و الان لنتحدث قليلا عن النظام القتالي باللعبة، في الواقع لم أكن متفائلا من عروض اللعبة فما شاهدته كان غريبا للغاية و من الصعب تقبله، لكن التجربة هي مقياس الحكم الحقيقي و هذه التجربة أقنعتني بالنقيض حيث أن طريقة اللعب في لاست ستوري هي في الواقع عنصر القوة الأكبر في اللعبة ( و ليس القصة ). نظام القتال في اللعبة هو نظام حركي بحت و ليس به أي نوع من تعاقب الأدوار، و انما لدينا هنا نظام استراتيجي و سريع للغاية، بطل اللعبة Zael و رفاقه سيقومون في الأغلب بتوجيه الضربات للأعداء بشكل حر و مباشر، يمكنك أن تصد هجمات الأعداء و يمكنك أيضا أن تنفذ القفزات البهلوانية لتعزيز التجربة الحركية و تفادي ضربات الأعداء، إلا أن الأهم هو الحفاظ على السحرة في فريقك و تعطيلهم لدى الخصم، كل ضربة سحرية أو Spell يريد الساحر تنفيذها سيأخذ بعض الوقت لإعدادها و خلال هذا الوقت يجب أن تصرف نظر الاعداء عنه، يتم ذلك عن طريق تفعيل خاصية Gathering التي تمتلكها الشخصية الرئيسية حيث أنها ستجذب كافة الأعداء في المعركة إليك و تسمح لسحرتك بالقيام بتنفيذ حركاتهم الخاصة على شكل دوائر سحرية تظهر على أرض المعركة.
على سبيل المثال، الساحر يصنع دائرة سحرية على الأرض و كل من يدخلها من شخصياتك تزداد طاقته، و اذا قمت بتنفيذ حركة خاصة للبطل تدعى Gale، يمكنك نقل تأثير سحر العلاج إلى كافة شخصيات الفريق بدون أن يدخلوا دائرة السحر، يمكنك أيضا عن طريق قدرة Gale أن تقوم بتعطيل الدوائر السحرية الخاصة بالأعداء. حسنا بطل اللعبة Zael لديه قدرات أخرى ممتعة و متعددة! يمكنه أيضا استعمال Crossbow من منظور الشخص الثالث، يمكنك أن تتحكم بنوع الاسهم فهناك نوع مضاد للسحرة و هناك أسهم متفجرة و ما إلى ذلك، ستستفيد من القوس و الأسهم ضد نبالة الخصم البعيدين عن متناول نصل سيفك الحاد، عندما تبدأ المعارك العادية مع الأعداء سيكون عليك اتخاذ القرار سريعا، هل تقوم بالإجهاز على نبالة الخصم أولا أم السحرة ؟ أم أن القضاء على قائد الأعداء القوي و المدرع في البداية هو الأمثل ؟ و بنفس الوقت عليك أن تكون حريصا بحماية سحرة فريقك، و اذا سقط أي منهم يمكنك أن تقوم بإعادة إحيائه سريعا فقط عليك أن تقتب منه مع تفعيل خاصية Gathering.
تكمن روعة اللعبة الحقيقية في معارك الزعماء، و هي أفضل معارك زعماء خضتها بلعبة منذ فترة طويلة جدا، يمكنني أن أقول بأنني لم أخض معركتين متشابهتين للزعماء ( الكثيرة بالمناسبة ) طوال ساعات اللعب ! بعض الزعماء تطلبوا ردة فعل سريعة جدا مع تنفيذ قدرة Gale في الوقت المناسب، البعض الآخر تطلب توجيه الأوامر إلى أعضاء الفريق ( Command mode ) لاستعمال بعض القدرات في الوقت المناسب، بعض الأعداء أو الزعماء يتميز بالسرعة، البعض يتميز بقوة فيزيائية هائلة و البعض يمكنه أن يستخدم قدرات سلبية مزعجة مثل الـPoisen أو الـConfusion، و بحق فأنا لم أمر بتجربة مثيرة و متنوعة بهذا القدر منذ سنوات، و هذا أمر عظيم يحسب لصالح اللعبة حتما.
