سلسلة Race Driver (او TOCA) تعتبر من أعرق السلاسل في تاريخ ألعاب السباقات، وكانت من طليعة الألعاب التي أحدثت فارق كبير في مجال ألعاب الفيديو جنباً إلى جنب مع غران توريزمو. في هذه الإصدارة سلكت كودماسترز طريقا يشذ قليلا عما سبق، فقررت إعادة إحياء السلسلة بشكل مختلف وتوجهت إلى أسلوب اللعب الآركيدي بدلا من الواقعية المعتادة مع السلسلة، فهل كان هذا الخيار موفقا أم لا؟
منذ البداية ستلاحظ العناية السينمائية الموجهة للعبة، بدايةً بالقائمة الرئيسية ومروراً بالسباقات والقوائم الفرعية والتمثيل الصوتي وكل عنصر آخر؛ فريق التطوير يثبت للمرة الثانية أن ألعاب السيارات بإمكانها أن تكون سينمائية المظهر والإحساس (التجربة الأولى كانت Dirt). ما يميز Grid أيضاً أنها تحمل السينمائية هذه حتى على متن حلبة السباق، فعلى سبيل المثال، في سباق Le Mans ذو الـ24 ساعة، ستلاحظ أنه في الساعات الأخيرة يبدأ قرع الطبول بالخلفية مع وجود سيمفونية سريعة تنتهي حين إنتهاء الوقت، كـ نذير يعلمك بقرب إنتهاء الجولة ولكن مع لمسة فنية جميلة.
الرسومات في اللعبة مدهشة ومن أفضل ما تم صنعه في ألعاب السيارات. تم تطوير محرك خاص للعبة مبني على محرك اللعبة السابقة Dirt، كما شهدت اللعبة إعادة برمجة كلية للفيزيائية حتى تقدم أكبر قدر ممكن من الواقعية في التصادمات. ولا تقل الأصوات أي أهمية، كودماسترز إستطاعت خلق الجو الموسيقي المثالي في هذه اللعبة، منذ شاشة العرض الأولى حتى لحظة إنهائك للسباق ستلاحظ الجودة العالية في التعامل مع الأصوات، أكانت موسيقى أم مؤثرات صوتية؛ كودماسترز صنعت درساً صوتياً تتباهى به أمام باقي المنافسين في هذا المجال.
ولأنه لا يوجد منتج حيوي متكامل، تسقط Grid في أهم نقاط البناء الرئيسية في أي لعبة: أسلوب اللعب (الجيم بلاي). يبدو أن كودماسترز إسترسلت كثيراً في إكمال باقي عناصر اللعبة ولكن على حساب العنصر الأهم. تفتقد اللعبة لأي موازنة حقيقية للسيارات، لذلك قد يصعب على اللاعب أحياناً توقّع الحركة المناسبة في المكان المناسب: الفرامل لا تعطيك الإحساس المطلوب والمتوقع، لذلك ستفقد التوازن كثيرا في المنعطفات الخطرة. أيضاً عند ركوب السيارات السريعة قد لا تحس بأنك على متن سيارة فائقة السرعة، حينئذ سيكون من الصعب عليك معرفة إن كان إستخدامك للفرامل في أحد اللحظات جيداً أم أنك تهدر سرعتك على حساب تصدر المنافسين. إنها مشاكل بسيطة وقد يتعود عليها اللاعب ولكنها مهمة في نفس الوقت، وقد تكون مزعجة في بعض الأحيان. وهنا تأتي الميزة الثورية في اللعبة (Flashback)؛ إن قمت بحركة خاطئة في الثواني الأخيرة تستطيع إعادة السباق لحد يصل إلى 10 ثواني للوراء، وكأن شيئاً لم يكن! ستثبت لك هذه الخاصية فعاليتها في السباقات الكبيرة غالبا، وعلى وجه الخصوص سباق Le Mans ذو الـ24 ساعة، حيث أنك تقود سيارتك في 12 دقيقة مليئة بالإثارة والحماس (يوم كامل في اللعبة؛ سترى النهار يتحول ليلاً والعكس)، وأي خطوة غير موفقة ستبعدك عن منصة الفوز أكثر فأكثر.
طور اللاعب الفردي في Grid يعد من أفضل الأطوار في ألعاب السيارات، حيث أنه يبتعد قليلاً عن التقليدية المعتادة ويسلك طريقاً مختلفاً مع أفكار جديدة. تبدأ اللعبة كشخص هاوي للسباقات وتسابق في بعض الأفرقة لحصد القليل من المال حتى تبدأ خطواتك الأولى في تكوين فريقك. بعده فترة قصيرة سيصبح لديك فريق رسمي يشارك بالسباقات، وتستطيع إشراك لاعبين جدد معك بالفريق مقابل مبلغ مالي معيّن وحصة من أرباحك في كل سباق، وأيضاً كلما زادت شهرتك ستأتي إليك شركات تطلب التعاقد معك. ميزة هذه الشركات كالتالي؛ تطلب منك الدعاية لها عبر إلصاق ستيكرات على سيارتك، وإذا فزت بالسباق تحصل على مبلغ مالي معين (مثلا: شركة Yokohama للإطارات تشترط عليك الفوز بالمركز الأول لتحصل على 20,000 دولار). ومن الأشياء الرائعة في الطور الفردي أيضاً هو وجود ebay للتعامل معها، فعند شرائك لأحد السيارات لديك خياران، إما أن تشتري السيارة عن طريق الوكالة الرسمية، أو أن تتصفح ebay لتجد العرض المناسب لك، وتستطيع أيضاً أن تبيع سياراتك في ebay بالسعر الذي تحدده، وهذا ما قد يجعل طور اللاعب الفردي أكثر إمتاعا، أنه يحاكي الواقع قليلاً حتى مع كون اللعبة لعبة سباقات آركيدية. لديك 3 مناطق تتسابق فيها، أمريكا وأوروبا واليابان، وكل منطقة تختلف عن الثانية بنوعية السباقات المتاحة فيها، فباليابان تشتهر عندهم سباقات الـdrifting بينما في أوروبا سباق الـ24 ساعة في نهاية كل موسم، وهكذا. وما يجعل طور اللاعب الفردي غير ممل هو تنوع السباقات فيه، يوجد السباق العادي، ويوجد الـdrifting، ويوجد طور رائع يسمى بالـdemolition derby، وهو سباق من دون أي قواعد: تستطيع تحطيم السيارة المنافسة إذا شئت. وغالباً تكون حلبات هذا الطور من النوع المتداخل، أي أن بعض أجزاء المراحل تتداخل مع بعضها، محدثة كم هائل من الإصطدامات العشوائية الممتعة!
قد تكون كودماسترز أخفقت قليلاً في محاولة خلق المعادلة الفاضلة لجعل Grid أفضل تجربة آركيدية على أجهزة الجيل الجديد، ولكنها من دون شك استطاعت صنع نقطة بداية ممتازة لسلسلة Race Driver، والتوجه السينمائي في اللعبة ممزوجاً مع كمال الطور الفردي وسلاسة طور الأونلاين سيمتعان أي شخص محب لألعاب السيارات من دون شك، ولا ننسى خاصية الفلاش باك والتي قد نراها تـُقتبس في ألعاب أخرى كونها جعلت المتعة في السباقات تمتد حتى آخر لحظة.