بعد أن قاتلنا التنانين المجنحة في Skyrim و خضنا غمار الأراضي الملوثة إشعاعيًا في Fallout حان الوقت لمغامرة جديدة كليًا من Bethesda كما لم يسبق لها مثيل، مغامرة تأخذنا إلى أبعد مما تستطيع خلايا أدمغتنا الرمادية أن تحلم به، هناك إلى غياهب الفضاء و ما وراء النجوم البعيدة. حان الوقت لنقول وداعًا لكوكب الأرض الجميل وأن نشد الرحال إلى كواكب أخرى وأراضٍ أخرى لم تطأها قدم بني الإنسان، حان الوقت لنطلق لمخيلتنا العنان، حان الوقت للعبة جديدة تكسر حاجز الزمان والمكان، حان الوقت للعبة آربيجي جديدة من بيثسدا ستسجل اسمها ضمن روائع عالم الألعاب وستبقى في الذاكرة لسنوات عديدة قادمة.
لعبة تقمص أدوار جديدة من رواد هذا النوع من الألعاب
ستارفيلد هي لعبة آربيجي غربي جديدة من شركة بيثسدا الأمريكية، وللمستجدين على ألعاب بيثسدا فإن هذه الشركة هي واحدة من عمالقة هذا التصنيف ومن الرواد الذين قاموا بتأسيسه، نعم دون شك كانت سلسلة The Elder Scrolls واحدة من الأعمدة لهذا التصنيف كما إنها من مؤسسي ألعاب العالم المفتوح أيضًا لا سيما مع الحرية اللامتناهية في عوالم ألعاب الشركة. ببساطة، يصنع اللاعب شخصيته الخاصة، وينطلق كما يشاء في عالم اللعبة ويقوم بتطوير شخصيته كما يشاء.
المصمم العملاق والمخضرم “تود هاورد” يعود ليتولى دفة الإخراج من جديد في ستارفيلد، نعم مخيلة تود هاورد لم تنضب بعد وما زال في جعبته الكثير، تود هاورد كان يتخيل هذه المغامرة منذ سنوات طويلة وبالتحديد منذ تسعينات القرن الماضي لكن التكنولوجيا لم تكن متطورة بما يكفي لتحويل هذه الأحلام إلى حقيقة. الآن بات المستحيل ممكنًا وقررت الشركة تنفيذ هذا المشروع الصعب والضخم والذي استغرق ثماني سنوات في التطوير بميزانية كسرت حاجز 200 مليون دولار.
من البداية أود أن أقول بأنني بدأت لعب ستارفيلد بمشاعر مختلطة، إن استعراض اللعبة المطول كان مذهلًا، اللعبة تعد بالكثير، فهل تتمكن من تحقيق وعودها؟ لا سيما و أن ذكرياتي مع Fallout 4 ليست جيدة بما يكفي. في الحقيقة، تلك اللعبة بالغت في تبسيط كافة ميكانيكيات اللعب والحوارات من أجل ملاحقة المبيعات و السراب التجاري، لكنها في نهاية المطاف لم تكن اللعبة التي كان يُمكن أن تكون. بالتأكيد حققت النجاح التجاري، لكنها لم تؤجج أحلام اللاعبين كما فعلت ألعاب مثل سكايرم و ويتشر. بالطبع، أتت Fallout 76 بعد ذلك لتوجه ضربة مؤلمة إلى سمعة بيثسدا مع الأخطاء التقنية الكارثية والمستوى المتواضع للتجربة عند الإطلاق. فهل تمكنت بيثسدا من استعادة الثقة؟
في الحقيقة، جميع الشكوك والمخاوف تلاشت سريعًا، كان من الواضح تمامًا أن ستارفيلد لن تكون مثل الألعاب الأخيرة للشركة بل هي تصحيح مسار و عودة إلى الطريق الصحيح. هناك ثقة واضحة في طريقة تصميم اللعبة، هذه ليست لعبة تحاول الرد على أي انتقادات أو مخاوف وشكوك، بل هي لعبة واثقة تعرف جيدًا ماذا تريد أن تكون. نعم ستارفيلد مصممة بذكاء وعناية لترحب بجميع أنواع اللاعبين دون أن تخسر العمق المعتاد من ألعاب الشركة.
