“الكمية تغلب النوعية” جملة لم أخف استغرابي من منطق قائلها منذ سمعتها للمرة الأولى في حياتي، هل ستفضل الحصول على كأس حليب فاسد على نصف كأس حليب طازج؟ أكنت لتختار كيلوجراما من الحديد بدل جرام من الذهب؟ أكنت لتذهب وراء عشرات الساعات من الملل الذي لا يطاق بدلا من ساعة واحدة من المرح المتواصل؟ ألا يبدو هذا المنطق غريبا و غير منطقي على الإطلاق؟ كأي لعبة عالم مفتوح فإن حصولك على الكمية أمرٌ شبه مؤكّد لما يقدّمه هذا النوع من عالم ضخم مع العديد من المهام المختلفة لإنجازها، و هو أمر يمكنني تأكيده لكم منذ الآن داخل ضيفتنا لهذا اليوم، فماذا عن النوعية؟ حسنٌ، من قال أنّ الاثنين لا يمكن أن يجتمعا معا؟ لم لا نأخذ كلاًّ من الكم و النوع و نمزجهما في وعاءٍ واحد؟ ربّما لم ينجح الكثيرون في تقديم هذا الأمرين معا بنجاح إلاّ أن الجميع يستحق فرصة لذا لنمنح واحدة لفريق Experiment 101 الذي بالرغم من حداثة تأسيسه و قلة أعضاء فريقه فهو يضم عدداً من المواهب التي عملت في استديوهات avalanche و تحديدا على سلسلة Just Cause تحت رغبتهم في صناعة تجربة تتلخص في المرح و المتعة فهل نجح هذا الفريق الصغير الحالم بتحقيق هذا الهدف؟ أم أنّه قد قضم أكثر مما يستطيع مضغه في هذه التجربة الجريئة؟ تساؤل نطرح عليكم إجابته في مراجعتنا اليوم.
“كيف يمكن لشيء بهذا الجمال أن يُحتضر؟” تساؤلٌ تفتتح به اللعبة أولى سطور حكايتها التي كما يمكنكم التخمين فهي تروي عن عالم على حافة الهلاك بسبب التلوث الذي خلّفه قاطنوه الأوائل و ظهور “آكلي العالم” الذين يهددون “شجرة الحياة” بالدّمار و لكن لأن البشر… احم، الحيوانات لا يتعلمون من أخطاء من سبقوهم فبدلا من التوحد لمواجهة هذا الخطر العظيم يداً بيد فإن هناك ستة قبائل تتحارب فيما بينها و لكلّ منها أهدافها المختلفة و هالتها الخاصة بها حيث أنّ بعضهم يرغب في توحيد القبائل و إنقاذ شجرة العالم و هؤلاء هم من يمثلون جانب النور في حين أنّ البعض الآخر يرى أنّ العالم يجب أن يدمر ليتاح للأقوياء فقط أن يبدؤا بداية جديدة داخله و هم كما خمنتم الفئة التي تمثل الظلام، مصير العالم سيكون مرهونا بالقرارات التي ستتخذونها فيه و على من تحالفونهم داخله و علي الاعتراف أنّ اللّعبة قد وضعتني في دقائقها الأولى أمام خيار عصيب و هو السير في إحدى طريقي النور أو الظلام و هو الأمر الذي دفعني للتساؤل عمّا عليّ اختياره فمن الجميل أن تلعب دور الخيّر فهو أمر يشعرك بالرضا عن النفس و لكن قد يكون من الممتع أن تكون شريرا بكونك قادرا على ارتكاب كلّ ما هو ممنوع في حياتك الواقعية دون أن تشعر بتأنيب الضمير على الإطلاق! لكن، يبدو أنّني فضلت شعور الرّضا عن النفس و اخترت السير في طريق النور و لكن لا عليكم خياركم بادئ الأمر لن يحدد الكثير فالقرارات هنا تتسم بالمرونة