الموت هو سنّة الحياة وهو المصير المحتوم لنا جميعاً، تصوير الموت في الوسط الترفيهي والفنّي لطالما كان كئيباً ومظلماً لما يجلبه موت الأحبّاء من ألم ومن حسرة ولكن، هل من الممكن النظر إلى الموت بصورة إيجابية؟ هل من الممكن أن نلقى نوعاً من الراحة والسلام في الموت؟ هذا ما تحاول Spiritfarer الإجابة عليه في تجربة جميلة أخرى يقدّمها لنا فريق التطوير Thunder Lotus Games الذي عرفناه بالرسومات اليدوية الجميلة والمتقنة.
اللعبة تضعنا في دور Stella وقطّتها Daffodil اللتان تمّ توكيلهما بمهمّة الإعتناء بأرواح الموتى وجلبها عندما تصبح جاهزة إلى الباب الذي يقود نحو الحياة الأخرى Everdoor، اللعبة لا تملك قصّة صريحة حول Stella ورفيقتها الظريفة وهي تتمحور في المقام الأوّل حول الشخصيات التي ستستضيفونها على متن سفينتكم والقصة الخاصّة بكل واحدة من تلك الشخصيات.
الشخصيات التي ستقابلونها مختلفة جداً في طِباعها ولكنّها بشكل أو بأخر ستذكّركم ببعض من تعرفونهم نتيجة كثرة تلك الشخصيّات وتنوّعها، البعض مضحك وطريف، الأخر مخادع ولا يمكن الوثوق به بينما البعض الأخر مسالم وهادئ، خلال رحلتكم مع هذه الشخصيّات ستلبّون عدّة طلبات للحرص على سعادتهم وخلال هذه العملية ستصبح العلاقة فيما بينكم أقوى وسيشاركونكم بماضيهم بما فيه من أفراح وأحزان أو أخطاء ندموا عليها كما أنّ لكل شخصية نظرة وفلسفة فريدة تجاه الحياة والموت ممّا يضيف عمقاً أكبر لهذه الشخصيات.
وصول أي شخصية للمرحلة التي تطلب فيها العبور إلى العالم الأخر يعني بأنّها قد تصالحت مع شخصها وماضيها وأصبحت مستعدة لما يأتي بعد ذلك، هذه العمليّة عادةً ما تكون مفرحة بشكل غريب فأنتم سعيدون لتخطّي تلك الشخصيات للأخطاء التي ندمت عليها ولكنّه محزنة في نفس الوقت لأنّهم لن يواصلوا هذه الرحلة معكم، الرسالة التي تحاول اللعبة إيصالها لا ترتبط بتلك الشخصيّات فقط بل ترتبط بقدرتكم على توديعها وإستعدادكم لتلك اللحظة المؤلمة.
Spiritfarer لا تقل روعة عن سابقاتها من ألعاب Thunder Lotus Games مع التوجّه الفنّي الجميل والرسم اليدوي المتقن للشخصيّات بكافّة حركاتها وتصرّفاتها وقد أبدع الفريق أيضاً في تصوير عالم اللعبة الواسع والمتنوّع في ملامحه من شخصيّات وجزر مليئة بالأشجار والحقول وغيرها من ملامح الطبعية الخلاّبة، الترحال في سفينتكم ومشاهدة الغيوم والجزر تمر بجانبكم أثناء صيد السمك تقدّم مناظر تبعث على الراحة والإسترخاء تعزّزها ألحان اللعبة الهادئة التي تعطي خلفية أكثر جمالاً لتلك المشاهد.
بالحديث عن أسلوب اللعب فإنّ Stella قادرة على الحركة والقفز مع إكتسابها لبضعة قدرات خلال الرحلة ويمكن الحصول على هذه القدرات من خلال تجميع عملة معيّنة تستلمونها من ركّابكم ومن ثمّ إستخدام تلك العملة في أحد الأضرحة المنتشرة في عالم اللعبة للحصول على القدرات كالقفز المزدوج ونحوها من القدرات البسيطة التي ستمكّنكم من الوصول إلى المزيد من المناطق.
هنالك العديد من النشاطات التي ستقومون بها والتي تشمل الطهو، الزراعة، صيد الأسماك، الحياكة وغيرها العديد من العديد من النشاطات التي تهدف إلى جمع الموارد فاللعبة في نهاية المطاف عبارة عن تجربة “إدارة” تحرصون فيها على سعادة ركّابكم ولتحقيق ذلك تحتاجون إلى الموارد، سيتوجّب عليكم إطعام الشخصيّات خلال اليوم وأخذ ذوقهم بعين الإعتبار، البعض قد يتقبّل أي طعام بينما الأخر قد يمانع أكل اللحوم أو يعاني من حساسية ضدّ طعام البحر، البعض الأخر لن يقبل بتناول نفس الوجبة مرّتين على التوالي ولذلك عليكم أن تحرصوا على طبخ مجموعة متنوّعة من الوجبات بمختلف المكوّنات، بعض الشخصيّات قد تطلب منكم بناء بيت خاص بها أو إضافة المزيد من الأثاث لذلك البيت كما أنّ البعض قد يرغب في الذهاب معكم في رحلة قصيرة إلى أحد الجزر ولا ضرر من معانقة الركّاب ما بين الحين والأخر للتعبير عن حبّكم لهم.
