أريد أن أوضح لأعزائنا القراء نقطة معينة من البداية ، لا تنظروا كثيرا إلى التقييم عندما نتحدث عن لعبة To the Moon ، يمكنكم اعتبار هذه المراجعة خطوة من موقع تروجيمنج لدعم مطور مبدع يدعى Kan Gao ، نعم لعبة “إلى القمر” التي نراجعها اليوم هي لعبة Indie game ، أي أنها لعبة تم تطويرها من فريق صغير للغاية بدون أي دعم مادي من أي شركة ناشرة ، و لذلك فهو واجبنا نحن اللاعبون لدعم هذه المشاريع و المساعدة على تطوير و إنماء قطاع ألعاب الفيديو الذي نحبه جميعا .
“إلى القمر” هي لعبة بسيطة للغاية ، لعبة تم تطويرها باستخدام برنامج RPG Maker XP الشهير من شركة Enterbrain اليابانية ، و لمن لا يعرف هذا البرنامج ، فهو مختص بإنتاج ألعاب تمثيل الأدوار RPG في المقام الأول وهو برنامج مفتوح المصدر ( و هذه ميزته الكبرى ) و يقبل التعديلات بشكل كبير مما يجعل إمكانية إنتاج ألعاب مختلفة كثيرا على البرنامج ممكنة ، و في الحقيقة فقد قمت بالعمل على هذا البرنامج كثيرا في السابق مما يجعلني أفهم تماما ما هي المجهودات الكبيرة التي وضعها كان جاو في تطويره لهذه اللعبة .
في البداية و اذا أردنا تصنيف هذه اللعبة ، يمكننا أن نقول بأنها ليست لعبة RPG على الإطلاق ، بل في الواقع هي لعبة “أشر و اضغط” أو ( point & click ) وهذا النمط من الألعاب قديم للغاية و كان شائعا بشكل كبير على أجهزة الحاسب الشخصي في الماضي و لا زال يمتلك قاعدته الجماهيرية الخاصة ، وبالطبع بما أن اللعبة تم تطويرها على الاربيجي ميكر فهي لعبة بمظهر 16-بت بسيط جدا ، مشابه لألعاب الجيم بوي أدفانس أو السوبر ننتندو ، بل في الحقيقة يمكننا أن نقول بأننا شاهدنا أعمال أفضل فنيا على هذا البرنامج من لعبة To the Moon .
و بالطبع فإن جميع الألعاب ( تقريبا ) من هذه النوعية تعتمد على القصة بدرجة رئيسية ، لعبة “إلى القمر” تعتمد على القصة تماما فهي أشبه بالقصة او الرواية المتفاعلة منها باللعبة ، عناصر اللعب هنا قليلة جدا و لا تتعدى سوى حل بعض الألغاز البسيطة بين فصول القصة ، أما فيما تبقى فعليك أن تقرأ و تشاهد حوارات اللعبة لا أكثر ، لا يوجد هنا مسارات متفرعة للقصة و لا يوجد حتى أي إمكانية للفوز أو الخسارة ، يوجد فقط قصة عمرها يتراوح بين 4-5 ساعات مليئة باللحظات المعبرة التي تم إنتاجها وفق إمكانيات متواضعة جدا و مع ذلك نجح المطور في إيصال رسالة جميلة من خلالها .
حكاية اللعبة غريبة و مبتكرة للغاية ، ستلعب بـ د.نيلز واتس و د.روزالين اللذان ينتميان إلى شركة تدعى شركة سيجموند ، هذه الشركة تعمل بأغرب وظيفة في العالم يمكن لك تخيلها ، فهي تقوم باستقبال طلبات المرضى الذين يوشكون على الموت ، و يتم تسجيل أمنية الموت الأخيرة لديهم و يعمل هذان العالمان على تحقيقها من خلال جهاز يتيح لهم العودة إلى ذكريات الشخص المريض و تعديلها ! حسنا فكرة مجنونة و غريبة أليس كذلك ؟ لا بأس فنحن من محبي الأفكار المجنونة .
و هنا تبدأ قصة لعبتنا عندما يصل الاثنان إلى المريض الجديد جون ويلز الموشك على الموت ، حيث سيتوجب عليك العودة إلى ماضي جون تدريجيا و اكتشاف السر الحقيقي وراء أمنيته و هي الرحيل إلى القمر و ما هو السر الكامن خلف أمنية غريبة كهذه ؟ و في كل خطوة تخطوها للخلف من ماضي و ذكريات جون ستشاهد المحطات المتعددة في حياته و ستبدأ الأمور ترتبط و تتوضح شيئا فشيئا ، أما الألغاز في اللعبة فهي محدودة جدا و هي غالبا تقتصر على تركيب بعض الصور .
يمكننا أن نقول بأن قصة اللعبة تشكل عملا رائعا حقا على اعتبار أننا نتحدث عن Indie Game في المقام الأول أي لعبة تم تطويرها بدون أي إمكانيات على الإطلاق ، الترابط القصصي جيد كذلك رتم اللعبة معقول جدا ، ستجعلك اللعبة تفكر كثيرا بالقصة و بعض الشخصيات بعد أن تنهيها ! هذا بالرغم من أن النص ضعيف بكل أمانة من ناحية أدبية بحتة و مليء بالأخطاء القواعدية و الإملائية ، لكننا نعرف أيضا بأن المطور هو آسيوي وليس ناطق باللغة الإنجليزية مما يبرر ضعف النصوص أدبيا، حسنا ما يهم هنا هو أن كان جاو نجح فعلا في إيصال رسالة جميلة إلى كل لاعب سيختبر “إلى القمر” .. رسالة مفعمة بالذكريات و المشاعر الدافئة التي ستمس شغاف قلبك كثيرا لو حاولت أن تتقبل اللعبة على بساطتها كما أن اللعبة تمتلك حس فكاهة مرتفع جعلني أبتسم مرات عديدة، خاصة و أن العمل الموسيقي الذي رافق اللعبة هو عمل رائع بكل معنى الكلمة ، و مليء بألحان البيانو الدافئة المريحة للأعصاب .
“إلى القمر” هي لعبة ( أو قصة تفاعلية ) تم إنتاجها بدون أي تكلفة مادية و بشكل بسيط جدا نعم هذا صحيح ، لكنها لعبة تحمل معاني جميلة تستحق أن تختبرها ، لذلك عزيزي القارىء أنصحك بدخول موقع الفريق و شراء هذه اللعبة لتعطي دعمك لكان جاو وفريق Freebird Games فمن يدري ؟ ربما نشاهد هذه اللعبة على منصات أخرى ، و ربما ينضج هذا الفريق أكثر و أكثر ، و يقدم لنا المزيد من الألعاب ذات المعاني المعبرة و الأحاسيس الدافئة في المستقبل!