سلسلة ألعاب تقمص الأدوار اليابانية Neptunia توشك على أن تحتفل بمرور 10 أعوام على إصدارها، هذه المرة تحصل السلسلة على لعبة ثنائية الأبعاد بالكامل يعمل عليها للمرة الأولى في تاريخها فريق تطوير من خارج اليابان. بطلتنا الذاتية و الشرهة للطعام Neptune تستيقظ و هي فاقدة للذاكرة في هذا العالم الغريب و ها نحن نقفز للمغامرة معها و للدفاع عن الألعاب ثلاثية الأبعاد!
بدأت سلسلة Neptunia في الصدور للمرة الأولى على جهاز سوني المنزلي Playstation 3، و منذ ذلك الحين و هي تحظى بقاعدة صغيرة من المُخلصين الأوفياء مكّنتها من الاستمرار هذه السنوات، هذا الإصدار يأتي بالتعاون مع فريق التطوير الكندي Artisan و بأبعاد ثنائية على العكس مما هو معتاد في السلسلة سابقاً، و في الحقيقة فإن هذه اللعبة هي التجربة الأولى لي مع هذه السلسلة و لذلك فإن المراجعة ستكون خالية من المقارنات مع الأجزاء السابقة.
لمن لا يعرف هذه السلسلة فإن Neptunia هي ألعاب تقمص أدوار تحمل في طياتها محاكاة ساخرة (parody) لعالم الألعاب الفيديو. أنت لم تتوقع هذا أليس كذلك عزيزي القارىء؟ و حتى أن عالم اللعبة يحمل الاسم Gamesindustri و هو مقسم إلى عدة مناطق تُشير إلى أجهزة ألعاب مختلفة، و على سبيل المثال فإن مدينة Lastation يُقصد بها البلايستيشن، أما Lowee فهي تُشير إلى جهاز ننتندو الوي. حتى على صعيد الشخصيات، فإن بطلة اللعبة Neptune تحمل ذات الاسم لجهاز سيغا الملغي Sega Neptune، و الذي كانت تعتزم الشركة إطلاقه قبل الساتورن. هذه اللعبة مليئة في جنباتها بعشرات و عشرات التلميحات لألعاب الفيديو اليابانية و بالذات ألعاب تقمص الأدوار الأخرى، كما أنها تسخر باستمرار من تكرار بعض الأفكار و النماذج القصصية في هذه الألعاب مثل فقدان الذاكرة.
في البداية نودُ أن نُشير إلى أن هذه اللعبة هي حتماً ليست للجميع، Super Neptunia RPG هي لعبة تتطلب ذوقاً خاصاً و نوعية محددة للغاية من اللاعبين ليستمتعوا بها، و بالتحديد الجمهور المُحب و المُتابع بغزارة للميديا اليابانية و مسلسلات الأنمي و الذي يعرف جيداً أنواع الشخصيات في هذه الأعمال و سماتها، و بدون ذلك من الصعب الاستمتاع بما تقدمه هذه اللعبة. قصة اللعبة كانت بطيئة حقاً في بدايتها، تستيقظ نيبتون في نسخة غريبة من عالم Gamesindustri بالأبعاد الثنائية، في هذا العالم تقوم منظمة (بومبيكس موري) بإجبار السكان على دفع الضرائب، و هذه الضرائب ليست إلا ألعاباً ثنائية الأبعاد! نعم اللعبة تستفيد بصورة جميلة من كونها لعبة ثنائية الأبعاد لتطرح هذه القضية للنقاش و مفهوم رفض بعض اللاعبين للتطور و التجديد في ألعاب الفيديو. هذا هو الحال مع منظمة “بومبيكس موري” التي تُعادي الألعاب ثلاثية الأبعاد بصورة تامة.
على أية حال و كما أسلفنا الذكر فإن القصة بطيئة في بداياتها، لا يوجد أي بناء حقيقي لعالم اللعبة و لا حوارات فعالة مع الشخصيات غير قابلة للعب (npcs)، هذه اللعبة ليست بالعنوان الذي تشتريه من أجل القصة أو السرد القصصي في واقع الأمر، و من جديد فنحن نُحذر من كون مادة اللعبة غير مناسبة أو مفهومة بصورة حقيقية إلا للاعبين الذين يستهلكون الميديا اليابانية بشراهة، و إن لم تكن من هؤلاء اللاعبين عزيزي القارىء فعليك أن تبحث عن رغباتك الدفينة في ألعاب الأدوار في أماكن أخرى.
دعونا نتحدث عن طريقة اللعب، مع التحول إلى الأبعاد الثنائية تحصل هذه اللعب على عناصر من ألعاب المنصات مثل إمكانية القفز و مع الوقت ستحصل نيبتون على المزيد من المزايا مثل القفز بصورة أعلى للوصول إلى أماكن لم تكن ممكنة في السابق، هناك كهوف في اللعبة (dungeons) بتصميم بسيط خالي من التعقيد و خريطة يُمكن مشاهدتها في أي وقت، كما تدعم اللعبة خاصية التنقل السريع بين الأماكن عند نقاط الحفظ، إلا أن عداد الصحة لا يمتلىء تلقائياً بعد نهاية المعارك و سيكون عليك التوجه إلى أقرب حانة و النوم لاستعادة الصحة كما هو الحال في ألعاب تقمص الأدوار الكلاسيكية.
أما طريقة القتال فهي أكثر ما حاز على إعجابنا في هذه اللعبة و هي السبب الأساسي في التقييم الجيد لها. طريقة القتال مُشابهة بعض الشيء للعبة Final Fantasy XIII، حيث أن هناك Roles للشخصيات يُمكن تغييرها، النظام يحمل الاسم Formations أو التشكيلات في هذه اللعبة، بإمكان اللاعب أن يُخصص مهارات مختلفة لكل شخصية حسب الFormation، على سبيل المثال: هجمة فيزيائية في الFormation الهجومي، و Cure أو العلاج في الFormation العلاجي، و هكذا.
