حصلنا في الأيام الماضية على فرصة لتجربة موسعة لكامل محتوى لعبة Indiana Jones and The Great Circle من مطور Wolfenstien، استوديو Machine Games، وهي لعبة كنت انتظرها بفارغ الصبر ليس فقط لمكانة هذا المطور الخاصة لدي، ولكن أيضًا لمعرفة ما ستقدمه ألعاب الطرف الأول من Xbox من مستوى، خصوصًا وأن اللعبة في دعايتها أظهرت في دعايتها مرارًا وتكرارًا محاولاتها لتفرقة نفسها عن أي لعبة مغامرة أخرى، والخروج من المقارنات التي قد يضعها اللاعبون فيها بحجة كونها لعبة مغامرات تدور حول مستكشف يزور أماكن أثرية قديمة ويعرض نفسه للمخاطر! أخيرًا، وصلت اللعبة، وبعد ساعات وساعات من التجربة إليكم مراجعة Indiana Jones and The Great Circle
قصة اللعبة (بدون حرق)
تدور قصة اللعبة حول شخصية Henry Jones، أو كما يعرف “إنديانا جونز”، وهو بروفيسور في مادة الحفريات بجامعة “مارشال” في الولايات المتحدة، يعمل كمستكشف وأكاديمي في الوقت نفسه، وتجري الأحداث في اللعبة بين أحداث أول وثالث جزء من سلسلة الأفلام، وتعتبر أحداثًا معترفًا بها (Canon) ضمن أحداث الأفلام. القصة تبدأ حين يقتحم أحد اللصوص متحف جامعة “مارشال” التي يعمل فيها “إندي” ويقوم بسرقة قطعة أثرية من القطع التي عثر عليها “جونر” في إحدى رحلاته، وهي قطعة أثرية لمومياء فرعونية على شكل قطة، ثم يترك اللص خلفه دليلًا يشير إلى وجهته المقبلة. من هو، ولماذا كل هذا الاهتمام بهذه القطعة الأثرية؟ هذه هي الأسئلة التي يطرحها بطلنا ويبدأ في رحلته مطاردًا لإجاباتها، فيستعين بمعارفه حول العالم وتأخذه الرحلة إلى أكثر من مدينة ليكتشف صلة بين تلك الأماكن، وهو ما جاء في عروض اللعبة الدعائية، “الدائرة الكبيرة”. لن أحرق عليكم المزيد من التفاصيل ولنبدأ في تقييم القصة.
القصة تقدم سيناريو محبوك ولكنه متوقع بعض الشيء، أفضل ما فيه كان الشخصيات والأداء التمثيلي وكيفية سرد الأحداث ووقوعها، فالأحداث تجري بوتيرة مناسبة. أحيانًا تكون متلاحقة ومتسارعة وأحيانًا تتباطأ بشكل متعمد لإعطاءك فرصة للاستكشاف خصوصًا في المراحل شبه المفتوحة. أما القصة نفسها من حيث السيناريو ودوافع الأشرار والاكتشافات الأثرية التي يقوم بها إندي أثناء رحلته فهي بسيطة وغير معقدة، وهو أمر متوقع من لعبة من هذا النوع وحتى من سلسلة أفلام Indiana Jones.
