حسنا، هذه كانت تجربتي الأولى على جهاز الـPlaystation 4 و يمكنني القول أنها تركت انطباعا أوليا جميلا جدا و باتت واحدة من أفضل تجارب الألعاب التي خضت هذا العام. Horizon Zero Dawn لعبة عالم مفتوح تدور وقائعها بعد حدث كارثي عصف بالحضارة التي نعرف و عاد بالبشرية لعصر الكهوف لكن مع twist، فبينما كان إنسان الكهف يصارع من أجل النجاة ضد كائنات برية كالدببة و الأسود، صار الآن يصارع من أجل البقاء ضد حيوانات ضخمة آلية تهدد استمراريته و تنزلق به نحو الانقراض. بطلة اللعبة Aloy فتاة نفيت منذ طفولتها و عاشت منبوذة عن القبيلة حتى اليوم الذي وجدت فيه أداة صغيرة من “العالم القديم” : الـFocus و التي تمكنها من تعقب خطوات الوحوش الآلية و معرفة نقاط ضعفهم و غيرها من القدرات. هنا تشتعل رغبة Aloy في التعرف على تاريخها و أن تصبح جزءا من القبيلة و كذلك معرفة تاريخ العالم المبهم. لن أقوم بالكشف عن المزيد من القصة لكنها ستشبع فضولك و تجيب عن كل الأسئلة التي يمكن أن تطرحها. لكن رغم أن القصة ممتعة و ستجعلك تشعر بالرضا في النهاية، ستشعر أن هناك بعض التمطيط من حين لآخر و بعض المهمات لإطالة قصتها. بالنسبة للشخصيات، فرغم أنني أحببت كثيرا شخصية أو اثنتين في اللعبة و كان لدي تعلق بهم من خلال البطلة، البقية لا تتعدى كونها مفاتيح للقصة لا أكثر.
العالم في اللعبة شاسع يأخذك في جولة بين القرى المنعزلة و الجبال المثلجة و الصحاري القاحلة و كذلك الغابات المطيرة و المدن المخربة. و ما يزيدها جمالا احتراف المطورين لرسومات اللعبة مما يجعل العالم يبدو حيا جدا حتى أنك في أحيان عديدة ستجد نفسك تتوقف للنظر إلى تضاريسها المدهشة و الاستمتاع بالمناظر الخلابة، فكم من مرة وقفت على قمة جبل لأنظر إلى طائر ضخم يحلق تحت القمر ملقيا بظله على الضباب، أو أشاهد إحدى ناطحات السحاب القديمة و قد تآكلت أساستها و اعوج بنيانها، و تمنيت في أحيان عديدة لو أن المطورين وضعوا نظاما لمشاهدة العالم بالمنظور الأول لكنهم قاموا بالتعويض عن هذا عن طريق إضافة نظام لالتقاط الصور مع عدد كبير من الاختيارات و التغييرات التي يمكن إدخالها. رغم جودة الرسومات في اللعبة ستواجه بعض الأخطاء البصرية البسيطة من حين لآخر مثل عدم استبدال الأجسام ذات المضلعات القليلة بتلك ذات التفاصيل الأدق عند الاقتراب منها لكنها لا تؤثر على التجربة بأي شكل كان و يمكن تجاهلها بكل بساطة.
هناك العديد من النقاط المهمة في العالم، متاجر و مخيمات للتنقل السريع و بعض الخنادق البسيطة. لكن لا شيء أبعد من هذا، اللعبة تحاول أن تلعب نفسها بشكل آمن و لا تقدم الكثير من ناحية بناء العالم و الأشياء لرؤيتها و فعلها. نعم ستستمتع بالمناظر الخلابة، لكن ليس هناك الكثير لفعله و أقل من ذلك لرؤيته. هناك بعض الخنادق لاستكشافها هنا و هناك لكن لا تختلف كثيرا و بالكاد تقدم ألغازا أو اختلافا في طريقة عبورها. هناك أيضا عدد جيد من الـمهمات الجانبية لكن كثيرا منها لا يتعدى كونها filler رغم أن بعضها ممتع مثل مهمات أراضي الصيد. هناك أيضا بعض عناصر القفز و التسلق هنا و هناك لكنها كانت مزعجة جدا خصوصا عندما لا يكون من الواضح أين من أين من المفترض أن تتسلق أو عندما لا تقفز Aloy بالشكل الصحيح و تسقط إلى حتفها، أمر سيحدث لك أكثر من مرة بالتأكيد.
