الأحلام قد تتحوّل إلى حقيقة! هذا كان شعار الجيل الحالي من الألعاب حتى الدقيقة الأخيرة؛ سلاسل عديدة بُعِثَت من الحياة و نهضت من الرماد كما ينهض طائر العنقاء الأسطوري من الرماد و أحدث هذه السلاسل هي سلسلة كراش بانديكوت التي تنهض أخيرًا و تعود بالجزء الذي يحمل الرقم 4 بعد غيابٍ طال 22 عامًا. لقد حان الوقت أخيرًا لنضع أيدينا أيضًا على مغامرة كراش الجديدة فهل نجحت التجربة في الارتقاء إلى مستوى التطلعات؟ هذه المُراجعة ستُجيب على ذلك.
شكّلت سلسلة كراش بانديكوت حُقبة جديدة في عالم ألعاب الفيديو و كسرت احتكار سلسلتي سوبر ماريو و سونيك لألعاب المنصّات في تسعينات القرن الماضي، مُخرج الألعاب الموهوب “جيسون روبين” و فريق التطوير الصاعد آنذاك Naughty Dog قاما بتطوير لعبة منصّات رائعة جدًا و مُثيرة و سريعة الرتم بطلها البانديكوت المُشاكس كراش لتُحقق اللعبة نجاحًا كبيرًا و تُصبح أشبه بمثابة التميمة لأجهزة البلايستيشن. كانت هذه البداية فقط و توالت النجاحات في حُقبة الـ32 بت مع 3 أجزاء أساسية و لعبة سباقات Team Racing و كذلك لعبة ألعاب مُصغرة حملت عنوان Crash Bash.
للأسف كانت هذه هي آخر فترة عرفت فيها سلسلة ألعاب كراش بانديكوت النجاحات الضخمة، عالم الألعاب بعد ذلك بدأ يتجه نحو الألعاب الأضخم حجمًا و لم تلقَ طريقة التصميم الخطية في The Wrath of Cortex على جهاز سوني المنزلي PS2 إعجاب الجماهير (أو ربما افتقدت اللعبة ببساطة للمسة نوتي دوغ السحرية)، كما لم تنجح اللعبة بعد ذلك في إعادة اكتشاف نفسها رغم توالي الإصدارات ما بين شركة كونامي اليابانية التي نشرت إصدار The Wrath of Cortex و شركة Vivendi الأمريكية قبل أن تحصل شركة آكتفيجن أخيرًا على حقوق العنوان، و بعد العديد من المحاولات الفاشلة عبرَ السنوات يُمكن القول أن السلسلة أعادت العثور على هويتها من جديد مع صدور الثلاثية المحسنة N.Sane Trilogy و قررت آكتفيجن العودة إلى الجذور من جديد مع الإصدار الرابع من السلسلة الذي يقع بين أيدينا أخيرًا.
Crash Bandicoot 4: It’s About Time هي لعبة كراش بانديكوت كلاسيكية تحمل ذات الطابع الذي كانت تحمله الأجزاء الثلاثة الأولى من السلسلة مع إضافة أساسيّة هي إضافة الأقنعة، تُقدّم اللعبة عددًا من الأقنعة من بينها قناع يسمح للاعب بالانتقال بين بُعدين مختلفين مما يؤدي إلى ظهور عوائق و صناديق و اختفاء الأخرى، و قناع يسمح بإبطاء الزمن للمُساعدة على تجاوز العوائق و قناع يتسبب بحركة دورانية سريعة لكراش مع قفزات بعيدة جدًا و قد ذكرنا هذا القناع كثيرًا بالصندوق الطائر من لعبة Super Mario 3D Land، و هناك قناع أعاد إلى أذهاننا مغامرة ماريو الرائعة عبر المجرات في Super Mario Galaxy و هو قناع يسمح بالتلاعب بالجاذبية و الانتقال بين المنصات العُليا و السُفلى في المرحلة.
الأقنعة ليست كل شيء حيث حصل كراش على عدد كبير من ميكانيكيات اللعب و القفز بعضها قديم و عائد من أجزاء سابقة و بعضها جديد، يُمكن لكراش أن يقوم بحركته الدورانية الشهيرة (spin) التي تُفيد في ضرب الأعداء، بالإمكان القفز و من ثم الهبوط أرضًا بقوة كبيرة لتحطيم الصناديق المعدنية، يُمكن أيضًا لكراش أن يتزحلق، و أن ينبطح أرضًا و من ثم القفز لمسافة مرتفعة او القفز المزدوج أيضًا، و حتى أن اللعبة إضافة إمكانية الركض على الجدران على غرار أمير بلاد فارس، أما الشخصيات الإضافية الأخرى فهي تمتلك قدرات منوعة و مختلفة تمامًا فبعضها يستخدم الأسلحة و البعض الآخر بمقدوره أن يستخدم الخطّاف و أن يقوم بالقفز على الجدران مثل ريو هايابوسا.