من لم يشاهد الجزء الأول من أفلام إنديانا جونز سيفوته بعض التفاصيل والإيستر إيجز المثيرة، ولكن اللعبة لا تتطلب بأي حال من الأحوال أن تكون عاشقًا للشخصية وأفلامها وتحاول بقدر الإمكان شرح كل شيء في القصة. الشخصيات كما ذكرت كانت أفضل ما في القصة خصوصًا شخصية إندي التي تم تقديمها بأداء عبقري من الممثل الصوتي تروي بيكر في تجسيد شخصية الممثل هاريسون فورد، فالشخصية ارتبطت باسمه كثيرًا على مدار عقود، وكان من المستحيل تغييره، والآن بعد تجربة اللعبة يسعدني أن أقول أنه كان خيارًا موفقًا، وأن أداء تروي بيكر هو أداء اسطوري غير متكلف، وسلس لا يشعرك بأنه ممثل يحاول تقليد ممثل آخر وهذا أهم شيء. في هذه الألعاب عادةً ما يكون البطل أهم شيء في القصة فإذا كان شخصية مملة أو سطحية فسدت القصة، وإذا كان شخصية ذات حضور قوي أصبحت اللعبة أكثر إمتاعًا، وهو ما تم هنا. شخصيات “جينا” الصحفية والقس أنطونيو وحتى شخصية الشرير فوس كانوا رائعين في أدائهم. دور الشرير “إمريك فوس” على وجه الخصوص كان ذي حضور قوي وخاطف للأضواء عندما يظهر على الشاشة، وهو امتداد لتميز استوديو Machine Games في تقديم جانب الشر في ألعابهم
أسلوب اللعب: مزيج بين أشياء كثيرة..لكنها ليست للجميع
أسلوب لعب حيرني في بداية اللعبة، فقد كنت من اللاعبين الذين تمنوا تجربة تشبه آنشارتد لكن مع شخصية Indiana Jones، وهو شيء حصلنا عليه في الماضي على جيل PS2 في عدة ألعاب للشخصية، ولكن من بداية الحملات الترويجية لاستوديو Machine Games جعل الأمر واضحًا بان هذه اللعبة ليست كذلك. The Great Circle هي مزيج من أكثر من نوع من الألعاب وقد استفادت من هذا في تفرقة نفسها عن أي لعبة مغامرة أخرى وصنع هوية خاصة بها. تجربة اللعب تنقسم إلى 3 عناصر أساسية وهي:
- الاستكشاف والألغاز
- التنقل والتسلق بالسوط
- القتال والتخفي
تقدم اللعبة مراحل خطية في مجملها، مع 3 استثناءات ضخمة لمراحل كبيرة تقع في الفاتيكان والجيزة وتايلاند، وهي مناطق شبه مفتوحة تمتلك محتوى جانبي مع تصميم أكثر حرية يقدم أكثر من خيار لإتمام المهمات. الخيارات عادةً ما تكون إما التخفي أو القتال المباشر لكن هناك استثناءات مثل الطرق السرية أو الطرف البديلة، أو حتى التنكر، وهو حل موحود هنا لكن ليس كلبعة Hitman مثلًا بحيث يمكنك التنكر بملابس أي شخص تقوم بقتله، وإنما يكون موجودًا هنا في مواضع محددة فقط ويسمح لك للدخول إلى أماكن ممنوعة عليك، ولكن حتى إذا نحت في ذلك ستكون معرضًا للانكشاف من قادة المعسكرات.
نظام التخفي يقوم على الانبطاح والتحرك خلف الأعداء وضربهم بأي شيء من البيئة، حيث يمكنك التقاط أي شيء من حولك تقريبًا واستخدامه في المعارك، فينكسر مع مرور الوقت وتحتاج غيره، وهكذا تسير العملية. التخفي بشكل عام محدود وسطحي، ولكنه ممتع. أتفهم أن تصميمه جاء من منطلق أن شخص مثل “إندي” يتصرف بشكل عفوي ولا يصعب أن يستخدم أدوات متنوعة للتخفي، فهو ليس العميل 47، وأيضًا أن الأحداث تجري في عام 1937، أي أنه لا يوجد ادوات متطورة لتستخدم في التخفي، ولكن حتى مع ذلك شعرت أن التسلل كان من الممكن أن يتم بناؤه بشكل أكثر عمقًا وحرية.
المعارك بشكل عام ليست أساسًا في اللعبة، فاللعبة تعتمد على التخفي بشكل أساسي وعند الوقوع في مأزق والاضطرار إلى القتال بشكل مباشر تستخدم أسلحة من البيئة بجانب السوط الذي يمكن استخدامه في عدة مواضع، في القتال يكون استخدامه إما لجذب الأعداء أو نزع سلاحهم ومن بعدها يكون عليك توجيه اللكمات لهم. نظام القتال باللكمات مصمم باتقان واستجابة عالية، والقتال به ممتع وسلس جدًا ولكنه سرعان ما يظهر تكرار مع مرور الوقت.
