال بينها على حدة. في كل منطقة تزورونها هناك مقابر خفية لحل الألغاز كما في السابق، و هناك مخططات و آثار تعثرون عليها، و هناك موارد طبيعية تجمعها لارا باستمرار مثل الأعشاب و النباتات و الأقمشة و الأخشاب و غير ذلك، و هي تستخدم هذه المواد لصنع الذخيرة بلمح البصر عن طريق زر R2 أو R1 للذخيرة الخاصة، كما يُستخدم الزر L1 لصنع الأعشاب و العلاجات، و على ذكر ذلك فقد شعرنا بأن نظام استعادة الطاقة التلقائي ليس مناسباً لتجربة البقاء التي تحاول اللعبة أن تخلقها، و كان الأنسب لو تم استخدام نظام مغاير لا تعود الطاقة فيه إلى لارا إلا باستعمال الأعشاب، نعم هذا كان سيُعطي اللعبة الإحساس بمحاولة النجاة و البقاء على قيد الحياة.
تعود القرى و المهام الجانبية من الجزء السابق، حيث تقابل لارا العديد من الشخصيات الجانبية في عالم اللعبة تماماً مثل ألعاب تقمص الأدوار! ستقوم لارا بالحديث مع هذه الشخصيات و مساعدتها على حل مشاكلها، و هذه المهام ستقوم ببناء جانب إنساني جميل للغاية في شخصية لارا المحبة للآخرين. المهام الجانبية ليست كثيرة حيث تجنب فريق التطوير (الحشو) الذي تشتكي منه الجماهير دائماً، المهمات قليلة و أحدها سيقودك إلى جزئية حركية و أخرى ستقودك إلى الاستكشاف و حل الألغاز. إجمالاً، تجربة هذه اللعبة بدون إنهاء المهام و استكشاف المقابر السرية و الأضرحة ستكون ناقصة للغاية. مناطق اللعبة ما زالت تحتوي على المخيمات، و يُمكن استعمال هذه المخيمات من أجل الانتقال السريع بين الأماكن الضخمة الموجودة في اللعبة، كما بالإمكان استخدام المخيمات لتعليم لارا المزيد من المهارات، و تطوير الأسلحة الموجودة، و من جديد هناك المزيد من الأزياء التي يمكن للارا ارتداؤها خلال اللعب، بعضها يتم شراؤه من الباعة و من ثم صنعه في المخيمات، و تمتلك الأزياء خواصاً إضافية للعب إلا أنها في الحقيقة ليست مؤثرة كثيراً، و لا شك أن فريق التطوير أراد أن يسمح للاعبين بإنهاء اللعبة بالزي الذي يريدونه إلا أننا نفضل دائماً أن نشعر بوزن خيار اللاعب في الألعاب.
تحدثنا عن جانب الاستكشاف في اللعبة و جانب الأكشن و لكن ماذا عن الألغاز ؟ حسناً، إن هذه اللعبة لا تقدم تحدياً كبيراً على صعيد الألغاز و هي حتماً لا تستطيع الاقتراب مما كانت تقدمه الأجزاء القديمة في السلسلة، و على أية حال، فإن عشاق الألغاز لديهم الخيار لرفع مستوى الصعوبة الخاص بها إلى أعلى درجة، و في هذه الحالة فإن لارا لن تقوم بإرشاد اللاعبين و لن توجه أية نصائح، و سيكون على اللاعبين أن يستعملوا الخلايا الرمادية الصغيرة في عقولهم و الاعتماد عليها لحل الألغاز بالكامل، و هذا يمنح اللعبة نكهة مقاربة للأجزاء القديمة لمن يحب الضياع و التجربة، و حتى على صعيد الاستكشاف فإن رفع مستوى صعوبته يُخفي اللون الأبيض الذي يساعد اللاعب في العثور على الطريق الصحيح، و بذلك فإن هذه اللعبة يُمكن لها أن تكون الأقرب للأجزاء السابقة كما يُمكن لها أن تكون مختلفة تماماً و لعبة مناسبة مع توجه و أذواق اللاعبين في الوقت الحالي، و حتى نكون في منتهى الصراحة، نحن لا نعتقد أن لعبة مبنية على الألغاز بالكامل يُمكن لها أن تحقق نجاحات واسعة في سوق الألعاب الحالي، و نرى أن التوازن بين الاستكشاف و الأكشن و الألغاز في هذا الجزء هو الأفضل بين الثلاثة.
