هذه اللعبة سببت لي صدمة، و أنا الذي كنت متحمسا لها من وهلة كشفها الأولى. كثير من اللاعبين و أنا أحدهم توقع أن اللعبة عبارة عن المزيد من خليط ألعاب السولز مع حرية أكبر في الحركة كما في سيكيرو. لكن الواقع الذي رأيته أمامي هو أن هذه اللعبة ليس لها بأسلوب السولز علاقة، إنما هي لعبة تقدم توجه جديد لفريق التطوير تيم نينجا و تحاول تقديم تجديد مرحب به جدا على هذا النوع من الألعاب.
إن كنت سأقدم وصفا دقيقا لهذه اللعبة، فهي حقا لعبة ياكوزا كلاسيكية لكن في حقبة نهاية الساموراي الشهيرة. لا أكاد أن أصدق كيفية التشابه بين هذه اللعبة و سلسلة ياكوزا العريقة، إنه آخر أمر توقعته من فريق تيم نينجا. ولكن بالتأكيد هناك فوارق، و لمسات خاصة تعطي اللعبة هويتها الخاصة.
اللعبة مقسمة على مناطق جغرافية مختلفة من اليابان قديما، و كل منطقة ستكون مرتبطة بفصل معين من القصة. الخريطة أكبر بكثير مما اعتدناه من ألعاب ياكوزا، و بها ما يسمى بنقاط الاهتمام، و هي تمثل الأنشطة المختلفة التي يمكن أن تقوم بها في اللعبة. لا تتوقعوا هنا شيئا مثيرا أو غير معتاد، نتحدث عن بعض المتاجر التي يمكن أن تشتري منها، قطط لتقوم بايجادها و جمعها، كنوز بعضها مخفي و عليك ايجاد الطريق له، و أيضا معالم عليك بتصويرها في كل منطقة. و في حال حصولك على جميع المقتنيات في منطقة ستحصل على مكافأة خاصة عبارة عن أدوات تفيدك في اللعبة. ضايقني جدا عدم وجود خريطة مصغرة، و أمضيت وقتا طويلا في اللعبة أثناء الاستكشاف بالتنقل ما بين اللعبة و شاشة الخريطة الكبيرة.
هناك حصان يمكن استدعاؤه للتنقل السريع في أي لحظة، و اللعبة أعجبني فيها أنها “ملمومة” و مناطقها متقاربة و لن تشعر بالفراغ في عالمها أبدا. البطل يستطيع التسلق على المباني عبر القفز أو التعلق بالخطاف، و أيضا يمكنه الطيران باستخدام الأجنحة لمسافة وجيزة. هناك بعض المباني التي يمكن الدخول اليها ومعظم البقية ستكون مغلقة.
اللعبة تأخذ مكانها في حقبة EDO في منتصف القرن التاسع عشر، حيث الصراع الكبير بين مناصري الشوغون (القائد العسكري لليابان) و معارضيه ممن يتمنون زواله و زوال منصبه. اللعبة مليئة بشخصيات شهيرة و حقيقية تمثل تلك الحقبة، و لعل محبي الترفيه يعرفون الكثير منهم من ظهورهم في أعمال شهيرة مثل الأنمي جنتاما، نتحدث عن فرقة الأمن Shinsengumi ، بأعضائها Kondō Isami و Hijikata Toshizō ، و أعدائهم اللدودين مثل Katsura Kogorō و الشخصيات الأيقونية مثل Sakamoto Ryōma.
الجميل في اللعبة أنها توظف هذه الشخصيات بشكل ممتاز عبر خاصية اسمها Bond. و هذه الخاصية تقوم بقياس قوة علاقتك مع هذه الشخصيات، حيث عليك أن تختار في أي جهة سيكون ولاؤك، هل ستكون مع المجموعة الداعمة للشوغون، أم ستكون مع المجموعة المعارضة. ذلك لن يؤثر فقط على علاقاتك بالشخصيات، بل أكثر من ذلك، حيث أن القصة ستتأثر بشكل مباشر بقراراتك التي تتخذها.
و هنا نأتي للحديث عن أحد مزايا اللعبة الرائعة. في اللعبة قد تضطر لاتخاذ قرارات مصيرية، بعضها قد يكون قتل شخص من عدمه، أو تسريب معلومة مهمة لجماعة دون الأخرى. لكن ماذا لو ندمت على القرار الذي اتخذته؟ لا تقلق حيث هنا يأتي دور خاصية المسار الزمني في اللعبة، حيث يمكنك العودة للماضي و اتخاذ قرار مغاير و رؤية كيف تتأثر الأحداث بهذا القرار. هذه الميزة بالعادة نراها في ألعاب الروايات المرئية، لكن ليس في هذا النوع من الألعاب، و كان مثيرا تجربة هذه الخاصية و رؤية المسارات المختلفة للأحداث المحورية.