فإمكانكم أن تكونوا أخياراً في النهار و تمسون أبالسة في اللّيل حيث أنّ اللّعبة تمنحكم نقطة أو اثنتين على كلّ خيار تقومون به و كلّما طغا جانب على آخر ستتغير هالتكم و هناك العديد من النشاطات التي يمكنك كسب نقاط النور أو الظلام منها و إن كنتم تتسائلون عنها فهي ليست معقدة على الإطلاق، اللعبة هنا تخبرك حرفيا في مختلف قراراتها و خياراتها بالآتي: “كن شرّيراً” أو “كن خيّرا” أو في بعض الحالات: “لا تكن أيّا من الاثنين” نظام دربي الخير و الشر هو نظام مباشر و غاية في البساطة بشكل كبير: “اقتل هذا الحيوان الصغير” أو “داعب هذا الحيوان الصغير” و “ساعد هذا الشخص” أو “لا تساعد هذا الشخص” لا يجب عليكم توقع قرارات تجعلكم تقفون على أطرافكم هنا و هذا الأمر ليس سيئا بالضرورة إذ أنّه يخدم الطابع العام للعبة بشكل جيد حيث أن قصتها تتسم بذات المباشرة و الوضوح و هي تبدو مقاربة نوعا ما لأفلام Dream works أو Disney Pixar الكلاسيكية و غيرها، ستتعرفون على ماضي شخصيتكم و على عدوها اللّدود الذي يظهر بادئ اللّعبة مهددّا حياتكم على شكل مهام تتذكرون فيها أيّام طفولتكم أثناء تقدّمكم للقصة و كيف كانت تصرفاتكم فيها و علي أن القول أنّه و بالرغم من كون نظام الخيارات بسيطا فإنّ مشاهدة تأثيراته رائعة بحق! فالشخصيات ستتفاعل مع هالتكم سواء كانت خيّرة أم شريرة بشكل مختلف بل بل سيستذكرون كيف كنتم في ماضيكم و كيف أصبحتم في حاضركم، ليس هذا فحسب! بل إنهم سيعلّقون على القبيلة التي تتحالفون معها كذلك فقد ذكر لي أحد الشخصيات أنّ تحالفي مع قبيلة “الميرياد” التي تمثل النور هو محض مضيعة للوقت فالعالم قد تغير و مبادئهم التي تنادي بالحرية و الشرف و احترام الحياة الانسانية (أو الحيوانية في حالتنا هذه) قد عفا عليها الزمن، لا أخفي أنني أعجبت كثيرا بهذه اللّمسة على الرغم من بساطتها!
حان وقت الحديث عن أحد أهم عناصر اللعبة ألا و هو رواي القصة و إن كنتم تتسائلون عن ما هيته فهو الصوت الذي لن يفارقكم طوال رحلتكم داخل عالم Biomutant فلا تكاد تمر دقيقة واحدة دون أن تسمعه يطلق تعليقا على كل ما يحدث أثناء تجولك في العالم أو القتال أو في تغير الطقس بل حتى في إجرائك للحوارات مع الشخصيات الأخرى حيث أنّهم يتحدثون لغة غير مفهومة على الإطلاق و معظم الحوارات التي ستدور بينكم وبينهم ستتبع هذا المثال (شخصيتكم غير قادرة على النطق بالمناسبة):
الشخصية: “توتا باراكو مو ساسا دي”
الراوي: “يقول أنّ عليك الاعتياد على هذا النمط لأنك ستسمعه منذ بداية اللعبة إلى نهايتها”
الشخصية: “فاراها ماتو ساكي تابي لوكا”
الراوي: “أو بإمكانك تخطي الحوارات إن بدا الأمر مزعجا بما يكفي”
