إنه لجيل رائع حقّا هذا الذي شهدناه وما نزال نشهده بصحبة الأجهزة المنزلية! جيل حمل معه تنوعا ليس بغريب في ظلّ بزوغ فجر المطورين المستقلّين وسعيهم الدائم لتقديم التجارب المبتكرة في محاولة لتحقيق نجاح وإن كان باليسير في ظل هيمنة كبرى الشركات على هذه الصناعة، بالطبع لم تكن جميع تلك المساعي ذات نهاية سعيدة سواءٌ كانت نقدية أم تجارية و ما أكثر أسباب الفشل التي لا يمكن أن تعدّها أو تحصرها في نطاق محدود ولكننا اليوم ولحسن حظي الشديد فسنتحدّث عن قصة نجاح ربما لم تسمعوا بها من قبل ولكن هذا يعدّ سبباً أكثر من كافٍ ليكون ما سأكتبه عنها ذا معنىً حقيقي، إنها تجربة لا يمكنني القول سوى أنها قد صنعت بشغف حقيقي! اسمها Wargroove، و من دون أطيل الكلام أكثر، دعوني أحدثكم عنها:
حكايتنا تبدأ في عالم من العصور الوسطى يسمى Aurania وكما هو الحال مع أي عالم قادم من هذه الحقبة فستجد هنا الفرسان والسحرة والتنانين وغيرهم، وننطلق تحديدا من مملكة Cherrystone المسالمة والتي يحكمها ملكها العادل والمحب لشعبه Mercival (لنتغاضى عن حقيقة عيشه في قصر مترف محاطا بالحرس والخدم من كل حدب وصوب في حين يعيش شعبه نقيض ذلك تماما) نعم، إنه حاكم خيّر بلا شك ولكننا نعلم تماما أنه حيثما وجد الخير فإن براثن الشر دوما ما تجد طريقها نحوه، هكذا تمتد يد الغدر نحو الملك لتزهق روحه لتصبح مسؤولية حماية المملكة على عاتق ابنته الشابة الأميرة Mercia التي لم تلبث وتنه الحداد على والدها حتى تفاجأ بغزو جيش Felheim لمملكتها وسيتحتم عليها مواجهة هذا التهديد الكبير، حسنا سأتوقف عند هذا الحد و أبدأ بالحديث عن مجمل القصة و التي إن كانت ضالتك من التواجد هنا فأنت لست في المكان المناسب إطلاقاً، قصة Wargroove هي من ذاك النوع البسيط الذي يمكنك العثور على كثير منه في أي زقاق تحت كل صخرة و داخل أي منزل كان.
دعوني أؤكد لكم أنه لا مشكلة لدي في ذلك بتاتاً فالبساطة ليست عيبا أبداً بل إنها تملك سحرها الخاص حتماً إلاّ أنّ أحداث القصة ذاتها مثيرة للضجر بشكل كبير وبسير أحداث غير مقنع بتاتا حيث أن كثيرا من المعارك التي كانت تحدث في القصة مبنية على سوء الفهم بالكامل! كما أن الشخصيات لم تساعد على جعل خوض القصة أقل مللا فهي لم تكن تقل ضجرا عن الأحداث… ربما يكون رأياً شخصيا فحسب ويمكنكم اعتباره محض تعليق جانبي من قبلي لكنني لم أتقبل الكثير من تصاميم الشخصيات هنا وخاصة Mercia و Ragna اللتين كنت واثقا من كونهما رجالا قبل سماعي لصوتيهما!
تمهلوا رجاء! ربما لم تُكوّنوا انطباعا جيداً بعد قراءة ما سبق لكن دعوني أؤكد لكم أنّ الجزء الجيّد يبدأ من هنا، Wargroove هي تجربة تعاقب أدوار استراتيجية و على الرغم من كونها كذلك إلاّ أنه لا وجود لمستوى للشخصيات لتقوم برفعه وإلى اللاعبين المعتادين على رفع مستويات شخصياتهم لتجاوز المراحل الصعبة في هذا النوع حظًّا طيّباً لكم فستحتاجونه حتما… (لقد احتجته كثيرا في الواقع) على كل سيكون سلاحك الوحيد هنا هو حنكتك في التخطيط و استعمال الاستراتيجية المناسبة في المعركة وهو ما تطبقه اللعبة بذكاء فائق أثار دهشتي حقيقةً، فلكل حركة تقدم عليها تبعات و عواقب جمة و سيكون عليك التفكير مليًّا قبل الإقدام على الخطوة التّالية.