بداية المغامرة والقصة هي إحدى مفاجآت اللعبة
في المستقبل تمكن الإنسان من ابتكار تقنية “قفزة الجاذبية” وقام ببناء مراكب فضائية تنتقل مسافات شاسعة في الفضاء بلمح البصر، هذا الاكتشاف مكن الإنسان من الانتقال إلى كواكب أخرى واستعمارها وتشييد الحضارة والمدن فيها. بعد تصميم الشخصية الرئيسية، تبدأ اللعبة في أحد المناجم حيث بدأنا بتجميع المعادن من خلال قاطع ليزري يمكن تصويبه على الصخور التي تتواجد بكثافة في الكهوف. بعد سلسلة من الأحداث واكتشاف قطعة أثرية غامضة، وجدنا أنفسنا في مدينة أطلنطس الجديدة في مجرة رجل القنطور مع مجموعة Constellation (سنسميهم من الآن فصاعدًا في هذه المراجعة، “الكوكبة”) التي تسعى بدورها إلى اصطياد هذه القطع الأثرية وجمعها من مختلف الأماكن في الكون الشاسع. ما هي هذه القطع وما هو السر وراءها؟
بيثسدا كانت متحفظة تمامًا على قصة ستارفيلد ويُمكننا أن نؤكد لكم أن القصة في المجمل رائعة. في البداية، لا تسعى اللعبة إلى تقديم أطنان وأطنان من الحوارات التي لا تنتهي كما هو الحال في ألعاب مثل Baldur’s Gate 3 على سبيع المثال، ولا ينبغي أن يتوقع منها أي أحد ذلك، فاللعبة تحاول الوصول إلى توازن بين العمق والتفاصيل، وبين عدم الغرق في تفاصيل قد لا تهم الشريحة الأكبر من اللاعبين. نعتقد أن ستارفيلد نجحت في تحقيق التوازن المنشود، فالقصة ستطرح السؤال تلو الآخر حتى تبدأ الإجابات بالظهور. إجمالًا، القصة الرئيسية أفضل مما تم تقديمه في كل من Skyrim و Fallout 4 وأكثر إثارة وفلسفة. السرد القصصي يذكرنا كثيرًا بألعاب Mass Effect من Bioware عندما كانت بيووير في مستوى القمة، وعلى الرغم ما يفوق 15 عامًا على إصدار تلك الثلاثية، ما زالت لا تضاهى في مستوى سرد القصة وكتابة الشخصيات.
نعم، “الكوكبة” تضم مجموعة منوعة من الشخصيات الرفاق على غرار ألعاب بيووير مثل قائدة المجموعة “سارة مورغان” ورجل الأعمال الثري “والتر”، يمكن اصطحاب بعض هذه الشخصيات خلال المهام ويمكن استخدامها بطرق أخرى ومنحها دورًا في المركبة الفضائية أو في القواعد التي يستطيع اللاعب أن يبنيها لتقوية هذه الأماكن. هناك أيضًا الآلي “فاسكو” الذي رافقنا من بداية الرحلة واستخدمناه لتخزين الأغراض لفترة طويلة من خلال خاصية التبادل، وتحملنا سخريته المعدنية الهازئة عندما كنا نخوض المعارك ويؤكد لنا أن احتمالية فوزنا هي مستحيلة ولسان حالنا يقول: سترى ما هو المستحيل يا كومة الخردة!
