تشهد سلسلة Yakuza نقلة نوعية في أحدث أجزاءها. الجزء السابع في اليابان، إلا أن النسخة الغربية قررت التخلص من الرقم 7 لتعزيز فكرة كونه مدخلاً جديداً لمن يريد تجربة السلسلة، وأرفقته بتمثيل صوتي إنجليزي للمرة الأولى في السلسلة من بعد الجزء الأول. لماذا قرروا تسويق هذا الجزء تحديداً كمدخل جديد؟ لأنه الجزء الأول بعد انتهاء قصة Kazuma Kiryu واستلام البطل الجديد Kasuga Ichiban لمكانه، ولأنه الجزء الأول الذي يتخلص من النظام القتالي الشهير للسلسلة ويقدم مكانه نظام تتابع أدوار أقرب لما تتوقعه من ألعاب تقمص الأدوار اليابانية… مثل Dragon Quest.
ما يعنيه هذا هو أن Like A Dragon هي لعبة تواجه الكثير من التحديات. تحدي بدأ قصة جديدة بعد نهاية رحلة Kazuma Kiryu، وتحدي تقديم بطل جديد يملأ الفراغ الذي تركه أحد أكثر أبطال ألعاب الفيديو أيقونية، وتحدي تقديم نظام قتالي جديد، ومنطقة جديدة، وبيع السلسلة للاعبين الجدد الذين أبعدتهم كثرة أجزاءها في الماضي. فلأي درجة نجحت اللعبة في مواجهة هذه التحديات؟
لدرجة كبيرة، في الواقع، على الأقل فيما يتعلق بالقصة والشخصيات. تحكي Like A Dragon قصة Kazuma Ichiban، ياكوزا في إحدى العائلات الصغيرة التابعة لعشيرة Tojo. يقضي Ichiban 18 عاماً في السجن ليحمي أحد أسماء العائلة الكبيرة، لكنه يفاجأ عندما يخرج أن العالم تغير كثيراً في هذه السنوات، وأن الأمور أصبحت أكثر تعقيداً وأنه لم يعد مرحباً به في العائلة. سلسلة من الأحداث تقود لبدأ Ichiban لحياة جديدة، عليه خلالها أن يتسلق السلم الإجتماعي من الصفر برفقة أصدقاءه، لكن الأمور تصبح أكثر تعقيداً مجدداً عندما يجد نفسه متورطاً بمؤامرة عملاقة يصعب فهم أبعادها، وحرب بين منظمات الياكوزا الكبرى في يوكوهاما.
قصة Like A Dragon هي واحدة من أفضل قصص السلسلة، على الأقل في بدايتها. الدراما قوية، والكوميديا مضحكة، والشخصيات جذابة واللحظات الثقيلة لها وزنها. النصف الأول من اللعبة كان أكثر تشتتاً مما تتوقعه من لعبة ياكوزا، حيث يكاد يكون كل فصل منفصل عن سابقه، ويركز على مغامرات Ichiban في العالم الجديد عليه وتعرفه على قواعده وافراده. لم تكن هذه سلبية في تجربتي، بل كانت الفترة الأكثر امتاعاً في التجربة بالنسبة لي، وتجلت فيها كتابة الشخصيات الرائعة التي يعرف بها فريق ياكوزا. النصف الثاني حيث بدأت القصص تترابط وأبعاد المؤامرة تظهر، لم يكن بنفس القوة التي رأيناها في أجزاء مثل 0 أو حتى لعبة الفريق الأخيرة Judgement، إلا أنه لم يخلُ من اللحظات الحماسية والمؤثرة، ونجحت اللعبة بأن تنتهي بشكل ممتاز في فصلها الأخير.
