“كيف” هي كلمة راودتني كثيرا منذ وقوع هذه اللعبة بين يدي. كيف تمكنت كابكوم بعد ٢٥ سنة من صناعة الجزء الأول، أن تحافظ على قوة السلسلة و استمرار حب الجماهير لها. كيف تحافظ هذه السلسلة على ثباتها وبنفس الوقت تجدد من نفسها. بالتأكيد ليست كل مسيرة السلسلة بهذا الجمال، فنعلم عن العثرات مثل الجزء السادس، لكن نستطيع أن نقول أن كابكوم عادت للمسار الصحيح مع الجزء السابع، الذي يعود لجذور السلسلة الأصلية، و الآن نجد الجزء الثامن الذي يبنى على كل ما تم وضعه في الجزء السابع. الكلمات والجمل التالية ستعرفكم المزيد عن أحدث تجربة من سلسلة الشر المقيم.
الأحداث هنا تعتبر تكملة مباشرة لما حصل في الجزء السابع، حتى أن اللعبة ستسألك إذا كنت تريد متابعة ملخص لأحداث الجزء السابع. شخصيا أنصح بمتابعته لأنه ليس طويلاً. ربما قد شاهدتم الدقائق الأولى للعبة في العروض الترويجية، حيث تدخل الشخصية الأيقونية Chris Redfield لمنزل البطل Ethan ويطلق الرصاص على زوجته، من هنا تبدأ رحلتك، حيث تشق طريقك نحو ما يمكن وصفه بقرية مريبة جدا.
أثناء استكشاف هذه القرية، سترى البيوت المختلفة التي تزورها خالية، وكأن سكان هذه المنازل تركوها بعجلة من أمرهم. كل منطقة تزورها أثناء رحلتك، ستجد أن البيئة بنفسها تحكي لك الكثير وتوضح الغموض والأحداث المختلفة التي جرت في تلك المناطق. هذه نقطة تحسب لمصممي هذه المراحل، لأنهم لم ينجحوا بنقلك إلى هذا العالم المريب وحسب، بل نجحوا أيضا في توضيح عناصر مختلفة من القصة عن طريق البيئة و بطرق ذكية.
القصة هنا مثيرة للاهتمام، تجذب انتباهك من البداية، و سترضي عشاق السلسلة القديمين أيضا لأنها ستجاوب على بعض الأسئلة عن القصة العامة للسلسلة. الحوارات هنا ممتعة، ولو أن أداء الممثل Ethan متذبذب في الإلقاء في إحدى المشاهد. نقطة أخيرة تخص الأحداث وهي طاقم الشخصيات في هذا الجزء، كل شخصية تقابلها تريد معرفة المزيد عنها، سواء كانوا من الشخصيات الطيبة أو حتى الشريرة. لا يحضرني أني وجدت شخصية واحدة كانت مملة، بل جميعهم كانوا مميزين.
نمط اللعبة يختلف عن العاب Resident Evil السابقة، بحيث القرية هنا هي المكان الذي ستعود له بعد إنهائك لكل منطقة مختلفة، وخلال كل منطقة ستكسب غرض جديد يسمح لك باستكشاف القرية أكثر وإيجاد الكنوز. أثناء لعبك ستجد العديد من الكنوز المختلفة ومحتويات هذه الكنوز تتراوح من بين إضافات لأسلحتك لأغراض ثمينة تبيعها مقابل مبلغ مالي ضخم، وأيضا بعض الأعداء ممن سيكون نزالهم أو تجنبهم خيارا يعود لك. هذه الحرية النوعية أعطت طابع مميز، لكني وجدته يشتت فكرة اللعبة إلى حد ما. اللعبة تتقلب بين لحظات الأكشن و بين لحظات أخرى تركز على الرعب، لكنها لم تجد التوازن بين الاثنين ولا حاولت الخلط بينهم. النصف الأول من اللعبة يميل إلى الرعب ويقدم لك أنواع مختلفة من الرعب، مثل الرعب من رهبة الوحوش الذي تعودنا عليه من هذه السلسلة، وفي مرات أخرى ستشهد رعب سيكولوجي مما يركز على العامل النفسي. بينما وجدت النصف الثاني من اللعبة أكشني بحت، شخصيا كنت مستمتعا به، لكنه فشل في صنع لحظات رهبه وخوف أثناء مغامرتي، لدرجة أن هذا الشعور اختفى تماما هنا.
كما ذكرت في بداية المراجعة، فهي تكملة لأحداث الجزء السابع، و هي تقدم أيضا أسلوب اللعب بالمنظور الأول، مما يوحي بأنها أيضا تكملة لفلسفة أفكار اللعب من ذلك الجزء. لكن الحقيقة هي أنها متأثرة بشكل كبير بأفكار الجزء الرابع من ناحية نظام اللعب. حركة Ethan هنا أسرع من السابق، وأصبح لديه حقيبة يخزن فيها ذخيرته وأسلحته، ومثل الجزء الرابع لديك بائع مميز بإمكانك أن تشتري منه أسلحة و ذخائر و توسعات لحقيبتك والعديد من المستلزمات الأخرى. هذا البائع المعروف بسمى Duke ، و هو يعرف الكثير عن Ethan لسبب ما، وبنفس الوقت هو ليس بائع تقليدي، لأن بإمكانه تطوير أسلحتك وأيضا تطوير دفاعك وطاقتك وسرعة حركتك، اذا قمت بتجميع الأغراض اللازمة. ستجد شريحة مختلفة من الأسلحة لديه، و أنواع مختلفة من نفس فئة السلاح. هذا غير القنابل المختلفة. بإمكانك تجميع قطع وإضافات لأسلحتك تجعلها أفضل. بعيدا عن الأسلحة، التجميع عامل مهم في اللعبة، لذا أجمع أي شيء تراه، لأنك بالتأكيد سوف تستعمله في قائمة Crafting، التي عن طريقها ستصنع العلاج و ذخيرة أسلحتك و القنابل.