هذه اللعبة هي في مستوً مرتفع على صعيد التقديم، و هذا الأمر أصبح من سمات السلسلة منذ إصدار 2013 و حتى الآن. اللعبة تتألق بشدة على صعيد الرسوميات، و مع أنها لعبة متعددة المنصات إلا أنها من أفضل الألعاب التي جربناها رسومياً على البلايستيشن الرابع كما تحافظ على سرعة 30 إطاراً طوال الوقت دون أي هبوط. بيئة اللعبة أكبر من الجزء السابق و هي تعج بالتفاصيل الدقيقة، هناك الكثير من النباتات و الأشجار في الغابات أما الكهوف فهي مليئة بالتفاصيل و النقوشات على الجدران، هذه اللعبة هي أفضل لعبة حملت اسم Tomb Raider رسومياً على الإطلاق.
كذلك تتفوق هذه اللعبة على الأجزاء السابقة من ناحية الأصوات، فهي تقدم ألحاناً مناسبة للاستكشاف مع تلك الألحان من الآلات النفخية التي تخلق أجواءً ساحرة، و أخرى مناسبة للقتال و المعارك مع قرع الطبول. على أية حال، و كما هو معتاد في الألعاب الغربية، فإنكم لن تتذكروا شيئاً من ألحان اللعبة بعد الانتهاء منها، و هي موسيقى تصويرية إن صح التعبير. أصوات الأسلحة تحسن كثيراً عن السابق و أصبحت توحي بوزن و ثقل هذه الأسلحة بالفعل، أما التمثيل الصوتي فقد كان الأفضل في النسخة الإنجليزية. فيما يتعلق بالدبلجة العربية فهي جيدة نسبياً مع استخدام اللغة العربية الفصحى، و يأتي أداء النجمة اللبنانية نادين نجيم جيداً بدور لارا كروفت، إلا أنها لا تضاهي صدق و إحساس المؤدية البريطانية للعبة و ذلك ربما للأفضلية التي يحصل عليها الأداء الأصلي مع تقنيات التقاط الحركة و الأداء Motion Capture. كما تعاني الترجمة العربية أحياناً من المشكلة التي لا زالت تتكرر كثيراً في مختلف الأعمال و هي الترجمة الحرفية التي تُذهب المعنى الأصلي أحياناً، و على سبيل المثال فإن I’ll take care of them بالإنجليزية لا تعني أن الشخصية ستعتني بالأعداء كما قد تُشير الترجمة، بل تعني أنها ستتخلص منهم أو تقضي عليهم.
هل هذا يعني أن تجربتنا مع Shadow of the Tomb Raider قد انتهت بالرضى التام؟ في الحقيقة… كلا. إن اعتراضنا الأساسي على هذه التجربة كان يتمحور حول رغبة سكوير إينكس و فريق التطوير في اللعب على المضمون، إن هذه اللعبة تقدم العديد من التحسينات لكن كل ما فيها قد شوهد من قبل بالنسبة إلينا. إن (أكبر) و (أفضل) قد لا تكون كافية دائماً، و لا شك أن اللاعب قد يشعر بالملل بعد ثلاث ألعاب متتالية بأسلوب متشابهٍ و متقاربٍ، بل و ربما تصبح مغامرات لارا في حاجة إلى إعادة تخيل من جديد، و ربما ما كان هذا ليحصل لو تحلى المطورون بجرأة أكبر في الإبداع و التجديد. في لعبة بهذا الحجم و الضخامة، لا شك أننا نبحث عما يُفاجئنا، عن مغامرة لم نرى لها مثيلاً من قبل، نعم نحن من محبي الإبداع و التجديد، كما أن تلك المقاطع السينمائية المليئة بالتحطيم و الانهيارات و الرصاصات المتناثرة لم تعد تبهر أحداً.
Shadow of the Tomb Raider هي اللعبة الأفضل في ثلاثية لارا كروفت الحديثة و الأكثر توازناً في عناصرها، إنها المغامرة الأكثر جمالاً و اللعبة التي أعادت لارا كروفت إلى أيقونيتها و روعتها بعد الإصدار السابق الذي شابه الكثير من الملل. رغم ذلك، ما زالت هذه اللعبة متعلقة بالخيط الذي يفصل بين الإتقان و العبقرية، بين التحسين و الابتكار، بين الماضي و الحاضر، بين الرغبة في النجاح و الخوف من الإخفاق، و عندما تتمكن تومب رايدر من التخلص هذه المخاوف و تتحلى بالشجاعة الكافية لأخذ دور ريادي دون النظر إلى المنافسين، فإنها قد تحصل على لعبة استثنائية حقاً.