ركّابكم ليسوا مجرّد ضيوف كسولين فهم يقومون بمساعدتكم على إنجاز المهمّات اليومية مغ قيام البعض بصيد الأسماك والزراعة بينما البعض الأخر سيذهب لجمع الموارد عند توقّفكم في أحد الجزر وكلّما إزدادت سعادة شخصيّة معيّنة كلّما أصبحت مساهمتها على المركب أكثر إفادة فالبعض قد يبدأ بطهي الطعام والبعض الأخر سيحرص على سعادة باقي الركّاب في حال كان سعيداً جداً فالضفدع الشرِه Atul على سبيل المثال سيقوم بعزف الألحان السعيدة التي ستسعد غيره من الركّاب ويفضّل أن تبقوا على سعادة ركّابكم فالعكس قد يحدث عندما يصبح البعض حزيناً ويتسبّب في إزعاج غيره.
العديد من الموارد يتم إكتسابها من خلال مجموعة من التحدّيات المختلفة فعلى سبيل المثال يوجد تحدّي تقومون فيه بجمع البرق في زجاجة عند مروركم بعواصف رعدية كما بإمكانكم تحطيم بعض الكتل المتراكمة على التنانين التي تجوب العالم لإعفاء تلك التنانين من الألم التي تسبّبه تلك الكتل والتي ستعود عليكم بالموارد في نفس الوقت، الجميل في Spiritfarer هو الأريحية التي تقدّمها لكم في القيام بكل شيء فجميع النشاطات اليومية لا تتطلّب الكثير من الجهد أو الوقت فالصيد أو الحياكة على سبيل المثال تتطلّب منكم ضغط زرّين فقط، التحدّيات التي تجدونها على الخريطة هي الأخرى لن تتطلّب منكم مهارة عالية ولكنّها تغيّر الروتين وتقدّم بعض المتعة في نفس الوقت ومع الدور الذي يقوم به الركّاب فجمع الموارد عملية بسيطة وجزء من الحياة الجميلة والهادئة على مركبكم عوضاً عن كونها مجموعة من المهام المتواصلة المضجرة التي تفتقر إلى التنويع أو تتطلّب منكم ساعات طويلة من جمع الموارد لإنهاء مهمّة واحدة.
هنالك العديد من الأمور التي يمكنكم القيام بها برفقة الإعتناء بالركّاب فبإمكانكم البحث عن الكنوز وبيعها للتجّار مثل التاجر المتنقّل Francis والذي يمكنكم تقديم بعض الموارد له مقابل مبلغ سخي من الـGlimes وهي العملة المستخدمة في اللعبة، هنالك أيضاً العديد من الموارد القابلة للتجميع التي ستحصلون على الجوائز عند تجميعها كما تتواجد خرائط ستقودكم في رحلة للبحث عن كنوز مخفيّة وكما ذكرنا فجميع هذه الأمور يمكن القيام بها متى ما شئتم ولن تتطلّب منكم الكثير من الوقت كما أنّ ركّابكم ليسوا من النوع المُلِح الذي سيذكّركم كل دقيقة بطلبه واللعبة بشكل عام تشجّعكم على أخذ وقتكم في القيام بما تحبّونه من نشاطات في الوقت الذي يناسبكم، التجربة قابلة للعب برفقة أحد أصدقائكم من خلال الشبكة أو محلياً حيث سيقوم اللاعب الأخر بالتحكّم بالقطة Daffodil وهو أمر سيساعدكم على جمع الموارد بشكل أسرع مع قيام اللاعب الأوّل بالزراعة على سبيل المثال بينما اللاعب الثاني قد يقوم بالنجارة أو معانقة الركّاب والتأكُد من سعادتهم.
التجربة غنيّة بالمحتوى وستتطلّب منكم عشرات الساعات لإنهائها فقد قضينا 30 ساعة من تجربة اللعب وبالرغم من ذلك لا زال أمامنا بعض المهمّات الإختيارية لإنهائها وقد نقدّر عمر التجربة الكامل ما بين 35 إلى 40 ساعة في حال رغبتم بالقيام بكل شيء كما يجدر بنا الإشارة إلى أنّنا لم نواجه أي مشاكل تقنيّة مزعجة خلال هذه الساعات، التجربة كانت جميلة وممتعة ولا يمكن القول بأنّها تملك العديد من العيوب ولكنّ أحد الأمور التي كان بالإمكان تحسينها هو إعطاء إرشادات واضحة حول بعض الموارد المهمّة التي يتم الحصول عليها من خلال جمع المواد الخام ومن ثمّ معالجتها ونتيجة إفتقارنا للإرشادات لبعض تلك الموارد وجدنا أنفسنا في حيرة حول طريقة الحصول عليها وقمنا بالترحال إلى الجزيرة تلو الأخرى بحثاً عن دلالة على كيفية تحصيل تلك الموارد وهو أمر حصل معنا بضع مرّات ولكنّه ليس بالعيب الذي سيفسد التجربة نهاية الأمر.
Spiritfarer تأخذنا في رحلة المغزى منها هو التحرّر من قيود الماضي والقدرة على قول الوداع لأحبائكم، الرسالة مؤثّرة ومليئة بالمشاعر وقد تكون مؤلمة ولكنّها تصل إلى اللاعب في إيطار جميل وهادئ يشجّع اللاعب على أخذ الخطوة التالية متى ما كان مستعداً للقيام بذلك، هي تجربة جميلة لاقت إعجابنا وستنال إعجاب من يبحث عن مثل هذه التجارب العميقة والبسيطة في نفس الوقت.
تمّ مراجعة هذه اللعبة بنسخة للحاسب الشخصي تمّ توفيرها من قبل الناشر قبل صدور اللعبة في الأسواق.