إن كنت سأكون صريحا مع نفسي فهذا الأسلوب قد بدا لي مضجراً بادئ الأمر لكنني سرعان ما اعتدت عليه في نهاية المطاف، نعم سأعترف أنني كنت أقوم بتخطي “بعض” الحوارات هنا و هناك لكنّني أفعل المثل مع جميع ألعاب المفتوح مثل Skyrim أو Genshin Impact لذا فالأمر عادل تماما صحيح؟ بالإضافة أنّ هنالك العديد من الحوارات التي كان يتم تكرارها حتى داخل المهام الرئيسية و هو ما أزعجني كثيرا في الواقع، لكن لندع هذا جانبا و لنواصل حديثنا عن صديقنا الراوي الذي في حقيقة الأمر يتحدث بشكل كبير جدا و يبدو أنّ المطورين كانوا مدركين لهذه الحقيقة إدراكا تاما حيث ستخبرك اللّعبة في مرحلة معينة بإمكانية تقليل الكلام الذي ستسمعه منه بحسب رغبتك و لأكون صادقا فأنا لم أقرب من هذا الخيار بتاتا لسبب بسيط للغاية و هو أنني أعجبت كثيرا بصوته الرزين و الهادئ و لم أمانع مطلقا بأن يكون صوته هو الوحيد الذي كنت أسمعه معظم الوقت أثناء ترحالي في العالم و السبب الذي دفعني لاستعمال كلمة “معظم” بدل “دائم” هو بسبب تواجد حوارات كل من صوتي النور و الظلام داخل شخصيتي الرئيسية حيث أنّه و ما إن تحدد القرار الذي ستتخذه سيبدأ الاثنان بالتشاجر حول كيف يمكن أن تفضّل اختيار هذا الشيء المزعج علي؟ أنت ترتكب خطأً جسيما باستماعك لهذا الأحمق! و غيرها من الشجارات التي يمكن أن تخطر على بالك، الحوارات بين هذين الكيانين المتنافرين مسلية و من الممتع الاستماع إليها و إن لم أكن أخفي شعوري بالأسى على جانب الظلام الذي كنت أنحاز ضده طيلة الوقت حتى أني تسائلت مع نفسي من يكون الشرير الحقيقي هنا…
لننتقل إلى الحديث عن نظام اللّعب Biomutant هي تجربة أكشن و مغامرات تدور في عالم مفتوح ستبدأونها باختيار جنس شخصيتكم الخاصة و تصميمها و تحديد نقاط قوتها و ضعفها، نظام التصميم لن يأخذ وقتا طويلا و هو لا يختلف كثيرا عن غيره من الأنظمة في المبدأ هناك اختلاف ما بين قدرات كل جنس من الأجناس التي تسكن العالم كما يمكنكم اختيار فئة المحارب الذي تريدون أن تكونوه داخلها و ذلك بحسب الأسلوب الذي يناسبكم أكثر سواء إن كنتم تفضلون المواجهة القريبة بالأسلحة البيضاء أو البعيدة بالأسلحة النارية أو استعمال قدراتكم الخارقة بأريحية، لكنّ الأمر الذي لفت انتباهي هو أنّ صفات شخصيتكم ستنعكس على التصميم الكامل للشخصية فمثلا لو أردتم شخصية بالغة الذكاء فإن ما ستخرجون به سيكون كائنا ضئيل الحجم برأس عملاق و إن أردتم الحصول على جبل من العضلات فلكم ذلك إن كنتم مستعدين لإكمال اللعبة و رأسكم بحجم حبة البلوطة بالطبع فاللاعبون الحقيقيون أمثالنا لا يهتمون بأمور ثانوية كالعقل أو العضلات أو الرشاقة فكل ما يهم هو ألاّ تكون شخصيتنا الرئيسية مسخاً بشع المنظر يثير الرعب في داخل قلب كل من يراه و لهذا فما عليكم القيام به ببساطة هو اتباع ما قمت به ألا و هو تصميم شخصيتكم بناء على معايير الجمال الخاصة لديكم دون الالتفات إلى قدراتها و البدء بالتجربة فحسب!
