مرحباً بكم في الأرض الملعونة حيثُ لا يوجد سوى الموت و العذاب، مرحباً بكم في الأرض التي تذبل فيها أوراقُ شجر الزيتون، الأرضُ التي يئن فيها المعذبون، أرض الأهوال Cvstodia. في هذه الأرض الموحشة و مع هذه اللعبة القادمة من إسبانيا تبدأ مغامرتنا الجديدة في عالم الألعاب.
Blasphemous هي لعبة تمزج بين أسلوب ألعاب كاسلفينيا الشهيرة من كونامي و ميكانيكيات و أفكار ألعاب سولز الشهيرة من مصمم From Software المذهل “ميازاكي”، و هي قادمة من فريق التطوير الإسباني The Game Kitchen. تدور أحداث اللعبة في العالم الموحش Cvstodia حيث وقعت لعنة تُعرف باسم “المعجزة” تسببت في تحويل الناس إلى مخلوقات عجيبة بسبب سوء عبادتهم، نعم هذه اللعبة مليئة و مليئة بالرمزية الدينية المسيحية و هي لعبة ثقيلة للغاية في هذا الجانب، هناك الصلبان و الكنائس و حتى القصص القادمة من المسيحية مباشرة، بطل اللعبة The Penitent One هو الناجي من مذبحة الحزن الصامت، و هو يسعى لكسر الحلقة اللانهائية من الموت و إعادة البعث و تحرير عالم القصة من مصيره المأساوي.
حسناً دعنا نبدأ الحديث عن طريقة اللعب، اللعبة تستعير الكثير من سلسلة كاسلفينيا و قد شعرنا بذلك من ناحية تصميم الخريطة و كذلك تصميم الوحوش و حتى أفكارهم مثل الوحش الطائر الذي يحمل جرساً في يده و الذي ذكرنا بالساحرات الطائرات في بعض ألعاب كاسلفينيا، كما أن تصميم الخريطة مشابه لألعاب كاسلفينيا بتوزيعها و ترابط المناطق. ألعاب إيغاراتشي سابقاً تحت لواء كونامي كانت من أروع الألعاب في هذا المجال، و الحقيقة رغم أن Blasphemous تُحاكيها ببراعة إلا أنها لا تقدم ذات التشويق أثناء اللعب، أحد الأسباب لذلك أن العالم في Blasphemous أكبر و أوسع من كاسلفينيا، مما يزيد كمية المشي في هذا العالم خاصة مع تباعد الاختصارات بين المناطق و عدم إمكانية الانتقال بين منطقة و أخرى إلا من أماكن محددة قليلة موزعة في عالم اللعبة. في المقابل فإن ألعاب إيغاراتشي تُركز على زيادة الإثارة و تقدم تجربة لعب لحظي (moment to moment) أكثر إثارة و تسلية من Blasphemous.
الفرق الجوهري بين هذه اللعبة و ألعاب سلسلة سولز هو مستوى الصعوبة فهذه اللعبة ليست صعبة بالشكل الذي تتصوره عزيزي القارىء، و إن كان هذا الأمر يجعلك تُفكر في تجاهل اللعبة فإن عليك إعادة النظر في ذلك. على أية حال، هناك الكثير من الأفكار القادمة مباشرة من ألعاب سلسلة سولز مثل تصميم البيئة و التوجه الفني القادم من العصر القوطي المظلم، و كذلك ميكانيكية الموت و التي تتسبب بتعفن جزء من العداد الأزرق الخاص بالضربات السحرية أو الخاصة في اللعبة، و لا يُمكن التخلص من هذا العفن إلا عن طريق العودة حيث خسرت أو الحصول على مباركة في أحد أماكن اللعبة مقابل الدفع من العملة التي تجمعها.
الاستلهام البارز الآخر من سلسلة ألعاب سولز هي ميكانيكية الردّ Parry، بمقدور اللاعب ردّ ضربات الأعداء في التوقيت المناسب و إذا حقق اللاعب ذلك بنجاح فإن العدو سيدخل في مرحلة جمود (stun) يتوقف فيها عن الحركة و يحصل اللاعب على فرصة الإجهاز عليه بهجمة قاضية تملك تحريكاً يدوياً جميلاً. على أية حال، كما أسلفنا الذكر فاللعبة ليست بتلك الصعوبة و مستوى التحدي فيها هو أقرب بكثير إلى ألعاب كاسلفينيا من ألعاب ميازاكي التي اشتهرت بتعذيب اللاعبين، كما أبدعت اللعبة بحق في تخيل الوحوش ذات التصميم السادي، مثل ذاك المشقوق نصفين و الذي يرمي على اللاعب سلاحاً شبيهاً بالصليب، أو العدو الذي يُهاجمك بشمعدان كبير الحجم! قتال الأعداء بسيط و يعتمد على الكرّ و الفرّ في المقام الأول، و هو يبقى بسيطاً مع مرور الوقت مع اختلاف استراتيجية الهجوم أو الدفاع حتى رغم الحصول على بضعة هجمات و حركات إضافية خلال اللعب مثل شحن زر Y لتنفيذ هجمة قوية، أو تنفيذ ضربة أمامية طاعنة بعد الزحلقة الجانبية (slide).
