بعد مغامرتهم الجميلة مع سلسلة Infamous ، فريق SuckerPunch يتجه الى بلاد شروق الشمس ، و يرون قصة من عهد الساموراي القديم ، و تحديدا أثناء مجابهة الغزو المغولي ، في جزيرة صغيرة تدعى تسوشيما. لعبة أكشن و مغامرة من بطولة جين ساكاي ، الساموراي الياباني الذي أصبح على مفترق طرق، بين الإلتزام بتعاليم الماضي ، و الإنحراف لطريق جديد ، كل ذلك في سبيل القضاء على عدو غازي عاث فسادا بين قومه.
إنها الفن المتحرك
لصناعة لعبة مبهرة تقنية ستحتاج الى مجموعة من المهندسين البارعين ، لكن لصناعة لعبة تشع بالجمال ، ستحتاج الى فنانين مبدعين. تسوشيما ليست لعبة مبهرة تقنيا ، فلو دققت النظر في تفاصيل الجرافيكس ستجد أنها عادية. لكن عندما تنظر الى اللوحة الكاملة المرسومة ، ستجد مناظر ستأسر خيالك ، لقد توقفت كثيرا أثناء اللعب فقط لأتامل المنظر من حولي ، أعتقد و أجزم أن اللاعبين سيمضون الكثير من الوقت في أخذ صور من داخل اللعبة، خصوصا مع خيارات التصوير المذهلة التي أضافها الفريق. رغم أن تسوشيما جزيرة صغيرة، إلا أن استكشافها كان ممتعا لأن كل منطقة تختلف عن الأخرى، و حتى عندما أزور مناطق سابقة و يكون الوقت من اليوم أو حالة الطقس مختلفة، أعيش اللحظة و كأنه مكان جديد بالكامل.
حارب كالساموراي
هذه لعبة عالم مفتوح ستجد فيها أغلب الأمور البديهية التي قد تطرأ على بالك، من نظام جمع الموارد المختلفة الى نقاط الخبرة الى شجرة التطوير. لكن بشكل عام عندما يتعلق الأمر بأسلوب اللعب فنجده ينقسم فيها الى ثلاث أقسام. نبدأها أولا بالقتال و المواجهة، و هنا سيأتي أسلوب اللعب كمقاتل ساموراي. الفكرة بسيطة هنا، ضربات متعددة لكسر درع العدو ، زر للتفادي، و رز الصد في الوقت المناسب للـParry. فكرة نظام القتال تعتمد على التبديل بين عدة وضعيات، كل واحدة منها مناسبة لنوع معين من الأعداء، مثل أصحاب الدروع أو أصحاب الرماح. القتال في اللعبة ليس تعذيبا جسديا كما الحال في ألعاب مثل سيكيرو، بل هو نظام قتال يرحب بجميع اللاعبين. أغلب الأعداء يمكن كسر درعهم بضربتين الى ثلاثة، و عملية الـParry سهلة جدا هنا ، يمكنك تطبيقها في كل مرة، و حتى التفادي سهل أيضا. اللعبة تعتمد بشكل كبير على وضعك في مواجهة عدة أعداء في نفس الوقت، و تختبر مدى قدرتك على تغيير الوضعيات بالوقت المناسب ، و الإحساس بما حولك لتفادي ضربة من الخلف أو رمية سهم من على بعد في الوقت المناسب. بشكل عام نظام قتال متقن و يعمل بشكل رائع، و إحساس الضرب في اللعبة و احتكاك السيوف بالدروع يعطي شعورا مليئا بالإثارة. تمنيت فقط لو تم إضافة طريقة لقفل التوجيه على عدو معين، حاليا هذا الأمر يعمل بشكل تلقائي، لكن في المراحل المتأخرة من اللعبة كان مزعجا قليلا مع استخدام بعض الأعداء لحركة التفادي، حيث أجد نفسي أواجه الهواء بعدها.
