ستُ سنواتٍ قد انقضت على غياب سلسلة ألعاب القتال الشهيرة SoulCalibur، و بعد أن كنا نخشى أن تلحق السلسلة بسلاسل أخرى كثيرة و أن تذهبَ في طيّ النسيان، عاد الأمل من جديد لتُعلن شركة بانداي نامكو اليابانية عن سول كاليبر السادسة، و ها هي اللعبة تقع بين أيدينا أخيراً لنُراجعها لكم.
سنبدأ مُراجعتنا هذه بنبذة بسيطة حول تاريخ السلسلة و أجزائها المتعددة فقد كنا من اللاعبين المحظوظين بتجربة و متابعة هذه السلسلة الرائعة منذ أولِ إصدارٍ لها و لنا معها من الذكريات الشيء الكثير، و بالتحديد مع لعبة Soul Edge التي صدرت على جهاز سوني المنزلي البلايستيشن الأول، أو Soul Blade كما عرفناها بالاسم الذي حملته اللعبة في الأسواق الغربية. ربما تبدو Soul Edge قديمة للغاية بل و ربما قبيحة بمعايير اليوم لكنها كانت لعبة ممتعة في تسعينات القرن الماضي.
البداية الحقيقية و الانفجار لهذه السلسلة كانت مع الإصدار الذي تم إطلاقه على جهاز سيغا الأثير Dreamcast كلعبة إطلاق في الأسواق الأمريكية تحت عنوان SoulCalibur، تلك النسخة تفوقت حتى على نسخة أجهزة الآركيد و حملت رسومات رائعة للغاية و حرية كبيرة للحركة في الأبعاد الثلاثية بصورة لم تكن موجودة من قبل في ألعاب القتال و لذلك تم النظر إلى هذه اللعبة كثورة حقيقية لهذا الصنف من الألعاب.
الإصدار التالي في اللعبة كان الجزء الثاني و الذي انتقل بعد فشل جهاز السيغا Dreamcast ليصدر على جميع الأجهزة المنزلية آنذاك، البلايستيشن الثاني و GameCube من شركة ننتندو بالإضافة إلى جهاز Xbox الأصلي من شركة مايكروسوفت، هذه اللعبة كانت في غاية الروعة و نقلت رسومات السلسلة إلى بعدٍ آخر، و تبقى نسخة GameCube ذات ذكريات خاصة لعشاق شركة ننتندو و ذلك لأنها استضافت شخصية Link بطل سلسلة أسطورة زيلدا الأيقونية.
كان موعدنا بعد ذلك مع الجزء الثالث الذي صدر فقط على جهاز سوني المنزلي Playstation 2، الأمر الذي كان يبدو غريباً آنذاك خاصةً في ظلّ المبيعات الجيدة لنسخة الغيمكيوب و التي باعت أكثر من مليون نسخة. على أية حال كان الجزء الثالث و ما زال واحداً من روائع الألعاب القتالية في منظورنا و قد كان الأضخم في المحتويات على صعيد السلسلة خاصة في ظل تركيزها على الأجهزة المنزلية على العكس من الألعاب القتالية الأخرى التي احتفظت بجذورها الآركيدية.
الجزء الرابع صدر على أجهزة الجيل الماضي المنزلية، هذا الإصدار قام بتعريف العديد من المزايا الجديدة على نظام القتال و التي جعلته أكثر عمقاً من السابق كما حمل رسوماتٍ رائعة بحق هي من أفضل ما تم تقديمه في الجيل الماضي على صعيد ألعاب القتال، و بعد النجاح أتى الجزء الخامس الذي وجه ضربة حقيقية لهذه السلسلة العريقة و كاد أن يقضي عليها نهائياً. الجزء الخامس كان مغايراً للكثير من الأجزاء السابقة و قام بالتخلي عن العديد من الشخصيات التي كانت من العلامات الفارقة لسول كاليبر والنتيجة هي كارثة تجارية بكل المقاييس.