الآن وبما أننا قد أنهينا الحديث عن المقبلات فيمكننا أن نستهل حديثنا عن عالم اللعبة بكونه الطبق الرئيسي في هذا الفقرة، يعد العالم خليطا ما بين بقايا الحضارة المنهارة كما نعرفها في يومنا الراهن و بين الحضارة الهشة التي بناها قاطنوا العالم بعد دماره و التي تبدو بدائية إلى حد كبير و لأختصر الحديث بقدر الإمكان فالعالم هنا غاية في الجمال! الألوان مشرقة و البيئات خلابة و هناك تنوع كبير في المناطق التي ستزورونها و إن كان هنالك بعض التكرار في المناطق الداخلية، استكشاف العالم قد يكون أحد أكبر نقاط قوة Biomutant فبعيدا عن المناظر الرائعة التي سترونها داخله فإن ما ستحصلون عليه من مكافئات من أسلحة و دروع و معدات هي أمور تستحق المجهود الذي تبذولنه للوصول إليها حيث أنّها تحمل تنوعا كبيرا سواء من ناحية التصميم أو القدرات و بالرغم من تواجد الكثير من الدروع الضعيفة بين أمتعتي إلا أنّني احتفظت بها نظرا لظرافة تصميمها إضافة أنّ اللّعبة لا تحتوي نظام “أنت تحمل الكثير و لا يمكنك الركض” و حتى الأشياء التي قد يتكرر حصولكم عليها فبإمكانكم تفكيكها و الحصول على بعض الموارد منها (بإمكانكم جمعها في العالم أيضا) و هذه الموارد ستكون مفتاحكم الرئيسي لنظام صناعة و تعديل الأسلحة و هو نظام لا يقلّ متعة و روعة عن استكشاف العالم حيث أنّ هنالك العديد من الخيارات التي يمنحها لكم بفضل كثرة القطع التي يمكنكم جمعها داخل العالم و أفضل ما في الأمر أنّه بسيط للغاية و ما الأفضل حين تجتمع المتعة و البساطة سويا؟ يمكنكم تعديل أسلحتكم أو بناؤها من الصفر كيفما أردتم و علي القول أنّني كنت أخرج دوما بنتائج مبهرة فالأسلحة التي كنت أصنعها أو أقوم بتعديلها كانت تبدو رائعة وغريبة الشكل إلى حدٍّ كبير إضافة إلى أنّ قوتها كانت لا تقلّ روعة عن شكلها لكن عليكم جمع الكثير من القطع النادرة مثلي إن أردتم الوصول إلى ذات النتيجة المرضية، اللعبة لا ترغب منكم بتفويت أيّ شيء حيث أنكم و ما إن تدخلون إلى منطقة معينة فستظهر قائمة بسيطة تخبركم بالأشياء التي يمكنكم الحصول عليها داخلها و حين انتهاؤكم من الحصول على جميع الغنائم الهامة داخلها ستخبركم أنكم قد أنهيتم المنطقة و هو ما وفّر عليّ الكثير من الوقت و إن كانت هناك بعض المناطق التي كانت تخبرني بأنني قد أنهيتها لأجد الكثير من الغنائم التي لم أقم بجمعها بعد و على الرغم من أنّ الأمر لم يتكرر كثيرا معي إلا أنه وجب التنويه عليه.