كما هو الحال في ألعاب كاسلفينيا هناك أعداء بتصاميم مختلفة و أفكار مختلفة في كل منطقة من مناطق اللعبة، كما تحتوي بعض المناطق على أفكارٍ خاصة بها لا تتواجد في بقية المناطق، مثل قارع الأجراس في Jondo و التي تتسبب للاعب بالأذى، كل منطقة تتميز عن الأخرى إلا أن البساطة كما ذكرنا تبقى طاغية على اللعبة فهي بحق تجربة كلاسيكية و لا تحتوي على تعقيدات الألعاب المعاصرة مثل نظم القتال المعقدة و المليئة بالضربات المتلاحقة (combos) أو شجرات التطوير المعقدة و رفع المستوى.
يُمكنك الحصول على العديد من القدرات الإضافية في Blasphemous، و على سبي المثال هناك أدوات Rosary Beads، و التي تُعزز القدرات الدفاعية أو الهجومية أو السحرية، أو تعزز القدرة على الحماية ضد النار أو السموم، و هناك أيضاً الأثريات Relics و هي تمنح اللاعب قدرات خاصة و مميزة مثل ظهور منصات حمراء اللون لا يُمكن رؤيتها دون ذلك. بجانب ذلك هناك أيضاً القدرات الخاصة بالسيف Mea Culpa و التي لم تكن بتلك الفائدة لنا. تحتوي اللعبة أيضاً على مهام جانبية ترتكز على جمع أدوات خاصة و تقديمها لمجموعة من الشخصيات غريبة الأطوار في عالم اللعبة و التي ستقوم بمد يد العون و المساعدة إليك في رحلتك و مكافأتك بشيءٍ آخر، إلا أن التنقل البطيء في عالم اللعبة جعلنا نتجاهل التركيز على هذه المهام و نقوم بتنفيذها متى ما وقعت في طريقنا.
تقدم اللعبة رسوماً بالبيكسلات على غرار ألعاب 16-بت في التسعينات الجميلة، و ربما لو أراد فريق التطوير From Software أن يصنع لعبة Dark Souls بهذا التوجه يوماً ما فلن تكون النتيجة النهائية مختلفة كثيراً عن Blasphemous. عالمُ اللعبة مليء بالمناطق الموحشة مثل الجبال الثلجية و منطقة أخوية الحزن الصامت المليئة بالأفخاخ القاتلة على غرار أمير بلاد فارس، هناك كم جيد من التفاصيل في الخلفيات و مُخيلة سوداوية و سادية للغاية في تصميم كافة جنبات هذا العالم مثل الجثث المحروقة، كما سبق و ذكرنا روعة تصاميم الأعداء إلا أن الزعماء ضخام الحجم هم الأروع. على أية حال، لا تملك اللعبة ذات البراعة العبقرية التي تملكها ألعاب أخرى في التحريك اليدوي و هي تبدو بالفعل كأحد الألعاب القادمة من التسعينات مباشرة.
فيما يتعلق بالتمثيل الصوتي فهو جيد للغاية و مناسب لطبيعة اللعبة و اللغة الإنجليزية القديمة التي تستعملها، إلا أن الحوارات قليلة بطبيعة الحال خاصة مع قلة الشخصيات الجانبية أو الأحداث القصصية و هذه نقطة أخرى نفضل فيها ألعاب كاسلفينيا على هذه اللعبة التي تُفضل السرد البنائي عن طريق التفاصيل المتناثرة حول العالم هنا و هناك. أما الموسيقى فقد أثارت ألحان البيانو إعجابنا لا سيما لحن منطقة أحلام الرحمة Mercy Dreams، الألحان تصطبغ بالكآبة مع شعور غريب بالجمالية الحزينة لهذا العالم المأساوي، إلا أن الغريب هو وجود مناطق كاملة تخلو من الموسيقى و للحق فلم يعجبنا ذلك كثيراً.
Blasphemous ليست أول و لا آخر لعبة مشابهة لألعاب كاسلفينيا و دارك سولز لكنها تقتبس أجواء اللعبتين و تدمج بينهما بصورة متقنة و مخلصة للغاية و دون التعقيدات الحديثة لألعاب الفيديو، و هي ليست لعبة شديدة الصعوبة أيضاً كما أنها تحمل قيمة عمرية معقولة. Blasphemous لا تستطيع التفوق على أفضل ألعاب كاسلفينيا الزمن الجميل لكنها تقترب منها بدرجة حميمة، و هي تجربة كلاسيكية الطابع بكل ما تحمله الكلمة من معان، فهل أنتَ على أُهبة الاستعداد للطواف؟
تمت مراجعة هذه اللعبة بنسخة سويتش حصلنا عليها من الناشر.