قدّم لنا فريق التطوير الاسباني The Game Kitchen أوّل أجزاء لعبة الميترويدفينيا Blasphemous عام 2019 وقد كانت تجربة مثيرة للاهتمام بعالمها السوداوي المستوحى من التراث النصراني الاسباني وبأجواء فريدة ميّزتها عن غيرها من ألعاب الميترويدفينيا من هذا الجانب ولكنّ التجربة كانت بسيطة في العديد من نواحيها وبشكل قاد إلى بعض المحدودية التي منعتها من الوصول إلى مستوى ألعاب رائعة مثل الإصدارات الكلاسيكية من Castlevania، فريق التطوير يعود بعد 4 أعوام مع الجزء الثاني وبعد خوضنا لهذه المغامرة والتشبّع بها حان الوقت لنقدّم لكم هذه المراجعة.
القصة تعود بنا إلى أرض Cvstodia المنكوبة وسنعود للعب دور البطل The Penitent One لمحاولة إيقاف أخر محاولات اللعنة المعروفة باسم “المعجزة” لنشر البلاء وبداية القصة توحي للاعب بأنّها بدأت مباشرةً بعد نهاية الجزء الأوّل كونها أشارت إلى الحدث الذي حصل نهاية ذلك الجزء ولكنّ الواقع قد يكون مختلفاً فعالم اللعبة مختلف كثيراً عمّا نتذكره وبعض المناطق التي سنعيد زيارتها ستبدو مختلفة كثيراً من حيث حالتها ومن حيث موقعها من الخارطة ويبدو بأنّ الأحداث تبدأ فعلياً بعد عقود أو قرون من الزمن! على كل فاللعبة تحافظ على الكثير من الغموض الذي قدمه الجزء الأوّل ولكنّها أكثر غموضاً فبينما يقوم الجزء الأوّل بإعطاء نبذة عن بعض الشخصيات سواءً عن طريق النصوص أو الحوارات القصيرة فإنّ الجزء الثاني يقدّم لنا تلك الشخصيات الغريبة ويصوّر العذاب الذي تمر به دون أدنى تفسير في العديد من الأحيان والقصة لم تكن من نقاط قوة الجزء الأوّل وهي ليست من نقاط قوة الجزء الثاني بالطبع ولكنّ غرابة عالم اللعبة وغياب التبريرات يجعلنا نهتم بمشاهدة ما حولنا في هذا العالم للحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات عنه والتفكير في التفسيرات المحتملة لما يحصل.
اللعبة تعود لتقديم نفس المستوى السمعي الجميل من الجزء الأوّل ولكن هذه المرّة مع مستوى بصري أكثر إتقاناً فبالرغم من المحافظة على على رسومات 16-بت الكلاسيكية إلّا أنّ التحريك هذه المرة أكثر سلاسةً وجمالاً مع العناية بتفاصيل حركة شخصيتكم وحركة الوحوش والشخصيات التي ستقابلونها كما تمّ تقديم تصاميم بيئات أكثر تعقيداً وتحوي تفاصيل أكثر من الجزء الأوّل الذي مالت تصاميم بيئاته إلى البساطة.
التحسينات الرسومية جيدة وتضفي جمالية أكبر إلى التجربة ولكنّ التحسينات على أسلوب اللعب هي أبرز ما سيلاحظه اللاعب في الجزء الثاني فمع مواصلة التركيز على بساطة أسلوب اللعبة يتم إضافة المزيد من الخيارات والتنويع إلى التجربة من عدة نواحي فهذه المرة لا تستخدمون سلاحاً واحداً بل سيتم تخييركم بين 3 أسلحة بادئ الأمر، المطرقة ذات القوة الكبيرة والضربات البطيئة، السيف الذي يوازن ما بين القوة والسرعة، والخنجران اللذان يقدّمان السرعة على قوة الضربات ومع استكشاف عالم اللعبة ستحصلون على السلاحين الباقيين وهذه المرة أصبحت التطويرات والقدرات الخاصة بالأسلحة أكثر نفعاً وأدعى لأن يتم استخدامها أثناء المعارك.
أحد عيوب الجزء الأول كانت في تقديم القدرات السحرية والتي كانت تتطلّب وقتاً أطول من اللازم لتنفيذها ممّا يجعل اللاعب معرّضاً لهجمات الخصوم والموت ولم نستفد كثيراً من تلك القدرات في الإصدار الأصلي ولكنّ الجزء الثاني يعالج هذه المشكلة فيقدّم لنا هجمات سحرية سريعة يتم القيام بها بشكل شبه مباشر وقد كانت هذه القدرات متنوعة جداً ومفيدة للاستخدام ضدّ مختلف الأعداء مع وجود قدرات سحرية أكثر قوة يمكن الاستفادة منها خاصةً في المواقف الحرجة وهذه القدرات تحتاج في المقابل إلى وقت أطول للتطبيق ومعارككم مع الخصوم ستعتمد على المد والجزر كما هو الحال في الجزء الأوّل ولكنّ الأعداء الأن موزّعون بشكل يجعل المعارك أقل روتينية ويدفعكم أكثر للتحرّك والتعامل مع أكثر من خصم في نفس الوقت وقد كانت أحد السلبيات هنا هي ترتيب الأعداء وطريقة ظهورهم في بعض المناطق بشكل مزعج يضع اللاعب في مناطق ضيقة مع شبه استحالة هروبه من الموت في مثل هذه المواقف ولكنّها ليست بالسلبية التي ستكرّر بشكل يفسد عليكم التجربة.