تتيح لكم اللّعبة العديد من وسائل التنقل المختلفة داخلها فهناك العديد من المخلوقات غريبة الشكل و التي ستتمكنون من امتطائها إن نجحتم في العثور على طعام لها لتكسبوا ثقتها، إضافة للعديد من وسائل النقل الميكانيكية مثل القارب و الرجل الآلي العملاق و المنطاد و غيرها و يمكنكم الحصول على هذه الوسائل من المهام الرئيسية أو الجانبية على حدّ سواء و بعضها سيلعب دورا محوريا في وصولكم إلى مناطق معينة داخل العالم و إن رأيت أنّ بعضها كان عديم الجدوى خاصة الطائرة الشراعية فاللعبة لا تحتوى ضررا للسقوط مهما كانت المسافة التي تقعون منها كما أنّ التحكم بها لم يكن مثاليا إطلاقا و هذا لا ينفي أنّها كانت تمتلك بعض الفائدة أحيانا إلاّ أنني بالكاد شعرت بداعي استخدامها، بمقدوركم أيضا التفاعل مع العديد من الشخصيات الجانبية المسالمة داخل اللعبة و من الممكن أن تجدوهم داخل القرى أو مرتحلين في مناطق عشوائية من العالم مثلكم و قد يمنحونكم مهمة جانبية (ستظهر إشارة التعجب فوقهم لتخبركم بذلك) أو أنكم ستجرون حوارا عابرا معهم لا غير أو قد تقومون بالبيع و الشراء منهم فحسب و إن كنتم محظوظين بما يكفي فقد يمتلك من تحادثونه معلومات عن منطقة سرية معينة تحوي العديد من الغنائم المغرية و لكن إن أردتم الحصول على موقعها فعليكم أن تمتلكوا نسبة محددة من الذكاء أو الجاذبية اعتمادا على الشخص الذي تحادثونه، و إن تمكنتم من إقناعه فسيخبركم بمكانها لكن المزعج في الأمر أنّه و حتى بعد زيارتك لهذا المكان و جمعك لكلّ ما فيه فإن الإشارة لن تتغير أو تختفي و هو الأمر الذي أصابني بالكثير من الإرباك حيث لم أكن أعرف أيّا من تلك المناطق قد أنهيتها و أيّ منها لم أزره بعد.
برغم جمال عالم Biomutant إلاّ أنّه يحمل العديد من المخاطر المختلفة ابتداءً من الوحوش الكاسرة إلى القبائل المعادية أو اللصوص و قطاع الطّرق، الأعداء هنا قد يختلفون في استراتجية التعامل معهم فمنهم من الضخم الذي سيحدث الكثير من الضرر لكم إن لم تكونوا حذرين بما يكفي و منهم من يستعمل الأسلحة النّارية مما يمكن أن يكون مزعجا جدا إن لم تقوموا بالقضاء عليهم بسرعة و بعضهم سيحمل الدروع لذا فالأسلحة النارية لن تجدي نفعا عليهم كما يمتلك بعضهم القدرة على تفجير أنفسهم أو الطيران أحيانا، قتال الزعماء هنا جيد و يمتلك تنوعا لا بأس به أثناء مواجهاتهم المختلفة و إن وضعنا مخلوقات العالم جانبا فإن هنالك العديد من الأخطار البيئية المحيطة حيث تمتلك مناطق معينة درجات تلوث و سمية عالية أو حرارة مرتفعة أو بردا قارصاً و سيكون عليكم ارتداء ما يقيكم من هذه التأثيرات قبل أن تفتك بكم تماما و أرغب بالتنويه هنا على أحد الأمور التي أحببتها باللعبة و هو عدم رغبتها في سد الطرق أمامكم فإن وصلتم إلى منطقة تحمل أيّا من تلك الأخطار البيئية فإنها ستخبركم بمكان تواجد البزة الخاصة لمقاومة هذا الخطر على شكل مهمة جانبية و هذا الأمر يشمل أيضا بعض الأدوات التي ستساعدكم على فتح مناطق معينة و على ذكر هذا الأمر فإن العديد من الأبواب التي ستكون مغلقة في وجهكم ستتطلب منكم حل لغز لفتحها و للأسف فالألغاز هنا قد بدت سهلة بشكل مبالغ فيه فأي شخص يستطيع حلها بمجرد إلقاء نظرة خاطفة و مع أنّ اللعبة تمنحك تحركات محدودة لحلها بالاعتماد على مستوى ذكاء شخصيتك إلاّ أنّ هذا لم يغير من حقيقة أنّها لم تقدّم أيّ متعة في حلها حتّى مع تقدّمي في اللعبة و ارتفاع مستواها.