الألغاز في اللعبة كانت من بين أفضل جوانبها، فمعظمها يتطلب تفكير خارج الصندوق وبعضها يمكن وصفه بالصعب. لحسن الحظ، يمكنك ضبط إعدادات الألغاز لتكون سهلة من الإعدادات، ويمكنك أيضًا استخدام الكاميرا في اللعبة للحصول على “إشارات” تسهل عليك حل الألغاز، وقد أسعدني أن الحصول على إرشادات شيء اختياري وليس إجباري، أي انه لا يوجد شخصية تفسد عليك الألغاز بمجرد ان تعلق معها لمدة دقيقة أو أكثر.
أما التنقل وقد كان محدودًا، فهو يرتكز بشكل أساسي على السوط، الذي يمكن استخدامه للتسلق على أسطح محددة أو التأرجح من سطح إلى آخر، وهي اللقطات التي تتحول عندها اللعبة للمنظور الثالث، وهو شيء يهدف لإعطاء اللاعب شعور بالغامرة ووجود شخصية إندي كبطل للعبة. شخصيًا، أعتقد أن اللعبة مناسبة جدًا من منظور الشخص الأول لأنها تقدم تجربة موزونة بين الشعور بوجود شخصية البطل، وبين الحصول على تجربة غير تقليدية من حيث التصميم. اللعبة تقدم أيضًا أسلحة نارية يمكنك نزعها من الاعداء اوستخخدامها ضدهم، ووقتها تتحول إلى لعبة تصويب، ولكن نظرًا للذخيرة المحدودة، فإن استخدام هذه الأسلحة يكون على نطاق ضيق، وسرعان ما يجلب لك المتاعب بسبب صوته المرتفع.
تصميم البيئات شبه المفتوحة كان عبقريًا، فتصميم البيئات بطريقة الأبواب المغلقة والتي تحصل على مفاتيحها بشكل تدريجي لتنفتح البيئة على بعضها بشكل كامل جعل من المهمات الجانبية ومحتوى الاستكشاف أمرًا ممتعًا، وخصوصًا في بداية اللعبة. بيئة الفاتيكان فقط استغرقت معي حوالي 15 ساعة لأني كنت مهتمًا بالحصول على كل شيء فيها، وبحلول نهاية المرحلة كانت البيئة مفتوحة على بعضها بشكل كامل، والانتقال بينها سلس. أما بيئة الجيزة، ولأنها بيئة في الصحراء الشاسعة بجانب الأهرامات فقد كانت أقل تعقيدًا وأكثر بساطة ولكنها مليئة ايضًا بالأسرار.
المحتوى الجانبي في اللعبة مقسم إلى مهمات جانبية بقصص فرعية، وهو ما تم تقديمه بمستوى رائع، وأشياء قابلة للجمع ونظام اقتصادي بسيط في اللعبة. فمثلًا، لتحصل على مهارة زيادة صحتك أو طاقتك المستخدمة في القتال، عليك جمع كتب محددة، هذه الكتب تفتح لك مهارة أو مهارتين عليك جمع النقاط لكي تفتحها. أي أنه لاوجود لشجرة المهارات بمفهومها المعروف. إذا لم تقم بالاستكشاف قد لا تكتشف أي كتب وبالتالي لن تحصل على مهارات جديدة! هناك ايضًا نشاطات تجارية بسيطة، مثل جمع العملات لشراء الكتيبات التي تدل على الأسرار، أو خريطة الكتب الموزعة على الخريطة. هذه الأمور صممت بعناية وبشكل متقن جعل المحتوى الجانبي ممتع بشكل كبير.