الأعداء باللعبة شرسين و مندفعين ويأتون بشتى الأشكال، ومعرفة طريقة قتال كل واحد جدا ممتعة. عندما نتحدث عن طرق معينة لهزيمتهم، فهي ليست إجبارية لكن تسهل المهمة، و إن أردت يمكنك قتال كل الوحوش بالطريقة التقليدية. لكن بكل صدق، اختلاف طرق التخلص منهم هو أحد أنواع المتعة في التجربة وأنصح الكل في التعرف على ذلك. كل منقطة ستواجه فيها أعداء جدد إلى حد ما ، وهذا يعزز من عامل الخوف في اللعبة. لكن يؤسفني أن أقول أن الزعماء خيبوا ظني، أتحدث هنا عن الزعماء الرئيسيين، حيث يوجد اثنان منهم على الأقل كانوا ممتعين في القتال، بينما البقية لم أجد فيهم ما يميزهم. في المقابل تواجد شريحة من الزعماء الجانبين كان شيء مميز و وجدت نفسي مستمتع جدا في نزالهم وهذه النقطة تشجعك أكثر في استكشاف القرية.
بالطبع لن تصبح لعبة RE بدون تواجد الألغاز، وبعكس الجزء السابع هذا الجزء الجديد لا يعتمد على الظلال أو انعكاسات الإضاءة. الألغاز هنا تتمحور حول البيئة بشكل جداً ذكي، ويداعب مخك بالتفكير خارج الصندوق، مما جعلني متشوق اكثر للأنواع المختلفة و المتنوعه منها. لم اجد فكرة لغز معين متكررة، بل اللعبة تستمر في تقديم أفكار مختلفة على حسب الاجواء العامة للمنطقة التي تجد نفسك فيها.
محرك شركة كابكوم الأخير و الذي يحمل اسم “RE Engine”، محرك ألعاب ساحر، يظهر الألعاب وعوالمها وشخصيتها بكمية من التفاصيل والجودة التي تعرف بها استديوهات الطرف الأول، لكن بربع المساحة التخزينية التي تستهلكها هذه الألعاب الضخمة بالعادة. العالم في RE8 مليء بالتفاصيل، من مؤثرات تساقط الثلوج في بداية اللعبة، الى الانعكاسات المذهلة التي لاحظتها في القلعة و المناطق الاخرى. أضف الى ذلك كمية التفاصيل على ملامح الأعداء والزعماء، تلك الأشكال القبيحة والمرعبة جعلتني أتمنى أن لا يتطور مظهر الالعاب، لأن تصميم بعض الأعداء كان فعلا يبث رعب في القلوب. مع الجودة العالية من الرسوم و التفاصيل الدقيقة وطبعا الانعكاسات المذهلة بفضل تقنية Raytracing ، يمكنكم أن تتوقعوا أن أداء اللعبة لم يكن ثابتا عند 60 إطار طوال الوقت، شخصيا هذا لم يزعجني لأن اللعبة ليست سريعة الحركة. و بطبيعة الحال بمجرد تعطيل تقنية تتبع الأشعة Raytracing سيصبح الأداء أفضل.
سيكون الكثيرين سعداء بمعرفة أن هذا الجزء مترجم إلى اللغة العربية ، هذا يشمل النصوص و القوائم، و شخصيا وجدت الترجمة جيدة و تصف الأمور بشكل واضح. اللعبة تحث على انهائها أكثر من مرة، وكانت نسبيا سهلة على صعوبة Standard، ومثل ما عودتنا هذه السلسة، بالغالب ستفوتك أسرار بالمرة الأولى من اللعب، وتريد العودة لها، او إنهاء اللعبة مجددا بترسانة الأسلحة التي جمعتها في جولة اللعب الأولى، ثم محاولة إنهاء المزيد من التحديات المختلفة، التي عن طريقها ستكسب أسلحة خاصة منها ما هو بذخيرة لانهائية. نقطة أخيرة تخص المحتوى هي عودة طور “Mercenary” الشهير، الذي يضعك في مناطق مختلفة من اللعبة وتحاول التخلص من الأعداء، لتجميع اكبر عدد من النقاط اثناء فترة زمنية محددة.
بشكل عام السلاسة تطغى على اللعبة، من إنعدام فترات التحميل، إلى المستوى العالي من الصقل في تصميم المراحل والألغاز التي لا تجعلك تشعر بالضياع، فأنت دائما تعرف أين ستتجه بدون أن تشعر بأن اللعبة تحثك على التقدم. هذه العوامل مع خلط الحرية مع خطية اللعبة جعلها ليست فقط مميزة كلعبة Resident Evil بل كلعبة رعب فريدة من نوعها.
تمّت مراجعة اللّعبة بنسخة بلايستيشن 5 التي تمّ توفيرها من قبل ناشر اللّعبة.