تحتوي اللعبة كذلك على الكثير من الافكار الذكية التي أعجبتني كثيرا و عززت تجربة اللعب بشكل رائع، هناك خاصية تدعى Seek تنتقل فيها اللعبة إلى منظور الشخص الأول مع تواجد مؤشر على الشاشة، يمكنك تحريك هذا المؤشر من منظور الشخص الأول للعثور على بعض الكنوز، أو العثور على بعض الأشخاص و محادثتهم و تقوم اللعبة بتنبيهك على الأوقات التي يجب أن تستعمل بهذا هذه الخاصية، و كما تتوقع من مصمم بارع كساكاجوتشي، هناك استعمالات بارعة لخاصية Seek و مرتبطة بالقصة بطريقة ذكية و متفاعلة في الكثير من الأحيان.
هناك أيضا فكرة جديدة أعجبتني كثيرا في اللعبة و هي تواجد شخص من الباعة مختص فيما يعرف بالـAppraisal. أثناء مغامرتك في اللعبة ستحصل على أسلحة مجهولة لا يمكن استعمالها، هذا الشخص سيعرف لك هذه الأسلحة مقابل مبلغ مادي معين، أحد الأسلحة التي حصلت عليها قمت بتعريفها بمبلغ مالي كبير، لأكتشف أن السلاح “ضعيف” جدا ! لكن دهشتي زالت بعد دقائق عندما وجدت أن ثمنه عالي جدا و قمت ببيعه و كسبت مبلغا كبيرا من المال، هذه اللمسة جميلة جدا من الفريق المطور.
حسنا بعد أن نالت اللعبة الكثير من المديح في طريقة اللعب المبتكرة و الرتم المتناسق و المتوازن، يمكنني أن أقول بأن اللعبة كانت مخيبة قليلا للآمال من ناحية القصة، و هذا أمر أثار دهشتي أيضا بالنظر لسمعة ساكاغوتشي و براعته في السرد القصصي، الشخصيات الأساسية في اللعبة لن تتذكرهم بعد أن تنهيها و القصة ككل ليست قابلة للذكرى كما في أعمال سابقة، لكن هذا لا يمنع تواجد لمسات الرجل المميزة في كثرة التفاعل و المحادثات بين الشخصيات، و بعض اللمسات الجميلة التي ستذكرك بالماضي المجيد لسلسلة فاينل فانتسي، هناك لمسات جميلة أيضا صنعها الفريق في المدينة و لن أقوم بذكرها حتى لا أفسد التجربة عليكم، القصة الأساسية ببساطة تتمحور حول مجموعة من المرتزقة الذين يريدون التحول إلى فرسان و التخلص من حياة المرتزقة البائسة، و بالطبع هناك كل العوامل القصصية المكررة من وجود قوة خفية لدى البطل و شخصية شريرة تقوم بحياكة المؤامرات في الخفاء، و بالتأكيد أميرة جميلة و كل هذه التراهات التي سئمنا منها.