الجزء الثاني يعود لتقديم مواجهات زعماء مسلية ومتقنة والصعوبة العامة للتجربة متوازنة وتميل للتحدي ولكنّ بالرغم من الاتقان في تقديم مواجهات الزعماء إلا أنّها تعيد تقديم العديد من الأفكار التي تمّ تقديمها في الجزء الأوّل كما أنّنا شعرنا بالخيبة من ندرة مواجهات الزعماء العمالقة والتي تميّز بها الجزء الأوّل ويمكن القول بأنّ المستوى الذي قدّمه الجزء الثاني من هذه الناحية لا زال ممتازاً ولكنّه دون مستوى الجزء الأوّل كما أنّ هنالك عيباً أخر يخص المعارك وهو قلة التنويع في الأعداء فقد قدّم الجزء الأوّل تنوعاً ممتازاً في نوعيتهم والهجمات التي يقومون بها بينما قام الجزء الثاني بإعادة تقديم عدد محدود من الأعداء القدامى وبعض الأعداء الجدد ولكن دون تنويع فعلي في نوعية الهجمات او الاستراتيجيات اللازمة لمواجهتهم.
خلال تجوالكم في عالم اللعبة ستجدون العديد من الأدوات مثل الـRosary Beads التي يمكن استخدامها للتحسين من مقاومة شخصيتكم لبعض أنواع الضرر أو تقدّم خصائص أخرى كما تتواجد التماثيل Altarpieces التي تعطيكم أفضليات معينة أو تقلّل من استهلاككم لعدّاد الطاقة السحرية ونحوها من الاستخدامات التي تشعركم بأهمية استخدام هذه الأدوات على عكس الجزء الأوّل الذي كان استخدام مثل هذه الأدوات فيه ذو فائدة محدودة معظم الوقت.
عند الحديث عن جانب الاستكشاف وهو ركيزة أساسية في ألعاب النوع فهذا الجزء قد تألّق عن سابقه الذي كانت تجربة الاستكشاف فيه محدودة جداً ولا تتغيّر بعد الساعات الأولى من اللعب فالجزء الثاني يستفيد من القدرات التي ستحصلون عليها خلال التجربة للتحسين من تجربة الاستكشاف كالاستفادة من القفز المزدوج والقدرة على الاندفاع في الهواء كما أنّ اللعبة تستفيد من الأسلحة الثلاثة في الاستكشاف فكل سلاح من هذه الأسلحة له قدرة خاصة تساعدكم على الاستكشاف كقدرة المطرقة على قرع الجرس والذي يقوم بفتح الأبواب الزئبقية أو تشكيل المنصات للقفز عليها والسلاح الذي ستختارونه بادئ الأمر سيحدّد المناطق التي يمكنكم استكشافها والزعماء الذين ستواجهونهم وقد تمّ التنويع في نوعية الفخاخ التي ستقف في طريقكم أثناء الاستكشاف كما أنّ الوقوع في بعض الفخاخ لن يعني الموت وإنما عودتكم للمنصة السابقة مع خسارة جزء من عدّاد الحياة وهي أحد المشاكل المزعجة في الجزء الأوّل والتي تسببت بالموت مرات عديدة في جزئيات القفز ما بين المنصات التي تتطلب الدقة.
أحد عيوب الاستكشاف من الجزء الأول لا زالت متواجدة في الجزء الثاني وهي مشكلة الحاجة للعودة إلى بعض المناطق مراراً وتكراراً وقضاء وقت طويل في الاستكشاف بسبب قلة نقاط التنقّل السريع وهو أمر مزعج جداً كونكم قد لا تتمكنون من دخول منطقة بسبب الافتقار إلى سلاح معين أو إلى قدرة لم يتم اكتسابها وفي بعض الأحيان ليس من الواضح من أي منطقة يمكنكم الوصول إلى هدفكم ممّا يعني العودة إلى عدد من المناطق ومحاولة اكتشاف ما إن كنتم قادرين على المرور من خلالها قبل إيجاد المنطقة المناسبة.
المحتوى الجانبي في اللعبة دسم إذا ما قورن بالجزء الأوّل وهنالك العديد من الأسرار والمهمات الجانبية التي ستتطلّب منكم إمعان النظر في البيئة المحيطة أو ستجعلكم أكثر حرصاً على الاستكشاف كون المكافآت التي ستحصلون عليها مقابل الجهد الإضافي سخية جداً كونها تقدّم لكم قدرات ممتازة أو توفّر لكم خصائص ليست متوفرة لكم بشكل أساسي عند اللعب وقد كانت العديد من هذه المهمات مسلية وتتطلّب بعض التفكير لحلها أو تحصيل الأدوات التي تخصها.
قمنا بإنهاء اللعبة بنسبة 98% خلال 30 ساعة لاهتمامنا بالمهمات الجانبية والأسرار وبالإمكان إنهاء اللعبة خلال 18 ساعة عند التركيز على مهمات القصة ويمكننا القول بأنّ Blasphemous 2 بنت على الأساس القوي للجزء الأوّل وحسنت من التجربة العامة بشكل واضح من مختلف النواحي، قد يكون المستوى الذي تمّ تقديمه لبعض العناصر أقل جودة من الجزء الأوّل ولكنّها عناصر لا تقارن بالتحسينات والقفزات الواضحة في مستوى المعارك وجانب الاستكشاف ولا شكّ بأنّ الجزء الثاني سيروق لكم أكثر من الجزء الأوّل.
تمّ مراجعة هذه اللعبة بنسخة Nintendo Switch تمّ توفيرها من قبل الناشر.