لعل معظم أبناء الجيل الذي لم يعاصر صدور Silent Hill 2 لأول مرة، يرى إعلان الريميك الخاص بها وينعتها باللعبة المتواضعة، فقط لأن رسوم الريميك ليست على مستوى ألعاب الشركات الكبرى اليوم، ولكن ما قد لا يعلمه البعض هو مدى أيقونية اللعبة، وتأثيرها على صناعة الألعاب ككل، أو على تصنيف ألعاب الرعب، الذي حصل بعدها على تصنيف فرعي ضخم، بات محبوبًا الآن وهو تصنيف “الرعب النفسي”

البداية كانت مع Resident Evil الأولى، وخريطة Spencer’s Mansion الشهيرة، وقتها كانت كونامي وكابكوم في أوج تألقهما، ويعتبران شركتان منافستان لبعضهما، وبالتالي حاولت كونامي القفز على قطار ألعاب الرعب هي الأخرى، قبل أن تنفرد به شركة كابكوم مع Resident Evil التي اتضح من مبيعاتها واستقبالها النقدي والجماهيري أنها لن تكون لعبة عادية، وستحقق نجاح غير مسبوق وتنقل صناعة الألعاب لمستويات أخرى.

للعلم، كونامي وقتها كان لديها سلسلة ناجحة جدًا، وهي Metal Gear Solid، أي أنها لم تكن شركة صغيرة. اتخذ قرار الضوء الأخضر لتكوين فريق Team Silent الشهير، وعملوا على الجزء الأول من اللعبة والذي صدر على PS1، وقدم مشهد الضباب الشهير أثناء التجول في عالم اللعبة، وهو شيء -لمن لا يعلم- قدمه المطور لتحسين توقيتات التحميل للبيئة على الكونسول، فعندما تكون البيئة ضبابية، لن يحتاج اللاعب إلى تجميل الخريطة كاملة أثناء سيره، وبالتالي يحصل على أداء أفضل.

لكن، مع الجزء الثاني كانت الأمور مختلفة، لأن Silent Hill 2 قدمت تجربة رعب نفسي، وهو نوع كان جديدًا وقتها على صناعة الألعاب. أن تقدم الخوف على هيئة أجواء وبيئات، يتسلل إلى داخل اللاعب ويشعره بعدم الارتياح ليس لأنه رأى وحوشًا ذات أشكال قبيحة، وإنما لأنه متواجد بمكان يصدر له الخوف. هذه كانت Silent Hill من حيث الفكرة منذ بدايتها، ولكن الجزء الثاني طبقها بشكل أفضل بكثير من الجزء الأول، وخصوصًا عندما تعرف تفاصيل القصة. لكن بما أن هناك ريميك على الأبواب، فلن أحرق لك شيئًا حولها، وسأتركك تتفاجئ مثلما تفاجأت أنا عند تجربتي للنسخة الأصلية.

لكن يكفينا القول بأن لعبة Silent Hill 2، الصدارة في 2001، لم تقم لعبة أخرى بتقديمه بنفس المستوى، إذ نجحت في تقديم البعد النفسي للإنسان بشكل مختلف عما رأته صناعة الألعاب قبلها. لقد اكتشف اللاعبون والنقاد عن طريقها أن ألعاب الفيديو يمكنها تناول مواضيع حساسة وعميقة وجادة بأشكال غير مسبوقة، وطرق تفاعلية تجعل رواية القصة والسرد أكثر فعالية.

إلى اليوم، وعندما تذكر ألعاب الرعب النفسي، تظل لعبة Silent Hill 2 واحدة من الأيقونات الثابتة في هذا النوع، وربما اللعبة التي أسست هذا التصنيف من أساسه، وبالرغم من مرور أكثر من 20 عامًا على صدورها، إلا أنني لا أجد لعبة تنجح في الاقتراب منها سوى -ربما- The Evil Within بجزئيها، ولكن حتى هذه لم تقدم ما جديد يذكر على التركيبة، فقط تجربة رعب نفسي من منظور شخص مبدع (شينجي ميكامي)

كان هذا كل شيء لليوم حول تأثير Silent Hill 2 على صناعة الألعاب وتصنيف ألعاب الرعب، وهنا تنتهي مقالتنا لهذا الأسبوع من سلسلة من الذاكرة. أدعوك إلى قراءة بقية أجزاء السلسلة من هنا.

شارك هذا المقال