و بالحديث عن نظام اللعب بنظرة أقرب فهو يقدم لك العديد من العناصر التي تلعب دورا هاما في سير المعركة و لنبدأ بالحديث عن التضاريس حيث أن وقوف الوحدة القتالية الخاصة بك في منطقة جبلية أو داخل الغابة سيعزز من دفاعها إلاّ أنه سيحد من تحركاتها كذلك في حين أن وقوفها فوق بحيرة أو على الشاطئ سيضعف دفاعها، الطقس سيلعب دورا هاما كذلك حيث أن الجو العاصف سيحد من تحرك الوحدات والضباب سيكون أحد الأمور التي ستلعب دورا كبيرا في إثارة توترك فهو لا يمنعك من مراقبة تحركات العدو فحسب إلا أنه يمنعك من مهاجمتهم ما لم يكونوا في مجال الرؤية المحدودة جدا داخله حتى وإن كانوا داخل مجال هجمات وحدتك! كدت أنسى الحديث عن عنصر هام داخل نظام اللعب وهو الحالة الصحية لوحداتك القتالية حيث أن الوحدات المصابة تكون ذات فاعلية قليلة في القتال بينما تكون الوحدات السليمة عكس ذلك تماما، لذا عليك الحرص على سلامة جيشك قدر المستطاع.
في حين أنه لا وجود لنظام تطوير الشخصيات فبدؤك للمعركة سيكون مختلفا عمّا هو معتاد حيث أن المعركة عادةً ما ستبدأ بوجود وحداتك القتالية بعدد قليل و محدود في مواقع ليست من اختيارك و هنا يأتي دور المنشئات المختلفة التي تلعب دورا محوريا في سير المعركة و لنبدأ بالحديث عن القرى التي تتميز بإمكانية معالجة جيشك كما ستمدك بالذهب اللازم لإنتاج الوحدات القتالية داخل الثكنات حين السيطرة عليها و علي الإشادة بالتعدد الممتاز الذي تملكه اللعبة من هذه الناحية حيث أن هنالك ما يقارب 20 نوعا منها ما بين الوحدات البرية و البحرية و الجوية المختلفة و المتنوعة في خصائصها و كلما زادت قوة الوحدة زاد الذهب الذي تحتاجه لإخراجها و لننهي حديثنا عن المنشئات بذكر القلاع التي سيكون عليك حمايتها مهما كلف الثمن فإن سقطت فستكون الهزيمة من نصيبك و عليك أن تعلم أن هذه الأحكام لا تقتصر عليك فحسب فخصمك سيمتلك ذات المعوقات والخصائص التي تملكها لذا عليك أن تكون ذكيا بما يكفي لمجاراة تحركاته والنيل منه بالطريقة المثلى.
هناك نقطة أرغب بالتنويه عليها وهي أن نظام تحديد تحركات الأعداء و مدى هجماتهم غير عملي إطلاقا حيث أنه كان يتحتم علي الاستمرار بالضغط عليهم كي أتمكن من تحديد تحركاتهم لكن لم تكن هناك وسيلة كي أبقي على مداهم لمقارنته بمدى وحداتي فكثيرا ما كنت أعود للاستمرار بالضغط على مدى الأعداء مرارا وتكرارا كي أتمكن من تحديد البقعة التي سأضع جنودي بها.
