كم هو غريبٌ عالمُ ألعاب الفيديو، و كم هي مُميزة هذه الهواية. بعد كل هذه السنوات كان محبو The World Ends With You يعقدون الأمل للحصول على لعبة إضافية إلا أن هذا لم يحصل و طال الانتظار و طال. حسنًا، Neo The World Ends With You هي الإصدار الجديد لتعود هذه السلسلة من جديد و بعد كل هذه السنوات نعودُ مع أبطالنا الجدد إلى “شيبويا” في اليابان لنلعب لعبة الموت المُميتة مرّةً أخرى، فهل استحقّت المغامرة كل هذا الانتظار؟ الإجابة في المراجعة.
من الأسباب التي جعلتنا نتعلق كثيرًا بجهاز ننتندو المحمول DS الابتكارية الكبيرة التي قدمها في العديد من الألعاب التي حاولت استعمال اللمس و الشاشتين بطرق مبتكرة، العديد من السلاسل التي باتت من أعمالنا المفضلة وُلدت على هذا الجهاز أو حظيت بالشهرة عليه، و نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: Ace Attorney و Zero Escape و Professor Layton، سكوير إينكس كان لها نصيب أيضًا مع لعبة أكشن آربيجي مختلفة عن كل ما صممته الشركة من قبل بعنوان “العالم ينتهي معك” أو The World Ends With You في الأسواق الغربية.
لطالما شعرنا بأنّ The World Ends With You هي لعبة تستلهم الكثير من ألعاب شركة Atlus اليابانية و تبدو أقرب إلى ألعاب أطلس منها إلى ألعاب سكوير إينكس، إن كان من جانب أن الأحداث تدور في عالمٍ معاصر أو واقعي عوضًا عما عرفت به سكوير إينكس من عوالم ماضية أو مستقبلية، أو الشخصيات ذات الطابع الكرتوني المبنية على سمات شخصيات مسلسلات الأنمي اليابانية، و لكن اللعبة أيضًا قدمت شخصيتها الخاصة و طابعها الفريد و لم تكن استنساخًا أو تكرارًا، و هي بحق واحدة من أفضل ألعاب الننتندو DS و من أروع الألعاب المحمولة، إن العودة إلى هذه السلسلة كانت أشبه بزيارة صديقٍ قديم لم نتلق به منذ أعوامٍ طويلة، مزيجٌ من الحذر و الترقب و الأمل كان يعترينا، كيف سيكون لقاؤنا مع هذا الصديق؟
حسنًا، يسرّنا القول أن العودة كانت سارة، و أن هذا الصديق استقبلنا بترحابٍ شديد لنشعر أننا في بيتنا مرّة أخرى. مطورو اللعبة لم يفقدوا لمستهم أبدًا. سنكون صريحين من البداية و نقول بأن التجربة كانت طازجة و تجديدية أكثر في الجزء الأوّل، كما أن طاقم الشخصيات في الجزء الأول كان أكثر جاذبية، إلا أن هذا هو الحال مع أي سلسلة أليس كذلك؟ NEO The World Ends With You لا تفشل إطلاقًا في التوسع على الأساسات التي بنتها اللعبة الأولى. سكوير إينكس في منظورنا أصبح لديها نوعين فقط من الألعاب، الألعاب الضخمة إنتاجيًا و الألعاب التي تُعامَل و كأنها من الدرجة الثانية مع قيمة إنتاجية أقل. NEO The World Ends With You هي حتمًا لعبة محدودة في القيمة الإنتاجية للعبة جهاز منزلي.
