سيطر مصاصو الدماء عليها و سقطت مدينة Redfall، قرص الشمس المهيب اصطبغ باللون الأسود الداكن، الأمواج انحسرت و شُقّت البحار، و وقع الناس تحت رحمة أصحاب المخالب الطويلة المتعطشين للدماء الحمراء القانية. بقولنا هذا إلا أن اليأس ليس له مكان في Redfall وأين تتواجد الإرادة تستجيب الحياة، الصراع المضاد انطلق لاستعادة السيطرة على المدينة من براثن قوى الشر وأتباعها، وبعد ساعات و ساعات خضنا فيها غمار Redfall، إليكم مراجعتنا النهائية.
Redfall بين الطموح والواقع
Redfall هي لعبة تعاونية حتى 4 لاعبين من منظور الشخص الأول من فريق التطوير الموهوب Arkane Austin الذي قام بتطوير لعبة Prey في السابق، والتي هي واحدة من روائع عالم الألعاب رغم عدم نجاحها تجاريًا، و لعلّ ذلك المصير قاد الاستوديو نحو محاولة مختلفة كليًا. في الحقيقة، يبدو لنا أن لعبة Redfall أرادت في الأصل أن تكون لعبة ترتكز على جمع الغنائم (أو ما يُسمى Looter Shooter) دائمة الاتصال بالشبكة، وبعد فشل عددٍ من الألعاب بهذا التوجه، أتت المحاولة لتغيير الاتجاه. بالطبع، التغيير لا يمكن أن يكون فعالًا بعد وضع أساسات اللعبة و أفكارها.
في البداية، هناك حمل ومسؤولية أُلقيت على كاهل اللعبة و هي لا ترتقي إليها، مثل كونها أول أو من أوائل الألعاب الحصرية بالكامل للجيل الجديد Xbox Series، أو عامة المطالب المرتفعة جدًا من رسوم وتقنيات بفضل سعر اللعبة (70$). بينما في الحقيقة، إن Redfall ليست اللعبة التي تستطيع أن تحمل أي منصة على أكتافها، و لسوء حظها فقد ترافق صدورها مع موجة من السلبية و الانتظار الطويل من جمهور منصة Xbox حتى باتت أشبه بالمنقذ، خاصة بعد 2022 الذي كان عامًا قاحلًا من Xbox على صعيد الطرف الأول، كنا سنكون سعداء جدًا لو نجحت اللعبة في تحقيق أهدافها الفنية، إلا أن هذا للأسف، لم يتحقق.
إن Redfall هي لعبة متوسطة في قيمتها الإنتاجية رغم فترة التطوير الطويلة، كما إنها لا تقدم تقنيات رسومية حديثة رغم أنها حصرية على Xbox Series، ويُمكننا القول أنها لعبة بحجم يُمكن له أن يكون مناسبًا جدًا لخدمة اشتراك. رغم ذلك، لم تتحقق رؤية اللعبة، وهناك كومة من السلبيات التي حرمتها من الوصول إلى المستوى الذي كان يُمكن لها أن تصل إليه.