فكرة الأقنعة هي فكرة جيدة و إن شعرنا أن اللعبة لم تنجح في استغلالها بالشكل الأمثل، فهي أولًا مرتبطة بجزئيات مُحددة في كل مرحلة و لا توجد حرية كبيرة في استعمالها مما يُعزز الشعور و الطابع الخطي المتواجد في اللعبة ككل، و ثانيًا فهي ليست بذاك الكثرة أو التنوع إلا أنها حتمًا تنجح في هدفها في إكساء هذ الإصدار بكساء فريد يُميزه عن الأجزاء الأخرى في هذه السلسلة و يُضيف التنوع المطلوب على مراحل اللعبة، و بالحديث عن مراحل اللعبة فإن هذه اللعبة تُقدم مجموعة جيدة من المراحل إلا أنها لا تقترب أبدًا مما وعدت به آكتفيجن بـ100 مرحلة، و الحقيقة أن عدد المراحل أقل بكثير من ذلك و تقديرًا فهو حوالي 40 مرحلة أو نحو ذلك، و يشمل هذا العدد مراحل الزعماء و المراحل الفرعية التي يُمكن اللعب فيها بشخصيات إضافية أيضًا و هي موزعة على مجموعة كبيرة من العوالم المختلفة تتفاوت في الطول و عدد المراحل و على سبيل المثال فإن العالم الأول في اللعبة يضم مرحلتين فقط.
خريطة العالم في اللعب تمتلك ذات التصميم و طريقة التقسيم التي وُجِدَت في عالم الألعاب للمرّة الأولى عندما صدرت لعبة نيو ماريو بروس 3 على جهاز العائلة و استعملت الكثير من الألعاب ذات الطريقة في العوالم و المراحل التي تظهر على شكل دوائر خضراء اللون يصل فيما بينها خطّ مقطّع، جميع المراحل الأساسية في اللعبة قابلة للعب بشخصيتي كراش و الظريفة كوكو، و هناك مجموعة من المراحل الفرعية قابلة للعب بشخصيات أخرى و تتقاطع هذه المراحل مع المراحل الأساسية في بعض الجزئيات لتُشاهد من خلالها ما الذي كانت تفعله هذه الشخصيات و كيف قامت بمساعدة كراش و كوكو في المراحل الأساسية، هناك 3 شخصيات إضافية بالكامل قابلة للعب و كل منها يمتلك قدراته الخاصة و طريقة لعب مختلفة عن كراش و كوكو بالكامل و سنترك هذه الشخصيات و قدراتها حتى تتفاجؤوا بها بأنفسكم و لا شك أن هذا كان إضافة جيدة للعبة لم تُساهم فقط في إضافة التنوع إلا أنها ساهمت أيضًا في تحقيق تطلعات المُعجبين الراغبين بالتحكّم بهذه الشخصية أو تلك.
تحمل اللعبة معها خيارين أساسيّين للتقدّم، هناك خيار Retro و التقدم فيه مماثل تمامًا للأجزاء القديمة، سيكون لديك رصيد معين من أدوار اللعب و ستحصل على أدوار إضافية عند جمع التفاح في المراحل و إن خسرت جميع هذه الأدوار ستضطر إلى إعادة المرحلة من البداية، هذا الطور للمخضرمين في ألعاب المنصّات و سيُشكل تحديًا جيدًا و حقيقيًا لأن اللعبة ليست سهلة، أما الطور الآخر العصري Modern فهو يُلغي الأدوار تمامًا و في كل مرة يخسر فيها اللاعب سيعود إلى أقرب نقطة حفظ (checkpoint) إلى أن يتمكن من إنهاء المرحلة و في هذا الخيار للأسف يفقد جمع التفاح أي معنى. على أية حال، بإمكان اللاعب الانتقال بين هذا و ذاك و قد جربنا اللعب في الاثنين قبل أن نستقرّ على الطور العصري.