شخصيات اللعبة جيدة إجمالًا لكنها كما أسلفنا الذكر لا ترتقي إلى قمة مستوى بيووير ومع ذلك هي أفضل من ألعاب بيثسدا السابقة. هناك شخصيات أخرى يمكن تجنيدها في اللعبة أيضًا. نظام المحادثات في اللعبة بسيط إجمالًا، هناك إمكانية لإقناع الشخصيات الأخرى بمنظور اللاعب من خلال الحوارات واختيار الإجابات الصحيحة، وهناك نظام للعلاقة بين الشخصيات (affinity) والتي تتقارب فيما بينها عندما تتفق وجهات النظر. أما عند القيام بسلوك لا يعجب الشخصية الشريكة فإن هذا سيؤدي إلى إثارة غضبها وربما رحيلها، حتى. وبالطبع، هناك الكثير من المهام الجانبية المتنوعة والأنشطة الجانبية، وأيضًا النقابات (Factions) التي هي واحدة من أعمدة تصميم ألعاب بيثسدا وكما هو الحال في ألعاب الشركة السابقة فإن كل نقابة من هذه النقابات تمتلك مهامها وقصصها الخاصة. المحتوى الجانبي رائع ويستحق الاهتمام وهو كاف ليشغل أوقات اللاعبين لعشرات الساعات.
البناء والتعديل ليس إجباريًا في اللعبة
تتكون طريقة اللعب في ستارفيلد من جزئيات متعددة، و تتناغم هذه الجزئيات معًا لتصنع التجربة النهائية. في البداية نود أن نقول بأن من لا يفضل جزئيات البناء والتركيب يمكنه أن يخوض طور القصة الرئيسي دون أن يحاول بناء مركبة فضائية أو بناء قواعد متناثرة، نعم يمكن إنهاء اللعبة بالكامل دون ذلك نهائيًا. بمعنى آخر، من يرغب في خوض تجربة “سكايرم” في الفضاء الخارجي بمقدوره أن يقوم بذلك وإن كان المسمى الأنسب، ربما، هو No Man’s Skyrim.
لنبدأ الحديث عن النظام القتالي ومنظور الرؤية. تقدم اللعبة ثلاث وضعيات مختلفة للكاميرا هي منظور الشخص الأول، منظور الشخص الثالث مع كاميرا قريبة، ومنظور الشخص الثالث عن بعد، جميعها متقنة واستخدمناها جميعًا من حين لآخر. نعم لأول مرة في تاريخ بيثسدا نحصل على منظور شخص ثالث بمستوً رائع وتحريك ممتاز ذكرنا بعض الشيء بتحفة كونامي Metal Gear Solid: The Phantom Pain في السلاسة وإحساس التحكم بالشخصية و وزنها. وتقدم اللعبة تشكيلة واسعة من الأسلحة لخوض المواجهات النارية ضد الأعداء، بما يتضمن المسدسات والبنادق والأسلحة الرشاشة والأسلحة البيضاء. الأسلحة النارية بعضها يعتمد على الذخائر الاعتيادية والبعض الآخر يعتمد على الذخيرة الشعاعية أو الليزرية.
الأسلحة قابلة للتعديل في اللعبة من خلال تطوير تعديلات متنوعة وإضافتها لتحسينات متعددة، مثل وزنية السلاح عند التصويب أو منظار الرؤية وغير ذلك. الأسلحة في اللعبة هي جزء من منظومة الموارد (loot) التي تستطيعون الحصول عليها بطرق متعددة مثل الاستكشاف أو من الأعداء أنفسهم، وهناك مستويات متنوعة حسب ندرتها بما يتضمن Epic و Legendary. مواجهة الأعداء الذين يستخدمون أسلحة أسطورية مثيرة جدًا، التحكم متقن وميكانيكيات اللعب أفضل من ألعاب بيثسدا السابقة، لكننا نرى أن المواجهات تعطي شعورًا بالتكرار بعد فترة من الزمن حيث لا تتنوع المواجهات مع الأعداء بالقدر الكافي، كما كنا نتمنى مقدارًا أكبر من الأسلحة مما حصلنا عليه. الذكاء الاصطناعي للأعداء ليس أفضل ما واجهناه أيضًا. على أية حال، نود التأكيد إلى أن اللعبة ما زالت تخفي بجعبتها أوراق وقدرات لم يُكشف عنها من قبل، وسنحترم ذلك بعدم حرقها في مراجعتنا.
