مقالات خاصة

حصري: John Johanas يكشف أسرار تطوير التحفة Hi-Fi Rush

جون جوهاناس
جون جوهاناس مخرج Hi Fi Rush من استوديو Tango

– هل تستطيع أن تحدثني عن كيفية تطوير هوية Hi-Fi Rush؟ كيف أتيتم بالأسلوب الفني، الموسيقى، الشخصيات، كيف قمتم بخلق هوية هذه اللعبة؟

جون جوهاناس: فيما يتعلق بتطوير هوية اللعبة على الأقل من الناحية الرسومية، كنا نعلم من البداية أننا نريد أن تكون اللعبة ممتعة و مليئة بالطاقة الإيجابية، ولذلك نظرنا إلى الوراء عندما كانت الألعاب بسيطة و ممتعة وفي ذات الوقت مليئة بالألوان، استخدمنا مصطلحات مفتاحية مثل “ملونة” و “نظيفة” و “حادة” باستمرار وكانت تمثل ما أردنا أن يراه الناس عندما ينظرون إلى اللعبة. هذا أعادنا إلى حقبة نهاية التسعينات وبداية الألفية الثانية عندما كان لديك أجهزة مثل Dreamcast و Xbox و PS2 وكان هناك الكثير من الألعاب التي تقوم بتجريب أساليب رسومية تُركز على الستايل وتدفع هذا الجانب الفني إلى الأمام قبل أن تعود الألعاب بعد ذلك إلى التوجه الواقعي عندما أصبحنا قادرين أخيرًا على أن نجعل الألعاب أكثر واقعية وقابلية للتصديق.

كنا نعلم من البداية أننا نريد أن تكون اللعبة ممتعة و مليئة بالطاقة الإيجابية، ولذلك نظرنا إلى الوراء عندما كانت الألعاب بسيطة و ممتعة وفي ذات الوقت مليئة بالألوان

لكننا أردنا أن تمنح اللعبة الشعور بأنها تنتمي إلى تلك الحقبة الزمنية، أن تذكرك بزمنٍ كانت فيه الألعاب أكثر بساطة مما هي عليه الآن مع تركيزٍ أكبر على المتعة عوضًا عن أن نحاول إعادة صنع الواقع. وهكذا تبلورت الفكرة لتكون ركنًا أساسيًا يرتكز عليه كل ما أردنا صنعه في اللعبة. وعندما قمنا بصياغتها قلنا أنها يجب أن تحمل إحساس الألعاب السابقة إلا أنها أيضًا يجب أيضًا أن تحمل إحساس لعبة حديثة أُخِذَت من زمنٍ آخر. أردنا أن تبدو ممتعة، وأن نمنح اللاعبين الإحساس بالمتعة، والشعور بالانتماء إلى تلك الحقبة الزمنية.

هذا كان مصدر التوجه الموسيقي أيضًا، قمتُ بجمع ألبومٍ موسيقي من الفنانين والمقاطع الموسيقية التي إما ذكرتني بذلك العصر، أو أعطتني إحساسًا مشابهًا لما كنا نستهدفه، من تلك الحقبة، التي كانت الأشياء فيها أكثر بساطة و متعة. بكل واقعية، هذا كان المفتاح الأساسي لكل شيء، وعندما قمنا بتطوير الأسلوب الرسومي كنا واثقين أننا لا نريده أن يكون نسخة من أي شيءٍ آخر، وقمنا بتجربة توجهات مختلفة، إلا أننا كنا نملك من البداية فكرة واضحة عما نريده أن يكون: إنه أشبه بأن تطلب من فريق ياباني أن يعمل على قصص مصورة أمريكية أو ما شابه، يجب أن يضم الأسلوب عناصر من الأنمي الياباني، وعناصر من الكرتون الأمريكي أيضًا، على أن لا ينتمي لأحد منهما دون الآخر. وبذلك لا تنظر إليه وتظن أنك تستطيع أن تميز إن كان ينتمي إلى الأنمي الياباني أو المظهر التقليدي للكرتون الأمريكي، ومن هنا طورنا هويتنا الخاصة.

يجب أن يضم الأسلوب عناصر من الأنمي الياباني، وعناصر من الكرتون الأمريكي أيضًا، على أن لا ينتمي لأحد منهما دون الآخر

– نعم، هكذا كان شعوري عندما رأيت اللعبة. نظرت إلى الرسوم و تساءلت إن كانت تنتمي إلى الأنمي الياباني أو الكرتون الأمريكي بدرجة أكبر، ولم أستطع الخروج بإجابة مُحددة، هذا صحيح قطعًا.

