عالم المافيا هو عالم مثير للإهتمام ويحظى بإعجاب كبير من قبل عشّاق الأفلام السينمائية وخاصةً المافيا الإيطالية ولكن بالرغم من الإعجاب الكبير بهذه الأفلام وهذه القصص بشكل عام إلّا أنّها لم تحظى بحقّها من الإهتمام من قبل مطوّري ألعاب الفيديو وذلك بالطبع قبل حصولنا على لعبة Mafia التي قدّمها فريق التطوير Illusion Softworks عام 2002 لتحظى السلسلة ببداية ممتازة وتحصل على عدّة إصدارات تلي الجزء الأوّل، الأن وبعد أكثر من 18 عاماً يعود لنا الجزء الأوّل بنسخة الريميك التي ستعيدنا إلى مدينة Lost Heaven لخوض حياة رجل العصابة مرةً أخرى، فكيف كانت التجربة؟
أحداث القصة تدور في مدينة Lost Heaven الخيالية في فترة الثلاثينات وتأخذنا في رحلة عبر تاريخ Thomas Angelo سائق سيارة الأجرى الذي إلتقى Paulie و Sam من عصابة Don Salieri واللذان أجبراه على مساعدتهما من الهرب من رجال عصابة Don Morello ومن هنا تتوارى الأحداث وينضم Thomas إلى العصابة بعد أن أصابه الملل من قيادة سيارة الأجرة وما تحقّقه تلك المهنة من أجر ضئيل، القصة مستوحاة بشكل واضح من أشهر أفلام المافيا الإيطالية مع بعض الدلالات الواضحة إلى تلك الأفلام كما تحاول تجسيد نفس الأجواء الخاصة بها مع إعطاء كل شخصية رئيسية حقّها من الإهتمام والعمق وقد راقت لنا الحوارات الجديدة في الريميك كما راق لنا التمثيل الصوتي الجيّد والذي ساعد على تقديم طاقم رئيسي من الشخصيات التي تعلق في الأذهان والقصة هي أهم عناصر السلسلة بشكل عام وبالرغم من أنّها لن تقدّم أي شيء غريب عن أفلام المافيا الإيطالية إلّا أنّها لا زالت قصة مثيرة وممتعة بمختلف تفاصيلها.
اللعبة إستفادت من حصولها على ريميك برسومات حديثة لنحصل على إعادة إخراج لمختلف مقاطع القصة السينمائية والتي جعلت من القصة وأجوائها أكثر حضوراً وإثارة، بالحديث عن الجانب التقني العام فاللعبة متفاوتة وبدءاً بالإيجابيات فالإنعكاسات والإضاءة في اللعبة رائعة وتمّ الإعتناء بها بشكل ملحوظ فإنّ نظرتم في بركة مياه ستجدونها تعكس ما حولها من بيئة بشكل جميل وفي حال دخلتم في أحد الأنفاق وخرجتم منه ستلاحظون المحاكاة المتقنة للإحساس بإختلاف الإضاءة كما أنّ البيئات المغلقة المختلفة التي ستخوضون فيها المهام مليئة بالتفاصيل الدقيقة والكثيفة من أثاث وشقوق في الطلاء ونحوها من المؤثّرات الجميلة.
بالحديث عن السلبيات فباقي تفاصيل اللعبة تبدو ضعيفة كالدخان والنيران كما أنّ الأنيميشن وحركات الشفاه للشخصيات الرئيسية لا بأس بها إلّا أنّها سيئة في الشخصيات الأخرى كما أنّ مدينة Lost Heaven تبدو ضبابية ببعض تفاصيلها فالتكتستشرز كانت تبدو مضلّعة في العديد من تلك التفاصيل ومن الواضح بأنّ هذا المشروع حظي بميزانية أجبرت مطوّره على الإعتناء ببعض التفاصيل أكثر من غيرها، التجربة تحوي بعض الأخطاء التقني البسيطة والتي لم تؤثّر على تجربة اللعب كما لم تحدث بشكل متكرّر، على المستوى المسموع فاللعبة قدّمت مجموعة من الألحان الجميلة والتي أعطت تصويراً ممتازاً للأحداث كما أنّ الإعتناء بالمؤثّرات الصوتية كان واضحاً هو الأخر من صوت إحتكاك الإطارات بالإسفلت أثناء المطاردات والأصوات المعدنية وأصوات تحطّم الزجاج عند تلقّي المركبات للضرر أو تحطّم النوافذ.