نجم الحفلة بلا شك كان Kasuga Ichiban نفسه، الذي لم يكتفي بأن يملأ الفراغ الذي تركه Kiryu Kazuma، بل قد يكون بطلي المفضل في السلسلة على الإطلاق. Ichiban يتبنى مبادئ Kazuma كاملة، ويجسد نفس النسخة الرجولية المثالية مما يعنيه أن تكون ياكوزا، إلا أنه ليس بنفس المهارة بالحفاظ على هذه المبادئ طوال الوقت. Ichiban يخطئ ويفشل ويتطور، كما أن شخصيته الأقل جدية اضافت الى الجانب الكوميدي من القصة، وخياله الواسع وحبه لألعاب الـ RPG عمل كمبرر لأنظمة اللعب الجديدة. باقي الشخصيات التي تنضم لـ Ichiban في رحلته جيدة أيضاً إلا أن هناك إهتماماً واضحاً صب على أول 3 لم يمتد لباقي المنضمين، الذين لا يظهرون حتى في أغلب المقاطع السينمائية وليس لديهم تأثير يذكر على القصة.
نظام القتال في Like A Dragon بسيط وممتع. مبني على فكرة ضرب نقاط ضعف العدو لإسقاطه ثم إحداث أكبر ضرر ممكن له وهو ساقط على الأرض، مما ذكرنا بسلسلة Shin Megami Tensei. التشابه مع السلسلة في أنظمة اللعب لا ينتهي هنا، حيث تجد نظام لتطوير علاقتك مع أعضاء فريقك، ذكرنا بشدة بنظام الـ Social Links الشهير من Persona. هناك أيضاً نظام تبديل وظائف (Job System) لا يختلف كثيراً عن النظام الشهير من Final Fantasy V، لكن تقديمه المتأخر نسبياً بالإضافة إلى المجهود الكبير الذي يتطلبه رفع مستوى وظيفة جديدة لوظائفك القديمة، جعل منه نظاماً لا يشجع على الاختبار والتجربة، وحاولت العثور على أفضل وظيفة بأسرع شكل ممكن حتى أتجاهل النظام وأقلل الوقت الضائع قدر الإمكان.
وحديثاً عن الوقت الضائع، النصف الثاني من Like A Dragon مليء باللحظات التي رأيتها كمحاولة تمطيط لعمر اللعبة. فتطلب منك اللعبة تجميع 3 مليون ين لتستكمل القصة في تارة، وتعطيك زعيماً أعلى منك بـ 15 مستوى في أخرى. جميعها لحظات اضطرتني للتوقف عن لعب القصة والقيام بعمليات تطوير مملة أبرزت مشكلة التكرار وقلة الإحتمالات في النظام القتالي.
على صعيد أكثر ايجابية، مجموعة الألعاب المصغرة والقصص الجانبية هي واحدة من مفضلاتي بالسلسلة حتى هذه اللحظة. جرعة الكوميديا الغرائبية المعتادة موجودة وممزوجة بلحظات درامية تضربك في أوقات لا تتوقعها. حتى الألعاب المصغرة هنا تعطيك في الكثير منها محتوى قصصي لا بأس به، وأخص بالذكر لعبة السينما ولعبة إدارة الشركة، التي هي نسخة مطورة من لعبة إدارة النادي في Yakuza 0، والتي كانت من ألعابي المفضلة فيها.
رسومياً، السلسلة في أجمل حلة لها حتى الآن، والـ Dragon Engine مازال قادر على إبهاري حتى هذه اللحظة، ولو أن المقاطع السينمائية أصبحت أجمل بوضوح من جزئيات اللعب، بشكل قد يكون مزعجاً أحياناً. صوتياً تقدم اللعبة ألبوم جيد جداً يمزج أسلوب السلسلة الموسيقي المعروف بألحان تبدو ببعض الأحيان كأنها قادمة مباشرة من Dragon Quest، لعبة Ichiban المفضلة. خارج هذين التصنيفين تأتي بعض ألحان اللعبة لتجرب أشياء جديدة وأكثر غرابة، ومنها لحني المفضل في اللعبة، لحن قتال زعيم الفصل الثاني عشر.
Like A Dragon إضافة ممتازة لسلسلة ياكوزا، وبداية موفقة لرحلة بطلها الجديد Ichiban. أنظمة الـ RPG لا توافق الطموح القصصي في كثير من الأوقات، ونقص خبرة الفريق في المجال تتجلى بالكثير من اللحظات، إلا أنها في أسوأ حالاتها أساس موفق مع مجال للتحسن، وسأود للغاية أن العب جزءاً آخر يبني على هذا الاساس.
تمت مراجعة اللعبة بنسخة PS4 حصلنا عليها من الناشر قبل الإصدار