جون جوهاناس: هذا عظيم، ويعني أننا نجحنا في تحقيق هدفنا.

– هل يُمكنك أن تخبرنا عن بناء عالم Hi-Fi Rush؟ أفكار الشخصيات، القصة والسرد القصصي والاتجاه الذي اخترتموه لهذه اللعبة.

جون جوهاناس: نعم، بالطبع. مرة أخرى هي نسبيًا لم تتغير من المقترح الأولي الذي قدمتُه للمشروع. كان الأمر يرتبط بالشخصيات أكثر من القصة الرئيسية بذاتها، حتى وصولًا إلى نهاية التطوير. ليس الأمر وأننا لم نهتم بالقصة، إلا أننا أردنا بدرجةٍ أكبر أن نجعلكم أكثر قربًا من الشخصيات بدلًا من التركيز على المفاجآت القصصية أو جعل الحبكة أكثر أهمي، ولذلك بنينا كل شيء حول الشخصيات والعلاقات بين هذه الشخصيات، وبدأنا بحبك أنك، ما أسميناه المُتكاسل (Slacker)، الذي يحمل مشغلًا موسيقيًا على صدره من شركة روبوتات، والذي يصنع فريقًا مع خمس أو أربع شخصيات أخرى، هم يتزاملون للوقوف ضد هذه الشركة وهزيمة الزعماء واحدًا تلو الآخر.

والسبب في ذلك أننا في البداية أردنا أن يكون موضوع اللعبة بسيطًا، الكثير من الألعاب تنجذب نحو تقديم حبكات قصصية معقدة جدًا وشرحها، في المقابل نحن كنا نفكر في الأمر بهذه الصورة: لديك خمس زعماء وعليك أن تهزمهم “يضحك”. أردنا أن نجعلها بسيطة بقدر الإمكان، وبعد ذلك بدأنا بإضافة المزيد من الطبقات: “حسنًا، لماذا تُقاتل؟”، “حسنًا، إنهم يقومون بهذا أو ذاك”. ارتكز الأمر على أن نخلق تلك المواقف التي سيكون من الممتع أن تواجهها هذه الشخصيات، ومرة أخرى، نعودُ إلى الفكرة الأساسية أن اللعبة يجب أن تكون ممتعة.

الكثير من الألعاب تنجذب نحو تقديم حبكات قصصية معقدة جدًا وشرحها، في المقابل نحن كنا نفكر في الأمر بهذه الصورة: لديك خمس زعماء وعليك أن تهزمهم!

لهذا السبب لم أرغب أن تكون الشخصية الرئيسية بطلًا خارقًا شديد الثقة بالنفس ولا يرتكب الأخطاء، لأن المتعة ستكون أكبر إن كانت الشخصيات مليئة بالعيوب وتقع في المشاكل، مشاكل عليه أن ينقذ نفسه منها لأنه يتحمل المسؤولية في المقام الأول، كما يتعلم أشياء عن الشخصيات الأخرى، وعلى الزعماء أن يكونون مليئين بالألوان المبهجة، وبذلك بدأنا المشروع بأكمله مع مفهوم “الشخصية التي لا تتصرف بطبيعتها” وبعد ذلك أتت فكرة الشركة، أنت تعثر على شركة، ونحن نستخدم ذلك كنوعٍ من التهكم الشركات العملاقة التي تتواجد اليوم، والتي يراها الناس من الخارج على أنها أفضل الأفضل، أنهم أذكياء جدًا، ولكن من الداخل أنت ترى هذه الشركات، ترى أشخاصًا طبيعيين يقومون بأداء عملهم و لا يتوافقون مع بعضهم البعض أحيانًا، إنهم يرتكبون الأخطاء ولا أحد كامل ولكنهم يحاولون إخفاء هذه الجوانب وعدم إظهارها للمجتمع الخارجي.

قمنا بأخذ الأمور من هذه الزاوية ومن ثم قمنا بإدارة القرص إلى الحد الأقصى، إنها تبدو من الخارج كأفضل شركة تكنولوجية في العالم، ولكن من الداخل كل شيء كارثي و الفوضى تعم، وبعد ذلك بدأنا بالتفكير: كيف يُمكن لنا أن أن نجعل هؤلاء الزعماء و هذه المراحل على أقصى درجات الجنون؟ مرة أخرى كل شيء كان مبنيًا على التهكم والمحاكاة الساخرة، وأيضًا على هذه الشخصيات القابلة للتصديق، التي تواجه هذه المواقف، لصنع هذه المغامرة الممتعة.