على سبيل المثال تُسرد معظم النصوص القصصية في اللعبة عن طريق محادثات أشبه بمجلات القصص المصوّرة (Comics)، عالم اللعبة محدود نسبيًا، و تقوم سكوير إينكس بتعويض ذلك من خلال محاولة زيادة المحتوى و زيادة المهام الجانبية و إطالة بعض المهام لتبرير بيع اللعبة بالسعر الكامل، دون أن تقوم بزيادة حجم (scope) اللعبة و الحفاظ على تكاليف إنتاجية متوسطة أو منخفضة بالتالي. هذا الأمر ذاته انطبق على ألعاب الشركة السابقة من هذا النوع مثل Bravely Default 2 أو Octopath Traveler. هل هذا عيب؟ حسنًا… لا يُمكنك سوى أن تشعر بأن شركة مثل سكوير إينكس يُمكنها أن تصنع شيئًا أكثر فخامة إلا أن هذا لا ينقص من مستوى اللعبة الحقيقي.
Neo The World Ends With You هي لعبة ممتازة حقًا و هي لا تُخفق في أي جانبٍ من الجوانب؛ القصة تعود إلى لعبة الـReapers القاتلة في شيبويا و التي سنترككم تكتشفون أسرارها الغامضة بأنفسكم، و سنكتفي بقول أنها قصة تُبنَى ببراعة و تُطبخ على نار هادئة رويدًا رويدًا، إذ تقوم اللعبة بطرح الأسئلة و فكّ العقد في ذات الوقت رويدًا رويدًا، هناك ديناميكية ممتازة في السرد القصصي مع وجود العديد من الفرق التي تتنافس للفوز باللعبة و هناك عدد كبير من الشخصيات التي بذلت سكوير إينكس مجهودًا كبيرًا في صياغتها بالمستوى المناسب الذي سيحوز على رضى اللاعبين، حتى المارة في شيبويا لديهم العديد من المحادثات الجانبية المسلية، هذا بخلاف الرسائل على الهواتف المحمولة و خاصة تلك مع الغامض “سوالو”. نعم Neo The World Ends With You هي لعبة مليئة حقًا بالمحادثات و هي تذكرنا بألعاب الآربيجي الخاصة بألعاب البلايستيشن2 في هذا الجانب و هذا حتمًا لن يروق للجميع.
يُمكننا القول إنّ Neo The World Ends With You تتطلب ذوقًا خاصًا، و هي موجهة في المقام الأول و الأخير لمحبي الثقافة اليابانية و ثقافة الأنمي في ألعاب الفيديو، و الذين لن يمانعوا قراءة العدد الضخم من المحادثات خلال اللعب، و هذا لا يعني أن طريقة اللعب أُهمِلَت بأي شكلٍ من الأشكال بل على العكس تمامًا، تحظى Neo The World Ends With You بطريقة لعب رائعة فهي الآن أصبحت ثلاثية الأبعاد بالكامل و إن كان مستوى الرسوم متوسطًا للغاية. نظام القتال في اللعبة ممتع بشدّة و إدماني و نحنُ نرى أنه نظام هجومي يعتمد كثيرًا على القضاء على الأعداء في أقصر وقتٍ مُمكن عوضًا عن ممارسة لعبة الهجوم و الدفاع. كعادة السلسلة هناك عدد كبير من الـPins (دبابيس) كل منها يتسبب باستعمال قدرة أو مهارة مختلفة بعضها يعتمد على القدرات الفيزيائية و البعض الآخر يعتمد على العناصر و غير ذلك الكثير، و يُمكن رفع مستواها عند استعمالها في المعارك تلقائيًا من خلال النقاط التي يحصل عليها اللاعب.