أكثر ما ستلتقي في اللعبة هو وحوشها الضخمة المستوحاة من حيوانات حقيقية، من ثيران و تماسيح و سرطانات و حتى ديناصورات. كل منها لديه نوعا طريقة للقضاء عليه و نقاط ضعف. تصاميم هذه الوحوش جميلة جدا و ستستمع برؤية قطعها الميكانيكية ذات التفاصيل الدقيقة تسقط منها كلما هاجمتها. قتال هذه الوحوش ممتاز و الذكاء الاصطناعي يجعل التجربة أكثر تحديا، ففي كثير من الأحيان قد تخسر بمواجهة بعض من أضعف الوحوش إن لم تكن حذرا. نظام القتال في اللعبة يلمع خصوصا مع نظام القوس و السهم الذي تركز عليه بشكل رئيسي، فمن الممتع جدا إطلاق سهم ليصيب نقطة الضعف بشكل دقيق. إضافة إلى القوس، يمكنك أيضا استعمال أدوات أخرى مثل المقلاع ذي القنابل التي يمكنها أن تسبب Status effects متعددة، أو حبالا تغرس في الأرض لتشل حركة الوحش أو تفجره، هناك أيضا قاذف الحبال المفيد جدا و الذي يمكنك من ربطها بالأرض و منعها من الحركة لوقت قصير.
كل فئة من الأسلحة تنقسم لفئات أصغر، فمثلا بالنسبة للقوس، ستجد واحدا للمسافات البعيدة لكن مع أذى قليل، و آخر يغطي مسافة أقل لكن يمكنه إحداث ضرر أكبر مما يدخل نوعا من الاستراتيجية و تعدد الخيارات بما يناسب أسلوبك. تجدر الإشارة أيضا إلى أنه يمكن القتال عن قرب باستخدام رمح خاص، لكنه ثانوي جدا و لن تجد نفسك تستعمله إلا لإحداث بعض الضرر عندما يشل الوحش. الكاميرا في اللعبة جيدة جدا لكنها في بعض المعارك الحامية في الأماكن الضيقة تقف ضدك لأنها قريبة جدا ما يجعلك غير قادر على رؤية العقبات أمامك عند القيام بتفادي الهجمات. هناك أيضا معارك ضد البشر، ربما لم تكن بنفس القدر من الحماسة مقارنة مع الديناصورات الآلية لكنها قدمت قدرا من المتعة عند القيام بالتسلل للمخيمات و تحييد.
اللعبة تقدم نظاما آخر لقتال الوحوش، و هو الـOverriding الذي يجعلك قادرا على السيطرة عليها بعد اكتمال مجموعة من الشروط. حسنا، رغم أنها على الورق فكرة ممتازة، لكن تطبيقها متوسط جدا، نعم يمكنك السيطرة على الوحوش من أصغرها إلى أكثرها شراسة و هيبة، لكن ما يحدث بعد ذلك محبط لأن أبعد ما يمكن أن تصل إليه هو أن تتمكن من امتطاء ثلاثة أنواع منها، أما البقية فلا تفعل شيئا إلا مساعدتك في القتال، حتى أنه لا يمكنك أخذها معك إلى معركة أخرى (حسنا سيكون من غير العادل أخذ Thunder Jaw معك في كل معركة، لكن على الأقل يجب أن يكون له نفع أكبر مقابل المجازفة التي أخذتها لجعله في صفك). أعتقد أن هذه النقطة بالذات يمكن تطويرها أكثر و جعلها ذات قيمة أكبر في الـGameplay، كأن تستعملها من أجل فتح معابر سرية أو لحل بعض الألغاز أو غيره.
