عندما ننظر إلى سلسلة ألعاب كرة القدم باسمها الجديد EA Sports FC24، فإن السؤال الذي يتراود في أذهاننا حقًا: إلى أي درجة يجب أن تتطور و تتغير لعبة سنوية حتى تحصد إعجاب الجماهير؟ وهل من الواجب أن تعيد اللعبة اختراع العجلة سنويًا، أم أن التدوير والبناء كاف؟ حسنًا، ما تقوم به هذه السلسلة، وأي سلسلة سنوية أخرى في المعتاد، هو البناء التراكمي. حقًا، أضحت EA Sports FC24 لعبة عملاقة للغاية بأطوار لعب متعددة يصعب منافستها، إلا أنه في ذات الوقت، لا يُمكن أن ننكر بأنها ما زالت ترتدي الثوب القديم نفسه.
لأول مرة منذ أواسط التسعينات، لم تصل شركة Electronic Arts الأمريكية إلى اتفاق مع FIFA لترخيص العلامة التجارية، وبذلك قامت بتغيير اسم السلسلة إلى EA Sports FC، وفي الحقيقة، نعتقد أن هذا التغيير سيخدم EA على المدى الطويل، حيث باتت تملك العنوان والاسم التجاري بالكامل دون الاعتماد على علامة مرخصة، وفي نهاية المطاف، تملك EA حقوقًا حصرية على صعيد ألعاب الفيديو، للعديد من بطولات كرة القدم العالمية، والدوريات المحلية، ومنها دوري أبطال أوروبا. EA تنفق أموالًا طائلة على هذه الحقوق، دون شك.
مع الوقت تحولت هذه السلسلة إلى منتج عملاق حقًا، فباتت تقدم أطوارًا عديدة منها طور المهنة، وطور المواسم، وطور Ultimate Team الشهير، وطور Volta، ودوريات بلايستيشن وغيرها، وتحصل هذه الأطوار على تحسينات بسيطة من عامٍ لآخر. طريقة اللعب بدورها تحصل على تحسينات سنوية، مع تحريك محسن بنظام Hypermotion V لهذا العام. السؤال الذي يطرح نفسه، هل هذا كاف حقًا؟
التغيير الأساسي في طريقة اللعب يعتمد على سر صغير تتلاعب به ألعاب كرة القدم منذ أكثر من عشرين عامًا ربما، ويعتمد على تغيير سرعة اللعبة، وجعلها هجومية أكثر أو دفاعية أكثر، وإصدار هذا العام هجومي أكثر من إصدار العام الماضي الذي كان أكثر توازنًا. بالطبع، هناك تحسينات أخرى، أبرزها نظام Play-styles الجديد، والذي يعتمد على تقوية بعض السمات لدى اللاعبين المميزين التي تشابه مهاراتهم وقدراتهم في المواقع، كما يمتلك اللاعبون العظماء نسخة محسنة من المهارات تجعلهم أفضل وأكثر شراسة، وتتوزع هذه المهارات بين الهجوم والدفاع، والتكتيك وغيرها. نعم، نشعر أنها إضافة إيجابية، هل أعطت تغييرًا لإحساس المباريات؟ حسنًا، ليس بالدرجة التي تخيلناها.
نظام التحريك Hypermotion V حصل على تحسين ملحوظ هذا العام، وهو يعتمد على البيانات الحجمية التي يعتمد عليها الذكاء الاصطناعي خلال اللعب لمحاكاة تحركات اللاعبين الحقيقية. في الواقع، لم يكن تأثير هذا النظام ملموسًا تمامًا في البداية، إلا أنه تطور مع السنوات ليجعل السلسلة أكثر واقعية بفارق مما كانت عليه في الماضي، من ناحية محاكاة تحركات اللاعبين على الأقل، ومن يجرب العودة إلى أجزاء السلسلة القديمة، سيشعر بالفارق الملموس في هذا الجانب.