بالحديث عن التحدي فإن كراش بانديكوت 4 ليست لعبة سهلة و في حقيقة الأمر نحنُ لا ننصح بها لصغار السن أو اللاعبين الذين يرغبون بشراء لعبة منصات جميلة و ملوّنة لأطفالهم و إنما ننصح بها لعشاق السلسلة و محبي ألعاب المنصّات بشكلٍ عام، هناك الكثير من التحدي في اللعبة و عليك أن تتوقع بأنك ستخسر مراتٍ عديدة، بعض العوائق فجائية و عشوائية تمامًا و لا تنمّ عن ذكاء كبير في التصميم لكنها ليست مزعجة أكثر من اللازم. في الحقيقة علي أن أقرّ أنني شعرت بأن خلطة اللعبة تبدو قديمة بعض الشيء و هي أقرب إلى ألعاب المنصات ثنائية الأبعاد برتمها السريع و القفز المتواصل فيها و ليس ألعاب المنصات ثلاثية الأبعاد التي تُقدم في العادة عوالم أضخم و تركيزًا أكبر على الاستشكاف، لطالما انقسمت آراء و أذواق اللاعبين تجاه التصميم الخطي و التصميم المفتوح، كراش بانديكوت 4 لعبة خطية تمامًا و للحق فنحنُ لسنا أكبر أنصار هذا التوجه فاللعبة جعلتنا نشعر بالتقييد، حتى في التسعينات كانت كراش خطية مقارنة بما كانت تقوم به ألعاب مثل سوبر ماريو 64 و بانجو كازوي و لكن على صعيدٍ آخر فإن هناك فئة من اللاعبين تعشق هذه الطريقة في التصميم و هذه الفئة سيروقها ما تُقدمه كراش 4 أكثر من غيرها.
سجلوا إعجابنا بالعدد الكبير من الخيارات الذي قدمته آكتفيجن لجمهور اللاعبين، بجانب خيارات اللعب الكلاسيكي أو العصري هناك خيار يسمح لأكثر من لاعب بالتجربة معًا و تسليم يد التحكّم عند الخسارة مع تقديم سجلّ منفصل لإنجازات كل منهم، كما تقدم اللعبة طريقة لفتح الأشكال (skins) الخاصة بالشخصيات و هي شكل لكل مرحلة حاليًا عن طريق إنجاز كافة متطلبات المرحلة: جمع أكبر عدد من التفاح، عدم الخسارة أكثر من 3 مرات، تحطيم كل الصناديق، و أخيرًا العثور على الجوهرة المخفية، و عند تحقيق كل هذا ستتمكن من الحصول على شكل جديد للشخصيات مجانًا، في الوقت الحالي ليس هناك مشتريات بالمال الحقيقي داخل اللعبة إلا أننا نعتقد و بالنظر إلى تاريخ آكتفيجن أن هذا الخيار قادم في تحديث مستقبلي لتمكين اللاعب من شراء هذه الأشكال دون احتراف المراحل للحد الأقصى.
شعوري تجاه اللعبة كان متفاوتًا بعض الشيء! هناك عدد جيد من المراحل و هناك الكثير من الخيارات مثل إمكانية لعب كل مرحلة بشكل معكوس بعد إنهائها أو الدخول في تحديات الوقت و تحطيم الأرقام القياسية مما يمنح اللعبة قابلية إعادة كبيرة كما أن مراحل اللعبة نفسها مُرضية و ليست بالقصيرة إطلاقًا، هناك شخصيات عديدة قابلة للعب، هناك معارك زعماء ممتازة و طويلة رغم قلّة عددهم… إلا أنه و في ذات الوقت فإن تصميم اللعبة و المراحل و توزيع الأعداء العشوائي في بعض الأحيان ليس عبقريًا و لا يُضاهي أفضل ألعاب هذا النوع. قبل صدور اللعبة كان شعورنا أن آكتفيجن في طريقها لتطوير أفضل كراش بانديكوت حتى الآن إلا أننا نجدُ أنه من الصعب أن نجزم بهذا، ألعاب السلسلة في التسعينات كانت أكثر تجديدًا في حقبتها الزمنية و حتى كمستوى بحت و مُجرد فإن أجزاء السلسلة متقاربة المستوى و سيبقى التفضيل بينها ربما عائدًا للذوق الشخصي في المقام الأول و الفرق بينها ليس بالكبير.