– وقد كانت مغامرة ممتعة حقًا.

جون جوهاناس: يسرني أن أسمع ذلك.

– لاحظتُ أنك ركزت كثيرًا على أهمية سهولة قابلية التجربة وعلى المتعة التي يجب أن تقدمها، كيف نجحتم في تحقيق ذلك؟ ما هي القرارات التطويرية التي أخذتها لجعل اللعبة تصل إلى الجميع؟

جون جوهاناس: سهولة الوصول كانت جزءًا من ملف المقترح الأصلي للعبة، واحدة من أوائل الأشياء كانت أن تقوم اللعبة بمزامنة الإيقاع للاعب، حتى يتمكن الأشخاص الذين لا يبرعون في الألعاب الإيقاعية من اللعب و التمتع بشعور بطولي أو ربما كنجم لموسيقى الروك إن جاز التعبير في هذه الحالة. لذلك كان من المهم من البداية تطوير نظام يقوم بمزامنة كل شيء مع الموسيقى ويعمل من هناك لمساعدة الناس حول التوقيت المطلوب لضغط الأزرار. لم يكن الهدف أن يخفق اللاعب و إنما أن نقوم بتشكيل دورة لعب إيجابية ينجح فيها اللاعبون إذا ضغطوا الأزرار في الوقت المناسب، دون وجود حالة للفشل أو الإخفاق.

لم يكن الهدف أن يخفق اللاعب و إنما أن نقوم بتشكيل دورة لعب إيجابية ينجح فيها اللاعبون إذا ضغطوا الأزرار في الوقت المناسب

هذه كانت الفكرة الأولية وكانت صعبة في بادىء الأمر لأننا كمطورين اعتدنا على النظر إلى كيفية الإخفاق مثلًا إن لم تضغط الزر في الوقت المناسب لا تتحرك الشخصية، ولكن من منظور اللاعب فإن هذا يمنح إحساسًا سيئًا، وبذلك فكرنا كيف نقوم بشيء أشبه بالهندسة العكسية لهذه العملية. دعنا نقل بأن اللعبة لا تلعب نفسها، وإنما تقوم أنت بالمساهمة في اللعبة عندما تلعب بشكل أفضل. من الصعب وصف ذلك، ولكن ستشعر به عند تجربة اللعبة، حيث لا يراودك الإحساس أبدا أن اللعبة تعاقبك ولا تشعر أبدًا أنك تلعب بشكلٍ سيء، ولكن هناك عنصر مكافأة للتركيز على اللعب بشكلٍ جيد.

وأعتقد أننا نجحنا لأنني رأيت الكثير من الناس على الشبكة يقولون أنه لم يكن بمقدورهم سابقًا أن يلعبوا ألعابًا إيقاعية إلا أنهم تمكنوا من لعب هذه. كان كان إيجابيًا حقًا.

– أعتقد أن هذا كان توجهًا مثيرًا للاهتمام بالفعل. هناك نوع من اللاعبين لا يحب أن يشعر بأن اللعبة تعاقبه وكان هذا النوع من اللاعبين قادرًا على الاستمتاع بـHi-Fi Rush حتى دون أن يكونوا جيدين كفاية في الألعاب الإيقاعية، هذا منظور مثير للاهتمام حقًا في تطوير الألعاب.

جون جوهاناس: نعم، هذا كان هدفنا من البداية ولذلك يسرنا على الدوام أن نسمع بأن الناس كانوا قادرين على الاستمتاع باللعبة.

– كيف استقبل الناس اللعبة؟

جون جوهاناس: بصراحة، نحن سعداء باستقبال اللعبة بدرجة غامرة، استخدمنا مصطلح “غامرة” للتعبير عن الأمر لأننا نشعر بالفخر من اللعبة التي صنعناها، نحن نعتقد أننا طورنا شيئًا تجديديًا وفريدًا من نوعه، ولكنك دائمًا تشعر بنوع من القلق حول الكيفية التي سيشعر بها الناس تجاه اللعبة وإن كانوا سيستمتعون بها حقًا، ولكن أن ترى كل هذا العدد من الناس يقضون أوقاتًا ممتعة وأن تكون أسبابهم مماثلة للأهداف التي وضعناها لأنفسنا، هذا مذهل من منظورنا كمطورين، لأنها أضحت لعبة العامة عندما أصبحت متاحة بين أيديهم ولم تعد لعبتنا، ولذلك أنت تتمنى أن يكون شعورهم تجاهها مماثلً لشعورك، وأن يستخدموا لوصفها ذات الكلمات التي كنت تقصدها، وأن يستمتعوا بها بنفس الدرجة التي استمتعت بها أنت.