هناك أعمدة لعب رئيسية تبني تجربة ستارفيلد
تطوير الشخصية متنوع جدًا كما هو الحال في ألعاب بيثسدا دائمًا مع إمكانية ترقية قدرات الشخصية وصحتها و قدراتها على إطلاق النار ومهاراتها الاجتماعية أو التكنولوجية أو حتى مهارات التخفي والسرقة وغير ذلك، إلا أن نظامه متجدد نسبيًا، والحقيقة أنه ذكرنا كثيرًا بلعبة Xenoblade Chronicles 2 وشجرة المهارات التي كانت موجودة فيها. الفكرة هي، ببساطة، أن اللاعب يستطيع الحصول على مهارة جديدة بشرط تحقيق مطلب خاص بها. مثال: حتى يستطيع اللاعب أن يقوم بترقية مهارة العلاج يجب أن يحقق ما هو مطلوب من اللعبة، مثلًا أن يقوم بعلاج نفسه لعدد معين من المرات، واذا قام بذلك، سيكون بمقدوره إنفاق نقطة مهارة يكسبها مع رفع المستوى (level) لترقية مهارة العلاج. هذا يجعل اللاعب أكثر انغماسًا في ترقية الشخصية. هذا قد لا يكون إيجابيًا دائمًا اذ أن هناك خيارات كثيرة مغلقة لا يعرفها اللاعب وبالتالي قد يستثمر في ترقية بعض المهارات و تفوته مهارات أخرى قد تكون أكثر أهمية أو تفضيلا بالنسبة إليه، خاصة وأن التطوير بطيء نسبيًا ويستغرق وقتًا لا بأس به.
تعود اللعبة المصغرة الخاصة بفتح الأقفال من جديد وهي إدمانية تماما كما كانت في السابق إلا أنها عصرية أكثر هذه المرة، حيث يقوم اللاعب باستخدام قفل رقمي ومحاولة حل لغز صغير لفتح الكثير من الأبواب و الخزائن المغلقة في اللعبة ونهب ما تحتويه من خيرات، وحتى يقوم اللاعب بمحاولة فتح الأقفال الأكثر تعقيدًا عليه أن يكسب المهارة المخصصة لذلك أولًا من شجرة المهارات. الاستكشاف في اللعبة هو نقطة قوة كبرى وهو أمر متوقع للعبة جديدة من بيثسدا أليس كذلك؟ الاستكشاف كان ممتعًا جدًا بالنسبة لنا، فلسفة التصميم اختلفت كثيرًا عن سكايرم، ليس هناك عالم واحد مزدحم ومليء بالأشياء التي قد تفاجىء اللاعب في كل زاوية برتم رائع ومميز، لا الأمر ليس كذلك في ستارفيلد، التوجه الجديد ربما لا يناسب بعض اللاعبين ويعتمد كثيرًا على التنقل إلى كواكب قد تكون فارغة نسبيًا والبحث عن الموارد ولكن الأمر ليس بهذه البساطة.
