سأطرح عليكم سؤالا: حصلنا مؤخرا على عنوانٍ متواضع بشعبية محدودة واستقبال ضعيف إعلاميا بمختلف أجزاءه فماذا يسعنا نفعل به؟ (أ: حاولوا تحسينه بشتى الطرق وقوموا بإعادة إصداره.) (ب: انسوا أمره وطوّروا عنواناً جديدا فلن يرغب أحدٌ بتذكره على أيّة حال.) حسناً، بما أن هذين الجوابين يبدوان منطقيّين وقرارين حكيمين سيتخذهما أيّ شخص مع قليل من التفكير بعقلانية فنحن لن نطبّق أيًّا منهما! إليكم الخطّة: سنحافظ على مستواه المعتاد وبلا أيّ تشهير أو ضجة إعلامية سنطلقه في فترة لن يلتفت فيها أيُّ شخصٍ إليه، والآن ألا يبدو هذا عبقريا بشكل لا يوصف؟!
دعوني أعرفكم على Monster Jam! سلسلة سباق واستعراض الشاحنات المبنية على برنامج تلفازي يحمل الاسم ذاته وهي أحد العناوين التي ظلت تنتقل بين عدة شركات نشر وفرق تطوير بنتيجة متشابهة على الدوام إلى أن انتقلت إلى أحضان العملاق حديث الولادة TQH Nordic وقد كنت من القلائل الذين أتيحت لهم فرصة تجربة أحد الأجزاء التي صدرت في الجيل الماضي ولا يسعني القول أنها كانت تجربة حميدة إطلاقاً لذا لا يمكنني القول أنني أشعر بالصدمة مما رأيته هنا لكن هذا لا يعني أنني سأتعامل معه بتساهل على الإطلاق.
الحقيقة أن نظرة سريعة على مظهر اللعبة كفيلة بمنحك انطباعا جيّداً عن مقدار الجهد المبذول داخلها فلا أبالغ مطلقا حين أقول أنّني قمت بتجربة ألعاب صدرت منذ عقد مضى بمستوى تقني أفضل منها، وبالحديث عن ميكانيكية التحكم فلا وجود لكثير مما يقال هنا سوى أنك تقود شاحنات ضخمة بقيادة أقل من عادية وبفيزيائية مكسورة حيث أنني كنت أتسائل تارة إن كان ما أقوده مصنوعا من الورق أو ما شابه (هل ذكرت أن الجماهير هنا ورقية كذلك؟) حيث أن هذه الشاحنات السمينة تنقلب بذات سهولة و سرعة حصولك على الميتة الأولى في ألعاب FromSoftware وبشكل مزعج جداً! وتارة ما إن كانت بلبلاً على شكل شاحنة حيث أن الاصطدام هنا كثيرا ما كان يجعلها تدور بسرعة جنونية حول نفسها وبشكل دفعني للانفجار ضاحكا ممّا رأيت.
تقدم اللعبة مجموعة من الأطوار التي يجتمع فيها عامل رئيسي أوحد و هو الملل، و لنبدأ بالحديث عن الأطوار المخصصة للسباق: Head to head حيث تنافس فيه خصما واحدا (لن يظهر إلا في حال تخطيته بدورة كاملة أو العكس لسبب ما) في سباق سريع يتراوح ما بين نصف الدقيقة والدقيقة ويقدم لك 19 عشر مضمارا “مختلفا” وحين أقول “مختلفا” فهذا يعني أن بإمكانك الاختيار فيما بينها فحسب لأن معظم هذه المضامير متشابهة جدا إلا قلة منها ولا يقتصر الأمر على هذا فحسب فتصاميمها مملة وباهتة وتخلو من أيّ ابتكار، Circuit Racing وهو السباق التقليدي والذي يدور بينك وبين خمس متسابقين آخرين و هو لا يحوي سوى مضمارين بالمناسبة، طور Rhythm والذي لا أرى مبررا لوجوده حيث أنه عبارة عن ذات الطور السابق بأحد مضماريه مقسما لعدة أجزاء! و أخيرا و ليس آخراً طور waypoint الذي لا مسار معين فيه و عليك التنقل بين نقاط معينة ضد مجموعة من المنافسين وحقيقة فقد يكون هذا الطور هو الأقل مللاً من بين جميع الأطوار السابقة و لكن عليك أن تتجهز لانقلاب عربتك فيه أكثر من غيره!