السرد القصصي نقطة مضيئة ولكن كان بالإمكان أفضل مما كان
لنبدأ بتسليط الضوء على السرد القصصي في Redfall وهي نقطة قوة لألعاب Arkane الذي كان بارعًا على الدوام في بناء العالم، نحن حقًا شعرنا بتألق الاستوديو في هذا الجانب رغم كل شيء: المدينة قابلة للتصديق بأماكنها المتنوعة مثل المستشفى والمسرح والكنيسة ومركز الإطفاء، القصاصات الورقية المتناثرة تكشف خبايا وأسرار العالم وساكنيه، كما تتواجد بعض المشاهد التي تكشف قصص ساكني هذه المدينة المنكوبة ولحظاتهم الأخيرة. أيضًا، الشخصيات القابلة للعب تملك خلفية قصصية تبرر دوافعها و أهدافها. لا يوجد شخصيات عظيمة في Redfall، لكن فريق التطوير أجاد بناء المدينة بضواحيها و مينائها، بمعالمها و تاريخها. كنا نتساءل والحسرة تملأ قلوبنا: كيف ستكون الأمور لو كانت Redfall لعبة طور فردي بالكامل؟ ألم تكن لتستغل هذا البناء من أجل سرد قصصي بارع ومشوق؟
المهمات القصصية ليست بتلك الجودة، في الحقيقة، فإن مهمة الدكتور أديسون والتي لعبناها في النسخة التجريبية للإعلاميين سابقًا، ربما تكون المهمة الأفضل أو من الأفضل في اللعبة ككل، وهي المهمة التي تكشف جزءًا من خفايا أسرار القصة وظهور مصاصي الدماء في المدينة، وتضم المهمة لمسات إنسانية وإخراجية جميلة، مع مؤثرات صوتية رائعة تُداعب الخيال في القصر الخاص به، ولمسات مرعبة جديرة بروايات الأديب الإيرلندي “برام ستوكر”،سواء أكان ذلك مع الهمسات المخيفة المتواصلة للـHollow Man ومصاصي الدماء، أو الموسيقى والمؤثرات المربكة. مرة أخرى، الأمر برمته يجعلنا نتحسر على ما كان يُمكن أن يكون.
طريقة اللعب و كيف تتهاوى Redfall
على اللاعب أن يحصل على المهمات الأساسية للتقدم في القصة، وهناك أنشطة فرعية من ضمنها مهام جانبية يمكن الحصول عليها في العادة من المنازل الآمنة، بالإضافة إلى إمكانية الهجوم على أوكار مصاصي الدماء على الخريطة لتقليل نفوذهم. أعشاش مصاصي الدماء، ربما كانت لتقدم تجارب للهجمات الجماعية المشتركة (Raids) تنتهي بقتال مصاص دماء رئيسي أو أن هذه كانت النية في الأصل، لكنها بشكلها الحالي محدودة وفقيرة جدًا و لا تقدم شيئًا للتجربة الكلية، فهي تقتصر على تدمير قلب الوكر والحصول على بعض الغنائم ثم الخروج، و لا تتواجد فيها سوى ثلة قليلة من مصاصي الدماء.
تجربتنا الأولى للعبة مع النسخة التجريبية قبل أشهر كانت مشجعة للغاية، واجهنا عددًا مختلفًا من مصاصي الدماء ذوي القدرات المنوعة في أقل من ساعتي لعب، من ضمنهم المُراقب Watcher، و مصاص دماء يسحب دماء اللاعب من بعيد، وحتى مصاص الدماء القوي Rook، وقتها كانت الفكرة بأن اللعبة النهائية ربما ما زالت تخفي عددًا كبيرًا آخر من الأفكار الرائعة أو الطرق المنوعة لمواجهة هؤلاء، وأعجبتنا فكرة الحاجة إلى الأشعة فوق البنفسجية للقضاء على مصاص الدماء أو طعنه عن طريق الوتد الخشبي في قلبه. لسوء الحظ، لم يكن الأمر كذلك في النسخة النهائية من اللعبة، هذه هي أنواع مصاصي الدماء، في الغالب، التي قضينا أكثر من 20 ساعة لعب في مواجهتها في النسخة النهائية، حتى إن الأمر أصبح مكررًا و مملًا للغاية مع الوقت.