الكواكب نفسها هي عبارة عن مجموعة ضخمة من البيئات المختلفة والمتنوعة وهي بحق جميلة للغاية ومهيبة، هناك حالات طقس مختلفة وتأثيرات بيئية، هناك أمطار وعواصف رعدية وهناك صحاري قاحلة وعواصف رملية وغير ذلك الكثير، وهناك تأثيرات بيولوجية يمكن لها أن تؤثر على اللاعب بما يتضمن الإصابة بالأمراض حتى. يأتي كل هذا بقالب موزون و ذكي لا يفسد تجربة الاستكشاف، بل هو فقط يعطي قليلًا من الواقعية ويزيد الانغماس في التجربة. بمقدور اللاعبين جمع الموارد واستخدام الماسح (Scanner) للتعرف على الموارد في البيئة وجمعها أو حتى للقيام بدراسات للكواكب والتعرف على كل ما تحتويه، كما يمكن استخدام الماسح للتعرف على النقاط المثيرة للاهتمام والتوجه إليها لاستكشافها. هناك مناجم مليئة بالمعادن النفيسة، ومحطات فضائية مهجورة، ومبان خالية، أو مصانع تحولت إلى مرتع لقراصنة الفضاء والجماعات الشريرة، وكل ما يخطر و لا يخطر على بال، وهناك مهام جانبية أيضًا قد تفاجىء اللاعب في بعض الكواكب.
لو صدرت ستارفيلد قبل 15 عامًا ربما ما كانت هذه الفلسفة التصميمية ستروق للاعبين لكن الأمر تغير كثيرًا في الوقت الحالي ونحن نتعامل مع أجيال ترعرعت على ألعاب مثل Minecraft وألعاب البقاء وهي معتادة على إدارة الموارد وعناصر المحاكاة هذه، بل وبالنسبة للكثيرين فإن هذه العناصر ستكون هي اللعبة الحقيقية والدافع الأساسي لقضاء مئات الساعات على ستارفيلد. بمقدور اللاعبين بناء القواعد على أي كوكب أو قمر و استخدام هذه القواعد لجمع الموارد مثل المعادن وتخزين الأغراض وتأسيس منظومة اقتصادية متكاملة في عالم اللعبة وبالإمكان توظيف الشخصيات للعمل في هذه القواعد أو حتى حمايتها من الهجوم. بالطبع، يمكن أيضًا تخصيص نزل كامل للسكن والنوم في قاعدة اللاعب. الكواكب قابلة للاستكشاف بالكامل حيث يمكن للاعب أن يختار أي نقطة هبوط على الكوكب وأن يستكشفها، بالطبع لن يتمكن اللاعب من الدوران حول كوكب كامل مرة واحدة ولا نرى أن هذا ممكن لكواكب شاسعة الحجم أصلًا، ولكن ما هو موجود يكفي لخلق الشعور باستكشاف كوكب جديد.
العامود الآخر لطريقة اللعب في ستارفيلد بجانب المواجهات والأكشن، وبجانب الاستكشاف وإدارة الموارد، يتمثل في المركبة الفضائية. بمقدور اللاعب أن يقوم بتعديل كل قطعة في مركبته الفضائية وترقيتها لزيادة قوة المحركات أو المدافع الآلية أو الصواريخ وغير ذلك. هناك محركات الجاذبية أيضًا والتي يمكن استخدامها للانتقال من مجرة إلى أخرى وكلما كانت أكثر كفاءة كلما حصلت عملية الانتقال بوقت أسرع. يمكن حتى تلوين المركبة. في الفضاء هناك مواجهات نارية في المركبة وهي ممتازة و رائعة للغاية في منظورنا، كما اجتهدت بيثسدا في تقديم فعاليات متنوعة في الفضاء مثل إمكانية الهبوط على سفن فضائية أخرى واستكشافها أو التخاطب مع مراكب أخرى بل وإحدى اللحظات المثيرة في اللعبة كانت عندما قمنا بتخفيض ضجيج المحركات حتى نقوم بالتسلل بين مجموعة من مراكب الأعداء دون أن يلتفتوا لوجودنا. اللاعبون الذين لا يحبون التعديل بمقدورهم أن يتجاهلوا التعديل على المركبة الفضائية بل ويكفي جمع المال لشراء مراكب فضائية جديدة أعلى قدرة.