من المميزات المهمة التي تقدمها لعبة Indiana Jones and The Great Circle هي إمكانية العودة مرة أخرى للبيئات التي تغادرها لإكمال المحتوى الجانبي. هذا التصميم يجعل من الممكن التركيز على القصة ثم العودة لإتمام كل ما هو جانبي وتختيم اللعبة بشكل كامل، وهو الخيار الذي أنصح به شخصيًا لأن أحداث القصة مثيرة وتستحق أن تُلعب بشكل متتابع.
الرسوم والصوتيات
لعبة Indiana Jones and The Great Circle لا تقدم شيء ثوري على الصعيد التقني أو الرسومي، ولكنها لعبة قوية وأخاذة في اتجهاها الفني وتصميمها الحي والمفعم بالتفاصيل للبيئات، ولأنها لعبة قصصية في المقام الأول، فإن مستوى المقاطع السينمائية كان كفيلًا بإفساد التجربة لكن هذا الامر لم يحدث، واللعبة نجحت في تقديم مستوى رسومي رائع خصوصًا من حيث تعابير الوجوه وحركات الشفاة والاداءات التمثيلية.
التوجه الفني للعبة طاغي على كل شيء، فالشعور بروح الأفلام في كل كادر من اللعبة موجود هنا، والشعور أيضًا بالحقبة التاريخية التي تقدمها اللعبة، حقبة ما قبل الحرب العالمية الثانية. بما أنها سلسلة أفلامن شركة لوكاس فيلم، فهي تههتم كثيرً بالجانب الموسيقي أيضًا والموسيقى هنا كانت أسطورية وتليق بالشخصية، مع العلم أنه قد تم الاستعانة بالكثير من المقطوعات الموسيقية الأصلية للسلسلة.
الأداءات الصوتية كانت هي أفضل جوانب الصوتيات. شخصيات إندي أولًا، بأداء تروي بيكر كانت قوية ومميزة وذات حضور طاغي على من حوله. الشخصيات الأخرى أيضًا قدمت أداءات صوتية ممزة ومتقنة،و أفضلهم كان شخصية جينا الصحفية المرافقة لإندي. الجدير بالذكر أيضًا أنه قد تم الاستعانة بممثلين مصرين لتقديم أداءات صوتية بالعامية المصرية للشخصيات الجانبية في بيئة الجيزة، وأصوات ألمانية للجنود النازيين، وإيطالية للجنود الإيطاليين، وجميعها كان ممتازًا.
الترجمة العربية:
تحتاج اللعبة للغة إنجليزية قوية، ولكنها أيضًا مترجمة للعربية ترجمةً متقنة للقوائم والحوارات والنصوص. الترجمة قدمت مستوى ممتاز بدون أخطاء، مع إمكانية تعديل حجم الخط ولونه ولون خلفيته.
كلمة أخيرة:
لعبة Indiana Jones and The Great Circle ليست للجميع، وذلك لأنها تقدم أسلوب لعب مختلف عن أي لعبة مغامرة اخرى، فهي تشجع على الاستكشاف وإتمام المحتوى الجانبي في حين أن البعض كان يتوقع منه أن تكون لعبة مغامرة وأكشن بنظام قتال عنيف وترسانة أسلحة ضخمة. هي ليست كذلك، ومعظم أوقات لعبك ستكون هادئة. أتوقع أن يكون هذا الشيء منفرًا للبعض ولكنه سيكون مثيرًا للمنفتحين على تجربة هوية جديدة للعبة مغامرة كهذه.
نجح استوديو Machine Games في تقديم أفضل مشاريعه من حيث الجودة والتنوعية في الأفكار، فلعبة Indiana Jones And The Great Circle هي مزيج بين ألعاب المغامرة مثل التقليدية مع عناصر بيئات مفتوحة وحرية تشجع على الاستكشاف والإبداع، وكونها لعبة منظور شخص أول يعطيها طابعًا خاصًا ينجح في تدشين نفسه على ساحة مكتظة بالمنافسة.