تستيقظون، تسيرون مع حشود من البشر التي تعيش نفس حياتكم الرتيبة مشغولين بهواتفكم وما تقدّمه من تنبيهات ورسائل لا معنى لها حتّى الوصول إلى مكان العمل، تعودون إلى المنزل للنوم والإستيقاظ في اليوم التالي لإعادة العمليّة مجدّدًا، مجرّد مسنّن صغير وسط آلة ضخمة تستمر في الدوران، تفتقرون إلى المعنى وتبحثون عنه راغبين في الحصول على المزيد من هذه الحياة، ولكن ما هو المعنى؟ وماذا عن السعادة؟ ألا نبحث عنها أيضا؟

لعبتنا لليوم هي Mosaic، تجربة سرياليّة من نوع أشر وانقر تحاول أن ترسل لنا رسالة تتمحور حول الأسئلة السابقة من خلال مشاهدها الغريبة التي قد يختلف تفسيرها من شخص إلى أخر، لا يمكن القول بأنّنا نملك قصّة هنا أكثر من خلفيّة للأحداث لا أكثر، التجربة تعرض لنا عالمًا ليس بالبعيد جدًّا وليس بالقريب أيضًا، أنتم موظّف يعيش حياته المعاصرة الرتيبة التي تحفّها العزلة والإكتئاب من مختلف النواحي، تمشون في أفواج من البشر الذين لا ينظرون إلى بعضهم البعض ويتفادون مختلف أنواع التواصل، تضيّعون الوقت في لعب لعبة لا معنى لها بهدف الوصول إلى المستوى التالي، حيّ ميّت يتنقّل بجسده المنهك ما بين مكانين في دوّامة لا تُرى نهايتها، فما البديل؟

Mosaic ليست بالتجربة التي ستعجب الكثيرين بلا شك فهي تجعلكم تعيشون تلك الحياة الرتيبة وتفاجؤكم خلالها بالعديد من الحوادث والتخيّلات الغريبة التي ترمز إلى شيء أو لأخر، الموضوع الذي تطرحه اللعبة قد يبدو غريبًا ولكنّه دسم وشيّق ويطول النقاش حوله ما بين المفكّرين والفلاسفة، Mosaic حاولت تقديم بعض الأجوبة المبسّطة لمسألة لا تتحمّل التبسيط من وجهة نظري ولكنّنا سنختلف بلا شك في هذه النقطة فبينما وجدتُ بأنّ الإجابات كانت بسيطة وربّما غير دقيقة إلا أنّ الطرح كان مثيرًا للإهتمام والبعض الأخر سيرى بأنّها كانت عميقة جدًّا ووافية بينما البعض قد يرى بأنّ اللعبة لا معنى لها ولا تستحق إضاعة الوقت أو المال.

Mosaic بسيطة رسوميًّأ وتوجهّها الفنّي بعيد كل البعد عن التكلّف فالهدف هنا هو إرسال رسالة وليس إبهاركم بالتفاصيل الدقيقة والمؤثّرات المذهلة، على المستوى السمعي لا يوجد ما يستحق المدح أو الذم ما عدى تفاوت مستوى المؤثّرات التي كان بعضها يكاد لا يُسمع مهما رفعت الصوت بينما البعض الأخر كان مزعجًا جدًّا، اللعبة من نظام أشر وإنقر وهي خطيّة جدًا في سيرها فأنتم تنتقلون من النقطة أ إلى النقطة ب وتمرّون خلال هذه الرحلة بالمشاهد التي سبق وأن ذكرناها والتي تهدف إلى كسر روتين الحياة، لا يوجد أي ألغاز أو جزئيّات لعب بارزة هنا ما عدى لعبة مصغّرة تقومون بها لإنهاء يومكم في العمل.

3 ساعات أكثر من كافية لإنهاء التجربة وكما هو واضح من مراجعتنا فهي تجربة بسيطة ولا تقدّم الكثير من العناصر وكل من يقوم بإنهاء هذه التجربة سيملك إنطباعه الخاص عنها كما ذكرت سابقًا، Mosaic طرحت قضيّة مثيرة للإهتمام وجاوبت عليها بطريقتها الخاصّة وإعجابكم بالتجربة من عدمه يعتمد على تفسيركم لمشاهدها ومدى إقتناعكم بما طرحته من أجوبة، هي لعبة لن تعجب الجميع بلا شك ولكنّها محاولة جريئة للتطرّق إلى مسألة مهمّة في الحياة.

تم مراجعة هذه اللعبة بنسخة حاسب شخصي تم توفيرها من قبل الناشر قبل صدور اللعبة في الأسواق.