هناك تحسينات ملموسة في الجانب الرسومي أيضًا، حيث أصبح اللاعبون أقرب إلى الواقع من السابق، لا سيما مع حركة الأقمشة والملابس. هذه النسخة من اللعبة هي الأفضل رسومًا في تاريخ السلسلة دون شك، كما زادت اللعبة من التصوير الديناميكي للمباريات، مثل تصوير ممرات الدخول إلى الملاعب، وغير ذلك من اللقطات التفاعلية التي تهدف إلى زيادة الاندماج والانغماس مع اللعبة. التصادم ما زال جيدًا، لكنه ما زال يفتقد للواقعية أحيانًا، وما زلنا نحصل على بعض النتائج الغريبة من وقت لآخر، حتى إن بعض العيوب في الاستراتيجية ما زالت موجودة في السلسلة منذ أن عرفناها، مثل سوء حركة اللاعب. التغيير الأكبر في إصدار هذا العام كان من نصيب FUT مع إضافة اللاعبات النساء اللواتي يجلبن أساليب لعب مختلفة كليًا عما اعتدنا عليه مع اللاعبين الذكور. إن الدمج بينهما معًا في هذا الطور، كان، وما زال، قرارًا مثيرًا للجدل حقًا. أنا لست من الأشخاص الذين يستمتعون حقًا بهذا الطور، ولم يتغير الأمر مع هذا الإصدار.
شعورنا الأساسي أن السلسلة تتجه في المستقبل إلى إضافة المزيد من عناصر ألعاب تقمص الأدوار (آربيجي). هناك مهارات مختلفة للاعبين، هناك إمكانية لتطوير اللاعبين في طور Ultimate Team، وهناك عناصر استراتيجية في طور المهنة حتى ندفع الفريق إلى مواكبة رؤيتنا الخاصة لكرة القدم على صعيد استراتيجي، ونحن من محبي التمرير القصير والسيطرة على المباريات بأسلوب التيكي-تاكا الشهير. إن هذا يجعلنا نشعر بأننا نمنح فريقنا هوية خاصة مميزة. من جهة أخرى فإن التغييرات التي طرأت على طور المهنة الخاص باللاعب لم تعجبنا كثيرًا لأنها جعلت خياراتنا أكثر محدودية. طور فولتا، أيضًا، بأسلوبه الآركيدي جدًا، ما زال من الأطوار التي لا تروقنا كثيرًا.
هناك تعديلات وتحسينات في إصدار هذا العام، إلا أن تغيير الاسم يوحي بقفزة أكبر مما هي عليه في الحقيقة. بعد كل شيء، ما زالت هذه اللعبة هي إصدار آخر من ذات السلسلة التي باتت مألوفة جدًا، والتوجه القادم على ما يبدو، هو زيادة عناصر الآربيجي وتطوير اللاعبين. العجيب أن بعض العيوب البسيطة في التكتيك، وفي الذكاء الاصطناعي، ما زالت موجودة في ألعاب السلسلة منذ فترة طويلة جدًا، ولم يتم إصلاحها حتى الآن، مثل سوء قراءة اللاعبين لبعض الهجمات والتحركات الخاطئة، أو كيف يندفع الفريق بأكمله إلى وضعية الدفاع عندما يفقد الكرة في منطقة الخصم إلى الخارج، مع أنه نظريًا يمكن أن يستمر في الضغط.
في النهاية، إن العودة إلى إصدار سنوي لسلسلة مستمرة منذ الأزل، هي مثل العودة إلى منزل صديق قديم؛ ربما ترى قطعة أثاث مختلفة هنا أو هناك، ربما قام صديقك بشراء تلفاز جديد، لكن المكان ككل يبدو مألوفًا كفاية منذ الوهلة الأولى، لتشعر بأنه ذات المكان الذي زرته وترددت عليه منذ سنين.
(راجعنا اللعبة بنسخة PS5 حصلنا عليها من الناشر)