السكان في اللعبة ليسوا متفاعلين مثل ألعاب بيثسدا السابقة والحقيقة أن هذا فاجأنا بعض الشيء، امتازت ألعاب بيثسدا السابقة في الماضي بوجود شخصيات واقعية في كل عالم اللعبة حيث يحمل كل منها اسمًا وله منزل في عالم اللعبة و جدول يومي وحوارات خاصة فيه ويحتفظ بأدوات أو مال أيضًا. الحال ليس كذلك في ستارفيلد، الشخصيات الأكثر أهمية في ستارفيلد تحمل اسمًا، ولكن ربما يكون السبب في ذلك زيادة حجم المدن عن السابق وزيادة عدد الشخصيات التي تظهر على الشاشة، أو من يدري؟ ربما أيضًا تغير في الفلسفة التصميمية وتقليل مدروس لعناصر المحاكاة في بعض الجوانب التي كان يرى فريق التطوير يرى أنها قد تكون أكثر أهمية، لكن هذا مجرد تحليل من طرفنا و لا يمكننا الجزم في أنه يمثل الحقيقة.
هناك عيوب و محدوديات
نعم هناك بعض العيوب عزيزي القارىء، في البداية فإن كثرة شاشات التحميل أزعجتنا كثيرًا. في بداية تطوير اللعبة اتخذ تود هاورد قراراً بأن لا يكون التنقل سلسًا بين الكواكب والفضاء، أي أن هناك شاشات تحميل تفصل بينهما واللعب مختلف كليًا. القرار مفهوم تمامًا من ناحية تقنية خاصة مع الطموح والحجم الضخم للعبة وربما كان الاستوديو يرغب في تجنب المشاكل التقنية وتقديم لعبة مصقولة للاعبين – الأمر الذي نجح فيه بالفعل – إلا أن طبيعة اللعبة التي تتطلب كثرة التنقل بين الكواكب تجعلنا منزعجين بعض الشيء من شاشات التحميل و المقطع المتحرك الممل للمركبة الفضائية وقت الإقلاع والذي شاهدناه عشرات إن لم يكن مئات المرات. لا يمكننا سوى أن نفكر بأن لعبة متصلة في كل جوانبها كانت حقًا لتكون معجزة تقنية أكثر إبهارًا، ولكن هذا لم يحصل. تمنينا أيضًا لو كان هناك مركبات في اللعبة تساعد على الاستكشاف وجمع الموارد في الكواكب بصورة أسرع بدلًا من المشي والركض طوال الوقت خاصة وأن الركض يستهلك الأوكسجين للشخصية. أخيرًا، تمنينا وجود خاصية لعب جماعي وهو مطلب عادل في منظورنا ولكن باستثناء شاشات التحميل الكثيرة التي تكسر الانغماس في التجربة نسبيًا، والتكرار النسبي في المواجهات مع الأعداء، فإن هذه الملاحظات لم تؤثر على التقييم النهائي.
الرسوم رائعة والمناظر الطبيعية خلابة
تستخدم ستارفيلد النسخة الجديدة كليًا من محرك بيثسدا الخاص Creation Engine 2، والحقيقة أن المستوى التقني والرسومي كان إحدى المفاجآت الجميلة لنا. اللعبة رسوميًا خلابة للغاية ومن أفضل الألعاب مظهرًا على جميع الأجهزة. لعبنا نسخة الحاسب الشخصي وتمكنا من تشغيلها بأعلى الإعدادات ومع ذلك فإن بطاقة RTX 4070 Ti عانت لتقديم معدل إطارات يفوق 60 إطارًا مع أننا نلعب بدقة 1440P، بل وهبط معدل الإطارات في بعض الأماكن مثل أطلنطس الجديدة إلى أقل من 55 إطار. لا عجب في أن نسخة الإكس بوكس تعمل بسرعة 30 إطارًا فقط مع هذا المستوى الهائل. الخامات مفصلة ودقيقة للغاية مثل الملابس والمعادن، فقط انظر عزيزي القارىء إلى المعدن الصدىء على الآلي فاسكو أو المحركات النفاثة للمركبة الفضائية، الخرائط أكبر من جميع ألعاب بيثسدا السابقة أيضًا. هناك نقلة جيل مقارنة مع ألعاب بيثسدا السابقة وهي ممتازة مقارنة بأي لعبة أخرى بالنظر إلى أنها لعبة عالم مفتوح.
