نعود لكم بعد طول غياب مع سلسلة تقارير “ماذا حدث!” لنعرض عليكم حكاية من تاريخ عالم ألعاب الفيديو المُثير. ربما تعرفون جيدًا شركة “بانداي نامكو” اليابانية، إلا أن بانداي نامكو بذاتها هي دمج بين شركتي Bandai و Namco سابقًا وهو الاندماج الذي أُعلِنَ عنه للمرة الأولى في 2005، ولكن في حقيقة الأمر لم تكن هذه هي محاولة الاندماج الأولى لشركة بانداي، اليوم نسلّط الضوء على محاولة اندماج أخرى لبانداي قُدّر لها الفشل، تلك كانت مع شركة Sega عملاق صناعة أجهزة الألعاب المنزلية في التسعينات.
شركة Sega تملك تاريخًا عريقًا في عالم الألعاب، وهي إحدى صانعي الأجهزة المنزلية الذين كان لهم دورٌ نسبي في زيادة انتشار صناعة الألعاب بين اللاعبين الأكبر سنًا قبل البلايستيشن من خلال استهداف المشاهير والفئات العمرية الأكبر سنًا من تلك التي كانت تستهدفها شركة ننتندو، وكان جهاز سيغا جنسس (أو الميغادرايف في أقاليم أخرى) أول جهاز يهزّ عرش شركة ننتندو في عالم الألعاب ويتفوق في مبيعات موسم الأعياد الأمريكي على نظيره السوبر ننتندو في بداية التسعينات لا سيما مع صدور لعبة Sonic the Hedgehog التي حظيت بشعبية جارفة.
بانداي و سيغا ومحاولة الاندماج
على الرغم من النجاح المعقول للميغادرايف في النصف الأول من التسعينات إلا أن جهاز الشركة التالي Saturn لم ينجح أبدًا في تكرار هذه النجاحات، رهان سيغا على الإخلاص للآركيد والsprites والألعاب ثنائية الأبعاد ربما أدى إلى مكتبة ألعاب مبتكرة وشعبية لا بأس بها في اليابان، إلا أنه كان خاطئًا على مستوى السوق العالمي مقارنة مع البلايستيشن الأول وحتى الننتندو 64. لسنا بحاجة للقول أن نتائج سيغا المالية كانت في انحدارٍ مستمرّ في النصف الثاني من التسعينات.
Sega كان لديها خطّة للتوسع آنذاك وهذه الخطة ببساطة كانت تقتضي شراء شركة بانداي وتكوين مجموعة Sega Bandai, Ltd التجارية. سيغا أرادت زيادة نفوذها وقوتها في مجالات ترفيهية متعددة خارج ألعاب الفيديو مثل القصص المصورة والدمى، وبانداي كانت تبدو شريكًا مثاليًا لذلك فقد كانت أكبر صانع للدمى في اليابان وثالث أكبر صانع للدمى في العالم آنذاك، وبذلك أعلنت سيغا في بداية العام 1997 أنها ستقوم بالاستحواذ على بانداي بالكامل مقابل 1 مليار دولار.
الاستحواذ كان يبدو مبررًا للطرفين مع أن المحللين في ذلك الوقت كانوا يشككون في جدوى الاندماج نظرًا لقلة العناصر المشتركة بين الشركتين، كانت بانداي ستتمكن من إطلاق سلاسل من المنتجات الترفيهية المبنية على سونيك وغيره من علامات سيغا التجارية الشهيرة، وستُساعد سيغا على التحول إلى مجموعة تجارية ترفيهية عملاقة على غرار والت ديزني، أو أن هذا كان الطموح على الأقل. كما جرت العادة، فإن وقائع ألعاب الفيديو التاريخية في اليابان يكتنفها الغموض وحتى الآن لا يُعرف بدقّة السبب الحقيقي لفشل الاندماج سوى رفض بانداي للصفقة في مايو 1997، التقارير آنذاك أشارت إلى أن موظفي بانداي أيضًا كانوا غاضبين ورافضين للاندماج خشية تغير ثقافة الشركة تحت رئاسة سيغا.
الاندماج لم يُكلّل بالنجاح
الكثير من الرسائل الغاضبة على ما يبدو من موظفي بانداي طرقت أبواب الإدارة التي اجتمعت في مايو 1997 وقررت رفض الاندماج، في 1997 استقال “ماكوتو ياماشينا” رئيس شركة بانداي من منصبه إثر فشل الاندماج وتبعته استقالة ستة إداريين آخرين من الشركة، بينما استقال “هياو ناكاياما” من سيغا في العام التالي 1998، وقد قيل أنه خرج من منصبه ليس بسبب أداء سيغا المالي في 1997 فحسب، وإنما لفشل الاندماج أيضًا.
اتضح بعد ذلك أن بانداي كانت تملك خططها لسوق الألعاب أيضًا، حيث أطلقت الشركة جهاز WonderSwan المحمول في 1999، ونتساءل هنا إن كان إطلاق هذا الجهاز ردًا على فشل الاندماج الذي كان سيجعل بانداي صانع أجهزة وشركة طرف أول، أو أنه كان توسعًا في منظور الشركة وردة فعل على نجاح لعبتها ذات الشعبية الطاغية Tamagotchi، بل نتساءل إن كان نجاح التاماغوتشي الطاغي له علاقة بفشل الصفقة أيضًا. إذ ربما شعرت بانداي أنها تستطيع دخول سوق الأجهزة وحدها، ولكن يبقى هذا مُجرد تحليل قد يُصيب وقد يُخطىء.
سيغا وبانداي حكاية لم يُكتَب لها النجاح واندماج انتهى بالفشل كليًا، الشركتان أعلنتا الرغبة في التعاون بعد ذلك لكننا لم نرى الكثير. سيغا اندمجت مع Sammy بعد سنوات وخرجت من سوق الأجهزة المنزلية بعد فشل جهازها الأخير Dreamcast تجاريًا، وبانداي اندمجت مع نامكو في 2005 وما قبل ذلك أضحى من التاريخ. يبقى السؤال عالقًا: ماذا كان سيحصل لو اندمجت سيغا مع بانداي؟ هل كان هذا ليؤثر على مصير ومستقبل سيغا كصانع للأجهزة المنزلية بشكلٍ ما؟ سيبقى هذا السؤال عالقًا دون إجابة.