تضمنت اللعبة عدة قتالات زعماء، و التي تسمى Duels أو مبارزات، و تكون على أسلوب مواجهات 1 ضد 1 بأسلوب تصوير مختلف. لكن نظام القتال مشابه تماما لقتال الأعداء العاديين، و بشكل عام مواجهة زعيم واحد ستجعلك مستعدا لمواجهة بقية زعماء اللعبة، فأسلوبهم تقريبا متشابه بشكل كبير ، حتى من ناحية الصعوبة و مدة القتال. و قد أصل هنا عند أكبر نقطة سلبية في اللعبة، و هي ضعف تنوع الأعداء، و سأزيد بهذا الخصوص عند الحديث عن نظام المهمات.
تسلل كالشبح
هنا يأتي الجزء الثاني الرئيسي من أسلوب اللعب، و هو عندما تتخفى في الظلال و تصبح الشبح، أو ما يشابه رجل النينجا. لمن لا يعرف فالساموراي لا يحبون هذا الأسلوب، و يعتبرونه غير شريف و يخص اللصوص فقط. لكن بالنسبة لبطلنا قد يكون هذا الأسلوب هو الأنسب خصوصا أنه يجابه أعداد كبيرة من المغول لوحده أحيانا. أسلوب التخفي هنا بسيط جدا، و لا يتجاوز ما نراه هذه الأيام حتى في الألعاب التي لا تعتمد على التخفي. يمكنك الانحناء للتخفي بين الأعشاب الطويلة، ثم إنتظار اللحظة المناسبة لإغتيال عدو من الخلف. كذلك يمكنك القفز للاغتيال من الأعلى. أيضا هناك فكرة واحد مميزة و هي الاغتيال من خلف الأبواب اليابانية الورقية. خلاف ذلك لا تقدم هذه اللعبة أي جديد من هذه الناحية، بل هي متأخرة عن ما وصل إليه ألعاب أخرى في هذا المجال، و كون الذكاء الإصطناعي للأعداء محدود فهذا لم يساعد كثيرا. البطل لا يستطع حتى التعلق على حواف البنايات أو الاغتيال من هذه الوضعية. لحسن الحظ هناك بعض الأدوات التي ستعطيك بعض التنوع في اللعب، مثل القنبلة الدخانية للتخفي، و أسهم الهلوسة التي ستجعل الأعداء يقلبون على بعضهم.
سأختم أسلوب اللعب بجزئية صغيرة منه تتعلق بلعب المنصات أو البلاتفورمنج كما يقال. في أرجاء اللعبة هناك أماكن مرتفعة ستصل عليها عن طريق تسلق الجبال و المرتفعات. منها معابد موزعة على أرجاء الجزيرة، تعمل كمرحلة تسلق مصغرة، في حال وصولك الى قمتها تحصل على هدية معينة. التسلق في اللعبة يبدو و كأنه شيء تم إضافته للعبة في آخر لحظة من التطوير. فهي تجربة سطحية جدا، حيث يمكنك تسلق الجبال عندما ترى بعض الحواف بلون معين، و بالضغط للأعلى ستصعد مباشرة. و هناك Hook (أو معلاق) يساعدك في التعلق بأماكن معينة و التأرجح بين المرتفعات.
سافر كالرحالة
الآن و بعد أن تحدثنا عن أسلوب اللعب نستطيع أن ننتقل للعالم المفتوح و طريقة المهمات و نوع المحتوى الذي تم تقديمه. المهمات تنقسم الى 3 أقسام، الرئيسية، ثم الفرعية، ثم نوع خاص من المهمات عددها محدود و منفذة بطريقة مميزة و جوائزها تكون قدرات مهمة في اللعبة أو أدوات نادرة. من ناحية سرد قصصي ، فالمهمات الرئيسية و الفرعية كلاهم رائع جدا، بل ربما من أجمل ما رأيت على مستوى الكتابة لفترة طويلة في ألعاب مشابهة. الشخصيات الرئيسية في اللعبة ستحصل على مجموعة مهام جانبية طويلة خاصة بها، و تسمح لك هذه المهمات بالتعرف أكثر على هذه الشخصيات و تاريخها. و جميعهم كانوا مثيرين للإهتمام و تم اختيارهم بعناية. التمثيل الصوتي خصوصا للبطل الرئيسي باللغة الإنجليزية كان رائعا، أما اليابان فرغم عدم الإختلاف على براعة مؤدي الصوت الرئيسي، و الذي اشتهر بأداء صوت زورو في مسلسل ون بيس، الا أني كلما حاولت الاستماع له كلما اقتنعت أكثر أنه غير مناسب للشخصية، و كأن اضافته خدمة للجماهير فقط. اللعبة تحتوي على ترجمة عربية للنصوص، كانت ترجمة عربية مقبولة بشكل عام، و عانت من بعض مشاكل الترجمة الحرفية المباشرة، حيث أن بعض الجمل كانت مقلوبة للأسف في ترتيب الكلمات.