ننتقل للأطوار الاستعراضية ونبدأ بـFreestyle الذي يتطلب منك تنفيذ عدة حركات استعراضية في غضون دقيقتين كالشقلبة أو الدوران أو السير على عجلتين وغيرها وإن قمت بتنفيذها تباعا بأسلوب الكومبو فسيمنحك هذا نقاطا أعلى، Two wheels skill هو ذاته الطور السابق ولكن يسمح لك بتنفيذ سلسلتي كومبو فحسب باستخدام إحدى حركات السير على عجلتين مرة على الأقل وبلا وقت معين لإنهائها، انتقالا لـTimed destruction الذي سيحتم عليك تحطيم أكبر قدر من الصناديق الخشبية والسيارات الصغيرة البائسة في غضون دقيقتين فقط وأخيرا طور Freeride الذي يتيح لك التجول في خرائط الأطوار السابقة وتنفيذ الحركات الاستعراضية كما تشاء، ممتعٌ جداًّ، صحيح؟
اللعبة توفر عددا لا بأس به من المركبات التي لا تختلف في قدراتها إطلاقا بل في تصميمها فحسب ولنقل ملصقاتها أو تصميمها الخارجي إذ أن المركبات تتشابه بشكل شبه كامل في هيكلها وتعقيبا على هذا الأمر فلعل الأمر الوحيد الذي أثار إعجابي هنا هو أن هذه التصاميم تبدو جذابة بحق! بإمكانك تطوير المركبات أو فتحها بالنقاط التي ستجمعها بخوضك للسباقات وفوزك بها ولم يأخذ مني تطوير مركبتي بشكل كامل وقتا يذكر وعلى كل حال فهذه اللعبة لا تمتلك محتوىً يستحق الذكر أصلاً وما أثار استهجاني أنّه لدى زيارتي للموقع الرسمي للعبة فإنها ذكرت في أحد مميزاتها أنها تمتلك عالما مفتوحا ضخما! حسنا إنها تمتلك عالما مفتوحا وهذا أكيد ولكن هناك مشكلتان رئيسيّتان وهو أن هذا العالم ليس ضخماً كيفما نظرت إليه وتاليا فإنه لا وجود لأي شيء يمكنك القيام به فعليًّا سوى جمع المثلثات المقلوبة الموزعة عشوائيا داخله لا غير!
بالإضافة لكل ما سبق فهذه اللعبة ليست نظيفة من الأخطاء التقنية ولنبدأ بمسألة الخروج عن المضمار حيث أن الحلبات لا تمتلك حدودا حقيقية و إنما وهمية محددة بأسهم صفراء (تظهر بالكاد أحيانا) إن خرجت عنها فستعيدك إجباريا إلى الحلبة من جديد إلاّ إن عدت إلى مسار المضمار من تلقاء نفسك، حسنا هذا ما يفترض به أن يكون الأمر عليه إلا أنه لا يحدث دائما فقد كنت كثيرا ما أخرج عن المضمار قليلا لأعود إليه بسرعة ومع هذا تبقى رسالة التنبيه قائلة بأنني لا زلت خارج المضمار وينتهي الأمر بعودتي إلى الخلف، كما أن اللعبة تتيح لك عدًّا تنازليّا بمقدار خمس ثوان في حالة قلبت شاحنتك ولم تستطع إعادتها على عجلاتها (وهو أمر سيحدث لكم كثيرا) إلا أن هذا العداد لا يظهر أحيانا بلا أيّ سبب ولكن لحسن الحظ بإمكانك إعادة العربة من جديد يدويا، وأخيرا فإن زوايا الكاميرا تصبح مزعجة في بعض المناطق.
لا وجود لطور اللعب الجماعي على الشبكة ممّا يجعل هذه التجربة أكثر فقراً مما هي عليه بالفعل من ناحية المحتوى وعلى الرغم من أنّها تقدم طور الـCo-op أو انقسام الشاشة للعب مع إلا أنه لا يساعد كثيرا على منحك أيّ قدر من المتعة بالأطوار المملة المتواجدة هنا، لكن لم تعد الكثير من الألعاب تقدم هذا الطور في هذا الوقت لذا فلنمنح ضيفتنا بعض التصفيق على هذه المحاولة اللّطيفة، الحقيقة أنه من الجميل أن نرى العناوين مهما كانت شعبيتها منخفضة وهي تستمر بالصدور رغم كل الظروف القاهرة لكن إن لم تكن هنالك أيّ نية لتحسين هذه السلسلة فأنا أفضّل أن يتوقف مطوروها عما يقومون به فورا وأن يبحثوا أمر أكثر فائدة ليضعوا جهودهم المضنية فيها.
تمت مراجعة هذه اللعبة بنسخة البلايستيشن 4 والتي تم توفيرها من قبل الناشر قبل صدور اللعبة في الأسواق.