ما يشفع للمستوى القصصي “المتوسط” في اللعبة هو جودة التمثيل الصوتي و الترجمة الإنجليزية التي جاءت رائعة جدا في اللعبة وبما أنني كنت ألعب فاينل فانتسي 13-2 من فترة قريبة فيمكنني التأكيد على أن هذه اللعبة تقدم جودة أعلى في التمثيل الصوتي و اختيار الممثلين بشكل يتلاءم مع الحوارات، جودة الترجمة جاءت عالية أيضا و ساهمت في التغطية على نقاط ضعف القصة بشكل يستحق الشكر، و كم نتمنى أن تحصل جميع الألعاب اليابانية على هذه الجودة في الترجمة و التمثيل، المؤثرات الصوتية في اللعبة لن تخيب أملك مع الكثير من اللمسات الدقيقة كأصوات طيور النورس أو صرير الرياح، أما الموسيقى فهي مناسبة تماما للخلفيات أو الأحداث و ان كانت و بكل صراحة ليست مميزة كثيرا كأعمال نوبو ويماتسو السابقة، نعم هناك مقاطع تعلق بالذاكرة لكنني شعرت بأن التوجه الموسيقي للعمل إجمالا كان مختلفا و يهدف إلى تقديم موسيقى تناسب الخلفية أكثر من تقديم ألحان تجعلك “تعيش اللحظة” كما هو معتاد، لكننا فقط شعرنا بالملل مع الوقت من كثرة تكرار اللحن الخاص بالقتالات حيث كان يمكن للموسيقى في اللعبة أن تكون منوعة بشكل أكبر مما ظهرت عليه.
التوجه الرسومي للعبة جاء مثيرا جدا، فريق العمل تحدى القدرات المحدودة للجهاز و قدم اللعبة الأفضل تقنيا على جهاز الوي بلا منازع، اللعبة تعاني في الكثير من الأحيان من هبوط حاد في معدل الإطارات لكن هذا الأمر بدا لي كضريبة عادلة تدفعها اللعبة مقابل تقديم مضلعات و بيئة تتجاوز كل ما رآه الجهاز من قبل، عندما شغلت اللعبة للمرة الأولى شعرت بالإحباط من الدقة المنخفضة ( وهو الشعور الذي يصاحبني في كل مرة أبدأ لعبة وي جديدة بالمقارنة مع المستوى التقني المذهل المتوافر حاليا ) لكن هذا الإحباط تلاشى و اختفى سريعا عندما بدأت اللعبة تعرض لي المناطق المميزة رسوميا، المدينة تبدو فارغة بعض الشيء و خاصة عندما تجرب ألعاب كـ سكايرم أو أساسينز كريد، لكن هذا لا يمنع من وجود مجهود جبار تم وضعه خلف تقديم هذه اللعبة بمظهر مميز جدا، رسوميات الشخصيات الجميلة من فوجيساكا لا تبدو جميلة كثيرا أثناء اللعب و لا أعرف هل السبب بالأسلوب الرسومي للشخصيات المليء بالتفاصيل و الذي يصعب تحويله إلى مضلعات بالأبعاد الثلاثية ؟ أم أن القدرات التقنية هي العائق .. ربما مزيج بين الاثنين، على أية حال تجب الإشادة بالإضاءة المذهلة في اللعبة حيث ستشاهد أشعة الشمس تتخلل النوافذ بشكل لا تتوقع أن تشاهده سوى على اجهزة الـHD.
خلاصة المراجعة، الحكاية الأخيرة هي لعبة أكشن اربيجي مبتكرة للغاية، اللعبة تتمتع بنسق و رتم مذهل و تنوع كبير جدا في المعارك، يعيب اللعبة فقط بعض المحدودية التي ستشعر بها مع مرور الوقت في أغلب عناصرها، مستوى التحدي ليس مرتفعا و ستتمنى لو أن اللعبة تقدم خيار Hard لاستغلال نظام القتال الجديد بشكل أفضل، القصة متوسطة المستوى و بالرغم من ذلك فهذه الملاحظات لا تمنع من تقديم اللعبة لخلطة سحرية متجددة كليا، لعبة تحتوي على عناصر لعب يمكن لها أن تجذب أي شخص حتى لو لم يكن من عشاق ألعاب الاربيجي بشكلها التقليدي، الحكاية الأخيرة تدمج بنجاح بين الكثير من عناصر نجاح الألعاب اليابانية و الغربية لتخرج بمنتج فريد، الحكاية الأخيرة هي واحدة من أفضل الألعاب من نوعها منذ سنوات، و حتما واحدة من أفضل ألعاب الننتندو وي.