ننتقل إلى الحديث عن نظام القتال هنا و هو ما يمكن أن يكون تجربة متفاوتة بشكل كبير ففي حين أنّ العدد الكبير من الأسلحة التي ستحصلون عليها كفيلة بحصولكم على الكثير من التنوع إلاّ أنّه يفتقر إلى الوزنية بشكل واضح فشعور الضرب يكاد يكود معدوما كما لو أنك كنت تضرب الهواء معظم الوقت و أخص حديثي هذا بالأسلحة البيضاء فأصوات الأسلحة النارية ممتازة كما أنها تمنحك شعورا كبيرا بالرضا لدى استخدامها اللّعبة أي و لكن إن ابتعدنا عن الوزنية بعض الشيء فستكتشفون أنّ نظام القتال ليس سيئا أبداً و يمتلك عناصر لا بأس بها يمكنكم تفادي هجمات الأعداء و إطلاق النار عليهم و هي الوسيلة الأكثر أمانا إلاّ أنّها ستأخذ بعض الوقت كما يمكنكم صد ضرباتهم في اللحظة المناسبة مما سيتيح لكم تنفيذ مجموعة قوية من الهجمات التي ستطيح بمعظم نقاط حياتهم و إن قمتم بتنفيذ عدة حركات قتالية مميزة بالتتالي فإنكم ستمنحون فرصة لتنفيذ سلسلة هجمات أقوى بكثير! القدرات الخاصة ستلعب دورا هاما في زيادة التنوع داخل نظام القتال و تنقسم هذه القدرات إلى عدّة أقسام أوّلها هو الحركات القتالية التي يمكنكم فتحها عن طريق “نقاط التطوير” و التي ستحصلون عليها كلما ارتفع مستوى شخصيتكم كما يمكنكم من خلالها تطوير مهارات المحارب الخاص بكم أو بعض الخصائص العامة كزيادة الحظ أو القوة أو الرشاقة الخ… نمتلك أيضا نقاطاً تدعى “Bio points” التي ستحصلون عليها من خلال الحاويات المشعة المتناثرة داخل العالم أو بهزيمة نوع معين من الأعداء و يمكنكم من خلالها فتح بعض القدرات الخاصة أو زيادة نسبة تحملكم للتسمم الإشعاعي أو الحر الشديد أو البرد القارص و غيرها من الأخطار البيئية و أخيرا و ليس آخرا فهناك “PSI-points” التي يمكنكم الحصول عليها من خلال التفاعل مع المعابد الموجودة في أنحاء العالم أو قرارات مختارة في اللعبة و هذه القدرات تختلف عن تلك الموجودة داخل فئة “Bio points” فلن تتمكنوا من فتح العديد منها إلا كانت هالتكم الخيّرة أو الشّريرة كافية لذلك حيث أنّ بعض القدرات تحتاج 15 نقطة من هالة النور لفتحها و هكذا، بالحديث عن الصعوبة فهي موزونة من خلال تجربتي لطور الصعوبة المتوسط و يمكنكم رفعها أو خفضها في أي وقت داخل اللعبة إن لم ترقكم بأي شكل.
لست بطّة فهي تقول كواك كواك و أنا أقول بووم بووم!