تصميم النظام القتالي يتبع فلسفة حديثة في تصميم الأكشن آربيجي و يقوم بإناطة زر لكل شخصية، يُمكنك أن تُفكر بالأمر و كأن كل شخصية تُوظَف في المعركة كسلاح أو قدرة مختلفة، الدمج بين المهارات يعتمد كليًا على أسلوب اللاعب و الـPins التي سيقوم باستعمالها و النتائج رائعة بحق، إن قمت بتنفيذ الهجمات في التوقيت المناسب ستحصل على إمكانية تفعيل ضربة خاصة في المعارك و بعض الضربات الخاصة تملك مؤثرات مبهرة جدًا و رائعة. هذا ليس كل شيء، يُمكن للاعب أيضًا أن يقوم بترقية سمات الشخصيات (stats) بتناول الأطعمة و هناك أيضًا الإكسسوارات التي يمكن شراؤها من المتاجر. يُمكن للاعب أيضًا أن يخوض عدة معارك متتالية (chain) للحصول على المزيد من المكافآت و هي طريقة جيدة للقتال في اللعبة، و اللعبة مليئة بالقتال و المعارك.
Neo The World Ends With You هي لعبة غنية و متنوعة في المحتوى و هناك الكثير من المهام الأساسية و الجانبية، للحق هناك إحساس بأن اللعبة ممطوطة أحيانًا و هناك إحساس بأن كل خطوة في اللعبة تستغرق وقتًا أطول من اللازم في محاولة لجعل عمر اللعبة أطول ما يُمكن، و لكن قبل أن تشعر بالملل الشديد ستتجدد أحداث اللعبة و سترمي عليك بالمزيد من الإثارة و التشويق و نعتقد أن هذا النوع من إطالة عمر اللعبة قد يكون مقبولًا بالنظر إلى السعر إذ إن اللاعبين ليسوا على استعداد لإنفاق المال على ما يبدو هذه الأيام إن لم يكن المحتوى مُشبعًا بما فيه الكفاية.
Neo The World Ends With You تحولت إلى لعبة ثلاثية الأبعاد بالكامل مقارنة بما كانت عليه لعبة الننتندو DS إلا أن الرسوم لا تبدو بتلك الجودة و تعاني أيضًا من هبوط بسيط في معدل الإطارات من وقتٍ لآخر (و لكن ليس إلى درجة تضر تجربة اللعب)، لا يمكن تحريك الكاميرا و هذا أزعجنا كثيرًا مع أن اللعبة مُصممة حول الكاميرا الثابتة، و يبدو أن سكوير إينكس صممت اللعبة بهذه الطريقة تحسبًا لإصدارها مستقبلًا على الهواتف الذكيّة. تصميم الشخصيات لا يرتقي إلى روعة و أصالة تصاميم الجزء الأول في منظورنا و لكن يبقى هذا ذوقًا شخصيًا على أية حال، أما الموسيقى فهي من إبداع Takeharu Ishimoto و هي مليئة بالمقاطع الغنائية و الصوتية و هو أحد الملحنين المفضلين لدينا و لا شك أنه قدم ألبومًا رائعًا متناغمًا مع اللعبة و عالمها.
بعد 14 سنة من إصدار اللعبة الأولى، لم تخفق Neo The World Ends With You في إرضاء تطلعاتنا و ذلك ربما لأننا قمنا بزيارة الصديق مع نوع من التحفظ و لم نرفع توقعاتنا أكثر من اللازم، من السهل أن تتراكم الآمال و الطموحات عبرَ مثل هذه الفترة الزمنية الطويلة لتصل إلى جبلٍ من الأحلام التي لا يُمكن لأي لعبة أن تُرضيها. Neo The World Ends With You تحمل نكهة مختلفة بعض الشيء عن اللعبة الأولى، و أحيانًا نتلمس فيها إلهامًا مباشرًا من ألعاب مثل Persona و Danganronpa، و نعتقدُ أن مُحبي تلك الألعاب على موعدٍ مع تجربة مُثيرة إن قرروا تجربة Neo The World Ends With You، فقط قوموا بمشاهدة ملخص للجزء الأول و التعرف على شخصياته بشكلٍ ما قبل أن تبدؤوا اللعب، فهذا سيُضاعف متعتكم.
و الآن، عُذرًا يا صديق، فقد انتهت زيارتُنا.
قمنا بمراجعة نسخة البلايستيشن4 بعد أن حصلنا عليها من الناشر