في نقاش هذا الأسبوع سنتناول موضوعًا مُثيرًا للاهتمام و هو موضوع “شيطنة سوني” الذي أمسينا نُلاحظه من طرف العديد من اللاعبين على شبكة الانترنت، كثيرًا من نقرأ آراء ترى بأن شركة سوني للتسلية التفاعلية هي الشيطان الرجيم في صناعة ألعاب الفيديو في الوقت الحالي. حسنًا، ما نود قوله هو… هذه ليست أول مرة و لن تكون آخر مرة نلحظ فيها سلوكًا مشابهًا لهذا من جمهور اللاعبين. الأمر حصل من قبل مع شركة مايكروسوفت في بداية الجيل الماضي مع Xbox One، و واجهته شركة Nintendo أيضًا و باستمرار.
ما نود قوله هو: أنا لا أتفق مع شيطنة أي شركة، و لكن العديد من اللاعبين لا يُدركون جيدًا ما معنى أن تعمل شركة لمصالحها الخاصة، و يؤدي الرابط العاطفي بينهم و بينها إلى هذا النوع من رد الفعل، بل و ربما يظن البعض أيضًا أن الشركات “مدينة له” و يجب أن تعمل كما يتخيل و كما يحلم، و هذا أبعد ما يكون عن الواقع. أنا لستُ ضد الانتقاد بأي شكلٍ من الإشكال، و لكنني أعتقدُ أن هناك فرقًا كبيرًا بين النقد و بين الشيطنة، هناك فرق بين انتقاد قرار و بين أن يقوم بعض اللاعبين بشن حملات مُثيرة للسخرية تُنادي بإقالة الرئيس التنفيذي لسوني “جيم راين” و كأن هؤلاء اللاعبين أصبحوا على دراية بعلوم إدارة الشركات الضخمة.
سوني ليست شيطان، مايكروسوفت ليست شيطان، ننتندو ليست شيطان هي الأخرى، كل شركة من هذه الشركات تعمل من أجل الأرباح و طريقها إلى ذلك هو إرضاء المستهلك، و لكن علينا ان نُدرك بأن الشركة التي تخسر السباق تُضحي أكثر من غيرها و تقدم الغالي و النفيس لتكون “صديقة” الجماهير، سوني فعلت ذلك عندما كانت تخسر السباق و توددت إلى الجماهير للغاية مع إطلاق البلايستيشن4 و فعلت كل شيء من أجل أن تكون البطل في أنظار اللاعبين، و مايكروسوفت الآن تفعل كل شيء حتى تكسب ود اللاعبين من جديد و أتت بنموذج الGame Pass و الذي تتحمل من أجله على الأرجح خسائر كبيرة حتى ينجح على المدى الطويل، و لكن عندما تحقق الشركات النجاح من الصعب أن نتخيل بأنها ستواصل القيام بنفس التضحيات، و على سبيل المثال فإن سوني كانت تحاول كثيرًا أن تكوّن قوة كبيرة على صعيد الطرف الأول و قامت بتجربة عشرات العناوين و عندما نجحت في ذلك أخيرًا و أصبح لديها مجموعة ألعاب تبيع 10 مليون نسخة فما فوق، من الصعب أن نتخيل أنها ستستمر في التجارب الصغيرة بنفس الكيفية السابقة.
هذا مُجرد مثال نستخدمه ليس من أجل الدفاع و إنما من أجل توضيح أسس العلاقة، العلاقة بين البائع و المُشتري، المُشتري ليس من حقه أن يُقرر سياسة البائع و هذا غير منطقي على الإطلاق، و لكن من كامل حقوقه أن يختار الشراء أو عدم الشراء. أنا لا أتفق مع كل ما تقوم به سوني و على سبيل المثال أنا من أنصار التوافق المسبق مع كافة الأجيال، و لكنني أعلم أن سوني لا توفر ذلك لأنها لا ترى في الأمر جدوى تجارية، أنا أختلف معها في هذه الرؤية كلاعب و لكنني لا أرى أنها شيطان، هي تملك هذه الرؤية للمنصة و ربما تكون رؤيتي أو فكرتي الشخصية مختلفة.
لا وجود لشركة مثالية و لكن هذه الشركات ليست شيطانية أيضًا، الفكرة الدائرة بين بعض اللاعبين أن كل ما تقوم به سوني حاليًا هو ضد اللاعب أو أنها تغيرت جذريًا حتى، ليست فكرة صحيحة في منظوري على الإطلاق. إغلاق فرق التطوير و إلغاء المشاريع؟ هذا جزء من الإدارة و حصل مرارا و تكرارا في الماضي من طرف إدارات سابقة للبلايستيشن بعضها يتغنى بها الجمهور الآن، و كل قرار له مسبباته سواء اتفقنا معها أو اختلفنا، جيم راين؟ هو شخص واحد فقط و ليس المسؤول الوحيد عن استراتيجية البلايستيشن كاملة أولًا، و ثانيًا هو يقود سوني التفاعلية لتحقيق أكبر نجاح تجاري في تاريخها على صعيد الأجهزة المنزلية مع المبيعات الخارقة التي يحققها البلايستيشن5، و هذا أيضًا يعود إلى حسن إدارة المنصة و حسن توزيع الألعاب و المشاريع المناسبة التي جعلت الجماهير راغبة في الجهاز، هذا فضلًا عن الرسالة الإعلامية العبقرية في رأيي و التي وعدت اللاعب بتجربة ترفيهية متكاملة من أداة تحكّم إلى صوتيات وصولًا إلى أوقات التحميل و المستوى الرسومي.
نحن مع النقد البناء دائمًا و أبدًا، لكننا لا نعتقد أبدًا أنه من الصواب تصوير إحدى الشركات على أنها تعمل لتخريب و هدم سوق الألعاب، إن كانت سوني أو مايكروسوفت أو ننتندو، كل شركة تعمل لمصالحها و تحاول إرضاء زبائنها، و الأهم أن كل شركة من هذه الشركات تقوم بتوسيع السوق بنموذج عمل خاص بها و نوعية منتجات خاصة بها أيضًا و جمهور مختلف تستقطبه من اللاعبين. على أية حال، هذا ما نراه، فماذا عنك عزيزي القارىء؟ شاركني بأفكارك في التعليقات.