الإضاءة هي حبة الكرز التي زينت الكعكة فهي من الأفضل في أي لعبة، خاصة الإضاءة غير المباشرة أو المنتشرة. قائمة اللعبة الرئيسية لا تذكر أي نوع من الدعم لتقنية تتبع الأشعة ومع ذلك لاحظنا أن الانعكاسات على الأرضيات لا تختفي حتى عندما يكون الجسم المتسبب بالانعكاس غير ظاهر على الشاشة. قوة الإضاءة في اللعبة عززت من جمالية وروعة المناظر الطبيعية أيضًا، عندما نهبط على أي كوكب جديد فإن أول ما نفعله هو النظر إلى السماء والتحديق في تلك الكواكب أو النجوم والمنظر المهيب لها في السماء! ولعل نقطة الضعف الوحيدة هي رسوم الشخصيات وهي ليست سيئة إلا أنها عادية للغاية. على الأرجح تستخدم بيثسدا ذات المحرر المتاح للاعبين من أجل صنع جميع الشخصيات الموجودة في اللعبة، التحريك الخاص بها ليس مثاليًا أيضًا، إلا أننا اعتدنا هذا النوع من المحدوديات التقنية بألعاب العالم المفتوح التي تقدم حرية كبيرة للاعبين.
الموسيقى في اللعبة من الملحن Inon Zur والذي نعرفه جيدًا من خلال ألعاب سابقة مثل Dragon Age Origins وألعاب Fallout الأخيرة وقد قدم مجموعة متنوعة من الألحان التي تستخدم آلات موسيقية حية وآلات وترية بطابع سينمائي مناسب لطبيعة اللعبة وأجواء الخيال العلمي فيها. الموسيقى تفوق المتوسط و تميل إلى الممتاز في بعض الأحيان لكنها في المجمل لا تعلق بالذاكرة كما كانت ألحان المذهل “جيريمي سول” في ألعاب The Elder Scrolls سواء سكايرم أو أوبليفيون. التمثيل الصوتي خطوة إلى الأمام مقارنة مع ألعاب بيثسدا السابقة وهو جيد بما يكفي، إلا أنه لا يصل إلى مستوى أفضل ألعاب الفيديو في هذا الجانب، ولكن لا بأس فإن ألعاب الفيديو الأخرى لا تقدم ما تقدمه ستارفيلد من تنوع وحرية أيضًا، فقط دعنا نقل أن لكل لعبة أولوياتها.
الكلمة الأخيرة
لسنوات طويلة جدًا لم تتمكن مايكروسوفت من تطوير لعبة حصرية تنافس على لقب لعبة العام أو ترتقي إلى مقام الألعاب المؤثرة في الصناعة. كل شيء يبدأ من جديد مع ستارفيلد، اللعبة هي بداية جديدة للإكس بوكس ومشوار الحصريات وهي أضخم وأهم لعبة طرف أول من مايكروسوفت منذ Halo 3 التي كانت علامة فارقة على جهاز Xbox 360. الآن حان الوقت لتتنازل سلسلة هيلو عن العرش وتترك المهمة لتحفة بيثسدا الجديدة ستارفيلد لتحمل المسؤولية. نعم ستارفيلد تحقق المهمة بنجاح لترفع الرؤوس وتقف بصلابة في وجه حصريات الطرف الأول من سوني و من ننتندو. نعم هي لعبة الأحلام للعلامة الخضراء والتي تعطش جمهور الإكس بوكس طويلًا لها. مرحبًا بعودتكم، بيثسدا! والآن، دعوني أواصل استكشاف ذلك الكوكب ذي الشفق الأرجواني بسلام.
راجعنا اللعبة بنسخة Steam حصلنا عليها من الناشر قبل الإصدار