على الأقل قتال مصاصي الدماء يعمل جيدًا، لكن قتال البشر لا يعمل على الإطلاق؛ هناك قوات عديدة متصارعة في Redfall من بينها تابعون مخلصون لمصاصي الدماء و رجل غامض يُسمى Hollow Man، و هناك قوات أخرى تتقاتل ضدهم في المدينة، وجماعات أخرى ستتعرفون عليها عند التقدم في اللعبة. المشكلة أن الذكاء الاصطناعي كارثي للغاية و لا يعمل على الإطلاق، إذ يعجز الخصوم أحيانا عن اكتشافك حتى عندما تلاصقهم، أو أنهم يفشلون بالكامل في اتخاذ رد الفعل الصحيح، اللعبة ببساطة تبدو غير جاهزة للإطلاق. حتى عندما يعمل الأمر، فإن المواجهات مكررة و فقيرة، بالتأكيد هي ليست نقطة قوة للاستوديو رغم تنوع الشخصيات القابلة للعب وقدراتها.
هناك أفكار جميلة في اللعبة مثل إمكانية اقتحام المنازل من أماكن متعددة، أو إمكانية الدخول إلى المواجهات والخروج منها في أي وقت للاستفادة من العالم المفتوح، هناك أفكار و الاستوديو بالتأكيد لديه إمكانيات ورؤية و لكن مستوى التنفيذ ليس مرضيًا و ضعف المواجهات في اللعبة يقلل قيمتها ككل بصورة كبيرة. هذا لا يعني، رغم كل شيء أن Redfall لا تستطيع أن تكون ممتعة، لكن لحظات المتعة وبعض الومضات العبقرية في اللعبة، تتلاشى وسط المحدوديات والعيوب. شجرة تطوير المهارات محدودة للغاية أيضًا، و تفتقر إلى القدرات الإبداعية التي قد يكون من شأنها زيادة الحماس و الإثارة في اللعب.
التوجه الفني جميل إلا أن المستوى التقني متواضع
رغم جمالية التوجه الفني في لعبة Redfall، و الذي يقدم الطابع السوداوي للمدينة بطريقة رائعة فيها استلهامات فنية بارزة من أفلام و روايات عديدة، إلا أن الجانب التقني يخذل اللعبة و يخذل الجمالية الفنية. نماذج الشخصيات على سبيل المثال تبدو قادمة مباشرة من حقبة Xbox 360 نعم إنها حقًا بهذا السوء، كما لا تقدم اللعبة مقاطع سينمائية أو قصصية و عوضًا عن ذلك تكتفي برسوم متحركة مع تمثيل صوتي لسرد القصة. حتى رسوم الأعداء و مصاصي الدماء تبدو متواضعة تقنيًا و الهياكل التضليعية تبدو منخفضة الجودة، اللعبة السابقة التي خضنا تجربتها كانت لعبة Dead Island 2 وهي أفضل مظهرًا بكثير من Redfall. على الأقل، المؤثرات الصوتية جيدة وكذلك المقاطع الموسيقية والتمثيل الصوتي.
هل Redfall هي لعبة كارثية حقًا؟ ليس فعلًا، إنها لعبة غير مكتملة تمامًا و بحاجة إلى تحسين ملموس في العديد من الجوانب و على رأسها الذكاء الاصطناعي، و ربما لم تتحقق الرؤية الفنية للعبة بالشكل المطلوب. رغم ذلك؟ لا زال هناك نوع من المتعة يمكن الحصول عليه في هذه اللعبة، و ما زالت تملك الحمض النووي لاستوديو Arkane. في نهاية المطاف، هنا تأتي ميزة خدمة مثل Xbox Game Pass، لا يهم إن كان تقييم اللعبة منخفضًا جدًا أم لا، إن أردتم تجربتها حقًا، فإن الاشتراك يسهل ذلك دون عائق المبلغ المالي الكبير (70 دولار)، أليس كذلك؟ بالتأكيد Redfall ليست الحصرية الضخمة التي أرادها عشاق الإكس بوكس، لكنها لم تكن في موضع يسمح لها بحمل هذه المسؤولية، حتى لو صدرت بدون أخطاء.
قمنا بمراجعة اللعبة على الحاسب الشخصي بعد أن حصلنا عليها من الناشر قبل الإصدار