الآن لننتقل للقتال، و هو يمثل معظم أوقات اللعبة خارج القصة، حيث أن المهمات الرئيسية كلها عبارة عن خليط من نفس الشيء؛ قتال فوج من الأعداء يلي الآخر، ثم الإنتهاء بقتال زعيم لختم المهمة. حتى المهمات الفرعية التي تنقسم الى مهمات Bond لتعزيز علاقة الشخصيات، و مهمات جانبية عادية أخرى، كلها جميعا عبارة عن جولات قتالية، بعضها في عالم اللعبة، و بعضها تكون مهمة منفصلة تقوم بها بشكل جماعي سواء مع الكمبيوتر أو لاعبين آخرين عبر الشبكة.
اللعبة تقدم ثلاثة مستويات صعوبة، و سترضي من يريد تجربة بسيطة و من يريد تجربة فيها تحدي كبير على حد سواء. المهمات الرئيسية التي تحتوي على قتال زعماء سيكون لها شاشة خاصة للاستعداد للمهمة و كأنها مرحلة منفصلة. في هذه الشاشة يمكنك اختيار أحد شخصيات الكمبيوتر التي بنيت معها علاقة ليشارك معك بالمهمة (الفريق حده الأعلى 3 أعضاء). أو يمكنك الاتصال بالشبكة و دعوة أصدقائك للمشاركة معك في المهمة عبر نظام اللعب التعاوني.
نظام القتال يعتمد على السلاح المستخدم، سواء كان رمح أم سيفين أو سيف واحد أو غيرها. و كل سلاح لها عدة وضعيات قتال يمكن التبديل بينها أثناء القتال. الفكرة هي أن اللعبة تقدم نظام نقاط ضعف و قوة مشابه لما رأيناه سابقا في ألعاب فاير امبلم، حيث كل نوع سلاح يملك التفوق على نوع آخر. فأثناء القتال عليك التبديل بينهم على حسب الموقف و العدو الذي تواجهه. اللعبة تقدم أيضا خواص الاغتيال بشكلها المبسط، سواء ضرب العدو من الخلف أو الأعلى و عبر الاختباء بالعشب. بشكل عام أسلوب القتال و اللعب يشبه كثيرا سلسلة ياكوزا، و من جربها سابقا سيجد نفسها هنا في مناطق مألوفة.
مشكلة اللعبة الرئيسية بنظري أنها تحاول عمل الكثير في نفس الوقت، لدرجة تفقد الكثير من الأمور قيمتها في اللعبة. فمثلا الأسلحة المتوفرة في اللعبة كثيرة جدا و متشابهة، و حرفيا في كل قتال و مهمة أحصل على أسلحة أقوى و أقوم بتغيير سلاحي القديم. اللعبة تقدم خاصية تطوير أسلحة و لم استخدمها إطلاقا، و لماذا سأحتاجها و أنا أحصل على سلاح جديد كل عدة دقائق، حتى من ناحية الدروع فالأمر مشابه أيضا.
رأينا العديد من التعليقات السلبية على موضوع رسوم اللعبة، و بالأمانة لا أجده أمرا يستحق التركيز. نعم اللعبة ليست مبهرة تقنيا، لكنها أقرب لسلسلة زيلدا على السويتش من أي شيء آخر، حيث يعتمد جمالها على العامل الفني أكثر من التقني، و شخصيا لم أرى موضوع الرسوم كعائق في تجربتي للعبة إطلاقا. بل بالعكس تماما، أعجبت جدا بتصميم الشخصيات و المباني و بعض مناظر الطبيعة الجميلة.
بشكل عام اللعبة عبارة عن مجموعة متفرقة من الخواص الجميلة التي تجعل منها لعبة ساموراي ممتعة، و هي تفعل الكثير من الأمور بشكل أفضل من شبيهاتها ممن رأيناهم في سوق الألعاب في الماضي. لكنها في النهاية لا تخلو من أفكار العالم المفتوح المعتادة و المعارك المتكررة التي تصبح مملة بعد عدد معين من ساعات اللعب الطويلة.
تمت مراجعة اللعبة عن طريق نسخة حصلنا عليها من الناشر قبل الإصدار على PS5