حان وقت الحديث عن المهام بشكل مجمل و الواقع أنّه ليس هناك الكثير للحديث عنه، المهام هنا اعتيادية بشكل كبير سواء كانت رئيسية أو جانبية، قم بتطهير مخيم قطاع الطرق ذاك اعثر على الأداة الفلانية و أعدها إلي، اهزم ذلك الوحش المزعج وغيرها… و هو الأمر الذي لم أر مشكلة به إذ أنّني نظرت إلى المهام كوسيلة إلى استكشاف العالم الرائع و قد نجحت اللعبة في ذلك بشكل جيد، نظام القبائل التي يعد أحد المهام الرئيسية قد تم تقديمه أيضا بشكل جيد فبعد اختيارك للقبيلة التي ترغب بالتحالف معها ستصبح القبيلة التي كانت في صراع معها عدوتك و سيتوجب عليك هزيمتها بالسيطرة على المناطق التابعة لها و طرق الاستيلاء على تلك المناطق تختلف باختلاف الحصن ذاته فبعض الحصون ستتطلب منك الدّخول خلسة من أسفلها لتدمير بعض أعشاش الدبابير لكي تثور و تبدأ مهاجمة قاطني الحصن فيسهل على قبيلتك السيطرة عليه، البعض الآخر سيتطلب مواجهة مباشرة ضد جنود الحصن و دفاعاته و البعض الآخر سيمكّنك من حلّ الأمر دبلوماسيا بإقناعك لزعيم الحصن بتسليمه سلميا دون قتال، إن تمكنت من هزيمة القبيلة فستحصل على سلاحها المميز و جميع قدراته الخاصة كما يمكنك تغيير قبيلتك في أي وقت تشاء بشرط ألا تكون قبيلتك الحالية قد دخلت في علاقة عدائية معها بعد، ستمنحك اللعبة خيارا في إحدى المراحل بإمكانية إيقاف الحرب و توحيد القبائل تحت راية واحدة و هو الأمر الذي قمت به شخصيا تجنّباً لإراقة المزيد من الدماء إلاّ أن هذا الأمر قد حال بيني و بين الحصول على بقية أسلحة القبائل و مهاراتها، الخيار سيكون بيدكم في نهاية المطاف.
إن كنت سأتحدث عن أمرٍ قد أزعجني فهو كون اللعبة لا تحتوي على نظام مهمات ديناميكي، كيف ذلك؟ حسنٌ… قد يكون الشرح صعبا لذا فلنسعمل مثالا لتبسيط الأمر: أثناء زيارتي لإحدى المناطق أخبرتني اللعبة بتواجد عدة أمور لجمعها فيها هكذا بدأت باستكشافها و حصد كل ما وقعت عيناي عليه إلى أن وصلت إلى آلة للحلوى و بالرغم من وضوح مقدرتي للتفاعل معها إلا أنها لم تستجب مطلقا رغم محاولاتي الكثيرة حتى أنّني حسبت الأمر خطأً تقنياً و مضيت في طريقي لآفاجأ لاحقا أنّ آلة الحلوى هذه كانت ذات علاقة بمهمة رئيسية احتاجتها إحدى الشخصيات، يتضح إذا أنّه لا يمكنك القول بكل بساطة أنك قد حصلت على قطعة الحلوى سلفا لتعطيها لها بكل بساطة لكنك بحاجة إلى العودة فقط لأن اللعبة لا تحتوي نظاما ديناميكيا بهذا الخصوص و للأسف فهذا الأمر قد تكرر معي عدة مرات حتى في المهام الجانبية حين كنت أبحث عن أحد الزعماء الجانبيين في منطقة معينة لفتح أحد السراديب الخفية لآفاجأ بعدم تواجده إطلاقا ليتّضح لاحقا أنّ هذا الزعيم مرتبط بمهمة جانبية من جديد و صدقوني عندما أقول أنّني لم أر داعيا لهذا القرار بأي شكل كان فهو لا يقوم سوى بتعطيل الاستكشاف عليكم لا أكثر و لا أقل.