من ناحية نظام اللعب، أغلب هذه المهمات سينتهي بها المطاف بأمر “اقضي على المغول” ، و التكرار تبدو سمة ثابتة في أغلب ألعاب العالم المفتوح. لكن هنا سأعود لنقطة ضعف تنوع الأعداء الذي تحدثت عنه سابقا، فمع كثرة تكرار نفس القتال في أغلب المهمات الرئيسية و الفرعية، سيصبح هذا الأمر عنصر ممل في اللعبة.
هناك بعض الجوانب التي يجب علي أن أمطر الأستوديو بالثناء عليها عندما يتم الحديث عن الإستكشاف. فإن لم يكن جمال اللعبة المفرط سببا كافيا لحب التجول و الإستكشاف، فإن هناك أسباب أخرى رائعة. مثلا سهولة استدعاء الحصان و التحكم به ، و سرعة التحميل المهولة في اللعبة، عند التنقل السريع أو العودة من الموت ، سيتم تحميل المنطقة في أقل من 3 ثواني (على الأقل هذا ما واجهته في PS4 Pro). و أمر آخر أعجبني جدا، أن كل نقطة اهتمام يمكن استخدامها كنقطة تنقل سريعة، لم أجد نفسي أبدا في اللعبة أحمل هم التنقل بين المناطق. الطريقة التي تم تصميم العالم بها مثيرة أيضا ، حيث يمكنك التعرف على أماكن وجود أشياء مهمة عبر الرياح أو الدخان أو الطيور أو حتى وجود شجرة بلون مميز أو يحيط بها الحشرات المضيئة. هناك العديد من الأشياء لجمعها في اللعبة و استكشافها، و الأهم من ذلك أن مكافأة الإستكشاف في كثير من الأحيان تكون مرضية. توقعت ف يالبداية أن الملابس مجرد شكل و زينة، لكن لاحقا اكتشفت أن الدروع تتميز بقدراتها. مثلا لبس الرحالة يساعدك في فتح جزء أكبر من الخريطة الضبابية أثناء التنقل، بينما درع الساموراي يعطيك دفاع أقوى ضد ضربات الأعداء، و هكذا.
رحلة تاريخية جميلة
إن أبرز عناصر الإبداع في هذه اللعبة هي كيف تقوم بتقديم اليابان في تلك الحقبة الزمنية، و تلقي نظرة على المشاكل المتعلقة بالطبقية المجتمعية و الصراع بين المتمسكين بالعادات و التقاليد القديمة و الباحثين عن التغيير. القتال مع المغول دموي جدا و مليء بالقصص المرعبة، و نظام القتال في اللعبة تم تقديمه بشكل رائع ، لقد استمتع بكل لحظة قضيت فيها على المغول و انتقمت للكثير ممن عانوا الأمرين في جزيرة تسوشيما.
شبح تسوشيما تجربة فنية جميلة جدا و مغامرة شيقة تحمل العديد من التصوير القصصي الرائع و لحظات الإثارة. لا يجب تفويتها خصوصا من أولئك المهتمون بالثقافة اليابانية و أفلام الساموراي القديمة.
تم مراجعة هذه اللعبة على نسخة مراجعة رقمية تم توفيرها من الناشر لجهاز PS4.