الآن نأتي إلى الفيل في الغرفة، بعض المشاكل التي تحتاج اللعبة إلى حلها في الجزء الثاني القادم بشكل شبه مؤكد. نظام التخزين أو الـInventory يحاول جعل كل شيء تجمعه ذا قيمة و كل ما تجمعه ستستخدمه بشكل ما، لكن في نفس الوقت لا يمكنك حمل عدد كاف من الأشياء في آن واحد، أذكر بالخصوص جيب الموارد و الذي حتى مع كل تطويراته ستجد نفسك في كثير من الأحيان غير قادر على جمع المزيد من الأشياء، فهناك توجد بقايا الوحوش المفيدة و غير المفيدة، بقايا الحيوانات، أدوات صناعة الأسلحة و غيرها الكثير، و كلها محصورة في فئة واحدة، بينما تجد جيوبا آخرا فارغة تماما و قليلا ما تستعملها. ففي وقت قصير ستبلغ الحد الأقصى ما يجعل الأمر مزعجا جدا خصوصا مع العدد الكبير من الموارد التي تقدمها اللعبة و التي ستحتاجها في أغلب العمليات التي تقوم بها: تريد أن تشتري شيئا ما؟ حسنا ادفع مئة قطة نقدية و عين Strider و قلب Sawtooth معها، تريد تطوير جيب الأسهم لحمل عدد أكبر؟ بعض العيدان المنتشرة في كل مكان و عظم فأرة عليك بصيد عشرة منها لتكون لديك فرصة للحصول على واحد. الأمر مزعج، خصوصا و أنك في عدد من المرات ستلغي ما كنت ستفعله سواء كانت عملية شراء أو غيرها فقط لأنه ليس لديك الشيء المناسب. ما أتمناه هو أن يجعلوا نظام التخزين أكبر أو أن يكون هناك صندوق في مكان ما في العالم كبيتك بخزان لا محدود كما تفعل سلسلة The Elder Scrolls مثلا.
شيء آخر أتمنى أن يتغير هو أن Aloy في كل مرة تريد أن تلتقط شيئا عليها أن تتوقف عن الحركة، تنحني للأمام، تلتقط الشيء ثم تكمل، ربما الأمر ليس بذلك السوء في البداية، لكن بعد فترة تصبح مزعجة، خصوصا عند رغبتك في التقاط عدد كبير من الأعشاب الطبية بينما تجري أو تركب الثور. الصوتيات في اللعبة جيدة، التمثيل الصوتي ممتاز و أصوات البيئة و الآلات تجعلك تعيش التجربة بشكل أفضل، لكن الموسيقى متوسطة جدا، فبعد مغامرتي التي دامت قرابة الخمس و ثلاثين ساعة، لا أجد نفسي أتذكر و لا حتى استمتعت إلا باللحن الرئيسي للعبة بينما الباقي كان عاديا جدا و لا شيء ستتذكره أو يعلق بذهنك.
كعنوان جديد تماما و من فريق ليست لديه خلفية كبيرة خارج سلسلة Killzone تمكن فريق Guerilla Games من تقديم تجربة ذات طراز رفيع، لعبة ممتعة، جميلة المظهر، و ذات قصة جذابة. لكن الفريق بحاجة لأن يقوم ببعض المخاطرة و يحاول تقديم أفكار أكثر، عالم أكثر حيوية و غنى و أن يهتم أكثر بالموسيقى. التسلق و نظام التخزين كانا سيئين و يحتاجان المزيد من العمل، لكن رغم هذا تبقى Horizon Zero Dawn تجربة تستحق اللعب و حصرية مميزة أخرى على جهاز الـPlaystation 4.
Horizon Zero Dawn: 8.7/10