القادة هم الوحدة القتالية الأكثر أهمية داخل المعركة فخسارتهم لا تعني نهايتها فحسب إلا أنهم يعدون الأكثر قوة إضافة لامتلاكهم قدرات خاصة تسمى Groove التي تمتلئ بشكل تلقائي يزيد بمعدّل أعلى مع القتال وتختلف قوة القدرة وسرعة امتلائها من شخصية إلى أخرى فقدرة Mercia مثلا تقوم بعلاج الوحدات المحيطة بها في حين أن Caesar قادر على منح الوحدات المحيطة به دورا ثانيا وهكذا. أحد الأمور التي لفتت انتباهي هنا هي الجودة العالية للذكاء الاصطناعي فتحركات الأعداء مدروسة بعناية وغير عشوائيّة إطلاقاً يأخذون مواقع استراتيجية مناسبة، يهاجمونك حيث نقاط ضعفك يسعون إلى حماية معاقلهم وقائدهم بشتّى الطرق! نعم، Wargroove ليست باللعبة السهلة على الإطلاق وهي لا تخشى من مواجهتك بذلك بتاتاً حيث أنها ستأخذ بك منذ البداية إلى المستوى الأصعب وبالطبع بإمكانك خفض أو رفع المستوى كما تشاء إلا أن خفضه كثيرا سيحرمك الحصول اثنتين من أصل ثلاث من نجوم التقييم التي ستحصل عليها بعد إنهائك لمرحلة ما، كما ستمنح تقييما يقيّم أدائك في المعركة اعتماداً على الوحدات التي خسرتها والتي دمرتها وعدد الأشواط التي قضيتها في إنهائها، ومن الجدير بالذكر أن تغيير مستوى الصعوبة يقتصر على ثلاث أمورٍ فقط وهي: الضرر الذي يتسببه الأعداء لوحداتك، سرعة امتلاء القدرات الخاصة أو الـGroove و أخيرا مقدار العملات التي تجنيها من القرى.
انتقالاً للأطوار الجانبية لنبدأ بالحديث عن طور الألغاز الذي يضعك في خريطة يتحتم عليك إنهاؤها في دور واحد فحسب وهو الأمر الذي بدا سهلا لي في المراحل الأولى إلاّ أنني عندما قمت بالقفز للمراحل المتقدمة وجدت فمي مفتوحاً على اتساعه من هول المنظر الذي شهدته (لا أريد الحديث عن الأمر مطلقا) بالإضافة لطور الآركيد الذي يتيح لك اختيار أيّ شخصية من طور القصة وخوض خمس معارك حتى تحصل على نهاية الشخصية كما تقدم لك اللعبة طور تصميم مراحلك الخاصة ومشاركتها مع اللاعبين كما يمكنهم مشاركتك خرائطهم كذلك، إضافة لطور اللعب الجماعي عبر الشبكة وطور الكو أب المتاح حتى أربع لاعبين باختيار أي مرحلة تريد، لكن و نظرا لعدم تواجد من عائلتي ممّن قد يرغب بتجربة هذا النوع من الألعاب كنت مضطراًّ للعب وحيدا بالكامل… هذا محزنٌ نوعاً ما.
ممّا لا شكّ فيه أن Wargroove قد صُنعت بإخلاصٍ وحبٍّ شديدين من قبل مطوريها، العناية الكبيرة في تصميم الخرائط و المحتوى الدسم خير دليل على ذلك و في حين أنها قد لا تجذب الكثيرين نحوها نظراً لتوجهها الذي يستهدف فئة محدودة للغاية و بارغم من كونها لا تحتوي روح الفكاهة والشخصيات المرحة في سلسلة Disgsaea أو الأجواء المهيبة في سلسلة Fire Emblem إلاّ أنها تقدّم تجربة متفرّدةً وتمتلك ما يميّزها بحق وسيجد محبو ألعاب تعاقب الأدوار الاستراتيجية ما يرضيهم هنا حتماً فإن كنت منهم فلا تتردّد لحظة واحدة في اقتنائها!
تمت مراجعة اللعبة بنسخة البلايستيشن 4 والتي استلمناها من الناشر، اللعبة متوفرة للحاسب الشخصي، الإكس بوكس ون، والنينتندو سويتش كذلك.