من المثير للإعجاب ما يمكن لشخص واحد تقديمه في صناعة الألعاب التي تتطلّب في العادة فريقاً كاملاً من المطوّرين مختلفي الاختصاصات لتقديم تجارب مميّزة ولكنّ ثورة المطوّر المستقل وسهولة وصوله إلى أدوات التطوير أخرجت لنا العديد من التجارب التي عمل عليها مطوّر واحد وقد كان من هذه التجارب ما هو مبهر حقيقةً وما هو جميل ولكن محدود، اليوم ننظر إلى واحدة من تلك التجارب وهي لعبة رعب البقاء Conscript التي يقدّمها لنا Jordan Mochi وهو الفرد الوحيد في فريق التطوير الخاص به Catchweight Studio.
أحداث اللعبة تدور في أحد الجبهات الفرنسية خلال الحرب العالمية الأولى وستلعبون دور الجندي الفرنسي Andre الذي يبحث عن أخيه التوأم الذي أصيب قبيل بداية أحد الغارات وفُقد بعد تلك الغارة التي خسرت فرقتكم خلالها العديد من الجنود، القصة بسيطة وتركّز بشكل أساسي على تصوير أجواء الحرب الكئيبة والموحشة خاصةً مع خوضكم لأغلب التجربة لوحدكم وقد تمّ تقديم تلك الأجواء بشكل متقن خاصةً وأنّ أغلب مناطق التجربة هي عبارة عن خنادق ضيقة ومظلمة ولكنّ المستغرب حقيقةً هو تصنيف اللعبة على أنّها تجربة رعب بقاء وهي لا تميل حقيقةً إلى جانب ألعاب الرعب بالرغم من الأجواء الكئيبة.
من الناحية الرسومية فاللعبة تقدّم رسومات مبكسلة ثلاثية الأبعاد تمّ تقديمها بشكل ممتاز ومن حيث الصوتيات فاللعبة تعزّز الجو الكئيب بكونها صامتة بشكل عام ولا تسمعون فيها سوى وقع أقدامكم أثناء المشي أو صوت فتح الصناديق وضرب الأعداء واللعبة بشكل عام متناسقة في جميع عناصرها مع نوعية التجربة المرغوب تقديمها.
عند الحديث عن تجربة اللعب فاستيحاء اللعبة من إصدارات Resident Evil الأصلية واضح، حقيبتكم ذات حجم محدود نسبياً ولذلك عليكم الموازنة ما بين حمل وسائل المعالجة وبين الذخيرة وترك متسع في الحقيبة للأدوات التي يجب عليكم جمعها أو البحث عنها للتقدّم، الذخيرة شحيحة ممّا يدفعكم إلى التخطيط والتفكير ملياً في نوع الذخيرة/السلاح المستخدم ضدّ الخصم وما هو التوقيت المناسب لذلك أو ربما تفادي القتال والهرب لتوفير تلك الذخيرة للحظات حرجة، شخصيتكم قادرة على الركض ولكنّ عدّاد اللياقة محدود بحيث لا يُسمح لكم بالهرب ببساطة من أي خصم تواجهونه وشخصيتكم قادرة على التدحرج لتفادي ضربات الأعداء والدحرجة تستهلك من عدّاد اللياقة لذا يجب عليكم الانتباه له خلال المعارك.
شخصيتكم تتوقّف عن الحركة عند بدئكم في التصويب تجاه هدفكم أو عند الاستعداد للهجوم بالأسلحة البيضاء والتصويب بدقة بالأسلحة النارية أو استجماع القوة الكافية بالأسلحة البيضاء لتوجيه ضربة قوية يتطلّب بعض الوقت ممّا يزيد من شدة التوتّر والحاجة للتخطيط أثناء مواجهة الخصوم وخاصةً عند مواجهة أكثر من خصم والتنوّع في الخصوم جيد مع تنوّع المخاطر التي يشكّلونها وأنواع الأسلحة المستخدمة من قبلهم، هنالك أيضاً الجرذان وهم أكثر أعداء اللعبة إزعاجاً وتجذبهم جثث الأعداء بعد فترة من قتلهم وعادةً ما تظهر هذه الجرذان في مجموعات وهي سريعة الحركة والتعرّض للعض منها عدة مرّات يتسبّب بإصابتكم بالأمراض ممّا يحد من نقاط الحياة ومعالجة هذه الأمراض يتطلّب نوعاً أكثر تكلفة من موارد العلاج لذا فالحذر في التعامل معها واجب.