ليست القدرات فقط ما يتغير عند تغيير التشكيل بل تتغير أيضاً مواقع الشخصيات على ساحة المعركة، و الشخصية في الأمام تتعرض لضربات الأعداء بصورة أكبر من الشخصية في الخلف. الهدف الأساسي سيكون ضرب نقاط ضعف الأعداء و هي غالباً نقاط ضعف مرتبطة بالعناصر مثل النار أو الجليد، ضرب نقاط الضعف سيؤدي إلى زيادة عدد الأدوار التي يحصل عليها اللاعب، كما تُقدم اللعبة عداداً يُمكن اللاعب من تنفيذ الضربات الخاصة عند امتلائه. تُقدم اللعبة تحدياً جيداً في المعارك خاصة مع مهمات الصيد (hunts) كتلك التي تواجدت في ألعاب فاينل فانتسي 12 و فاينل فانتسي 13، كما تقدم تشكيلة كبيرة من القدرات و المهارات المتنوعة التي تجعل المعارك ممتعة و تسمح للاعب بتخصيص شخصياته بطريقة اللعب التي تناسبه.
و فيما يتعلق بالقدرات و المهارات الموجودة في اللعبة، بإمكان اللاعب أن يستخدم مهارات قتالية يتعلمها من السلاح الذي يقوم باستعماله، هناك عدد معين من النقاط ينبغي الوصول إليها و عندما يتحقق ذلك سيكون بإمكان اللاعب أن يستعمل القدرة حتى لو قام بتغيير السلاح، أما المهارات فهي مرتبطة بالإكسسوارات و يتم تعلمها بذات الطريقة، و هو أسلوب مشابه كثيراً لما قدمته ألعاب تقمص أدوار في الماضي مثل فاينل فانتسي 9. المهارات التي يتعلمها اللاعب من الاكسسوارات كثيرة جداً و هي تتضمن مقاومة العناصر، و المهارة التي وجدت نفسي أميل لاستخدامها كثيراً Auto Regen (تقوم بزيادة عداد الصحة بصورة متواصلة في المعارك).
نعم هذه اللعبة صلبة و ممتعة للغاية فيما يتعلق بنظام القتال و هي ليست سهلة أيضاً و تتطلب من اللاعب دراية جيدة بألعاب تقمص الأدوار و قد لا تكون مناسبة تماماً للمُستجدين على هذا النوع من الألعاب، خاصة و أن المال في اللعبة شحيح و من الصعب شراء كل شيء دون قضاء الوقت للتدرب و إنجاز المهمات الجانبية و صيد الوحوش بالإضافة إلى بيع الأشياء (loots) و هذا لم يرق لنا كثيراً.
هناك سبب آخر يدعو للإعجاب بهذه اللعبة بجانب نظام القتال المميز: هذه اللعبة هي بحق آية في الجمال البصري مع الخلفيات المُدهشة بالأبعاد الثنائية و المليئة بالألوان و المناظر الخلابة، البتلات تتساقط ببهاء في Westwind Valley أما Lowee الثلجية فهي مليئة بالكرات القطنية البيضاء، نحن من مُحبي الطرز الفنية المميزة في ألعاب الفيديو و هذه اللعبة تبدو كلوحة فنية مرسومة بريشة فنان بارع. حسناً يؤسفنا مع ذلك أن نؤكد أن نسخة الننتندو سويتش من اللعبة (تم تطويرها بمحرك Unity) تعاني من تباطؤ في معدل الإطارات، و في وقت الإصدار كانت تعاني أيضاً من مشكلة في الاستجابة (input lag) تم تحسينها عن طريق تحديث. التباطؤ و ثقل الحركة مزعج للغاية، و لذلك فنحن ننصحكم إن تتجنبوا نسخة السويتش من اللعبة و تتجهوا إلى الأجهزة الأخرى (البلايستيشن4 و الحاسب الشخصي)، و على أية حال فسنقوم بتحديث هذه المراجعة لو تم تحسين هذه المشاكل.
أما على صعيد الجانب الصوتي في اللعبة فإن المستوى الموسيقي جيد و قد أعجبتنا الألحان الجادة التي تم استخادمها للمعارك، الألبوم متنوع فمنطقة الغابة تحمل ذاك الإحساس الحالم أو الساحر أما مدينة Lowee فهي تحمل معها موسيقى بطابع آسيوي تقليدي للغاية، أما التمثيل الصوتي فهو باللغة اليابانية فحسب و كما هو معتاد فإن اليابان تبرع كثيراً في الأداء الصوتي و تتألق جميع الشخصيات في جودة التمثيل كما تظهر براعة المؤديات في اقتباس شخصيات اللعبة الأساسية بصورة تامة.
كتجربة أولى لنا مع هذه السلسلة نحن نشعر بالرضى عن مستواها كلعبة تقمص أدوار صلبة بنظام قتالي مميز و توجه فني جميل، إلا أن اللعبة ليست مناسبة لجميع الأذواق، هذا بخلاف البداية البطيئة التي تجعلك تشعر بأنك تلعب بلا هدف، كما أن اللعبة تعاني من محدوديات و من الواضح أنها مُصممة بميزانية ليست بالكبيرة رغم السعر المرتفع نسبياً. التباطؤ و عدم السلاسة في الحركة تجعلنا ننصح بالنسخ الأخرى من اللعبة على حساب نسخة الننتندو سويتش التي لا تُقدم أداءً مثالياً
قام الناشر بتوفير نسخة المراجعة من اللعبة.