حتى أن طريقة تصميم المراحل في كراش بانديكوت 4 فيها نوعٌ من الرتابة و خلطة معينة ستحفظها عن ظهر قلب مع التقدم في المراحل فستجد أن هذه المراحل مقسمة إلى جزئيات منصات كلاسيكية، جزئيات تستخدم فيها الأقنعة، و جزئيات تحتوي على استخدام مركبة معينة مثل الركوب فوق ظهر مخلوقٍ ما أو الهرب من أحد المخلوقات أو حتى التزلج على منصة طويلة على غرار قنفذ Sega الشهير سونيك و ستجد أن معظم مراحل اللعبة تتشارك هذه التركيبة. رغم ذلك، نحن بالتأكيد لن نقول بأن اللعبة تصل إلى درجة أو مرحلة الملل فقد قام المصممون ببذلِ جُهدٍ كبير للتأكد من حفاظ اللعبة على عنصر التسلية. المرحلة المفضلة لدينا في اللعبة هي المرحلة الأولى في العالم الرابع و التي كانت أشبه بالمهرجان الاحتفالي الجميل.
هناك مجهود جيد تم بذله في رسوم هذه اللعبة فهي ليست واقعية جدًا و ليست كرتونية جدًا و إنما تقع على خط المنتصف بين الاثنين، القصة في اللعبة بسيطة جدًا و هي لا تتجاوز فتح أبعاد جديدة تنتقل فيها الشخصيات الشريرة في اللعبة للتلاعب بخط الزمن و على كراش و رفاقه إنقاذ عالمهم من هذا الخطر، و لكن ليس على اللاعب أن يتوقع مجهودًا ضخمًا على صعيد السرد القصصي أو العروض البسيطة نسبيًا، إلا أن الأمر الذي أثار إعجابنا في رسوم اللعبة هو الاعتناء الكبير في تحريك الأعداء، هناك طريقة موت مميزة ضد كل عدو و هناك طريقة موت مميزة لكل عدو أيضًا و نحنُ نحب هذا النوع من التفاصيل الصغيرة! هناك عوالم منوعة في اللعبة و مراحل غابات و مراحل ثلجية و أخرى مستقبلية و حتى مراحل ما قبل التاريخ.
رغم ذلك دعونا نذكر أحد العيوب الأساسية للتجربة على صعيد الرسوم، تُقدم اللعبة معدل إطارات يصل إلى 30 إطار فقط على جهاز PS4 العادي و هو أمر غريب للعبة منصات و لم نشعر أن الرسوم بتلك القوة الضخمة التي تُبرر خفض معدل الإطارات بهذه الطريقة لا سيما و أن جهاز PS4 العادي سيكون الوسيلة الأساسية لخوض التجربة بالنسبة لعددٍ ضخم من اللاعبين، نحن نشعر أن ألعاب المنصات تحتاج إلى الدقة و تحتاج إلى السلاسة التي تقدمها تجربة الستين إطارًا و في العادة فنحنُ نتقبل و نتفهم أيضًا قرار المطور لو تمكن من إقناعنا من خلال التجربة بأنه اتخذ القرار الأفضل إلا أنه لسوء الحظ لم يتمكن من إقناعنا بذلك، و ما زاد الطين بلّة أن توزيع الإطارات (frame pacing) كان سيئًا و جعلنا نشعر بعدم السلاسة في اللعب بكل وضوح. من يملك جهاز PS4 Pro سيحصل حتمًا على تجربة لعب أفضل. أما الصوتيات فهي كعادة سلسلة كراش بانديكوت لا تُقدم ألحانًا مميزة تعلق في الذاكرة و إنما تُيقي نفسها في الخلفية لعدم سرقة انتباه اللاعب.
Crash Bandicoot 4: It’s About Time هي اللعبة التي أرادها عشاق السلسلة و انتظروها طوال هذه السنوات و هي كراش بانديكوت كما عهدتموها بإيجابياتها و سلبياتها، اللعبة ليست بالضخامة التي كنا نتخيلها كما أن الخلطة قد تكون بحاجة إلى التجديد في المستقبل و يصعب أن نتصور استمرار السلسلة بهذه الطريقة الخطية جدًا و لكن الآن هذا ليس وقت ذلك، الآن هذه اللعبة تستهدف إعادة كسب ثقة اللاعبين، إعادة كراش بانديكوت إلى الواجهة من جديد و إرضاء المعجبين الذين تمسكوا بهذا العنوان طيلة هذه السنوات بلعبة احتفاليّة مفصّلة تفصيلًا دقيقًا على رغباتهم. كراش بانديكوت 4 ليست أفضل لعبة منصات يُمكن الحصول عليها لكنها تُقدم ما أصبح معتادًا بالنسبة لنا من ألعاب الناشرين الكبار مع مرور السنوات: طريقة لعب متقنة، اعتناء بالتفاصيل، و كمية كبيرة من الخيارات المتنوعة التي تستهدف إرضاء اللاعبين.
تمّت مراجعة هذه اللعبة بنسخة حصلنا عليها من الناشر قبل صدورها في الأسواق