بالنسبة لي، هذا هو أفضل شعورٌ يمكنك أن تحصل عليه كمطوّر.

– كيف ستلهم هذه اللعبة توجه Tango بالمضي قدمًا؟

جون جوهاناس: من الصعب قول شيء الآن لأن اللعبة صدرت للتو. ولكن أتعلم، عندما صنعنا هذه اللعبة أخذنا اتجاهًا مغايرًا 180 درجة مقارنة مع The Evil Within، وقد كنا واثقين جدًا في اللعبة قبل الإصدار، ولذلك حتى قبل الإصدار كنت أقول للفريق أننا صنعنا شيئًا مميزًا حقًا، شيئًا يمكننا أن نشعر بالثقة تجاهه، وأنه إن كنت تستطيع الانتقال من الرعب إلى شيءٍ كهذا، فأنت نظريًا تستطيع أن تفعل أي شيء.

لذلك لا يُمكنني استبعاد أي شيء، لا يمكن القول أن الاستوديو يمكنه القيام فقط بنوعٍ محددٍ من الألعاب بعد الآن، لطالما كانت لديك رؤية واضحة لما تريد القيام به، فأنت تستطيع تحقيقه.

– هل يعني هذا أننا نستطيع توقع المزيد من المشاريع التجريبية مثل هذه اللعبة ربما؟

جون جوهاناس: ربما، كما قلت، نحن لا نستبعد أي شيء، ولكن لا يُمكنني أن أتحدث عن شيء الآن، أعتقد أن أول ما سأقوم به هو الحصول على عطلة، عطلة تجريبية! “يضحك”.

– هذه كانت جميع الأسئلة، جون جوهاناس، شكرًا على وقتك و أبارك لك مجددًا إطلاق هذه اللعبة المبتكرة، نحن كلاعبين أيضًا نتوق للحصول على مثل هذا النوع من الألعاب، وهو أمر لا يتحقق دائمًا، ولذلك فنحن حقًا سعداء بهذه اللعبة.

جون جوهاناس: شكرًا جزيلًا.

انتهى لقاؤنا مع جون جوهاناس وقد ازداد إعجابنا بما قام الاستوديو بتحقيقه، Tango كان يعمل بوضوح على لعبتين في ذات الوقت: Ghostwire Tokyo و Hi-Fi Rush، إلا أن نجاح الأخيرة الكبير و استقبالها الحار بين اللاعبين، سيفتح أبوابًا جديدة امام Tango بكل تأكيد. لن يكون Tango الاستوديو المرعب فحسب بعد اليوم، وإنما أيضًا الاستوديو الذي يُمكن أن نتوقع منه ألعابًا مبتكرة أكثر من أي استوديو آخر. من جهة أخرى، فإن خدمة Xbox Game Pass أثبتت أنها تستطيع أن تمثل بيئة رائعة لاحتضان مثل هذه النوعية من الألعاب، التي قد يتردد اللاعبون في شرائها أو خوض تجربتها دون اشتراك. ربما تكون Hi-Fi Rush لعبة من نوع AA، إلا أنها استغرقت خمس سنوات في التطوير، نعم، هذا ما يتطلبه تطوير لعبة جديدة في العصر الحالي. مع ذلك، يُمكن القول أن Hi-Fi Rush تنجح تمامًا في مسعاها، وتُعيدنا إلى زمنٍ كانت فيه الألعاب أكثر سحرًا وبساطة وجمالًا، المصمم جون جوهاناس يُمكنه بالتأكيد أن يكون فخورًا بما حققه في هذه اللعبة، التي ستشكل إضافة رائعة على السيرة الذاتية الخاصة به.

والآن اعذرونا، حان القت لنبتعد قيلًا عن لوحة المفاتيح والعالم الواقعي الممل، حتى نعود إلى مواجهة الشركات الشريرة على أنغامٍ راقصة.

شارك هذا المقال

حسين الموسى

حسين أحد أقدم المحررين في الموقع و متابع مخضرم لألعاب الفيديو. اهتماماته واسعة و يتابع الألعاب بأنواعها و يعتبر فاينل فانتسي سلسلته المفضلة.


الوسوم
أﺣﺪث اﻟﺘﻌﻠﻴﻘﺎت