من الجيد بين الحين والآخر أن نرى لعبة تنحني عن التيار السائد هذه الفترة في صناعة الألعاب. وأعني بذلك أن نبتعد عن القتل والأسلحة والانفجارات. بالتأكيد جميعنا يستمتع بهذه الأشياء بين الحينة والأخرى، لكننا دائماً نسعد برؤية الجديد والمختلف والابتكاري في هذا المجال الخصب. في هذه المراجعة سنتحدث عن لعبة Quantum Conundrum التي عمل عليها استوديو Airtight Games بقيادة المصممة Kim Swift. لمن لم يسمع بـKim Swift قبل الآن، فهي كانت قائدة مشروع Portal الأولى وهذا ما جعل Quantum Conundrum تبعث إحساس Portal الفريد مع كونها لعبة مختلفة تماماً.
Quantum Conundrum هي لعبة ألغاز مبتكرة تحكي قصّة فتى ورحلته في القصر المتطور تقنياً لتحرير عمّه من مشكلة غامضة تجعله غير قادر على مغادرة مكانه. كما هو الحال في Portal، ستمر في رحلتك على غرف متعددة كل منها يحتوي لغزاً يجب عليك حلّه. فكرة اللعبة هي قدرتك على التلاعب بالأبعاد. من لديه خلفية في علم ميكانيكا الكم، فسيعلم أنه تفترض بعض النظريات أن هنالك عدد غير منتهي من الأبعاد كلّ منها يحتوي عدداً غير منتهي من السيناريوات والاحتمالات. اللعبة تعطيك التحكم بأربعة أبعاد، تستطيع استخدامها للتلاعب في فيزيائية المرحلة وحل الألغاز والتقدم في اللعبة. بجانب البعد العادي، هذه هي الأبعاد الأربعة:
- Fluffy: وهو يجعل الأشياء حولك أخف بعشر مرات. بهذا البعد تستطيع رفع الأجسام الثقيلة كالخزنة الحديدية بعد تخفيف وزنها إلى العشر ووضعها حيثما تشاء.
- Heavy: وهو عكس الـFluffy تماماً حيث يجعل الأجسام أثقل بعشر مرات.
- Slow: هذا البعد يتلاعب بالوقت حيث يجعل البيئة حولك أبطأ بكثير مما هي عليه. ربما يساعدك هذا البعد في تفادي العقبات السريعة أو غيرها.
- Reverse Gravity: كما هو واضح من اسمه، فإن هذا البعد يقوم بعكس الجاذبية الأرضية ويجعل اتجاهها للأعلى عوضاً عن الأسفل.
فكرة اللعبة مغرية وابتكارية فعلاً. الأبعاد الموجودة في اللعبة ستتعرف عليها واحداً بعد الآخر بدون أية عجلة. اللعبة تأخذ وقتها في تعليمك حتى تقدم لك ألغازاً بأفكار عبقرية لاحقاً. ستواجه ألغازاً لاحقاً تعطيك التحكم بالأبعاد الأربعة سوية وسعدت في الحقيقة عندما رأيت أنها عملت وتفاعلت مع بعضها بشكل ممتع وسلس. مما ساعد في تقديم اللعبة بشكل جيد هو التحكم الثابت والمحكم. تستطيع تغيير اتجاه حركتك في وسط الهواء على سبيل المثال بكل سهولة، وهذا يساعدك على القفز من مكان إلى مكان بأدنى نسبة من الخطأ. هنالك ناحية أخرى مسلّية في اللعبة وهي البروفيسور الذي يخاطبك طوال اللعبة ليضفي عليها طابعاً فكاهياً. ربّما هذا سبب آخر يجعل الناس تقارنها بـPortal. أمر آخر لابد أن أتحدث عنه هو القصة والسرد وهو للأسف من الجوانب الركيكة في اللعبة. اللعبة تكاد لا تحتوي قصة إطلاقاً، والنهاية أراها غير مرضية وكان من الممكن أن تكون أفضل بكثير.
مع وجود الأفكار المبتكرة والذكية في اللعبة، إلا أن الألغاز بشكل عام ليست بالصعوبة البالغة. نادراً ما وجدّت نفسي عالقاً في مكان بدون أية أدنى فكرة عما يجب أن أفعله. لا أعني بذلك أن الألغاز سهلة، فهي حتماً ليست كذلك. لكنني لم أقض وقتاً مطولاً لحلّ لغز إلا مرة واحدة طوال اللعبة، بعكس Portal على سبيل المثال التي لا أكاد أحصي المرات التي توقفت لفترات طويلة فيها بسبب لغز لم أفهمه بعد. البروفيسور لم يساعد اللعبة من هذه الناحية. أعني بذلك أنه أحياناً يقوم بإعطائك تلميحات لتساعدك في حل الألغاز حتى وإن لم تكن بحاجة إليها. كنت أرى أن الألغاز ستظهر بشكل أصعب قليلاً إن استغني عن ذلك، حيث أن المتعة تكمن في اكتشاف الحل بنفسك بدون أية مساعدات.
اللعبة تعاني قليلاً من مشاكل تقنية لا تؤثر على التجربة كثيراً. بين الحينة والأخرى، وبالذات خلال أوقات التحميل، اللعبة ستعاني قليلاً من انخفاض معدّل الإطارات. السطوح أيضاً تفقد تركيزها خلال أوقات التحميل، ولكنني أكرر أنها لا تؤثر على التجربة بشكل كبير. أمر آخر تمنّيت أن يكون أفضل هو تصميم البيئات في اللعبة. بعض النظر عن تصميم الألغاز وهيكلها الداخلي المختلف بين كل مرحلة والأخرى، تصميم وجو البيئة العام متكرر وبارد قليلاً. يندر أن ترى نفسك غير محاط بالأثاث والرفوف. لكن بالرغم من ذلك اللعبة أستطيع وصفها بالرائعة كمحتوى كامل. هنالك لمسات صغيرة مسلّية هنا وهناك مثل اللوحات الفنية المعلّقة على جدران القصر والتي ترينا إنجازات ورحلات البروفيسور حول العالم وفي الماضي والمستقبل أيضاً! كذلك، اللوحات تتغير قليلاً حسب البعد التي تستعمله حالياً حيث تصبح “ثقيلة” أو “خفيفة” توافقاً مع البيئة.