اللعبة مكونة من عدة فصول وستخوضون كل فصل في خريطة متشعبة ستحتاجون للتقدّم فيها إلى حلّ الألغاز والبحث عن الأدلة وقراءة الملفات لمعرفة الرموز السرية أو الأنماط المناسبة لفتح بعض الأقفال كما ستحتاجون للعودة إلى غرف سابقة لم تكونوا قادرين على دخولها للحصول على بعض الأدوات لإزالة العوائق في طريقكم والعملية مسلية وتخلط ما بين الحاجة للتفكير والقراءة والتخطيط ومواجهة الأعداء كما أنّ اللعبة تقدّم بعض القرارات الصعبة المتعلقة بالموارد والتي يكون لها أثر إيجابي على المدى البعيد فعلى سبيل المثال قد تقومون بشراء الأسلاك الشائكة لتركيبها في أحد الغرف التي ستعودون إليها لاحقاً لمنع جنود العدو من الدخول إليها أو رمي القنابل اليدوية في جحر للجرذان لمنع ظهورهم في المنطقة.
بالإضافة إلى تشعّب التجربة فهي تشجّعكم على الاستكشاف وتكافؤكم عليه بشكل سخي جداً كالحصول على أسلحة أكثر قوة أو الوصول إلى غرف فيها قدر جيد من الموارد المتنوّعة أو حتى قطع التطوير التي يمكنكم من خلالها تطوير أسلحتكم عند أحد رفاقكم في غرف الحفظ التي يمكنكم فيها حفظ تقدّمكم وتخزين أي موارد زائدة عن الحاجة في صندوق آمن.
عند الحديث عن سلبيات التجربة فهنالك نقطتان رئيسيتان، الأولى هي عدم دقة نظام التصويب خاصةً عند التصويب على عدو بعيد وكما ذكرنا فالموارد في اللعبة شحيحة وضياع بعض الطلقات بسبب هذا الأمر هو شيء مؤسف وقد يكون قاتلاً عند مواجهة بعض الأعداء الأقوية، السلبية الأخرى متعلّقة بالجرذان والتي قد تجدون 5 أو 7 منها في نفس الغرفة ومحاولة القضاء عليهم جميعاً دون الإصابة بالمرض هو أمر شبه مستحيل وهنالك طريقة لتفادي ظهور هذه الجرذان ولكنّها تتطلّب الموارد والموارد في اللعبة ليست متوفرة بالكثرة التي تسمح لكم باستخدام تلك الطريقة في كل مرة.
استغرقتنا اللعبة 12 ساعة لإنهائها مع حرصنا على الاستكشاف وجمع الموارد والبحث عن الأسرار ويمكن إنهاء التجربة بشكل عام في حوالي 8 ساعات لمن سيركّز على المهام الأساسية فقط واللعبة تقدّم نهايات متعددة بناءً على بعض اللحظات المفصلية التي يمكن للاعب التعامل معها بشكل مختلف واللعبة تشجّع على إعادتها عدة مرّات لتحصيل باقي النهايات مع إمكانية إعادة التجربة بشكل مشابه لطور New Game+ لمن لا يرغب بإعادة اكتشاف بعض الأسرار مجدداً، Conscript هي تجربة ممتازة يقدّمها لنا شخص واحد كان قادراً على تقديم تجربة وفية لألعابه المفضلة وفريدة في بعض جوانبها في نفس الوقت ومحبوا تلك الألعاب سيقدّرون هذه التجربة.
تمّ مراجعة هذه اللعبة بنسخة Nintendo Switch تمّ توفيرها من قبل الناشر.