الجزء السادس يأتي بعد سنوات عديدة انقضت على صدور الجزء الخامس ليصلح الأخطاء و يُمدد جذور الثقة مع اللاعبين، و نحن سعداء لنؤكد لكم بعد تجربتنا بأن هذه اللعبة هي سول كاليبر كما يجب أن تكون، إنها اللعبة المثالية لسول كاليبر و أحد أفضل الأجزاء على الإطلاق.
لنتحدث في البداية عن طريقة اللعب، سول كاليبر و منذ ظهورها للمرة الأولى هي لعبة قتال بالأسلحة البيضاء و هي فريدة من نوعها مقارنة بباقي الألعاب القتالية التي تعتمد على المهارات اليدوية. سول كاليبر تعتمد على الطرز القتالية بالعديد من الأسلحة المختلفة مثل السيف و الكاتانا و الرمح و الفأس و العصا و غير ذلك من الأسلحة و الأساليب القتالية المتنوعة.
نظام الضربات في سول كاليبر لطالما كان يعتمد على توجيه الضربات الأفقية، الضربات العمودية، الركل أو الضربات السريعة، بالإضافة إلى الصد و عكس الهجمات، و بالطبع تنفيذ المهارات القتالية المتقدمة و الضربات المتتالية. هذا الجزء أضاف عدة ميكانيكيات جديدة على السلسلة زادت العمق الموجود في طريقة اللعب بصورة بارزة.
أحد الميكانيكيات الجديدة و المهمة التي حصلت عليها اللعبة هي Reversal Edge، هذه الميكانيكية تتفعل بالضغط على زر R1 على أداة التحكم لتأخذ الشخصية وضعية هجومية، و إذا نجح اللاعب في بدء الهجمة و ضرب الخصم فإنه سيدخل وضعية أشبه بالمبارزة مع الخصم، في هذه الوضعية سيكون على اللاعب الاختيار من بين عدة ضربات يُمكن توجيهها و هي أشبه بلعبة حجر-ورق-مقص الشهيرة، الضربة العامودية تهزم الأفقية، الضربة الأفقية تهزم الركلة، فيما تتغلب الركلة على الضربة العامودية، كما بالإمكان اتخاذ وضعيات الصد أو التفادي أيضاً و كل وضعية لها حسناتها و مخاطرها. في البداية شعرنا أن هذا النظام معتمد على الحظ بصورة كبيرة إلا أنه لاحقاً حاز على إعجابنا بفضل اللعبة الذهنية التي يُشعلها ضد المنافس.
لدينا في اللعبة ميكانيكية Critical Edge و المُرتبطة بزر واحد فقط في هذا الجزء، و عند تنفيذها ستؤدي إلى هجمة تُلحق ضرراً كبيراً بالمُنافِس كما أنها تستهلك عدّاد Soul، تعود كذلك ميكانيكية Guard Impact التي بإمكانها تعطيل رتم المنافس و رد ضرباته حتى تمنح نفسك الفرصة في الهجوم، و هي غير مرتبطة بالعداد في هذا الإصدار. أما الميكانيكية التي تستهلك جزءاً من عداد Soul فهي Soul Charge، و التي تشحن ضرباتك لتصبح أكثر قوة لفترة معينة من الزمن.
بعد قضاء فترة طويلة وجدنا أن سول كاليبر 6 تصل إلى التوازن المثالي بين اللعب الاحترافي الذي ينشده المحترفون، و بين المتعة البسيطة التي يبحث عنها الهواة، التحريك في اللعبة متقن للغاية، استعمال الشخصيات المختلفة لم يكن بهذه المتعة من قبل، و الميكانيكيات تبدو متناغمة و مُنسجمة لخلق تجربة قتال رائعة.
ليست طريقة اللعب فحسب هي ما جعلنا نشعر بالرضى عن هذه اللعبة، بل لعبت المحتويات دورها في ذلك، تعود سول كاليبر من جديد لتقديم الكثير من محتويات الطور الفردي منذ الإطلاق على العكس من العديد من الألعاب القتالية الأخرى التي صدرت هذا الجيل. هناك طور مخصص للقصة يحتوي على العديد من الفصول القصصية المنوّعة، و قد فوجئنا أن السرد القصصي جيد للغاية بالنسبة للعبة قتالية مع تمثيل صوتي جيد و خلفيات ثابتة جميلة رغم أن اللاعبين قد يفضلون عليها العروض السينمائية التي تتواجد في ألعاب أخرى عادةً مثل Mortal Kombat.
