تعتبر سلسلة “زيلدا” من أشهر وأعرق سلاسل ألعاب الفيديو، فقد لعبت دورا كبيرا في تطور الألعاب وعرفت بمقاييسها العالية، وكل جزء رئيسي يصدر لها دوما يكون على مستوى عال من الجودة، ولهذا كل إصدار من هذه السلسلة يعتبره الكثيرون حدثاً مهماً ومرتقباً. ألعاب زيلدا بشكل عام تتبع نفس المعادلة المعروفة: تتحكم بالبطل لينك، وتستكشف العالم الذي يعيش فيه من أجل إيجاد ودخول معابد وقلاع وأبراج تعرف في ألعاب زيلدا بشكل عام باسم “دنجن”. كل دنجن مقسم إلى أدوار وغرف تحتوي على ألغاز عليك أن تحلها، وأسلحة ومعدات عليك أن تحصل عليها، ووحوش عليك أن تقضي عليها وزعيم كبير في آخر الدنجن عليك أن تهزمه من أجل إنهاء هذا الدنجن والذهاب إلى الدنجن الذي يليه.
الجزء الجديد من سلسلة زيلدا، “سبرت تراكس”، صدر هذا الشهر بدون ترقب كبير من الكثيرين، وذلك بسبب تشابهه مع الجزء السابق له على نفس الجهاز. فعندما صدرت زيلدا: فانتوم آورجلاس على جهاز الدي اس المحمول في 2007، تلقت المديح بسبب تحكمها المبتكر الذي يعتمد كليا على استخدام القلم مع شاشة اللمس للتحكم والقتال وكتابة الملاحظات، بالإضافة إلى عالمها الكبير للغاية، ولكنها في نفس الوقت تلقت انتقادات كثيرة تنوعت بين سهولة اللعبة الزائدة والإبحار الممل بالقارب وركزت بشكل كبير على وجود “دنجن” رئيسي كبير تعود إليه باستمرار بطريقة مملة ومزعجة. وعندما تم إعلان سبرت تراكس رسميا هذا السنة، كان انطباع الكثيرين عنها هو أنها “فانتوم آورجلاس على قطار”. فاللعبتان تتشابهان في المظهر (المأخوذ من جزء ويند ويكر على الجيم كيوب)، وتتشابهان في التحكم بشاشة اللمس بشكل مطابق تقريبا (ما عدا اختلاف بسيط في طريقة التدحرج على الأرض)، وأيضاً في وجود دنجن رئيسي تعود إليه باستمرار! فلماذا تشتري هذا الجزء إذا لم يعجبك الجزء السابق؟ كيف تختلف سبرت تراكس عن فانتوم آورجلاس إذاً؟
فانتوم آورجلاس عرفت بسهولة ألغازها، ولكن سبرت تراكس تذهب في تصميم ألغاز كل دنجن إلى مدى بعيد من الذكاء والصعوبة، لم نعهدها في ألعاب زيلدا منذ تعاون نينتندو وكابكوم على إصدار جزئي أوراكل في 2001، تبدأ مع تقديم بعض المعدات والأسلحة المبتكرة (رغم قلتها بشكل عام) وتنهي كل دنجن بمعركة مع زعماء مميزين. فكرة الدنجن الرئيسي الذي تعود إليه أكثر من مرة عادت مرة أخرى في سبرت تراكس، ولكن هذه المرة بشكل مختلف. في فانتوم آورجلاس، كل زيارة لـ”معبد ملك البحر” محدودة بوقت يعتمد على كمية الرمل التي تجمعها في اللعبة، وفي معظم الأحيان عليك أن تعيد الأجزاء التي لعبتها سابقاً عندما تعود للمعبد. أما في سبرت تراكس، ليس عليك إعادة أي جزء، ولست محدودا بوقت. وبالإضافة لذلك، تستطيع بمساعدة الأميرة زيلدا أن تتحكم بالأعداء الموجودين في “برج الأرواح”، وبالتالي تتحكم بشخصيتين مختلفتين، مما يعطي المجال لبعض أذكى وأمتع الألغاز في اللعبة.
وكما هو واضح من غلاف اللعبة ومن الصور، تستبدل سبرت تراكس القارب الموجود في ويند ويكر وفانتوم آورجلاس بقطار يستخدمه لينك للتنقل من مكان لآخر ولأشياء أخرى مختلفة. القطار يسير على سكك حديدية مختلفة تفتح كلما تتقدم في اللعبة، وأحيانا تجد نفسك في مواقف مثيرة وصعبة على القطار. ولكن في أحيان أكثر، تجد نفسك تشعر بالملل وأنت تنتظر الوصول إلى وجهتك. هناك الكثير من الأسرار التي تكتشفها بفتح سكك سرية عن طريق المهمات الفرعية، وهناك أيضاً طريقة للتنقل السريع من منطقة لأخرى، ولكنها صعبة وتحتاج الكثير من الوقت والاستكشاف لاستغلالها بشكل كامل، والكثيرون سيشعرون بالملل من مجرد المحاولة. التنقل بالقطار هو أسوأ ما في سبرت تراكس بالتأكيد، لكنه يظل تحسناً كبيراً عن التنقل بالقارب.
قصة اللعبة تبتعد قليلا عن ما اعتدناه في أجزاء زيلدا الأخرى، فلا وجود لجانوندورف العدو الرئيسي لعالم هايرول، واللعبة تبدأ بمقتل الأميرة زيلدا وتحولها لشبح يتنقل مع لينك في كل مكان. الحوارات صامتة بدون تمثيل صوتي (وكعادة ألعاب زيلدا، البطل لينك لا يتحدث أبداً)، وفي هذا الجزء نشاهد الحوارات تحتوي على فكاهة أكثر من قبل. المقاطع الموسيقية الرئيسية في اللعبة جميلة للغاية، خصوصاً المقطع المرافق للتنقل بالقطار، الذي يخفف من حدة الملل قليلاً.
بإمكاننا أن نقارن سبرت تراكس مع سوبر ماريو بروس وي، التي رغم شبهها الخارجي بجزء الدي اس، استطاعت أن تقدم لعبة مختلفة جذرياً وأفضل في جميع النواحي من سابقتها. سبرت تراكس تقدم قفزة مشابهة بعد فانتوم آورجلاس، وتستحق الشراء من كل محبي سلسلة زيلدا وملاك الدي إس.