تجربة اللعب في الريميك مشابهة جداً للإصدار الأصلي مع بعض التغييرات على واجهة المستخدم، إطلاق النار والإحتماء يفتقر إلى خصائص كالقدرة على الركض نحو الجدار أو الحاجز التالي للإحتماء خلفه بشكل تلقائي كما أنّ ألية التصويب ثقيلة بعض الشيء وليست بالدقيقة ممّا يجعل تجربة التصويب تفتقر إلى السلاسة والدقّة المطلوبة، قيادة المركبات حصلت على بعض التحسينات ويمكن القول بأنّها جيدة بشكل عام فهي ليست بالأفضل ما بين ألعاب النوع وليست الأسوأ في نفس الوقت، أحد الإضافات إلى الريميك هي إضافة علامات مرورية تظهر أمامكم لمساعدتكم على معرفة الطريق نحو هدفكم أثناء القيادة عوضًا عن الحاجة إلى النظر إلى الخريطة المصغّرة في زاوية الشاشة لمعرفة مكان الإنعطافة التالية وهي إضافة جميلة بالرغم من بساطتها.
على عكس الكثير من الألعاب المشابهة فإنّ Mafia لعبة خطيّة في الأساس فأنتم تخوضون مهمّات القصة الواحدة تلوى الأخرى دون أي إستراحة ما بين تلك المهمّات والجميل في التجربة هو تنوّع المهمّات ما بين مطاردات وتبادل لإطلاق النيران أو حتى مهمّات بسيطة تقومون فيها بالتسلّل وتفادي لفت الإنتباه ممّا يجعل من التجربة متنوّعة بأكبر قدر ممكن مع تقديمها للعديد من اللحظات المثيرة، في العادة ما تتطلّب منكم المهمّات القيادة من مركز العصابة إلى منطقة محدّدة بادئ الأمر وهو روتين ممل في اللعبة إلّا أنّكم ولحسن الحظ قادرون على ضغط زر واحد لإختصار الرحلة والوصول مباشرةً إلى هدفكم وهو قرار يشكر عليه المطوّر، خلال خوض مهمّات القصة قد ترغبون بتجميع بعض الكروت والمجلاّت المصوّرة المتواجدة كنوع من العناصر القابلة للتجميع وما عدى ذلك لا يتواجد محتوى يذكر ليشغل وقتكم، هنالك طور Free Ride والذي يسمح لكم بالتنقّل في عالم اللعبة المفتوح خارج نطاق القصة ولكنّ هذا العالم لا يحوي الكثير للقيام به ما عدى القيادة وتجميع بعض البطاقات أو إكتشاف بعض الأسرار التي وضعت لمن يهتم بها.
إنهاء القصة تطلّب حوالي 10 ساعات على الصعوبة الأساسية ويمكنكم خوض التجربة بالصعوبة التقليدية للحصول على تحدّي أكبر حيث أنّ إعادة التلقيم تعني نفاذ الرصاص من مشط السلاح كما أنّ الطلقات تتسبّب بضرر أكبر وعدّة الإسعافات الأولية ليست بنفس الفعالية ولكن كما ذكرنا فألية التصويب في اللعبة ليست بالأفضل وخوض التجربة بصعوبة أعلى قد يكون مضجراً أكثر منه ممتعاً، في النهاية Mafia: Definitive Edition تعيد سرد قصة قد تكون الأفضل ما بين إصدارات السلسلة المختلفة، هي تجربة عزّزت الإهتمام بالقصة وخلقت لها أجواءً مميّزة ولكنّها حافظت في نفس الوقت على سلبيات الإصدار الأصلي.
تمّ مراجعة هذه اللعبة بنسخة PlayStation 4 تمّ توفيرها من قبل الناشر.