الطور المتألق الآخر في اللعبة هو طور Libra of Souls و هو طور لعب فردي مبني على تنفيذ مهمات مختلفة. في هذا الطور سيتمكن اللاعب من استعمال الشخصية التي يصنعها بنفسه و خوض القتالات المتنوعة و كسب نقاط الخبرة مثل ألعاب الأدوار، و سيكون بمقدور اللاعب تخصيص شخصيته و الحصول على الكثير من الخيارات المختلفة لذلك، و في الحقيقة فإن هذا الطور يُذكرنا كثيراً بطور Chronicles of the Sword من الجزء الثالث.
لا يتوقف التشابه في هذا الإصدار مع الجزء الثالث فقط على هذا الطور و إنما أيضاً مع طور أو خيار صناعة الشخصية الخاصة باللاعب، و هو الأمر الذي تم تقديمه في السلسلة للمرة الأولى مع الجزء الثالث أيضاً. لقد كنا سعداء للغاية بعودة هذه الخاصية الرائعة، و التي تُتيح للاعب حرية كبيرة في صناعة شخصيته الخاصة مع العديد و العديد من الأزياء و الإكسسوارات و قصّات الشعر و حتى أن بعض اللاعبين قد بدؤوا بصنع شخصيات رائعة و جنونية بالفعل، كما سيكون بمقدور اللاعب اختيار أحد الأساليب القتالية الموجودة في اللعبة لهذه الشخصية.
بالحديث عن الأساليب القتالية فإن اللعبة تضم عشرين مقاتلاً من أشهر شخصيات السلسلة، و لا زلنا نجد أنفسنا أكثر راحة عند اللعب بشخصيتي Kilik و Sophitia. تواصل هذه اللعبة كذلك تقاليد السلسلة باستضافة شخصيات من سلاسل أخرى، فبعد ظهور شخصيات مثل Link في الجزء الثاني، و شخصيات من سلسلة Star Wars في الجزء الرابع، فإن ضيف هذه اللعبة هو الويتشر Geralt من سلسلة ألعاب The Witcher الشهيرة، و قد اعتنى المطورون به و اقتبسوا أسلوبه القتالي بإتقان. لطالما كانت سول كاليبر تملك أفضل الشخصيات من ناحية التصاميم الفنية الرائعة و الأزياء الجميلة في منظورنا، و لا زال الجزء السادس يتألق كثيراً على هذا الصعيد تماماً كما أردناه أن يكون.
النقطة التي لم نشعر بالرضى التام تجاهها هي مستوى التقديم و الرسوم في اللعبة، و التي وجدنا أنها ليست متقدمة كثيراً كما كان الحال مع الجزء الرابع عندما صدر للمرة الأولى في الجزء الماضي. الجزء السادس قدم حلبات قتالية رائعة و محرك إضاءة متميز للغاية، لكن الميزانية المحدودة تبدو واضحة على الجزء السادس فجودة الرسوم عادية نسبياً و ليست مليئة بالتفاصيل أو الإضاءة الخارقة، لكنها تبدو لنا أفضل من رسوم Tekken 7 نسبياً. الموسيقى أخذت توجهاً أكثر هدوءاً و تلاعباً بالمشاعر إلا أنها ما زالت رائعة كعادة السلسلة.
لا يُمكننا القول أن SoulCalibur VI كانت مفاجأة لأنها من سلسلة وضعت لنفسها معايير مرتفعة على الدوام، و إنما يُمكننا القول أن هذه اللعبة ترتقي إلى تلك المعايير. SoulCalibur VI تُعانق جماهير السلسلة عناقاً حاراً بعد إخفاق الجزء الخامس و تعود بإصدار دسم و مليء بالمزايا الرائعة، و هي اللعبة القتالية المفضلة لدينا في هذا الجيل من الأجهزة المنزلية حتى الآن.
حصلنا على هذه اللعبة عن طريق الناشر قبل صدورها في الأسواق.