ظهروا فجأة، تلك الروبوتات القاتلة، ظهرت من العدم و بدأت في حصد الأرواح البشرية يُمنة و يُسرة. وسط الحُطام تأتي تلك الفتاة ذات الشعر الأبيض و هي تبحث عن هدفٍ واحدٍ: تلك السجينة، من أجل تحريرها. رحبوا معنا بلعبة Giga Wrecker Alt، أحدث ألعاب فريق التطوير Game Freak الواقف وراء سلسلة Pokemon في آخر ألعابه العجائبية.
يعمل فريق التطوير Game Freak بين فترة و أخرى على مشاريع إبداعية منفصلة عن سلسلة ألعاب Pokemon الشهيرة و ذلك للحفاظ على الجانب الإبداعي لدى فريق التطوير و الابتعاد عن التكرار بالنسبة للموظفين، لعبة Giga Wrecker Alt هي نتاج أحد هذه المشاريع الإبداعية للشركة و قد بدأت على Steam كلعبة وصول مُبكّر و ها هي ذي على وشك الصدور لجميع الأجهزة المنزلية.
Giga Wrecker Alt هي لعبة مغامرة ثنائية الأبعاد تُركز على استكشاف مراحل مترابطة على غرار ألعاب المترويدفينيا، إلا أنها أكثر خطية من ألعاب المترويدفينيا. السبيل الأساسي للتقدم هو حل الألغاز التي تعتمد على نظام فيزيائي خاص باللعبة، و قتال الأعداء و التغلب على الزعماء. اللعبة بدت لنا كخليطٍ عجيب من الأفكار و الأعمال البارزة في اليابان، فكرة الغزو من الآليات و فتكها بالبشر تبدو لنا كخليط بين Attack on Titan و سلسلة الروايات المرئية Muv Luv، و حتى أن ريكا تبدو لنا كنسخة أنثوية من شخصية “إيرين يغر” بغضبها و رغبتها في تدمير هذه الآليات. هذا يبدو غريباً حقاً و غير مألوف لشركة اشتُهرت بألعاب البوكيمون المختلفة كلياً.
Giga Wrecker Alt هي لعبة مبتكرة و بحق لم نجرب لها شبيهاً من قبل، بطلة اللعبة هي “ريكا ريكيجي” الفتاة التي تبلغ 19 عاماً، ريكا هاربة من غزو الآلات المُفاجىء للأرض و تحاول النجاة في هذا العالم الذي أصبح مليئاً بالحُطام و الدمار و الموت. بعد حادثة في بداية اللعبة تكتسب ريكا القدرة على مواجهة هذه الروبوتات و تبدأ المغامرة. القدرة الأساسية في اللعبة هي إمكانية جذب الحطام إلى ريكا و استخدام هذا الحُطام للتغلب على الأعداء أو لحل الألغاز الفيزيائية.
الألغاز في اللعبة تعتمد على كيفية تجاوز العوائق باستخدام الحطام، على الغالب سيقوم اللاعب بتحطيم شيء ما و صنع طريق للوصول إلى المكان الآخر، الألغاز هي نقطة القوة الأبرز للعبة فهي متنوعة للغاية، كما أنها تحصل على أفكار جديدة في كل منطقة مما يُبعد عنها الرتابة و التكرار. هناك زر في اللعبة لتوجيه الضربات و زرّ لجذب الحطام إلى شخصية ريكا، و مع الوقت ستكتسب ريكا قدرات إضافية للتلاعب بهذا الحطام مثل تحويله إلى مكعّب يُمكن القفز عليه للوصول إلى أماكن مرتفعة، أو تحويله إلى سيف يُمكن له قطع الأشياء و تحريكها بصورة مختلفة عن الضربات الاعتيادية. في حال أخفق اللاعب يُمكن له التوجه إعادة المحاولة و إعادة كل ما قام بتحطيمه على هيئته الأصلية.
جانب القتال في اللعبة هو جانب بسيط نسبياً، هناك عدة فئات من الآليات كل فئة تتطلب تجميع المزيد من الحطام للقضاء عليها، اللعبة لا تقدم الكثير من التحدي على هذا الصعيد و في المعتاد تكفي ضربة واحدة للقضاء على الآليات، إلا أن هناك مجموعة من المعارك المتنوعة من الزعماء و التي تستفيد من ميكانيكيات اللعب بطرق مختلفة.