الحديث عن اللعبة تقنيا هي المرحلة الأكثر تضارباً هنا فعلى الرغم من أنّ اللّعبة جميلة مظهريا كما ذكرنا سابقاً إلاّ أنّها تعاني العديد من الأخطاء التقنية و التصميمية على حدٍّ سواء فمثلا و بعد هزيمتكم للأعداء فابتعادكم عنهم مسافة قصيرة سيجعل جثثهم تختفي و معها الأدوات التي من المفترض أن يمنحوها لكم و إن ابتعدتم عن المنطقة التي كانوا بها بعض الشيء أثناء قتالكم لهم فإنّهم لن يعودوا أدراجهم فحسب لكنّهم سيستعيدون نقاط حياتهم التي كددتم لإهدارها طيلة هذا الوقت! و بعد إنهائكم للعبة فإنّها ستتيح لكم طور New Game+ الذي سيوفر لكم كافة الأدوات التي جمعتموها إضافة لاحتساب جميع المهام الجانبية التي قمتم بإنجازها مع إعادة المهام الرئيسية إلى نقطة الصفر من جديد و هو ما أراه أمرا رائعاً لولا وجود منغص واحد و هو أنّك مضطر للعودة إلى جميع المناطق المختلفة التي قمت بزيارتها من جديد لأنّ مناطق التنقل السريع قد اختفت و علي الذهاب إليها من جديد كي أتمكن من الانتقال إليها لحسن الجظ أنني قمت بحفظ اللعبة قبل إنهائي للمهمة الأخيرة مما سمح لي بالعودة و متابعة الاستكشاف بحرية، هناك مشكلة تخص الملابس الواقية أيضا، ففي بعض الأحيان حين كنت أستعد للدخول إلى منطقة تحتوي التسمم الإشعاعي بلباسي الواقي وجدت أنّ نسبة الوقاية من الإشعاع التي تظهر على الشاشة كانت لا تتعدى 36% و هو هراء محض فقد كنت أرتدي الدرع الكامل الذي يمنحني حماية بنسبة 100%! لحسن الحظ فعند دخولي للمنطقة لم أصب بأي أذى من الإشعاع أي أنّ الملابس التي كنت أرتديها كانت تعمل إلاّ أنّ النسبة الظاهرة لم تكن صحيحة على الإطلاق! و هذا لا يعني أنّ Biomutant لعبة مكسورة أو غير قابلة للعب، لا على الإطلاق فعلى الرغم من أنّ الأخطاء داخلها ليست قليلة و قد تكون مزعجة إلاّ أنّها ليست كفيلة بإفساد التجربة عليكم إضافة إلى أنّه يمكن حلّ العديد منها ببعض التحديثات المستقبلية إلاّ أنّه و حتى إصلاح المطورين لها فستبقى هذه الأخطاء كالشوكة في خاصرة اللّعبة.
عمر اللعبة هنا كأيّ لعبة عالم مفتوح نسبي و يعتمد بشكل كامل على إنجازكم للمهام الجانبية من عدمها و قد قضيت في اللعبة ما لا يقل عن 27 ساعة قبل إنهائها مع إنجاز العديد من المهام الجانبية إلاّ أنّه ما زال هناك الكثير من المهام التي لم أقم بإنهائها إضافة إلى العديد من المناطق التي لم أزرها بعد، مما لا شك فيه أنّ اللّعبة تقدّم محتوى دسما و بكون الفريق خلفها مؤلفٌ من 20 شخصا فحسب فهذا يعدّ إنجازا مذهلا يستحق أن يفخروا به وبشكل مجمل، فقد كانت تجربتي مع Biomutant مرضية إلى حدٍّ كبير و قد استمتعت كثيرا بها بل و يمكنني القول بملئ فمي أنني أحببتها بصدق، إلاّ أنها تمتلك نصيبا يصعب التغاضي عنه من السلبيات مما يمنعني من منحها المزيد من التقدير و برغم هذا فلا أزال أعتقد أنّك يجب أن تمنح Biomutant فرصة، ففي حين أنّها قد تكون مليئة بالخدوش إلاّ أن تمتلك جوهرا غاية في الجمال و المتعة والمحتوى الذي سيبقيك مشغولا لساعات طويلة! فإن كنت محبّاً لألعاب العالم المفتوح ماذا يمكنك أن تطلب أكثر من ذلك؟
تمت مراجعة اللّعبة بنسخة الحاسب الشخصي التي تمّ توفيرها من قبل النّاشر.