اللعبة توفر قيمة كبيرة للاعب فهي طويلة إلى حدٍ ما و ستستغرق 10-15 ساعة لإنهائها و أكثر من ذلك في حال رغب اللاعب باستكشاف كل شيء في اللعبة، و هناك شجرة مهارات محدودة نسبياً يُمكن لها زيادة عداد الطاقة لشخصية ريكا و اكتساب بعض المهارات غير الجوهرية لإكمال اللعبة. هذا لا يعني أن اللعبة خالية من المنغصات و على سبيل المثال فإن نقاط الحفظ و التخزين متباعدة و هذا مزعج حقاً! و لعلّ ما ساعدنا هو سهولة وضع جهاز Switch في وضعية الاستراحة و العودة إلى اللعب مُجدداً في أوقاتٍ لاحقة. أوقات التحميل كثيرة و مزعجة بعض الشيء و ربما يعود ذلك إلى استعمال مُحرك اليونيتي الذي يستهلك الكثير من الموارد.
النقطة الأخيرة التي أثارت إزعاجنا، و هي نقطة تتعلق بقرار تصميمي بحت، هي عدم قدرة اللاعب على نقل الحطام الذي يجمعه من منطقة إلى أخرى، نحن نتفهم أن ألغاز اللعبة تم تصميمها كلياً بناءً على وزنية كمية الحطام في كل منطقة على حدة، لكن هذا قلل من الشعور بالإبداع و الحرية في طريقة حلّ الألغاز في منظورنا.
لننتقل قليلاً للحديث عن القصة، من الأفضل تجنّب الحرق لكن اللعبة تبذل مجهوداً كبيراً لسرد القصة و من المُمكن القول بأن اللعبة ترتكز على السرد القصصي بنفس المقدار الذي تستند فيه على طريقة اللعب. هناك بناء مستمر لعالم اللعبة، و هناك محاولة بارزة لجعل هذا العالم قابلاً للتصديق و بناء شخصيات تُعاني من كارثة غزو الروبوتات بطرق مختلفة و لديها أهدافها الخاصة، إلا أن هناك طابعا فكاهيا في المحادثات يهدفُ إلى التقليل من حدة الأجواء. لا نستطيع القول أن القصة تجديدية أو متألقة على صعيد السرد و الكتابة إلا أنها تفي بالغرض و تُحافظ على عنصر التسلية طوال التجربة.
تمتلك اللعبة طرازاً فنياً جميلاً من الرسوم و الخلفيات التي تبدو و كأنها مصبوغة بالألوان المائية، و هناك فلتر رسومي فوقها يهدف إلى تضبيب الخلفيات بعض الشيء و منحها ذاك الطابع الذي يُعطيه إحساس العالم المُدمر المليء بالغبار و الركام، إلا أن الرسوم قد تبدو مزدحمة أكثر من اللازم مع كثرة التفاصيل، أما الموسيقى في اللعبة فهي من ألحان البارع “شينجي هوسوي” مُلحن سلسلة Zero Escape، و قد نجح في خلق شخصية خاصة لهذه اللعبة بألحان بيانو و أخرى إلكترونية تناسب الأجواء الصناعية لبعض الأماكن، الغريب أن الأسلوب الموسيقي يتشابه كثيراً مع سلسلة Danganronpa التي تُنتجها شركة Spike Chunsoft، و هي ألحان تمنح طابع الأمل و التفاؤل رغم الدمار الذي أحاق بعالم اللعبة.
في الأجيال التي سبقت ازدهار الألعاب المستقلة كنا نحصل على ألعاب مثل Giga Wrecker بالسعر الكامل على الأجهزة المحمولة، و كانت تباع بنسخ فيزيائيةٍ في المتاجر و تتحول إلى سلاسل مستقلة لها جماهير و مُعجبين، إلا أن المنافسة مع المطوّر المستقل باتت ثقيلة حقاً، و أصبح هناك عدد هائل من الألعاب ثنائية الأبعاد التي تتنافس على نقود اللاعبين، و في ظل هذا التنافس حتى فريق بحجم Game Freak قد لا ينجح تماماً في جذب اهتمام اللاعبين.
هذه اللعبة تمتلك شخصيةً خاصة، و هي وجبة متكاملة الدسم رغم بعض المنغصات، هناك ما يكفي من القصة و السرد القصصي لتحفيز اللاعب على المواصلة و اكتشاف أسرارها، كما أن ألغاز اللعبة تزداد تنوعاً و تتصاعد في المستوى و التحدي مع التقدم في اللعبة، و لا تفتقد اللعبة إلى القيمة العمرية مع 5 مناطق جيدة الحجم و قابلة للاستكشاف و طريقة لعب فريدة من نوعها تعتمد على محرك فيزيائي خاص باللعبة، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه في نهاية المطاف: هل يكفي هذا وسط أكوام و أكوام من الألعاب المستقلّة على مختلف المتاجر الرقمية؟ من الصعب الجزم بذلك إلا أن اللعبة مناسبة لعشاق الألعاب ذات الطابع الياباني على وجه الخصوص.
قام الناشر بتزويدنا بنسخة المراجعة قبل صدور اللعبة في الأسواق.